جريمة ليلة عيد الميلاد هل تلقى بظلالها على احتفالنا بالقيامة ؟
رفعت فكري: لا يستطيع أحد أن يُحول أفراحنا لأحزان أو ترانيمنا لمراثي
منير مجاهد: الدولة عليها دورًا مهمًا بأن تطمنئن المسيحيون بتواجد الأمن بشكل مكثف
تحقيق : مادلين نادر - خاص الاقباط متحدون
أيام قليلة ونستقبل عيد القيامة، وبالرغم من مرور ثلاثة أشهر على مذبحة نجع حمادي، إلا إنه لا تزال تداعيات مذبحة ليلة عيد الميلاد تلقي بظلالها على المجتمع المصرى ككل وعلى المسيحين في مصر بشكل خاص، وما يساهم في استمرار الشعور بالتخوفات لدى الأقباط هو استمرار العديد من الأحداث الطائفية المتوالية بعد مذبحة نجع حمادي سواء في مرسى مطروح أو الأقصر أو غيرها، فالأحداث والمشاحنات لم تنتهي بعد، مما يعتبره البعض إنذارًا لوجود خطر متزايد خاصة مع اقتراب فترة الأعياد، وبدء إسبوع الآلام الذي تجتمع فيه الجموع الغفيرة في الكنائس. فهل ستظل مذبحة نجع حمادي مجرد ذكرى أليمة؟ أم أنها ستلقي بظلالها على الإحتفال بعيد القيامة الإسبوع القادم؟ وهل للأسر المسيحية تخاف من تكرار الأحداث الطائفية في العيد؟
حتى نتعرف عن قرب عما يدور داخل الأسر المسيحية المصرية فيما يتعلق بالتخوفات من أحداث عنف جديدة يمكن أن تحدث، تحدثنا إلى بعضهم لمعرفة أرائهم فقالوا:
عادل زكريا ـ موظف بالمنيا - يقول: "بعد ما حدث في ليلة عيد الميلاد الماضي في نجع حمادي أصبح لدينا قلق من حدوث أشياء مشابهة في عيد القيامة خاصة وإن الصعيد هنا يشهد أحداثًا طائفية أكثر بكثير من أي منطقة أخرى في مصر، فهناك تخوف لديَّ من حضور قداس العيد ليلاً وإذا ما كانت هناك أي مؤشرات لتوترات قبل العيد في محافظتنا، فلن أحضر بالفعل القداس أنا وأسرتي، وسأكتفي بالاحتفال بالعيد في يوم العيد نفسه."
ولكن مريم - ربة منزل - اختلفت مع هذا الرأي قائلة: "علينا أن نكون حذرين بالتاكيد؛ بأن نبتعد عن أي تجمعات بعد قداس العيد ولكن هذا لا يعني أننا لن نشترك في صلوات واحتفالات الكنيسة بقيامة السيد المسيح. فنحن لا نفعل ذلك في الأحداث الأخرى، فمثلاً هناك العديد من حوادث قطارات الصعيد وكانت بالأخص في فترات الأعياد والإجازات، ولكن هل منعت مثل هذه الحوادث الناس من السفر أو استخدام القطارات، بالطبع لا. لذلك يجب علينا أن نشارك في صلوات الكنيسة فالله هو الذا سيحفظنا من أي سوء ليس غيره."
واتفقت معها في الرأي نجلاء يعقوب ـ مُدرِّسة ـ وقالت: "إذا كان أي حادث طائفي أو عنف يحدث، نتصرف إزاءه بالإبتعاد فإننا بذلك ننسحب ولا نقوم بدور إيجابي يليق بنا كأبناء للمسيح، فيجب أن ندافع عن حقوقنا مهما كلفنا الأمر فإننا يومًا ما سنحصل عليه لأننا نطالب بها دون كلل. لذلك علينا أن نحتفل في العيد كما اعتادنا داخل كنائسنا وأن نصلي لأسر شهداء نجع حمادي أن يعطيهم الله الصبرعلى فقدانهم لأبنائهم."
حول هذا الموضوع تحدثنا ايضًا إلى القس رفعت فكري راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف باشا بشبرا، فقال: "بسبب ما حدث في الفترة الأخيرة سواء مذبحة نجع حمادي، أو ما حدث في مرسى مطروح، أو بالكنيسة الإنجيلية بالأقصر مؤخرًا، فهناك بالتأكيد بعض التخوفات لدى الكثيرين من أن يحدث أحداث عنف مرة أخرى، أو أن يكون هناك تدبير ما لمذبحة جديدة في العيد القادم.
لكني أؤكد على جميع المسيحين أنه علينا أن نفرح في العيد رغم كل الظروف، فنحن ـ بنعمة الله ـ لا يستطيع أحد أن يحول أفراحنا لأحزان أو ترانيمنا لمراثي. وإن كان هناك ضحايا فهذا ثمن للحرية، ونحن سنظل نناضل من أجل ذلك، ولن نفشل أو نيأس. لن يستطيع أحد أن يكسر إرادة الناس التي تبحث عن الحرية."
ويضيف فكري أن ما حدث في نجع حمادي أو الأقصر لا نريد تعميمه؛ فالصورة ليست كلها قاتمة، صحيح فيها بعض السواد ولكنها ليست سيئة على طول الخط ولا يزال هناك ناس معتدلين ولديهم فكر مستنير في بلدنا، والرهان سيكون على هؤلاء في الفترة القادمة أملاً في تغيير الوضع الراهن.
أما فيما يتعلق بلاحتياط الذي يمكن أن يفعله الناس يقول فكري: "الاحتياط المرفوض هو إنهم لن يخرجون من بيوتهم؛ فالاحتياطات هي بالأساس دور الأمن في أن يحافظ على الأمن والأمان فهي ليست وظيفة الناس فأى قصور يحدث يكون قصور أمني. لذلك نتمنى أن يكون الأمن يقظًا ومتأهبًا لأي توترات يمكن أن تحدث."
ويشاركه في الرأي الدكتور منير مجاهد منسق جماعة مصريون ضد التمييز الديني، فيقول: "بالنسبة لما حدث في نجع حمادي في ليلة عيد الميلاد المجيد منذ ثلاثة أشهر فهي لم تصبح ذكرى أليمة، ولكن من الواضح أن بعض الناس سيكون لديها تخوفات من تكرار مثل هذه الأحداث خاصة مع اقتراب فترة الأعياد للمسيحين. لذلك فالدولة عليها دورًا مهمًا يبدأ أولا بأن تطمنئهم بالأمن وتواجده، الأمر الثاني هو الحزم في الأحكام وأن تكون هناك أحكام رادعة سواء لأحداث ديروط أو فرشوط أو نجع حمادي، أو ما حدث مؤخرًا في مرسى مطروح.
أما على المدى البعيد، فمن المفترض أن يتم اتخاذ إجراءات فعاله لإزالة أي نوع من التمييز بين المواطنيين على أساس الدين أو النوع أو العرق لتحقيق المواطنة. وأن يكون المعيار الأساسي في أي وظيفة سياسية أو إدارية هو الكفاءة كشيء أساسي لا غنى عنه.
ويؤكد مجاهد على أهمية إتخاذ عدة إجراءات أخرى للقضاء على التمييز في القانون بمعنى أن يتم تعديل المادة الثانية للدستور، وأن يكون هناك قانون موحد لدور العبادة، وأن يوضع قانون لمناهضة التمييز على أى أساس. بالإضافة إلى أهمية وجود قانون موحد للأحوال الشخصية الذى سيحل العديد من المشكلات من وجهة نظري الشخصية.
أتمنى أن يحتفل المسيحيون بالأعياد بشكل عادي مثلما اعتادوا في السنوات الماضية، كما أتمنى أن أشاهد رئيس الجمهورية في احتفال الكنيسة في عيد القيامة فهذا الأمر سيعزز رد فعل إيجابي لدى إخواتنا المسيحين في مصر بشكل كبير."
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :