الكاتب
جديد الموقع
Thanksgivingعيد الشكر
لطيف شاكر
عيد الشكر في الولايات المتحدة هو أهم الأعياد التي يحتفل بها الأميركيون على صعيد اأسرة. فقد جرت العادة على أن يحتفل الأميركيون بعيد الشكر بإعداد المآدب الكبيرة في بيوتهم أو ضمن إطار مجتمعي. إذ يأتي عيد الشكر في كل عام مناسبة تجمع بين الأصدقاء وتلم شمل الأهل وفرصة مشتركة تتيح للأميركيين التعبير الصادق بالامتنان لما يتمتعون به من نعمة الحرية ووافر المأكل والمشرب والمأوى اللائق وغير ذلك من المزايا والنعم
إلى جانب ما يعده الأميركيون من صنوف الأطعمة ويقيمونه من ولائم، يتطوع الكثيرون منهم لإعداد أو توزيع الأطعمة وتقديم الوجبات للمحتاجين لا سيما في ما يعرف بمطابخ الحساء وفي الكنائس وملاجئ المشردين. ويتبرع البعض لحملات جمع الأغذية أو يشاركون في أعمال البرّ وجمع المال للمحتاجين. ومما يذكر أن كثيرا من المنظمات والجماعات الخيرية والتي لا تستهدف الربح المنتشرة في أنحاء البلاد تقيم خلال يوم الشكر سباقات خيرية تعرف باسم "هرولة الديك الرومي" لغاية جمع المال للأغراض الخيرية
و يأتي عيد الشكر ليستهل بداية "موسم الأعياد" الذي يستمر حتى نهاية الاحتفال بعيد رأس السنة مرورا باعياد الميلاد " الكريسماس". فيوم الجمعة الذي يلي عيد الشكر، الذي جرى العرف على أن يحتفل به يوم خميس، يعتبر أكثر أيام السنة التي تعج بنشاط التسوّق والشراء
يعتبر عيد الشكر يوم عطلة فدرالية رسمية تعطل فيها الدوائر الحكومية والمدارس ومعظم مؤسسات القطاع الخاص بما فيها المصارف وشركات الأعمال التجارية
يشكل عيد الشكر تقليدا وطنيا فريدا نشترك فيه الشعب الامريكي بكل عناصره والوانه واديانه فروح هذا اليوم تربط كل افراد الشعب وتشده معا كأمة واحدة تتمتع بروح مشتركة نحو الاحتفال بعيد يشترك فيه كل الامريكان .
عيد الشكر الأول
وعيد الشكر يعود في أصله إلى العام 1621 عندما أقام "المهاجرون الانجليز" الذي أسسوا مستعمرة بليموث (في ولاية مساتشوستس اليوم) وليمة احتفالية شاركهم فيها أفراد قبيلة هنود وامبانوغ.
كان المهاجرون قد وصلوا البر الأميركي عام 1620 قادمين عبر المحيط الأطلسي منشقين عن كنيسة أنجلترا الرسمية ساعين إلى ممارسة معتقداتهم الخاصة البيوريتانية* بحرية, ولما كانوا قد وصلوا مستعمرة بليموث متأخرين عن موسم الفلاحة والزراعة اضطروا إلى التقشف الشديد بسبب ما عانوا من نقص المواد الغذائية في فصل شتاء عامي 1620 و1621 لكن ذلك لم يجنبهم موت نصف سكان المستعمرة. وعندما هلّ موسم الربيع علّم أبناء قبيلة وامبانوغ الهندية المقيمون في المنطقة المهاجرين المستوطنين زراعة الذرة وغيرها من المحاصيل المحلية، كما ساعدوا القادمين الجدد على أكتساب المهارات والحذق في الصيد البري والبحري والنهري.
ويعرض المتحف الأميركي للهنود الأميركيين في واشنطن العاصمة ما يدل على أن هنود وامبانوغ كانوا مجتمعا متقدما قطن المنطقة آلاف السنين .
وبعد أن جنى المهاجرون محاصيل وفيرة من الذرة والشعير والفاصولياء والقرع وجدوا في خريف العام 1921 أن ما عندهم من خير يستحق الحمد والشكر. فكان أن أقام المستعمرون وهنود وامبانوغ، الذين أحسنوا إليهم، وليمة احتفالا بالحصاد جلب إليها الهنود الغزلان للشواء وذلك للتعبير عن الشكر والامتنان لما أنعم الله عليهم من بركات. ومع أن من المعلوم أن المهاجرين ساهموا بتقديم لحوم الطيور، فإن باقي صنوف الأطعمة ما زال موضوعا مفتوحا للتكهنات. غير أن من المرجح أن المهاجرين جاءوا إلى الموائد بلحوم الديوك الرومية والبط وغيرها من الطرائد البرية وصنوف الأطعمة البحرية كبلح البحر (من المحاريات) والكركند وثعبان الماء إضافة إلى الخضروات والعنب والبرقوق والجوز.
ويأتي عيد الشكر تذكرة لدور الأميركيين الأصليين بأول احتفال أميركي للشكر اعترافا بفضل الهنود في مشاركتهم المهاجرين معرفتهم ومهاراتهم, فلولا مساعدتهم لكان هناك احتمال بعدم بقاء المهاجرين الأوائل على قيد الحياة.
ودأب الرؤساء الأميركيون، منذ عهد الرئيس جورج واشنطن في العام 1789 على إصدار بيانات عيد الشكر. غير أن عادة إصدار البيان الرسمي سنويا لم تترسخ إلا في عهد الرئيس أبراهام لنكولن ببيانه و في العام 1863. فقد دعا الرئيس ابراهام لنكولن إلى الاحتفال بالعيد في الخميس الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام. وكان ذلك في الأيام المظلمة من فترة الحرب الأهلية, إلا أن لنكولن قال إن الأوقات الصعبة تجعل الوضع أكثر مناسبة للنعم والبركات "أن يتم الاعتراف بها بامتنان بقلب واحد وصوت واحد من الشعب الأميركي بأسره"
في العام 1941 أصدر الكونغرس قرارا بجعل الخميس الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر يوم الاحتفال بعيد الشكر وذلك لضمان وجود فترة كافية بعد العيد للتسوق والشراء قبل حلول عيدي الميلاد ورأس السنة .
تقاليد عيد الشكر
تشهد فترات أعياد الشكر أنشط وأكثف حركة للسفر البري والجوي لأفراد العائلات الذين يستقلون الطائرات والسيارات كي يلتئم شملهم بأهلهم وأصدقائهم في العيد. ويستمتع كثير من الأميركيين بالاستعراضات والمسيرات التي تنظمها مدن ومجتمعات كثيرة بمناسبة عيد الشكر. ويحتشد ملايين الناس في شوارع مدينة نيويورك وأمام شاشات التلفزيون للاستمتاع بمشاهدة العرض السنوي الرائع الذي يقيمه مخزن "ميسي" في نيويورك. ويقبل كثير من الأميركيين على مشاهدة مباريات كرة القدم في الملاعب أو عبر التلفزيون. وفي خارج الولايات المتحدة يقيم كثير من البعثات الدبلوماسية حفلات بالمناسبة بينما تقدم لأفراد القوات الأميركية المسلحة أينما وجدوا وجبة عيد الشكر التقليدية.
الديك الرومي المحشي أو مع الحشوة والبطاطس المهروسة مع مرق اللحم والبطاطا الحلوة وصلصة العنب البري وفطيرة القرع الأصفر هي الأصناف التقليدية التي تتوفر على كل مائدة في عيد الشكر. غير أن هذا لا يمنع الحريصين على الصحة والذين لا يأكلون اللحوم من أن يتحفوا موائدهم بصنف مبتكر بديل عن اللحم عبارة عن رغيف يسمى بالإنجليزية "توفوركي" وهي كلمة مركبة من كلمتي "توفو" (بروتين من فول الصويا) و "تركي" الديك الرومي الذي يستعاض عن لحمه ببروتين من القمح
وتقدم آلاف المنظمات الخيرية وجبات عشاء عيد الشكر الساخنة للمحتاجين ولكل من يأتي لتناول الوجبة، كما يتم التبرع بملايين الديوك الرومية المجمدة للعائلات المحتاجة في كل سنة .
*مذهب مسيحي بروتستانتي يجمع خليطًا من الأفكار الاجتماعية، السياسية، اللاهوتية، والأخلاقية. ظهر هذا المذهب في إنجلترا في عهد الملكة اليزابيث الأولى وازدهر في القرنين السادس والسابع عشر، ونادى بإلغاء اللباس والرتب الكهنوتية.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :