جديد الموقع
تسعين عامً كفاح وحاجات تانية!!
بقلم: مينا ملاك عازر
هذا المقال كنت أظنني تأخرت في كتابته خاصةً وأنني منذ عدت من أجازتي وأنا أنتوي كتابته غير أن الظروف جعلتني أكتبه في هذا الموعد الذي يقترب من عيد ميلاد الأستاذ لكي أُعيد عليه، وأرصد لكم كيف كافح الأستاذ منذ بداياته في الإجيبشيان جازيت حيث عمل هيكل محرراً بها، وبعد فترة وجيزة سافر لتغطية أحداث الحرب العالمية الثانية خاصة علي الجبهة المفتوحة على أرض مصر وبالتحديد على الساحل الشمالي عند العلمين .
وهي المغامرة التي اكتسب منها ومن النصائح التي أسدت له قبل سفرها مكاسب كبيرة، لا أقول بأنه محظوظ في تلك السفرية فهو غامر والحظ أتاه لأنه اجتهد، مثلما أتاه حينما اقترب من ناصر أثناء سفرية باندونج في 1955 حين كان يمد ناصر بما يجري في مطبخ مؤتمر عدم الانحياز فاحترمه وقدره ناصر وقربه منه لأنه رأى فيه الصحفي النابه والنشيط فكانت المنفعة متبادلة بين الطرفين، إذ كان يقدم هيكل لناصر ما لا يعرفه ناصر وكان يقدم ناصر لهيكل ما لا يعرفه هيكل، وكانت بداية صداقة استفاد منها الاثنين وتجرعتها مصر علقماً أحياناً وحلاوة أحياناً خرى.
الأستاذ أتم تسعين عاماً من الكفاح الذي لا أنكره وحاجات تانية لا يستطيع هو إنكارها فلقد تلاعب الأستاذ بالتاريخ المصري كما حلى له، رفع من شاء في كتاباته وأحط من شاء، والمعجزة الصحفية هي أن الأستاذ رفع من شاء ولما غضب عليه عاد وأحط منه في واحدة من أكثر المفارقات التاريخية والصحفية وغير المقبولة بالنسبة لي على الأقل. وأرجوك ألا تقل لي أنه راجع نفسه أو تكشفت له حقائق لم يكن يعلمها فلا تقنعني أن الأستاذ لم يكن على علم مسبق أن السادات خمرجي ومش بيعرف ربنا غير بعد سجن السادات للأستاذ، وهما اللذان ما كانا يفترقا طوال أربع سنوات حكم السادات الأولى، وهل لم يكن ناصر يعرف السادات ليعرفه بهيكل أم أن السادات انحرف على كبر!!!
هكذا كان هيكل يطوع معلوماته ووثائقه التي طالبته بتسليمها للبلاد منذ كنت أحضر الماجتسير- في كثير من الحوارات الصحفية التي أجريت معي في اليوم السابع وغيره- ولكن الأستاذ لا يسمع سوى نفسه، ولا يستطع إظهار تلك الوثائق التي يستقي منها معلوماته وتحليلاته للناس لألا يقرأها غيره قراءة تغاير قراءاته، نعم أصدر الأستاذ الكثير منها في كتب له، ولكن من يدريني وأنا باحث التاريخ والشغوف بالحقيقة بأنها الوثيقة كاملة؟
فأنا لم ارى الوثيقة الأصلية والبون شاسع بين أن ترى الوثيقة على حالتها الأصلية وأن تراها بعد طباعتها وعلى يد رجل له هوى، الأستاذ في كتبه يرصد لنا وقائع لا أعلم ولا أتخيل كيف عرفها؟ فكيف مثلاً دخل حجرة نوم ماتيلدا كاريم صديقة الرئيس الأمريكي جونسون وعرف الحوار الذي دار بينهما صباح النكسة كما حلى له وأسماها ليداري خيبة ناصر الخيبة الكبيرة التي ورط ناصر نفسه فيها وساعده على ذلك عامر بخيبته التي لا ينكرها أحد العسكريين.
الأستاذ أستغل صداقاته لرئيسين مصريين، واستباح أسرار الدولة ووثائقها واحتفظ بها لنفسه، والرئيسان مع كامل التقدير لهما جعلاً من مصر عزبة لأنفسهما، واستحلا أن يهاديا ويقدما وثائق البلاد لهيكل يرتع بها كما يشاء ويحللها كما يحلو له، وبدلاً من أن يحفظاها للأجيال القادمة نتعلم منها ومن أخطائهما ومن إنجازاتهما، آثرا أن يقدما وثائق مصر لهيكل على طبق من فضة لا لشيء إلا لأنه صديقهما وكأن مصر لا يوجد بها دار للوثائق، ولا تقل لي أن حالتها يرثى لها فقد كان بمقدورهما أن يطورا منها، ويؤمناها ويحفظا بها وثائقهما، ناصر ومن بعده السادات ولفترة من حكم الأخير قدما وثائق مصر لهيكل والأخير قَبل وكل هذا على حساب مصر، وفي النهاية حُرقت مكتبة الأستاذ والله وحده يعلم ما كان بالمكتبة من كنوز لباحثي التاريخ وللأجيال القادمة.
المختصر المفيد كل عام وأنت طيب يا أستاذ لإتمامك التسعين عاماً ولك الله يا مصر.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :