أبو الفَرَجَ الأصفهاني ... وإبن الفَرْج البرهومي !!!
بقلم : نبيل المقدس
اقدم أسفي الشديد أن أضع عنوانا لهذا الموضوع يضم شخصيتين متناقضتين تماما في العلم وفي الأخلاقيات .. لكنهما يتوحدان في إسمائهما الأولين .... وإذا تحدثنا بإختصار عن أبو الفَرج الأولاني من النت : فهو أبو الفرج علي بن الحسين القرشي الأموي المشهور بأنه صاحب كتاب "الأغاني" الذي إنتشر صيته في عالم الأدب. وُلد بأصفهان لذلك إشتهر بأبو الفرج الأصفهاني .. ونشأ ببغداد فكان من أعيان أدبائها ووجوه علمائها بحياة الناس والسير والأنساب. روى التنوخي عنه " بيني وبينكم انا لا أعرفهُ" أنه كان يحفظ من الشعر والأغاني والأخبار والآثار والأحاديث المسندة والنسب "ما لم أر قط من يحفظ مثله"، ويحفظ دون ذلك من علوم أخرى، منها علوم اللغة والنحو والخرافات " الأساطير " والسير الذاتية لكثير مَنْ كان يعيشون قبله من المشاهير بالإضافة إلي علم الجوارح والبيطرة كما تعلم من الطب والنجوم والفلك الكثير. وللأصفهاني شعر جيد ومصنفات ممتعة أشهرها كتاب "الأغاني". وقد بلغ الغاية من الشهرة فأتى فيه على ترجمة 395 شاعرا. وله غيره كتاب "الإماء الشواعر" وكتاب "آداب الغرباء"، و"أيام العرب" و"آداب الغرباء" وكثير غيرها.
أما إبن الفَرْج البرهومي " وأنا أقصد بالبرهومي لزوم عدم المساءلة " فهو من الشخصيات التي تحيا الآن في وسطنا ويُطلق عليه بالدكتور برهومي ,وهو نائب رئيس أحد الدعاوي الدينية في مصر .. إنتشر صيته بعد اليوم الملعون إياه والتي أطلقنا عليه بيوم ثورة الشباب .. بل هي في الأصل ثورة من تصميم وإخراج أمريكا بمعدات قبائل وعشائر إرهابية .. ظهر هذا الشيخ البرهومي فجأة من بين طيات الشعب المصري الأصيل مثل نبات الزوان الذي يخرج شيطانيا في وسط سنابل القمح , مما يؤثر علي جودته ويتغذي منه حتي يمتلكه ويبتلعه . وياليت له مؤلفات دينية لها تأثير روحي أو أخلاقي علي مُريدوه بل يطل علينا من شاشات التلفاز أو بتصريحات مقتطعة من خطبه الكثيرة حتي أصبح نجما من نجوم شيوخ الخطب ..وله الكثير أيضا من الفتاوي التي بالأسف الشديد قللت من شأن ما يعتقده علي مستوي مصر وعلي مستوي الخارج ... فأصبح أضحوكة العالم وهذا ليس في صالح دينه , ولا في صالح من يدينون بما هو يعتقد فيه.
كانت آخر فتوي له من الفتاوي المثيرة للجدل , قائلا أنه " لا يجوز قتل الزوج لزوجته الزانية وعشيقها لمجرد رؤيتهما عاريين , ما لم ير " الفَرْجَ " في " الفَرْج ِ" . لذلك أطلقتُ اسمه إبن الفَرْج ِ البرهومي .. وسوف لا أتعمق في معني كلمة " الفَرْج " فهي كلمة نحن جميعنا كشعب متدين أو لو كنا حتي من الكفار لا نقبل أن نسمعها أو حتي نكتبها .. وثقوا تماما أنني أكتب هذا الموضوع وأنا حزين جدا علي أحبائي الآخرين الذين يقابلونني , وأري الحرج والكسوف في عيونهم وهم غير قادرين علي إيجاد التبرير المقنع لهذه الفتوي , ولا حتي السبب في إصدارها .. لكن نحن كإخوة في الوطن نحاول نجد لهم هذا التبرير .. وسوف لا أتدخل بطبيعتي أن ما قاله هذا المُهرج هو مُنزل أو غير مُنزل لأن هذا الشأن لا يخصني .. بل يخص أصحاب عقيدته في البحث عما في كتبهم لكي يستطيعوا رفع دعاوي عليه بأنه يزدري دينهم .
آتاني صديق من عقيدة هذا الشيخ المفتي ضاحكا يقول لي : إنبسط ياعم يظهر ان أصحاب الفتاوي إقتنعوا بقول عيسي عليه السلام عندما أتي إليه اليهود بالمرأة الزانية لكي يدينها ... وصدق عندما قال لها "لا تدينوا لكي لا تدانوا .. ومن منكم بلا خطية فليرجمها بحجر " .. أخذت أضحك معه وعرفت منه أنه متعجب جدا أن هذا المفتي الذي أتي من وراء كواليس ثورة 25 يناير يتفوه بمثل تلك الفتاوي حاليا .. علي أساس لا يصح التصريح بها علني خدشا للحياء.
تذكرتُ في حينها عظمة السيد المسيح وموقفه من المرأة الزانية التي جاءت أحداثها في انجيل يوحنا 8 : 1 – 11 "1أَمَّا يَسُوعُ فَمَضَى إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ. ثُمَّ حَضَرَ أَيْضًا إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِنًا " ليحربوه ويحرجونه أمام الرومان وشريعة موسي ". وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسْطِ 4قَالُوا لَهُ:«يَا مُعَلِّمُ، هذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ، 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6قَالُوا هذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. 7وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ:«مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» 8ثُمَّ انْحَنَى أَيْضًا إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. 9وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ، خَرَجُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا، مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسْطِ. 10فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَدًا سِوَى الْمَرْأَةِ، قَالَ لَهَا:«يَاامْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» 11فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ، يَا سَيِّدُ!». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ:«وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا».
واضح الفرق الواسع بين ما صنعه يسوع وما أفتاه البرهومي .. فرق من جميع النواحي ... في الألفاظ .. في التعامل ... في الجرأة .. في الحكمة ... مما جعل اليهود ورؤساهم يبتعدون منكسين الرأس . انا فعلا قلبي يعتصر علي إخوتي الذين يشاركونني الوطن عند قام بعض أصحاب الفتاوي في مجلس الشعب السابق بسماح زواج البنات من سن التاسعة . أتوا إليّ لكي يرون إنطبعاتي نحو هذا القرار .. لكن تجاهلت وجعلتهم هم الذين يتكلمون يسبون ويلعنون اليوم الذي جاءوا فيه هذا الحكم.
قبل ما أختم كلماتي .. لي عتاب علي هؤلاء الذين رفعوا قضية ضد البرهومي لإزدرائه عقيدتنا فالرب لا يحتاج دفاعا عنه ..فهو القدير العجيب ... كان بالأولي الإخوة المسلمين هم الذين يرفعون دعاوي ضد هذا البرهومي لأنه يزدري بدينهم عالميا .
لكي السلامة يا مصر من لسان هؤلاء شيوخ الغبرة .. الذين هم ما إلا عقبات في طريق نهضتك وتقدمك .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :