الأقباط متحدون | قصـة الخـائـنـة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٠١ | الجمعة ٢٦ فبراير ٢٠١٠ | ١٩ أمشير ١٧٢٦ ش | العدد ١٩٤٥ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار
طباعة الصفحة
فهرس مع القراء
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : *****
٥ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

قصـة الخـائـنـة

الجمعة ٢٦ فبراير ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

تأليف: أنطوني ولسن / أستراليا
أنا متزوج.. زوجتي جميلة..كلها انوثة.. أحببتها منذ وقعت عيني عليها.. تقدمت لطلب يدها.. وافقت الاسرة، تزوجتها وصرت أسعد إنسان في الوجود.
هل السعادة تدوم؟!
لا أعرف، ظننت أنها تدوم.. تمنيت ألا يكون اليوم أربعة وعشرون ساعة، بل أطول بكثير، حتى أستمتع بحياتي مع زوجتي إلى الانقضاء.
مرّ عام، اثنان، ثلاثة.. لا شيء يعكر علينا صفو السعادة والحياة. لم أفكر أبدًا في الاولاد. لا أريد آخر يشاركني حبي لزوجتي ولا تريد هي بدورها أحدا يشاركها حبها لي، ومع ذلك، بدأت أسرتها تتدخل في الأشياء الحميمة.
في الأول نصائح.. لا تأخذي حبوب منع الحمل، ما هو سبب عدم الإنجاب؟ هل استشرتما الطبيب، وأشياء أخرى أنا في غنى عن ذكرها.
أخذوها دون استشارتي إلى الأطباء، وجدوا أنه لا عيب يمنعها من الحمل.. لم تفاتحني في الأمر. لم تُشعرني بذهابها إلى أي مكان، حسب مفهوم الزوجين المتحابين الوفيين. لم يجرؤ أحد أن يلمّح إليّ بشيء.
مرّت أعوام ثلاثة، بدأ التغير على زوجتي، بدأت تسألني:

- ألا تتمنى أن يكون لدينا طفل يؤنس وحدتنا ويملأ علينا البيت؟
لم أمانع.. لم أعترض، رغم حبي لزوجتي ونفوري من أي شريك يقاسمني الحب.
كم ضحكت عندما تحدّثت معي في هذا الشأن، فقلت لها:
- الليلة تحملين تسعة اشهر، وتلدين.
تجّهم وجهها. لم تنطق بحرف يثير مخاوفي. سألتها بلهفة:
- أليست رغبتك؟ إذًا لماذا هذا الاكتئاب؟!
ترقرقت الدموع في عينيها، ونهضت إلى النافذة..
- يبدو أنك غير فاهم.. أنا أريد أن أكون أمًا..
- تكونين أمًا؟.. ما الذي يمنع هذا!.. كل امرأة هي أم..
- اسمع يا صفوت..

«اسمع يا صفوت».. رنّت رنين قذيفة أطلقت من سهم أصاب أذني. لا أستطيع السماع يا سناء، لا أستطيع. أعادت الكلام مرة ومرتين وأنا أطرش.. أطرش .. لماذا يا ربي؟ سعيد أنا في حياتي، لا أشعر بفراغ!! إنها صالحة للأمومة.. وأنا للأبَّوة ليس العيب من أحد.
لم أذق طعم النوم، لا تلك الليلة ولا الليالي التي تلت، صرت عصبيًا، لا احتمل رؤية الأطفال. لا أستطيع التركيز على شيء. أهملت عملي. لا شيء يحتل تفكيري سوى الوهم لعدم صلاحيتي للبنين. أقوم بواجبي الجنسي ببراعة الرجل، فلماذا لا أكون صالحًا؟! هل العيب منها؟! لا أطلعتني على النتائج الطبية التي أجريت لها. طلبت مني أن أستشير الأطباء ربما يشرق في ليلتنا قمر.. ربما العلم والطب طلعا علينا بالجديد.
اقتنعت بضرورة الذهاب إلى إخصائي. عرضت نفسي عليه. أجرى لي الفحوص بكل دقة وشمول. ثم قال لي:
- النتيجة غدًا يا صاح.
وزاد عذابي. لم اعد أُطيق عملي. لم أعد أحب بيتي.. ماذا لو ظهرت النتيجة وعكس المراد، والعيب مني؟ كيف أواجه زوجتي؟ كيف أواجه الحياة؟ ماذا لو طلبت مني الطلاق؟ وهذا حقها عليّ؟ لا طلاق عندنا إلا لعلة الزنا.. لا لعلة العجز عن الإنجاب. هذا ما أفهم عن الطلاق.

مرَّ أسبوع، وأنا على هذه الحال.
ذات صباح شعرت بكسل وتراخ، لم أذهب الى العمل. زوجتي في المطبخ وأنا في الفراش. دقَّ جرس الهاتف. رفعت السماعة، رفعت زوجتي في المطبخ السماعة الثانية.. لم تشعر بأنني على الطرف الآخر سمعت صوت رجل. بعد صباح الخير سمعتها تقول له «أنا في المنزل، لم أذهب إلى العمل، وزوجي لم يذهب الى العمل اليوم» رد عليها.
- سأتصل بك.
اسودت الدنيا في وجهي. لم أعد أرى.
ظلام، ظلام.. زوجتي على علاقة برجل آخر؟ ماذا أفعل؟ أنهض من فراشي وأقتلها؟! إني أحبها.. هل هو عجزي عن الإنجاب، جعلها تتعرف برجل آخر؟
مستحيل.. أنا أعرفها جيدًا ليست من هذا الصنف من النساء.. يا إلهي ماذا أفعل؟!!
ما زالت حيث هي.. ومازلت في عذابي حيث أنا..
واتخذت القرار. قمت من فراشي.. ارتديت ملابسي.. خرجت خفية على رؤوس أصابعي..
استأجرت غرفة بإحدى اللوكاندات بحي «كلوت بك» كان بإمكاني الذهاب إلى أحسن فنادق القاهرة.. أنا غني.. كل ما كان يدور في ذهني، أنني إنسان وضيع حقير لا استحق الغنى الذي أنا فيه، لا أستحق الحياة.

وحدي، لا أفيق إلا لأسكر.. السيجارة مؤنسي.. الكأس سميري.. لا أفيق إلا لأسكر من جديد.. انتابتني حالة من الهستيريا الصامته، أفكر وأفكر.. لا شيء غير هذا الضياع.. ساكن ساكت. لا أبارح غرفتي.. لا أغير ملابسي، حتى شك في صاحب اللوكاندة وفرّاشها.. لم أهتم بهما.. لم أكن أشعر بما يدور حولي.. غبت عن الواقع، خارج الزمن.
 ذات مساء، جاءني الفرَّاش يسألني عن حالي. أخذ يلقي النكتة تلو الأخرى وهو يقهقه. وأنا فاغر فمي، لا أعي شيئًا مما يقول. ولما ييئس مني، قال كلمته الأخيرة:
- سعادة البيك.. كفاك سجنًا.. مهما كانت ظروفك، أخرج إلى الدنيا.. أخرج لربما حلّ الله عقدتك..
- يا جاهل.. كيف يحلّ الله عقدتي.. وأنا زوج لإمرأة خائنة؟!! إمرأة أحببتها من كل قلبي، وخانتني لشيء لست أدريه.
ومع ذلك خرجت أترنَّح، أتسكَّع في جوار كلوت بك، إذ بي أجدني أمام كنيسة الحي الوضيع، حي البغاء والإجرام. عجبت.. كيف؟ من المستحيل وجود كنيسة في هذا المكان!
وقفت فترة، متأملاً الكنيسة في ذهول، وزادتني ذهول، الإضاءة في الداخل، وسمعت صوت ترانيم التسابيح والصلاة..
تساءلت إن كان اليوم هو الأحد.. أعرف أن الكنيسة تفتح للقداس عند الصباح.. لكنه المساء.. آه إني سكران.. اليوم ليس الأحد.
مرّ عليّ قوم في طريقهم إلى الكنيسة. هممت أسأل أحدهم، لكني تراجعت. لا أعرف كيف أبدو.. خشيت من رائحة الخمر التي تفوح من فمي.
استدرت مكاني، شعرت بشيء يجذبني إلى هذا الرجل، شيء جعلني أفيق من سكري.. لحيته البيضاء، جلبابه الأبيض، وجهه الضاحك، عيناه المشعتَّان بالمحبة والصفاء، يداه الممدودتان إليّ كيديّ صديق بعد طول غياب..

صافحني بحرارة مُرحّبًا وسألني:
- لديك وقت؟
لم أجبه، لا قيمة للوقت عندي.. استمرّ في الحديث.
- تعال، اسمع كلمة الرب، صلِّ معنا صلاة العشية يا بني.
صلاة العشية؟! اليوم ليس الأحد. والكنيسة تفتح أبوابها مساء للصلاة، لسماع كلمة الرب. أين هو الرب؟ لماذا اختارني أنا دون الآخرين، لأمرّ بهذه التجربة!؟
ظهرت أمامي صورة «سناء» لم أستطع النظر إليها.. وضعت يدي فوق عيني، حتى لا أراها.. إنّ من أحبها تخونني.. يتصل بها عشيقها أثناء غيابي عن البيت.. وقد يأتي إليها في البيت..!
شعر الرجل بما أنا فيه، فأمسك بذراعي وشجعني على الدخول معه. لا افهم ما يدور حولي. أنا مسيحي. لكني لم أدخل الكنيسة إلا يوم زواجي وفي بعض المناسبات، لا أعرف الطقوس..
وقف الكاهن يلقي عظته. لم أفهم شيئًا، لكن التقطت أذني هذه الآية.. «وخفاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع..»
ما هذا؟! الله لا يريد أن يرى وجوهنا ولا يستمع إلينا؟! خطايانا تحجب وجهه عنّا فلا يسمعنا؟ خطايانا.. خطايانا؟!!
أنا إنسان لا إله. لم أستطع النظر إلى صورة «سناء» التي تمثلت لعيني وأنا عند الباب.
أحبها أحبها، لكنها خائنة.. لا تستحق حبي، لم أحتمل استحضار وجهها فأغمضت عيني بيدي وغبت عن الوجود.

أفقت من غيبوبتي على صوت الكاهن وهو يقول ضمن عظته:
«إن كانت خطاياكم حمراء كالقرمز، تبيضّ كالثلج...»
الله لا يحب الخطأة، أنا لا أحب هذه الخائنة. الخيانة خطيئة. أستغفر الله، من أكون أنا حتى أُقارن نفسي بالله؟ الرب يطلب منا أن نتحاجى معه. نلجأ اليه نطلب منه العفو، وليغفر لنا.. «إن كانت حمراء كالقرمز تبيّض كالثلج».
سامحني يا إلهي، أنا لا استطيع أن افعل هذا، لو تحاجَّت معي «سناء» أغفر لها. أنت الإله الرحيم، أما أنا، فإنسان لا يستطيع أن يغفر. خلقتنا وأنت عارف ضعفنا. تزوجتها ولم يخطر ببالي أنها تخونني. مستحيل.. أعطيتها حبي، قلبي، مالي، شبابي.. وتخونني؟..
لا.. لا.. هذا كثير، لو رأيتها لقتلتها.. لشربت دمها.. لغسلت العار الذي لطّخ سمعتي.
غافلاً عن نفسي، لم أدرِ أن الكاهن قد انهى عظته، لم أتبين أن الصلاة قد انتهت، ولم أر المصلين وهم على أهبة الخروج..
رفعت عيني، رأيت الرجل المسن واقفًا بوقار كأنه يحترم ما يدور في خلدي من هواجس، واغرورقت عيناي بالدموع، أمسكت بتلابيب جلبابه.. صرخت قائلاً:
- لماذا يا رب تضعني في هذه التجربة؟.. لماذا؟
ربت على رأسي بحنان ولم يتكلم حتى هدأت أعصابي وارتحت..
بدأ يحدثني في الدين حديثًا عذبًا، لم اسمعه من قبل، لم يسألني عما بي. عندما هدأ غلياني، سألني بأدب إن كنت لا أمانع في الذهاب معه إلى منزله.
لم أقل شيئا، أمسك بذراعي ونهضت متكئًا عليه.. وخرجنا معًا..
قصصت عليه قصتي، لم أُخف شيئًا عنه. استمع إليّ بإمعان. لم يُعلق على شيء، نهض وأحضر الكتاب المقدس وأخذ يقرأ الإصحاح الثالث عشر من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس.

يتحدث عن المحبة. وأنا أحبها.. لكن الإصحاح، لم يتحدث عن الخيانةّ إنها خائنة.. فماذا يفيد حبي لخائنة؟!
انتهى من قراءته، طلب أن نصلّي معًا، لم أسمع، لم أر في حياتي إنسانًا يصلي هكذا. صلاته من نوع غريب.. يصلي إلى الله لا يتضرع بخوف بل بثقة التقي غير القادر، إلى القادر العظيم، وصلاته صلاة الواثق بالاستجابة للدعاء.
أإلى هذا الحد إيمانك يا رجل؟ لم أفكر في خيانة زوجتي. لم أشعر بتأثير الخمر عليّ. كنت مُصغيًا إلى كل كلمة خرجت ليس من فمه بل ومن قلبه معًا.. هذا القلب المليء بالإيمان الذي لا يشوبه شر..
أنهى صلاته، نظر إليّ، طلب مني الاتصال بزوجتي إنها لا شك قلقة عليّ. لم أعترض.. لم أتردد.. لم أفكر في خيانتها لي، حلَّ سلام في قلبي..
نهضت إلى الهاتف، اتصلت بها.. وكم كانت لهفتها إليّ!
عدت إلى المنزل تلك الليلة.. أخبرتني بكل شيء. صارحتني بأنها أتصلت بالطبيب وطلبت منه ألا يخبرني بنتيجة الفحوص لئلا يجرح شعوري. أفهمتني أنني بحاجة إلى عملية جراحية بسيطة، بعدها أصير إنسانًا عاديًا، زوجًا وأبًا..
تمت المعجزة.. صار عندنا ثلاثة أولاد وابنة. تضاعف حبي لزوجتي. ولم يكن الأطفال يومًا سببًا في الابتعاد عني والاهتمام بهم. بل كنّا جميعًا نشترك في حب واحد.. حبي لها.. وحبها لي..
(تمت)




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :