نواب آخـر زمن
بقلم: ألبير ثابت
قبل عقود سابقة كان ممثلي الشعب في البرلمان لهم مكانة رفيعة ووزنا ثقيلاً وبصمات خالدة في العمل الاجتماعي ، لم نسمع يوما أن أحدا منهم كان بلطجياً أو ضبط وهو يلعب القمار أو من تجار المخدرات أو تاجر بقوت وأرواح الشعب أو تلاعبوا بأموال ونفقات علاج المرضي التي رصدتها الدولة لهم كما ظهر الآن على السطح .
فمن يطالع صورة ممثلي المجالس النيابية في العقود الأخيرة يجد مفارقات غريبة ونماذج عديدة من الفئات التي دخلت المجلس النيابي ، فالمجال هنا لا يسمح بالتحليل أو التعليق إلا على نموذجين فقط ، أجد الفارق بينهما شاسع كبير ، فالأول لأعضاء ذوو مراكز علمية أو أدبية مرقومة ، يعتلون معظمهم مناصب عليا وسمعة ومكانة رفيعة في المجتمع ، أما النموذج الأخر فهو صورة قاتمة لأعضاء لوثوا سمعة المجلس الموقر ، قد تسربوا تحت قبته بطريقة أو أخري لا تدل على الأمانة والنزاهة ، وأطلق عليهم حينئذ عبارات مثيرة منهم نواب القروض ( قضايا التهـرب من سداد شيكات مستحَقة عليهم ) ، ونواب الجنسية ، ونواب التجنيـد ( لتهربهم من أداء شرف الخدمة العسكرية ) ، ونواب الكيف ( تجار الحشيش ) ، ونواب سمحية ، ونواب البلطجة ( النائب الذي حرض على قتل فنانة ) والآخر العنتري الذي أقتحم قسم شرطة دشنا للإفراج عن ستة من أبناء دائرته... وآخرها فضيحة نائب القمار الذي ثبت تورطه في لعب القمار في صالة بأحد الفنادق بشارع الهرم وخسر بضعة ألاف من الدولارات ، بل وصل بأحدهم الاستهتار وعدم الضمير بقيام عضو برلمانى بتزوير شهادة محو الأمية حتى أطلق عليه لقب (العضو الجاهل) ... بل عاصر المجلس الشعب أيضا من عرفوا بـ ( نواب النقوط ) ، و( النواب الصايعة ) الذين دأبوا على أن يكون لهم تواجدا شعبيا إيجابيا بين أبناء دائرتهم الذين أعطوهم أصواتهم كما حدث في نجع حمادي وقنا وغيرها ، فمنهم من حرص أيضاً على اعتلاء خشبة المسرح وانتزاع الميكرفون للصياح بأعلى صوته ( سلام مربع للجدعان وسلام خصوصي لأبن الدايرة ) ، بل وصل الأمر بقيام بعضهم بالرقص رافعين السنج أو المطاوي أمام الراقصات !! ... وما لمسناه من أسلوب تدني حوارات بعضهم خلال المناقشات أثناء الجلسات العلنية التي يطلق عليها باللغة العامية " الردح بالصوت الحياني " ، ناهيك عن الشتائم والسباب ، بل وصل الحال بقيام أحد النواب برفع حذائه على نائب أخـر .. لقد شعرت بالمرارة أثناء مشاهدة المناقشات الدائرة في قضايا حيوية إذ تجد بعض الأعضاء الممثلين للشعب شبه نائمين أو شاردين ، فضلاً عن المحادثات الجانبية لبعضهم البعض أو استخدام الهواتف النقالة أو قزقزة اللب ، ولا نستبعد مستقبلاً في المجلس بيع السندوتشات والمشروبات بممرات القاعة إذا استمر هذا الوضع المؤسف .
لذا نجد من الضروري إعادة النظر في المادة الخامسة من قانون مجلس الشعب التي تحدد الشروط الأساسية التي يجب توافرها في عضو مجلس الشعب لضمان دخول عناصر جديرة بالمجلس ومنها :-
1. أن يكون المرشح حاصلاً على مؤهل عال من إحدى الجامعات المصريـة أو على شهادة أجنبية معادلة بدلاً من إجادة القراءة والكتابة حتى يستطيع أن يناقش أحزمة التشريعات التي ترد إلي المجلس خلال الدورة البرلمانية .
2. أن يكون محمود السيرة وحسن السمعة ولا غبار عليه ، فضلاً عن توافر السمات الشخصية من حيث الكفاءة والجـدارة .
3. أن يكون له دور حيوى وملموس في خدمة دائرته وأبنائها .
4. وأخيراً : نأمل أن يكون هناك متابعة دقيقة ورصد من الأجهزة الرقابية في الدولة لمراقبتهم وتذكيرهم بالتجاوزات والابتعاد عنها حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون ، لأن النائب لابد أن يكون أكثر التزاما بالقانون في تعاملاته عن المواطن العادي لأنه يحمل أمانة ورسالة كلها تصب في صالح الوطن والمواطنين .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :