الأقباط متحدون | الأمّ الحزينة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٥:٢٠ | الخميس ٣ اكتوبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ٢٣ | العدد ٣٢٧٠ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

الأمّ الحزينة

الخميس ٣ اكتوبر ٢٠١٣ - ٢١: ٠٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: زهير دعيم 
في غابة بعيدة تقع على أكتاف الجبال الشرقية , عاشَ أسد هَرِمٌ يعتدّ بتاريخه ونسبه وماضيه , عاش يسرح ويمرح في مملكته الواسعة الأطراف، الى أن جاء يوم , ظهر فيه نَمِر شابّ وحطَّ عصا ترحاله في أطراف هذه المملكة ,وهو يقول لكل السائلين : "هنا كان جدودي ، هنا أكلوا وناموا وصلّوا!".
 
امتعضَ الأسد الهَرِم وعَقَدَ العزم على طرده ، فالمملكة ورِثها عن جدوده، ثمّ ماذا  سيقول لسكّان مملكته ، وهم يروْن الآتي من بعيد يتحدّى مليكهم في عقر داره؟.
 
غضب الأسد وزمجر ووثب على النمر الشابّ ، ودارت معركة حامية الوطيس ، اضطرّ فيها الأسد الى التراجع مجروح الجبين والكرامة ،  وهو يتفُل دمًا ويقول : " تفو على الزمن ، هذا الزمن الذي جعلني هرِمًا . سقى الله أيام الشباب ، يوم كنْتُ أصارع جيشًا من النمور!!".
 
ولم يجد الأسد بُدًّا من استرجاع كرامته ألا بمنازلة النمر ثانية وثالثة ورابعة ، ولكن دون جدوى ، فافترقا واقتسما الغابة على مضَض ، والأسد يَعِدُ نفسه وأهله بأنه سيعيد حقَّه المسلوب ، وأنّ هذا اليوم الموعود قريب ، أمّا النمر  فكان يرنو الى توسيع رُقعة مملكته .
 
وعلى أطراف الغابة الشّمالية ، وبين المملكتين المُتنافستين ، عاشت الظبية الجميلة "حنان"المكحولة العينين ، اللطيفة المَعشر.عاشت مع صغيريها في أمانٍ وطُمأنينة ، تعمل بجِد ٍّونشاط في سبيل إعالتهما،  فتتركهما صباحًا خلف التلّة الخضراء يمرحان بين الزُّهور ، يلاحقان الفراشات المُلوّنة ، وتذهب تُفتّشُ عن الطعام .
 
وكثيرًا ما حذّرت الظبية صغيريْها من الأسد والنمر  فهما شرسان ، وأوصتهما بالانتباه لكلّ حركة تصدر عنهما .
ولم تكتفِ الظبية الأم بالتحذير ، بل بدأت تدرّبهما على الركض والعدْو فوق الصخور .
 
لم تعرف الظبية سبب انقباض قلبها في صباح هذا اليوم بالذات ، حين ودّعت ولديْها وأوصتهما بالحَذَر والحيْطة . ولم تعرف لماذا بعد أن قطعت مسافة بعيدة، عادت لتعانق ولديها وتضمّهما الى صدرها بحرارة .
 
ولكن ماذا تفعل والضرورة  تُلزمها بالبحث عن لُقمة العيش، فأسلمت أمرها لله ،رافعة اليه عينيها مُتوسّلة .
مرَّ النهار أو  كاد، فعادت الظبية الى بيتها بشوقٍ تحمل الطعام ، وقلبها يخفق بشدّة ....ومِنْ بعيد وفي الجهة الجنوبية من وطنها الصغير الجميل ،  رأت ويا هوْل ما رأت ، رأت النمر والأسد العجوز يطاردان صغيريها  ويُدنّسان كلَّ جمال انغرسَ هناك ...وما هي الا لحظات حتّى انقضَّ كل منهما على صغير ، وانطلق يعدو نحو مملكته ، فصعقتها الصدمة ، فانطرحت أرضًا وهي تغرق في البكاء ، وتنتحب بصوت عالٍ ردّدته  وما زالت الوديان والتلال .




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :