مصطفى النحاس باشا
بقلم: مهندس عزمي إبراهيم
في تاريخ مصر الحديث، أي أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، سعدت مصر برجال مصريين عظماء أحَبُّوا مصر، ومصر فقط دون إشراكٍ بها. أخلصوا لها ووضعوها فوق أي حزب أومبدأ أوعقيدة أو عرق أو خلافة أو أي مجد شخصي، فعَظُمَت بهم وعَظِموا فيها. مصطفى النحاس، زعيم مصر وأبرز سياسييها وأعظم حكامها منذ العصر الفرعوني، واحدٌ من هؤلاء.
وقبل أن أتطرق للحديث عن مصططفي النحاس، أو شذرات من تاريخه ومواقفه وشخصيته، لابد أن نستعرض كيف كان حال مصر قبل تلك الفترة. مصر في العصرين المملوكي والعثماني (1250م – 1900م) أي تحت حكم المماليك والخلافة العثمانية، شاع فيها الفساد الحكومي والاجتماعي بل والديني. كما شاع الآبتذال الأخلاقي لدرجة السفاهة الجنسية وتمجيد الشذوذ الجنسي والفخر به ووصفه صراحة وتفصيلياً في الإنتاج الأدبي عامة وفي الشعر خاصة، علاوة على الركاكة والتفاهة والضعف البنائي والتفكيري والخيالي في كليهما. وانعكست هذه الخصائص على تصرفات المجتمع بمعظم مستوياته.
ولم يكن ذلك في مصر فقط، بل كان الحال في أنحاء دول الشرق الأوسط كله. ولذلك سُمِّيَت هذه الفترة. تاريخياً بـ "فترة الإضمحلال" أو"عَصْرَي الاضمحلال". وكان هذان العصران، مثلهما مثل عصور الحكم العربي، ملتحفَين بعباءة الدين، والدين إسماً فقط. وحيث يحكم الدين، والدين فقط، تبدوا أنياب ومخالب العنصرية والطائفية والجهل والتعصب والفساد، وتصير قيوداً تجذب المجتمع المتدين والمتشدد إلى حضيض التخلف والتدهور.
جاء محمد على، التركي الألباني الأصل، وهو أحد من قصدت بالعظماء العمالقة، فأنشأ مصر الحديثة بعد أن كانت دولة دينية مفككة متأخرة. فأرساها على قواعد ومقاييس ومعايير التعليم الحضري والكفاءة والولاء للوطن بصرف النظر عن الإنتماء الديني والطائفي والقِبَلي والعرقي. كانت هذه القواعد بمثابة بذورٌ صالحة رواها ورعاها في أرض مصر فأنبتت فروعاً وغصوناً وزهوراً أثمرت نهضة مصر المدنية "نهضة القرن العشرين" التي أكسَبت مصر صورة رائعة من صور التفوق والرُقيّ والتنور والتقدم والتحضر والمدنية، مع الاحتفاظ بالمباديء الدينية والأخلاقية، أكثر وأنقى منها تحت الحكم الديني!!. والذي لا يُنكر أن فاضت موجات من نور مصر الحضاري الثقافي والصناعي والعلمي والتعليمي والاجتماعي بل والأخلاقي والديني المتفتح على العديد من دول الشرق كالعراق ودول الشام.
ظهرت حينئذ في مصر بواكر جيدة وبراعم واعدة للنهضة الأدبية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في مصر. وازدهرت هذه البراعم لتكون أعلاماً وطنية واجتماعية وأدبية مبدعة متحضرة فكراً وعقيدة. من هذه الأعلام الواعية الراقية المبدعة قادة ونجوم سطعت في سماء السياسة والوطنية والإصلاح الإجتماعي والبناء الأسري والشبابي وتعليم البنات وشملت الجامعات والصحافة والإذاعة والصناعة والاقتصاد والاستثمار والأدب والفن والسينما والمسرح والشعر.
هؤلاء الأعلام البشرية الواعية أدركوا بإخلاصٍ ووعيٍ أن للدين الحقيقي السَمِح، لا التدين السلطوي المتشدد، تأثير إيجابي في أخلاق الأفراد وعامل مقوّم لتصرفاتهم الاجتماعية. كما أدركوا أن ليس للدين باع مباشر في تلك المجالات الحيوية والأساسية والضرورية لتقدم الدول. فاتسمت فترة إزدهار المدنية في مصر بالتضامن الوطني والتآلف الديني والتفكير المتزن المتفتح والتناغم بين المواطنين رغم اختلاف معتقداتهم وفقدان التعصب الطائفي. وامتد اعتدالها الفكري، قادة وشعباً، إلى تقدير التقدم الإجتماعي والعلمي في دول الغرب. بل وتقدير الغرب ذاته لإنفتاحه وابداعاته واختراعاته وإسهاماته للبشرية في كل أنحاء العالم!!
استمرت هذه الشعلة الرائعة تضيء أنحاء مصر بل والشرق، إلى أن قامت ثورة 1952 حيث بدا دَسّ نعرة العروبية الجوفاء وحشو مصر العظيمة في عباءة العرب، وتلاها دّسّ الدين والطائفية المقيتة والمفتتة للنسيج الوطني العامل والمنتج والمبدع. فبدأ شعاع المدنية يخبو تدريجياً حتى إنطفأ تماماً في السنوات الحديثة، أو كادَ!!!.
***
في تلك الفترة المزدهرة، فترة إشراقة وازدهار النهضة، ترأس هذا الرعيل من القادة البنائين المخلصين والمفكرين أعلام أعاظم، مسلمون ومسيحيون، مثل سعد زغلول ومحمد عبده ورفاعة الطهطاوي وعلي مبارك ومحمود سامي البارودي وعبد العزيز فهمي ومكرم عبيد وأحمد لطفي السيد ومصطفى كامل ومحمد فريد وويصا واصف وسلامة موسى وهدى شعراوي وجبرائيل تقلا وامين الريحاني وقاسم أمين وجورج زيدان وطلعت حرب وفخري عبد النور ومحمود مختار وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وخليل مطران واسماعيل صبري ثم تلاهم رعيل آخر مثل مصطفى النحاس وطه حسين ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وعباس العقاد وآخرون كثيرون.
نضجت بذور الدولة المدنية والروح الوطنية حتى ظهرت براعمها وترسخ مفهومها في ثورة 1919 باتحاد وطني صادق بين أبناء الوطن جميعاً باختلاف عقائدهم. عندئذ أرست الثورة مفهوم المواطنة المصرية الحقيقية لأول مرة تحت شعار "الدين لله والوطن للجميع". وكان "زعيم الأمة المصرية" سعد زغلول قد أسس حزب الوفد عام 1918، مع رفاقه عبد العزيز فهمي ومكرم عبيد وعلي شعراوي وسينوت حنا وأحمد لطفي السيد وغيرهم. وعلى مدى عقود طويلة ظل حزب الوفد أكثر الأحزاب المصرية شعبية وأقواها نضالاً من أجل استقلال مصر وإنهاء الاحتلال البريطانى وإقامة دولة مصرية حرة ديمقراطية مدنية بها.
ومما يحدد معالم رجال ذاك العصر، وعلى رأسهم الزعيم الوفدي الوطني خريج الأزهر سعد زغلول، موقفٌ رائعٌ له. فعندما كلفه الملك فؤاد بتأليف أول وزارة قدم للملك قائمة بأسماء الوزراء المرشحين للموافقة عليهم كما يدعو البروتوكول. وكانت التقاليد أن يكونوا تسعة، ثمانية مسلمون وقبطي واحد، بينما القائمة احتوت على عشرة، ثمانية مسلمين واثنين أقباط، وهما مرقص حنا وواصف غالي. أمسك الملك فؤاد بقائمة المرشحين قائلًا: "هناك غلط في العدد". فكان رد سعد زغلول "هذه وزارة ثورة لا وزارة تقاليد".
***
كان مصطفى النحاس قد ساعد الزعيم سعد زغلول في تأسيس حزب الوفد، وتولى زعامته من عام 1927 إلى 1952، حيث حل جمال عبد الناصر الحزب. ويُعتبر النحاس أكثر رجل ديمقراطى فى تاريخ مصر كله. ومما يثير الإعجاب والتقدير أن زعماء وأعضاء حزب الوفد في الثلاثينات من القرن العشرين كانوا يُدَعّمون الدولة المدنية ويدافعون عنها ويرفضون بقوة خلط الدين بالسياسة. تحت لواء مصطفى النحاس باشا أبرز السياسيين المصريين في القرن العشرين. شغل النحاس منصب رئيس وزراء مصر، ورئيسا لمجلس الأمة، كما ساهم في تأسيس جامعة الدول العربية، وأسس محكمة النقض وديوان المحاسبة واستقلال القضاء ونقابات العمال والتعليم العام المجانى وغير ذلك من انجازات لا يمكن حصرها في مقال.
ومما يجدر ذكره أنه عندما أوعز البعض للملك فاروق في عام. 1937 أن يحتفل بجلوسه على العرش فى القلعة، قلعة جده محمد علي باشا، ليوحى لسماسرة الدين ومدعي التدين والدروشة وبسطاء الشعب بأنه خليفة المسلمين، احتج مصطفى النحاس، الفلاح المصري حارس الدستور والقانون، بقوة. وأصر أن الدولة فى مصر دولة مدنية، ولابد أن يكون جلوس الملك أمام البرلمان الذى يمثل الشعب.
وهناك واقعة أخرى متداولة عن هذا الرجل العظيم. وذلك حين أتى إليه أحد السياسيين الشبان ليعرض عليه برنامجه السياسي قبل الانتخابات، فما أن بدأ فى قراءة البرنامج حتى طواه وأعاده لصاحبه قائلا: "لماذا تتحدث عن الله فى برنامج انتخابى؟! عندما تذكر لفظ الجلالة فى ورقة سياسية تتحول فوراً إلى دجال يتاجر بعواطف الناس ومشاعرهم الدينية."
ومما يجب التنويه به هنا أن مصطفى النحاس كان مسلماً مؤمناً وَرِعاً تقياً يحافظ على فروض الإسلام جميعاً حتى قيل أنه لم يُقـَصِّر عن صلاة الفجر إلا مضطراً ونادراً، لكنه كان حضارياً مدنياً ووطنياً متنوراً وفياً لمصر يعلم خطورة استعمال ورقة الدين أو لعبة الدين في إهدار عدالة الدستور، واستغلالها سبيلاً للوصول إلى السلطة والمناصب.
***
وللنحاس مواقفه السياسية الرائعة التي لا يتسع المقال لعرضها جميعاً. ولكني أدرج منها هنا التي اتخذها عندما تكالبت الأحداث الخطيرة في مصر، في فترة ثلاثة أيام متوالية (2 فبراير - 5 فيراير 1942). ومقدمة لذلك أدرج أنه بوفاة الملك فؤاد وارتقاءابنه الملك فاروق العرش وتعيين مجلس وصاية نظرا لصغر سنه. شكل حزب الوفد الوزارة، برئاسة مصطفى النحاس، نظرا لفوزه في الانتخابات البرلمانية. طالب النحاس بإجراء مفاوضات مع بريطانيا لانهاء الاحتلال البريطاني. اضطرت بريطانيا للدخول في المفاوضات بقيادة السفير مايلز لامبسون، بعد رفض، بشرط أن تكون المفاوضات مع كل الأحزاب حتى تضمن موافقة جميع الأحزاب. وبالفعل شاركت كل الأحزاب عدا الحزب الوطني. وانتهت المفاوضات بموافقة بريطانيا على سحب قواتها من كل الأراضي المصرية ما عدا منطقة قناة السويس لضمان حماية القناة. وتم توقيع معاهدة تحالف مصرية بريطانية في 26 أغسطس 1936، المعروفة بمعاهدة 1936، ومنها أن يكون تعيين رؤساء الوزراء من سلطة ملك مصر وسفير بريطانيا.
عندما كان حسين سري رئيس الوزارة، وكانت قوات روميل بالعلمين في يوم 2 فبراير 1942، طلب السفير البريطاني من الملك فاروق تأليف وزارة تحرص على الولاء للمعاهدة نصا وروحا، وقادرة على تنفيذها وتحظى بتأييد شعبي وان يتم ذلك في موعد أقصاه 3 فبراير 1942. استدعى الملك فاروق قادة الأحزاب السياسة في محاولة لتشكيل وزارة قومية أو ائتلافية. وكانوا جميعاً، عدا مصطفى النحاس، مؤيدين فكرة الوزارة الائتلافية برئاسة مصطفى النحاس. ولكنه رفض تأليف وزارة ائتلافية. وفي اليوم التالي الموافق 4 فبراير 1942 تقدم السفير البريطاني بتجديد إنذار بريطاني للملك بانزاله عن العرش ووضعه تحت الرقابة حتى لا يهرب. دعى الملك إجتماعاً للزعماء السياسيين بعد تلقي الإنذار إلا أن مصطفى النحاس رفض الإنذار هو وجميع الحاضرين.
في مساء ذات اليوم 4 فبراير 1942، حاصرت القوات البريطانية قصر عابدين واجتمع قائدها جنرال ستون بالملك الذي دعا لاجتماع القادة السياسيين وأعلن تكليف النحاس بتأليف الوزارة. وأصر النحاس على الرفض، وظل الملك يلح عليه مناشدا وطنيته أن ينقذ العرش ويؤلف الوزارة، فلم يكن هناك مفر من الاستجابة، مسجلا حديث الملك في خطاب قبوله لتأليف الوزارة كالآتي "وبعد أن ألححت عليّ المرة تلو المرة، والكرة بعدالكرة، أن أتولى الحكم، وناشدتني وطنيتي واستحلفتني حبي لبلادي، من أجل هذا أنا أقبل الحكم انقاذا للموقف منك أنت". أي استجابة لأمر وضغط الملك، لا لأمر وتهديد سفير بريطانيا!!
وفي 5 فبراير 1942، أول يوم توليه الوزارة، أرسل احتجاجا إلي السفير البريطاني في خطابه المشهور استنكر فيه تدخل الإنجليز في شئون مصر جاء فيه: "لقد كُلِّفتُ بمهمة تأليف الوزاة وقبلت هذا التكليف الذي صدر من جلالة الملك، بما له من الحقوق الدستورية. وليكن مفهوما أن الأساس الذي قبلت عليه هذه المهمة هو أنه لا المعاهدة البريطانية المصرية ولا مركز مصر كدولة مستقلة ذات سيادة يسمحان للحليفة بالتدخل في شئون مصر الداخلية وبخاصة في تأليف الوزارات أو تغييرها."
وكان رد السفير البريطاني مايلز لامبسون على خطاب النحاس في خطاب قائلا: "لي الشرف أن أؤيد وجهة النظر التي عبر عنها خطاب رفعتكم المرسل منكم بتاريخ اليوم، وإني اؤكد لرفعتكم أن سياسة الحكومة البريطانية قائمة على تحقيق التعاون بإخلاص مع حكومة مصر كدولة مستقلة وحليفة في تنفيذ المعاهدة البريطانية المصرية من غير أي تدخل في شئون مصر الداخلية ولا في تأليف الحكومات أو تغييرها."
وفي موقف رائع آخر، وقف الرئيس مصطفى النحاس باشا على منصة مجلس النواب، في يوم 8 أكتوبر 1951، وقد احتشدت القاعة بالنواب والشيوخ الذين حضروا ليستمعوا للبيان الذي سيلقيه رئيس الحكومة. حيث تحدث شارحاً تفاصيل المفاوضات التي أجرتها حكومته مع الجانب البريطاني لتحقيق الجلاء الكامل عن مصر وتوحيد شطري الوادي (مصر والسودان) تحت التاج الملكي إلى أن قال:
"حضرات الشيوخ والنواب المحترمين: لقد انقضى وقت الكلام وجاء وقت العمل، العمل الدائب المنتج الذي لا يعرف ضجيجاً أو صخباً بل يقوم على التدبير والتنظيم وتوحيد الصفوف لمواجهة جميع الاحتمالات وتذليل كل العقبات وإقامة الدليل على ان شعب مصر والسودان ليس هو الشعب الذي يٌكره على مالا يرضاه أو يسكت عن حقه في الحياة. أما الخطوات العملية التالية فستقفون على كل خطوة منها في حينها القريب، وإني لعلى يقين من أن هذه الأمة الخالدة ستعرف كيف ترتفع إلى مستوي الموقف الخطير الذي تواجهه متذرعة له بالصبر والإيمان والكفاح وبذل أكرم التضحيات في سبيل مطلبها الاسمى. يا حضرات الشيوخ والنواب المحترمين: من أجل مصر وقعت المعاهدة سنة 1936 ومن أجل مصر أطالبكم اليوم بإلغائها."
وقد زلزل إلغاء المعاهدة كيان بريطانيا، فقد اجتمع في اليوم التالي هربرت موريسون وزير خارجية بريطانيا بكل مستشاري الوزارة وحضر الاجتماع برايان روبرتسون قائد القوات البرية في الشرق الأوسط وأصدر الوزير بياناً يحتج فيه على إلغاء المعاهدة. وأعلن الجنرال روبرتسون أنه سيطير إلى القاعدة البريطانية في القنال وفي مصر طلب السفير البريطاني من القواد البريطانيين لجيش الاحتلال الاجتماع به في نفس اليوم في الإسكندرية واستمر الاجتماع حتى منتصف الليل. وألغت الحكومة البريطانية الإجازات لجميع قوات جيش الاحتلال. وفي الخرطوم طافت دبابات الجيش البريطاني في الشوارع لإرهاب السودانيين فقابلوها بالهتافات بسقوط الاحتلال. وتعتبر هذه هي الثورة المصرية الثانية بعد ثورة 1919.
***
بعد قيام انقلاب 1952، وقرار حل الأحزاب السياسية وضمنها حزب الوفد، قام مجلس القيادة باعتقال الزعيم مصطفى النحاس باشا بطريقه مهينه وسجنه هو وزوجته زينب الوكيل رغم تاريخه ونضاله وجهوده من أجل مصر. وكان اعتقاله بدون علم الرئيس محمد نجيب والذي كان معارضا لذلك حيث قام بشطب اسمه من كشوف الاعتقال، والتي قدمت إليه من الضباط الأحرار لعلمه بوطنيته ومواقفه المشرفه السابقه وكذلك لاحتكاكه به.
وبمناسبة ذكر محمد نجيب، حدث في عام 1929 أن اكتسب محمد نجيب درسا من مصطفى النحاس باشا. فقد أصدر الملك فؤاد قراره بحل البرلمان لأن أغلبية أعضائه كانوا من حزب الوفد الذي كان دائم الاصطدام بالملك فتخفى محمد نجيب في ملابس خادم نوبي، وقفز فوق سطح منزل مصطفى النحاس، وعرض عليه تدخل الجيش لإجبار الملك على احترام رأي الشعب، لكن النحاس قال له: "أنأ أفضل أن يكون الجيش بعيدا عن السياسة، وأن تكون الأمة هي مصدر السلطات". كان درسا هاما حول ضرورة فصل السلطات واحترام الحياة النيابية الديمقراطية. كان هذا ما أراد محمد نجيب تطبيقه في عام 1954، ورفضه جمال عبد الناصر وعزل محمد نجيب وأهين كثيراً حتى وفاته.
***
قبل أن أختم مقالي أود أن أدرج افتتاحية رائعة جاءت في مقال للأستاذ أحمد أبو الغار نشرت بتاريخ 14 أغسطس 2011 " أفتقد كل يوم زعيم الأمة مصطفى النحاس، الباشا الذى لو وجد بيننا اليوم رجل مثله لما وقعنا فى المأزق الذى نعيشه الآن. إن مصر الدولة التى احتضنت الإسلام الوسطى الرائع، والتى يعلم القاصى والدانى أن أهلها هم أعمق شعوب العالم تديناً مسلمين ومسيحيين، سوف تقع بين أيدى تيار إسلامى مُستورَد يريد أن يضيع هوية مصر وروعتها ويقضى على منارة الأزهر التى عاشت ألف عام، ويهدم أضرحتها ويكفر أهلها، ويقضى على سماحة المصريين وحبهم لأهل بيت الرسول وزيارتهم موالد المسلمين والأقباط على السواء."
ختاماً لمقالي أضيف: رحم الله عصراً كانت مصر نجمة الشرق وزهرة العالم أجمع في حمى رجال عمالقة كمصطفى النحاس باشا. وعسى أن يسعى اليوم بنوها، شعباً وأمناً وجيشاً، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن يعيدوها كما تستحق أن تكون: نجمة الشرق وزهرة العالم أجمع مرة أخرى، وإلى الأبد.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :