اضواء جديدة على الموسوعة القبطية!

بقلم: عبد العظيم رمضان
قليلة هى الكتب التى تتناول تاريخ الأقباط فى مصر، ومن هنا كنت سعيدا حين أتحفنى الصديق العزيز الأستاذ نسيم مجلى، بموسوعة مهمة قام بمراجعتها، وهى بعنوان "من تراث القبط "، وتقع فى ستة مجلدات، تدور حول تاريخ القبط فى مصر، وتشتمل على الأبواب الآتية وهى:المجلد الأول، من تاريخ القبط، والمجلد الثانى، الإيمان والعبادة والحياة النسكية، أما المجلد الثالث فهو عن الآثار والفنون والعمارة القبطية، والمجلد الرابع عن الطب والعلوم والتعليم والحياة الاجتماعية والصحافة القبطية. أما المجلد الخامس فيتناول القانون الكنسى والعلاقات الكنسية، أما المجلد السادس والأخير فهو عن اللغة القبطية والموسيقى والألحان!

ويهمنى كثيرا إلقاء الضوء على هذا العمل العلمى المهم، الذى أشرف عليه الأستاذ الدكتور سمير فوزى جرجس، خصوصا ومصر كلها تحتفل بعيد القيامة المجيد!
يقول د. سمير فوزى جرجس فى تقديمه للموسوعة يشكو معظم الباحثين الأقباط من تعود زملائهم الأجانب إساءة فهم تراثهم وعرض مقوماته، بالرغم من المحاولات العديدة والجهود الضخمة التى يبذلونها لتصحيح هذه الأخطاء الشائعة بطرق منهجية علمية سليمة.
ويقول أيضا: ألم يتعود الكثيرون من الباحثين الأجانب على تبنى العديد من المفاهيم الغريبة باسمنا وإملائها علينا، بينما تعودنا على تقبل مصداقيتها دون فحص وتمحيص، وذلك رغم تعارض هذه المفاهيم الخاطئة من مقاييسنا ورسائل الاستيعاب السليم لحقائق الأمور، وأقاموا من أنفسهم دعاة وقضاة فى نفس الوقت!
ألم يدعوا أن كنيسة الإسكندرية مركز الكرازة المرقسية كنيسة "قومية" بينما هم يهدفون فى واقع الأمر إلى تحجيمها واعتبارها كنيسة محلية!
إن وطنية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وإخلاصها المتفانى للوطن حقيقة تاريخية ثابتة لا جدال فيها.
إن استعمالهم كلمة كنيسة قومية، بمعنى كنيسة محلية، إنما يهدف إلى نفى عالمية كنيسة الإسكندرية ودعوتها. وهذا بلا شك خطأ مقصود وخلط هدام للمفاهيم دون تأصيل علمى سليم!
وتتناول الموسوعة اللغة القبطية، وهى التى مازالت تستخدم حتى الآن فى القداس الإلهى، وفى العديد من طقوس كنيسة الإسكندرية، وهى فى واقع الأمر الطور الرابع والأخير من أطوار كتابة اللغة المصرية القديمة!
أما الأطوار السابقة فهى الهيروغليفية والهيراطيقية ثم الديموطيقية. وكانت اللغة الهيروغليفية بمثابة اللغة المقدسة التى تستعمل قبل كل شيء للأغراض الدينية فى المعابد والمقابر وفى كتابة البرديات أيضا.
أما اللغة الهيراطيقية فهى مبسطة نسبيا وكانت تستخدم عادة فى المكاتبات الرسمية والخدمات الدينية.
أما اللغة الديموطيقية فهى صورة شعبية عامية مبسطة للغاية.
وتنتقل الموسوعة إلى الفتح العربى لمصر وتعتبر أن أهم الفوائد التى جناها الأقباط من الغزو العربى، كان أولها الحرية الدينية.
كذلك استطاعوا الاستيلاء على كثير من الكنائس الملكانية والمنشآت الدينية التى أخلاها اليونانيون.
وفى الإدارة المحلية فإنهم احتكروا الوظائف الحكومية، فصاروا هم وحدهم النساخ وجامعى الضرائب ومديرى الإدارة.
كما أدى إحياء الثقافة القبطية إلى ملء الفراغ الذى نشأ نتيجة الاختفاء المفاجئ للنفوذ البيزنطى، كما أن عملية تدفق الأموال إلى خارج مصر عن طريق الحكام العرب فى عهد الخلفاء الراشدين والأمويين- تم ضبطها والتحكم فيها، نتيجة قيام بعض الأسر الحاكمة المستقلة مثل الطولونيين والإخشيديين، الذين انتزعوا مصر من الخليفة العباسى فى بغداد، ثم جاءت الخلافة الفاطمية بعد ذلك أكثر استقلالا.
وصار من النادر أن يفرض على الأقباط زى خاص أو يحرم عليهم ركوب الخيل!
وعندما أصدر الوالى الأموى عبد الله بن عبد الملك مرسوما يجعل اللغة العربية لغة المكاتبات الرسمية فى الدولة، اجتهد الأقباط فى محاولة لإتقان هذه اللغة، إضافة إلى لغتهم الأم التى ظلت حية فى الاستخدام اليومى لعدة قرون!
وفى نهاية القرون الوسطى انقطع استخدام اللغة القبطية فى الأحداث اليومية لبعض الوقت، وإن ظلت مستخدمة فى الكنائس القبطية حتى يومنا هذا!
وتتناول الموسوعة الأناجيل الأربعة، فتذكر أن كلمة إنجيل هى الكلمة اليونانية "إيفا نجيليون" ومعناها بٌشرى مفرحة! فالمسيحية جاءت لتبشير الإنسانية بالحدث الجديد الذى لم يكن منه بد لخلاص الإنسان من سلطان الشيطان والخطيئة!
وتذكر أيضا، أن الموضوع الأساسى للأناجيل الأربعة هو واحد، أى فعل الفداء. ولقد شغلت مرحلة الأسبوع المنتهى بالقيامة وفترة الأربعين يوما التالية الجزء الأكبر من الأناجيل.
فإنجيل متى البالغ 28 فصلا، يشغل أكثر من ثمانية فصول، إذ تبدأ الآية من بداية تحركه نحو أورشليم ميدان الأحداث الأخيرة (متى 17-20).
وفى مرقس مجموعة ستة عشر فصلا تبدأ من (1-11)، وفى لوقا البالغ أربعة وعشرين فصلا، أكثر من ستة فصول (لوقا 18-31) وفى يوحنا البالغ عدد واحد وعشرين، عشرة فصول (يوحنا 1-12).
أى أكثر من ثلث الإنجيل، أما الثلثان فعن فترة 33 عاما فى حياته الأرضية مـن البشارة إلى بداية أسبوع الفداء.
وتشمل بعضا من التعاليم والمعجزات وتدريب التلاميذ، وتسليم الأسرار, وإيضاح كيان الملكوت، والحياة الإنسانية الجديدة:
"جئت لتكون لهم حياة وتكون أفضل- مليئة بالفضيلة" (يوحنا 10-10).
على كل حال، فالموسوعة تضم العديد مما ينفع الباحثين من الأقباط والمسلمين على السواء، بل وكل المهتمين بالشأن القبطى، وهى تلقى أضواء على الكثير مما نجهله من تاريخ المسيحية وعلومها!
المصدر: مجلة اكتوبر

جميع الحقوق محفوظة لـ دراسات مصرية، موقع تابع للأقباط متحدون

© 2006 Copts United  http://www.copts-united.com/, all rights reserved .
Best view : IE6 ,IE7  Screen resolution 800 by 600 pixels