|
محاولات جادة
بالقرن العشرين من أجل توحيد الكنيسة | | |
المجامع المسكونية
بقلم/ سوزان قسطندي
21 يناير 2007
محاولات جادة بالقرن العشرين من أجل توحيد الكنيسة
وجهود البابا شنوده الثالث بطريرك الإسكندرية
والكرازة المرقسية (117) في ذلك
وحدة الإيمان في الكنائس هي محاولة جادة لإصلاح ما
فعلته المجامع الأخيرة، ولرأب الصدع وعودة الكنائس
المتباعدة منذ قرون...
عملاً بالوصية: "احترزوا إذاً لأنفسكم ولجميع الرعية
التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة
الله التي اقتناها بدمه" (أع 20 : 28)، لتكون "رعية
واحدة، وراع واحد (المسيح)" (يو 10: 16).
أولاً: الحوار مع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية
(الروم الأرثوذكس):-
بدأ بصورة غير رسمية عام 1964 في جامعة أرهوس
بالدانمرك - بإشراف مجلس الكنائس العالمي، وعقدت
الدورة الثانية عام 1967 في برستول بإنجلترا، ثم عام
1970 في جنيف بسويسرا، ثم عام 1971 في أديس أبابا
بأثيوبيا.
وفي عام 1985 بدأ الحوار بصورة رسمية برعاية قداسة
البابا شنوده الثالث (ممثلاً عن كنائس الأرثوذكس
الغير خلقيدونييين، وهم الكنيسة القبطية ومعها
الحبشية والإريترية، والكنيسة السريانية ومعها
الهندية، والكنيسة الأرمنية) والبابا ديمتريوس
بطريرك القسطنطينية (ممثلاً عن كنائس الروم
الأرثوذكس الخلقيدونيين المنتشرة بالعديد من بلاد
العالم، وتطلق بطريركية القسطنطينية على بطريركها
لقب بطريرك المسكونة) واستمر مع البابا برثولماوس،
حيث تم تشكيل لجنة عامة للحوار مكونة من 20 عضو
ولجنة فرعية للحوار اللاهوتي مكونة من 6 أعضاء،
وعقدت اللجنة العامة اجتماعها في سويسرا، وتم
الاتفاق على أن يكون الموضوع الرئيسي للبحث هو "نحو
كريستولوجية مشتركة".
وفي عام 1987تم وضع الاتفاق اللاهوتي الرسمي الأول
حول طبيعة السيد المسيح، على أساس تعليم القديس
كيرلس الكبير الذي دافع عن الوحدانية في طبيعة الله
الكلمة المتجسد وفي شخصه والذي أعتبر الاعتراف بلقب
والدة الإله (ثيئوطوكوس) هو أحد البراهين الرئيسية
على أرثوذكسية التعليم، وكان قد وقع عليه في هذا
العام أصحاب القداسة البابا شنوده الثالث بطريرك
الإسكندرية للأقباط الأرثوذكس، ومار أغناطيوس زكا
عيواص بطريرك أنطاكية للسريان الأرثوذكس، والبطريرك
برثينيوس بطريرك الإسكندرية للروم الأرثوذكس،
والبطريرك أغناطيوس الرابع بطريرك أنطاكية للروم
الأرثوذكس، والكاثوليكوس كراكين الثاني بطريرك
الأرمن الأرثوذكس، الذين اجتمعوا في دير الأنبا
بيشوي بوادي النطرون قبيل اجتماع اللجنة التنفيذية
لمجلس كنائس الشرق الأوسط، وقد عرض على اللجنة
العامة للحوار في اجتماعها في 24 يونيو 1989 بدير
الأنبا بيشوي برعاية قداسة البابا شنوده الثالث، حيث
تمت الموافقة عليه.. وبذلك تم إنهاء خلاف دام نحو
خمسة عشر قرناً.. وفي هذا الاجتماع تم اختيار
المطران دامسكينوس (مطران سويسرا للروم الأرثوذكس)
رئيساً للجنة، والمطران الأنبا بيشوي (مطران دمياط
من الكنيسة القبطية) رئيساً مشاركاً
وفي اجتماع اللجنة العامة في الفترة من 23 إلى 28
سبتمبر 1990 في المركز الأرثوذكسي للبطريركية
المسكونية في شامبيزي بجنيف بسويسرا تم اتفاق بُنيَّ
على الاتفاق السابق، وقد نص على رفع الحروم بين
العائلتين وبحث سبل التعاون بين كنائس العائلتين في
المسائل الرعوية (التي سبقت أن درستها لجنة فرعية
اجتمعت بدير الأنبا بيشوي في الفترة من 31 يناير إلى
4 فبراير 1990).. وتم إرسال الاتفاق إلى المجامع
المقدسة للكنائس الأعضاء لاتخاذ قراراتها بهذا
الشأن.
وفي اجتماع اللجنة المشتركة للحوار اللاهوتي بين
الكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية
في المركز الأرثوذكسي في شامبيزى من 1إلى 6 نوفمبر
1993 - تبعاً للتفويض الموكل إليهم من كنائسهم-
للنظر في إجراءات الشركة الكاملة، التقى الممثلون
الرسميون لعائلتي الكنيستين الأرثوذكسيتين
ومستشاروهم في جو من الصلاة والمحبة المسيحية
الأخوية الدافئة والقلبية، ولقد عاشوا كرم ضيافة
البطريرك برثولماوس الأول من خلال نيافة الأنبا
دامسكينوس في المركز الأرثوذكسي للبطريركية
المسكونية بسويسرا، وقد أتى المشاركون الثلاثون من
ألبانيا وأستراليا وقبرص وتشيك ومصر وأثيوبيا
وفنلندا واليونان والهند ولبنان وبولندا ورومانيا
وروسيا وسويسرا وسوريا والمملكة المتحدة والولايات
المتحدة.
ولقد أشترك في رئاسة اللقاءات المكتملة العضوية
للجنة المشتركة نيافة الأنبا دامسكينوس مطران سويسرا
نيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط، ولقد شرح الأنبا
دامسكينوس في مقاله الافتتاحي الإجراءات التي يجب
أتباعها وأكد أن:
"اللقاء الحالي للجنة اللاهوتية المشتركة المكتملة
للحوار بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنائس
الأرثوذكسية الشرقية ذو أهمية قصوى، ليس فقط من أجل
تقييم صحيح للعمل اللاهوتي التاريخي للجنة الذي تم
تحقيقه بالفعل في الاجتماعات السابقة وإنما أيضاً
لتسهيل الإجراءات الكنسية اللازمة لإعادة الشركة
الكاملة".
وبعد اللقاء الافتتاحي اجتمع كل من الطرفين على حدة
لدراسة الأوراق التي تم تحضيرها في الموضوعات
الآتية:
* ما هي السلطة الكنسية القادرة على رفع الحرومات
الكنسية في كل من الطرفين، وما هي مستلزمات إعادة
الشركة الكنسية؟
* أي من الحرومات لأي المجامع أو الأشخاص يمكن أن
ترفع، وفقاً للاقتراح الوارد في الفقرة العاشرة من
نص الاتفاق المشترك الثاني؟
* ما هو الإجراء الكنسي القانوني الذي سيتخذه كل من
الطرفين لرفع الحرومات وإعادة الشركة للكنيسة في
واقع حياة كنائسنا؟
* كيف يمكن أن نفهم وننفّذ إعادة الشركة الكنسية في
واقع حياة كنائسنا؟
* ما هي النتائج القانونية والليتورجية للشركة
الكاملة؟
ولقد تم إصدار تقريرين وتم تقديمهم للاجتماع العام
للإيضاح والمناقشة في اليوم الثالث، وكنتيجة لهذه
المناقشات قدم الأرثوذكس الشرقيون وثيقة رد فتحت
الطريق أمام مناقشات أخرى في الاجتماع، وتم تشكيل
لجنة صياغة مكوّنة من نيافة الأنبا بيشوي مطران
دمياط ونيافة الأنبا غريغوريوس يوحنا إبراهيم أسقف
حلب والأنبا مسروب كريكوريان من الجانب الأرثوذكسي،
والأستاذ يوحنا رومانديس والأب جورج دراجاس وفلاسيوس
فيداس من الجانب الأرثوذكسي الشرقي- الذين تم
تعيينهم لتحضير الاقتراحات المقدّمة من الكنيستين
لرفع الحرومات من الجانبين وإعادة الاتصال الكامل
بينهم
وفيما يلي نص هذه الاقتراحات التي تم التصديق الكامل
عليها بدون استثناء:-
في ضوء هذا الاتفاق المشترك عن طبيعة السيد المسيح
الذي تم في دير الأنبا بيشوي عام 1989 والاتفاق
المشترك الثاني في شامبيزى عام 1990 فقد وافق ممثلو
العائلتين على أن رفع الحرومات والإدانات الماضية
يمكن أن يتحقق على أساس الاعتراف المشترك بحقيقة أن
المجامع والآباء الذين تم حرمانهم أو إدانتهم في
الماضي هم أرثوذكسيون من جهة تعاليمهم، وفي ضوء
الأربعة مؤتمرات غير الرسمية في 1964 و 1967و 1970 و
1971 والاجتماعات الثلاثة الرسمية في 1985 , 1989 ,
1990
1 - فهمنا أن كلاً من العائلتين قد حافظت بإخلاص على
العقيدة الأرثوذكسية عن طبيعة السيد المسيح،
والاستمرار غير المنقطع للتقليد الرسولي - بالرغم من
أنهم قد استخدموا المصطلحات اللاهوتية حول السيد
المسيح بطرق مختلفة.
2 - يجب أن يتم رفع الحرومات بالإجماع في وقت واحد
بواسطة رؤساء الكنائس من الطرفين عن طريق توقيع قرار
كنسي مناسب يتضمن اعتراف كل من الطرفين أن الطرف
الآخر أرثوذكسي من كل الوجوه.
3 - يجب أن يتضمن رفع الحرومات ما يلي:
* أن يتم إعادة الشركة الكاملة بين الطرفين فوراً.
* أن أياً من الإدانات والحرومات السابقة سواء كانت
مجمعية أو شخصية لم تعد سارية فيما بعد.
* أن يتم الاتفاق على بيان بقائمة رؤساء الكنائس حتى
يُستخدم في الليتورجية.
4 - وفي نفس الوقت يجب اتخاذ هذه الخطوات العملية:
* يجب أن تستكمل اللجنة الفرعية المشتركة للأمور
الرعوية مهمتها ذات الأهمية الكبرى وفقاً لما تم
الاتفاق عليه في اجتماع اللجنة المشتركة في 1990.
* أن يزور رئيسا اللجنة المشتركة رؤساء الكنائس
لإطلاعهم على المعلومات الكاملة عن نتائج الحوار.
* أن يتم تعيين لجنة ليتورجية فرعية من الطرفين
لدراسة النواحي الليتورجية الناتجة عن إعادة الشركة
ولتقديم الاقتراحات المناسبة الخاصة بطقوس الصلوات.
* سوف تُترَك الأمور الخاصة بالإدارة الكنسية
لتدبيرها بمعرفة السلطات الكنسية المحلية وفق
قانونية ومجمعية عامة .
* أن يقوم رئيسا وسكرتيرا اللجنة المشتركة بإجراءات
نحو إصدار المطبوعات المناسبة لشرح الفهم المشترك
للإيمان ألأرثوذكسي- الذي قادنا إلى التغلب على
الانقسامات الماضية، وأيضاً لتنسيق عمل اللجان
الفرعية الأخرى.
ثانياً: الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية:-
بدأ في سنة 1971 من خلال اللقاءات التي دعت إليها
مؤسسة برو أورينتا "نحو الشرق" في النمسا، وحضر
اللقاء الأول قداسة البابا شنوده الثالث (وكان وقتها
أسقف التعليم والمعاهد الدينية)، وصدرت عن هذا
اللقاء وثيقة كانت النواة للوثائق التي وقعت فيما
بعد حول الاتفاق بين الكنائس الأرثوذكسية
والكاثوليكية بشأن طبيعة السيد المسيح، وجاء في هذه
الوثيقة: "إننا نؤمن بأن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح
هو الله الابن المتجسد، تام في لاهوته وتام في
ناسوته، لم يكن لاهوته منفصلاً عن ناسوته لحظة واحدة
ولا لمحة بصر، وأن ناسوته واحد مع لاهوته دون اختلاط
ولا امتزاج ولا انقسام ولا انفصال، فنحن في إيماننا
المشترك بربنا الواحد يسوع المسيح نعتبر سره الفائق
الوصف واللا متناهي، ويعجز العقل البشرى عن
استيعابه".
وتواصلت الحوارات مع مؤسسة برو أورينتا، حيث عقد
اللقاء الثاني في عام 1973، والثالث عام 1976،
والرابع عام 1978، والخامس عام 1988 .
ومن جهة أخرى قام الكاردينال كويننج (رئيس أساقفة
النمسا السابق ومؤسس جماعة برو أورينتا بالنمسا)
بعدة زيارات لمصر، وقام بزيارة الكنيسة القبطية
الأرثوذكسية عام 1975 حيث التقى بقداسة البابا شنوده
والذي أصطحبه في زيارة للمتحف القبطي ودير أبو سيفين
بمصر القديمة. كما احتفلت نفس المؤسسة عام 1991
بمرور 20 عام على بدأ الحوار مع الكنائس الأرثوذكسية
الشرقية، وأقيم هذا الاحتفال في ضيافة البابا شنوده
بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون.
الحوار مع الفاتيكان (كنيسة رومية)
بدأ هذا الحوار بصفة رسمية في أعقاب الزيارة التي
قام بها قداسة البابا شنوده الثالث إلى روما في مايو
عام 1973، حيث التقى بقداسة البابا الراحل بولس
السادس، وتعد هذه الزيارة أول زيارة يقوم بها بطريرك
قبطي أرثوذكسي للفاتيكان. وفي اللقاء عقدت جلسة
مباحثات موسعة تحدث فيها البابا بولس السادس عن أمله
في أن يكون هذا اللقاء نقطة انطلاق لعمل مشترك ومثمر
من أجل الوحدة الكنسية، ورد البابا شنوده بكلمة جاء
فيها "إنكم حينما تزورون بلادنا الجميلة مصر ذات
التاريخ العريق المجيد ستشاهدون كنائسنا القديمة
وآثار أجدادنا". وفي يوم 6 مايو أشترك الاثنان في
الصلاة التي أقيمت بكاتدرائية القديس بطرس
بالفاتيكان. وفي هذه الزيارة تسلم قداسة البابا
شنودة الثالث رفات القديس أثناسيوس الرسولي-
البطريرك القبطي العشرين، بعد أن بعد أن ظل في روما
قرابة 16 قرنا. وفي ختام الزيارة صدر بيان مشترك،
كما تم تشكيل لجنة مشتركة بين الكنيستين...
عقد أول اجتماع للجنة المشتركة في الفترة من 16 إلى
20 مارس 1974 بالقاهرة، وذلك بالمقر البابوي بالأنبا
رويس، وافتتح الاجتماع قداسة البابا شنوده الثالث في
حضور بطريرك الأقباط الكاثوليك الراحل الكاردينال
إسطفانوس الأول وأيضاً سفير الفاتيكان في مصر. وجاء
في البيان الختامي للاجتماع أن التعاون المشترك
يعاون على الاختلافات القائمة بين الكنيستين في روح
المحبة والاحترام المتبادل، كما يمكن الشهادة
للإنجيل بالوسائل التي تتطابق مع الرسالة واحتياجات
العالم وتطلعاته، ووضح البيان أن اللجنة خطت خطوة
هامة في التعبير عن مفهوم واحد للمسيح الله المتجسد.
وتوالت اجتماعات اللجنة بالقاهرة حيث عقد الاجتماع
الثاني في الفترة من 26 إلى 31 أكتوبر 1974، وتم فيه
البحث في أسس الوحدة المنشودة التي تقوم على وحدة
الإيمان والتقليد والحياة الكنسية كما كانت عليه قبل
انعقاد مجمع خلقيدونية (451م)، وطلبت اللجنة إعداد
عدة دراسات في هذا الصدد.
وتم استكمال مناقشة هذا الموضوع في الاجتماع الثالث
الذي عقد في الفترة من 27 أكتوبر إلى أول نوفمبر
1975.
وفي الاجتماع الرابع تم بحث دور المجامع المسكونية
والأسرار وعلاقتها بالكنيسة وسر الخلاص، إلى جانب
بحث بعض المبادئ العامة المتعلقة بالعلاقات بين
الكنيستين. هذا وقد تم وضع بروتوكول للحوار المسكوني
بين الكنيستين الكاثوليكية والقبطية الأرثوذكسية،
ووقع عليه قداسة البابا الراحل يوحنا بولس وقداسة
البابا شنوده الثالث.
وفي 12 فبراير 1988 اجتمعت اللجنة المشتركة للحوار
اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية
في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون بمصر.. وقد افتتح
قداسة البابا شنوده الثالث هذا الاجتماع بالصلاة،
واشترك فيه المونسنيور جيوفياني مورتي القاصد
الرسولي بمصر والأب دويريه السكرتير بسكرتارية
الوحدة المسيحية للفاتيكان ممثلين لقداسة البابا
يوحنا بولس الثاني ومؤهَّلين من قداسته للتوقيع على
هذا الاتفاق.
وقيل فيه: "قد سرّنا اللقاء التاريخي الذي تم في
الفاتيكان في مايو سنة 1973 بين قداسة البابا بولس
وقداسة البابا شنوده الثالث، وكان أول لقاء بين
الكنيستين منذ أكثر من 15 قرناً، ووجدنا اتفاقا
بيننا في كثير من النقاط الإيمانية، كما تقرر في ذلك
اللقاء تكوين لجنة مشتركة لبحث نقط الخلاف العقائدية
والإيمانية بين الكنيستين بهدف التوصل إلى الوحدة
الكنسية. وكان قد حدث اجتماع في فيينا في سبتمبر سنة
1971 نظمته هيئة بروأورينتا بين لاهوتي الكنيسة
الكاثوليكية ولاهوتي الكنائس الأرثوذكسية الشرقية -
وهي كنائس الأقباط والسريان والأرمن والأثيوبيين
والهنود- ووصلوا إلى أتفاق في موضوع طبيعة السيد
المسيح. ونحن نشكر الإله أننا الآن يمكننا أن نوقّع
على صيغة مشتركة كما تعبّر عن اتفاقنا الرسمي بخصوص
طبيعة السيد المسيح. أما باقي نقاط الخلاف فستقوم
اللجنة العامة للحوار المشترك بفحصها على التوالي
بمشيئة الرب" .
وتوصل الطرفان إلى اتفاق تام حول صيغة طبيعة ومشيئة
السيد المسيح، نصه كالتالي:
"نؤمن بأن ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الكلمة
المتجسد، هو كامل في لاهوته وكامل في ناسوته، وجعل
ناسوته واحداً مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا
تغيير ولا تشويش، ولاهوته لم ينفصل عن ناسوته لحظة
واحدة ولا طرفة عين، وفي الوقت نفسه نحرم تعاليم كل
من نسطور وأوطيخا"
وهذه الصيغة هي التي كان قد اقترحها قداسة البابا
شنوده الثالث في الاجتماع الأول الذي عقدته مؤسسة
برو أورينتا في فيينا بالنمسا والمشار إليه قبلاً.
ثالثاً: الحوار مع الكنيسة الأسقفية:-
الكنيسة الأسقفية هي كنيسة إنجلترا (الكنيسة
الأنجليكانية) بعد أن فصلها الملك هنري الثامن عن
الكنيسة الكاثوليكية عام 1534م، وقد تفرّعت عنها
مجموعة الكنائس الأسقفية.. وتدخل الكنيسة الأسقفية
ضمن عائلة الكنائس البروتستانتية.. وهي في مصر عضو
في المجلس الإنجيلي العام الذي يرأسه رئيس الطائفة
الإنجيلية، وإن كانت تحتفظ ظاهرياً بثلاثة أسرار
كنسية هي المعمودية والإفخارستيا والكهنوت.
وقد رفضت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعض مواقف
الكنيسة الأسقفية مثل رسامة المرأة لوظيفة مطران
وقسيس، وفي هذا الصدد بعث قداسة البابا شنوده الثالث
برسالة إلى مؤتمر لامبث عام 1988 قدمها نيافة
المطران الأنبا بيشوي- والذي شارك بصفة مراقب في
أعمال المؤتمر، وفيها شرح قداسته عقيدة الكنيسة
القبطية في رفض رسامة المرأة لوظيفة الكهنوت.
رابعاً: الحوار بين الكنائس الأرثوذكسية الشرقية
والكنائس المصلحة:-
نذرلاند في 13 ديسمبر 1994م
تشرّف الاجتماع بحضور قداسة البابا شنوده الثالث
بابا السكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وقد ألقى
قداسته كلمة في الجلسة الافتتاحية وحضر بعض الجلسات
الأخرى.. وكان الاتفاق حول صيغة مشتركة لطبيعة
المسيح.
المقدمة:
"في بحثنا عن فهم مشترك للخلافات الكائنة بيننا حول
طبيعة السيد المسيح فكرنا أنه من الملائم أن نركز
على صيغة إعادة الوحدة 433، تلك الصيغة تمثّل
إتفاقية توصلت إليها كل من أنطاكية والإسكندرية،
وكانت لاحقة للمجمع المسكوني الثالث عام 431 م، لذلك
فإنها تمدّنا بنقطة ابتداء مشتركة للطرفين، ونحن نجد
أن التفسيرات الموجودة في هذه الاتفاقية تلاءم
العقيدة الخاصة بطبيعة السيد المسيح في تقليد كل
منا".
صيغة الاتفاقية:
"نعترف بربنا يسوع المسيح الابن الوحيد للآب الكامل
في لاهوته والكامل في ناسوته المكوَّن من روح عاقلة
وجسد، المولود من الآب قبل كل الدهور من الناحية
اللاهوتية وكذلك في ملئ الزمان وُلد من العذراء مريم
من أجل خلاصنا بحسب ناسوته، له نفس الجوهر ذاته مع
الآب من حيث اللاهوت ومساوياً لنا في الجوهر من حيث
الناسوت لأن إتحاداً حدث بين الطبيعتين، لذلك نعترف
بمسيح واحد وابن واحد ورب واحد. وفقاً لهذا المعنى
للإتحاد الغير مختلط نحن نعترف بالقديسة العذراء
أنها والدة الإله، لأن الإله الكلمة تجسد وصار
إنساناً ومنذ اللحظة الأولى للحمل وحد بنفسه الهيكل
الذي أخذه منها، وبالنسبة للعبارات الخاصة بالرب في
البشائر والرسائل نحن ندرك أن اللاهوتيين يفهمون أن
بعضها عام بالنسبة لأقنوم واحد والأخرى يميزونها
بأنها تتعلق بالطبيعتين، فيفسر تلك التي تلاءم
الطبيعة الإلهية وفقاً للاهوت المسيح وتلك التي من
النوع المتواضع وفقاً لإنسانيته" (مبنياًً على صيغة
إعادة الوحدة 433) .
"إن الأربعة توصيفات المستخدَمة التي تحدد سر
الإتحاد الأقنومي ترتبط بتقليدنا المشترك عن طبيعة
المسيح وهي: (بغير اختلاط) - (بغير تغيير) - (بغير
افتراق) - (بغير انقسام).. أولئك الذين يتكلمون منا
عن طبيعتين للسيد المسيح هم محقون فيما يعملون بما
أنهم بذلك لا ينكرون الوحدة غير المفترقة وغير
المنقسمة، وبالمثل أولئك الذين يتكلمون منا عن طبيعة
إنسانية إلهية واحدة في المسيح هم محقون فيما يقولون
بما أنهم لا ينكرون الحضور الفعال والمستمر للاهوت
والناسوت في المسيح بغير تغيير ولا اختلاط".
ويتفق الطرفان على رفض التعليم الذي يفرّق أو يقسّم
الطبيعة الإنسانية -كلاً من الروح والجسد في المسيح-
عن الطبيعة الإلهية، أو يقلل من إتحاد الطبيعتين إلى
مستوى مجرد اتصال. كما يتفق الطرفان على رفض التعليم
الذي يخلط بين الطبيعة الإنسانية في المسيح مع
الطبيعة الإلهية بحيث تُمتَص الأولى في الأخيرة
وبذلك تنفي وجودها.. إن الإتحاد العام للاهوت
والناسوت في الكلمة المتجسد لازم لخلاص الجنس البشرى
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ الإِلهُ الْعَالَمَ حَتَّى
بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ
كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ
الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ (يوحنا 3 : 16 )".
الخاتمة:
"في عرضنا هذه الصيغة ندرك سر عمل الإله في المسيح
ونسعى لتوضيح اشتراكنا معاً في الإيمان الأصيل في
طبيعة السيد المسيح الرب الواحد المتجسد. ونحن نقدم
هذا البيان لسلطات الكنائس الأرثوذكسية الشرقية
والإتحاد العالمي للكنائس المصلحة للنظر وعمل
اللازم".
إمضاءات الرئيسين المشاركين:
صاحب النيافة المطران الأنبا بيشوي- السكرتير العام
للمجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية
الدكتور القس ميلان أويشنسكي - السكرتير العام
للإتحاد العام للكنائس المصلحة
قائمة الحاضرين من الكنائس الأرثوذكسية:
المطران بيشوي - الكنيسة القبطية الأرثوذكسية،
الأسقف موسى - الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الأسقف
أسطانيوس متى روجام -بطريركية السريان الأرثوذكس من
أنطاكية، الأسقف ج . د . كوريليوس - الكنيسة
الأرثوذكسية السريانية في الشرق (الهنــد)، الدكتور
القس كوندورتام . م . جورج - الكنيسة الأرثوذكسية
السريانية في الشرق (الهنــد)، القس سيف سيلاسي
يوجنيس -الكنيسة الأثيوبية الأرثوذكسية.
قائمة الحاضرين من الكنائس المصلحة:
الدكتور القس كارل بلي - الكنيسة المصلحة
النذرلاندية، الدكتور سبل بترا برحان - الكنيسة
المصلحة الألمانية، الدكتور القس خريستوفر كافور-
الكنيسة المصلحة من أمريكا، الدكتور القس بيتر ماك
إنهميل -كنيسة أسكتلاندا، الدكتور القس ميلان
أوبشنسكى - الكنيسة الإنجيلية في التشيك، الدكتور
جورج سابرا - الإتحاد الإنجيلي في لبنان، القس ج .
جايكربران سباستيان كنيسة جنوب الهند، الدكتور القس
أوجنين ترتر - الكنائس المسيحية (الولايات المتحدة
الأمريكية)، دكتور هـ . س . ولسن - كنيسة جنوب
الهند.
نيافة الأنبا بيشوي (مطران دمياط وسكرتير المجمع
المقدس) ومجالات العمل المسكوني:
ربما يكون من الصعب حصر الأسفار العديدة التي سافرها
نيافة الأنبا بيشوي من أجل مساعي الوحدة الكنسية أو
الحوارات مع الكنائس الأخرى ولكن لعله يمكننا أن
نحصر هذا النشاط كالآتي:
1- الحوار مع الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية (الروم
الأرثوذكس).
2- الحوار مع الكنائس الكاثوليكية.
3- الحوار مع الكنيسة الأنجليكانية.
4- الحوار اللاهوتي مع الإتحاد العالمي للكنائس
المصلحة W.A.R.C..
5- الحوار مع الأشوريين في إطار مجلس كنائس الشرق
الأوسط كعضو، وفي إطار الحوار السرياني كمراقب.
6- الحوارات المتعددة الأطراف التي تجري داخل قسم
الإيمان والنظام بمجلس الكنائس العالمي، وداخل قسم
الإيمان والوحدة بمجلس كنائس الشرق الأوسط، وكذلك في
لقاءات الطلبة والأساتذة في رابطة المعاهد اللاهوتية
بالشرق الأوسط.
هذا بخلاف اللقاءات مع بعض الكنائس كالكنيسة
السويدية أو غيرها وهي لقاءات وليست حوارات.
وأخيراً نطلب من الله أن يكمّل عمله معنا من أجل
وحدة كنيسته، لتكون "كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية"
(من القداس الباسيلي).
_______________________
المراجع:
vكتاب القرارات في عهد صاحب القداسة والغبطة البابا
شنوده الثالث 117 - تقديم قداسة البابا شنوده الثالث
بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية - إعداد
لجنة سكرتارية المجمع المقدس للكنيسة القبطية
الأرثوذكسية، طبعة 1996م
موسوعة تاريخ أقباط مصر - بقلم عزت اندراوسwww.coptichistory.org
vدراسة أعدها نبيل نجيب سلامة، نشرت في جريدة
المشاهير بتاريخ 7 يوليو 2006م
vمذكرة المسكونيات لنيافة الأنبا بيشوي | | |
جميع الحقوق محفوظة لـ دراسات مصرية، موقع تابع
للأقباط متحدون |
© 2006 Copts United
http://www.copts-united.com/,
all rights reserved . Best view : IE6 ,IE7 Screen
resolution 800 by 600 pixels |
|
|
|