الأقباط متحدون | من يصرف لنا العفريت الداعشى؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٣:٥٧ | الاثنين ٢٢ سبتمبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ١٢ | العدد ٣٣٣٢ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

من يصرف لنا العفريت الداعشى؟

الاثنين ٢٢ سبتمبر ٢٠١٤ - ٢٠: ٠٧ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم منير بشاى
 السؤال الذى يتردد على كل لسان هو كيف يمكن هزيمة منظمة داعش الشيطانية؟  كيف يمكن صرف العفريت الداعشى؟ والجواب الذى عادة يقدّم أن من حضّر العفريت هو من يصرفه.  والسؤال الذى يأتى بعد ذلك: ومن هو الذى حضّر عفريت داعش حتى يصرفه لنا؟

 الجواب على هذا السؤال الأخير يتوقف على قناعة الشخص التى ترسخت فى ذهنه.  وهى قناعة غالبا لا تستند الى دليل ولكنها تبنى على مؤمرات ومخططات يتناقلها الناس. وهى قد تبدأ بشائعة يطلقها انسان وتنتهى بمن يقسم انها حقائق.  والرأى الأكثر شيوعا هو القاء مسئولية داعش كلها فى احضان من يسمونها الشيطان الأكبر وهى أمريكا.  ففى نظرهم أن كل شىء سيئ فى العالم يحدث بسبب امريكا وكل شىء طيب يحدث رغما عنها.  وبذلك اصبحت أمريكا عندهم رمزا للشر، واخذت تتردد فى وسائل الاعلام العربى والاسلامى مقولة ان داعش صناعة أمريكية.

 ناهيك ان هذا يتفق تماما مع ما تريد بثه اجهزة الدعاية الخاص بجماعات الارهاب الاسلامية.  والاعلام العربى يتناقلها لأن نظرية المؤامرة تضفى على الموضوع نوعا من الاثارة.  والبعض يصدق المؤامرة المزعومة ويرددها على انه حقائق.  وبذلك يقع الناس فى المخطط الارهابى الذى يباعد نفسه عن مسئولية الارهاب ويلقى بها فى أحضان الغرب وبالذات أمريكا. .وهكذا يتم تصوير الارهابيين على انهم ضحايا يحركهم الغرب (الشرير) لغرض ما فى نفسه.

 وشخصيا لا مشكلة عندى فى لوم امريكا اذا كانت هى فعلا من صنعت داعش.  ولتحديد ذلك علينا ان نجيب على بعض التساؤلات: هل هناك دليل حقيقى على ان امريكا قامت فعلا بانشاء تنظيم داعش؟ هل أمريكا غرست فى امخاخ تنظيم داعش الأفكار الارهابية التى تبيح لهم قتل كل من يعارضهم فى العقيدة؟ هل امريكا بثت فى عقولهم الافكار التكفيرية ضد المسيحيين واليهود والشيعيين والأيزيديين وكل من يختلف معهم فى الدين؟ هل امريكا قالت لهم انه يجب القتل الجماعى لكل هذه الفئات وغيرهم؟ هل أمريكا امرتهم بتحصيل الجزية وقتل من لا يدفعها؟ هل امريكا قالت لهم ان يسبوا النساء ويغتصبوهم ويبيعوهم كإماء؟  هل امريكا كانت راضية بكل ما تعمله داعش ومساعدة ومشجعة له؟  وهل كانت امريكا شريكة لهم فى اقتسام الغنائم والارض والمال؟

 والسؤال الأهم: اذا كانت امريكا هى من صنعت داعش فلماذا اعلنت الحرب عليها ولماذا تحاول تجنيد قوات العالم تحت قيادتها لمحاربتها وتدميرها؟ كيف يصنع المرء شيئا ثم يدمره؟
 الحقيقة المنطقية هى ان داعش صناعة اسلامية مائة فى المائة.  هى اسلامية فى ايدلوجيتها المتطرفة التى تتبع نهج ابن تيمية وفى وسيلتها التى تستعمل الجهاد كما جاء فى القرآن والحديث وكتب التراث.  وهى اسلامية فى غايتها التى تهدف الى اعادة دولة الخلافة الاسلامية.  وكل هذا لا يصب فى صالح امريكا ولا يخدم اغراضها بل العكس.

  داعش تنظيم ارهابى مثل كل التنظيمات التى ظهرت خلال التاريخ الاسلامى منذ 1400 عام، وقبل اكتشاف امريكا بألف عام، وكان من المحتمل انه او غيره سيظهر حتى لو لم توجد امريكا.  ولكن امريكا تتحمل مسئولية تدريب بعض هذه الجماعات وامدادها بالسلاح والمال لا لترهب بها العالم ولكن للاستعانة بها فى حربها ضد الاتحاد السوفييتى فى افغانستان وفى ضرب هذه الجماعات الارهابية لبعضها البعض بغرض اضعافها.  ولكن فى الوقت الذى كانت امريكا تظن انها تصادق بعض المتطرفين المسلمين لتهزم بهم البعض الآخر، فان المنظمات الاسلامية المتطرفة كانت تصادق امريكا لتهزم بها العالم ولتحقق بها انشاء دولة الخلافة الاسلامية.  كل يبكى على ليلاه، وكل طرف يفهم الآخر ولا يتفق معه بل ويكفّره. ولكنه يعتبرها مجرد استراتيجية مؤقتة للوصول الى هدفه، وبعدها يعود كل شئ الى ما كان عليه.

 من هنا تتحمل امريكا جزءا من المسئولية وأيضا جزءا من علاجها، وهى فعلا تقوم حاليا بضرب داعش.  ولكنها مشكلة اكبر من دولة واحدة.  لقد اصبحت داعش مشكلة العالم والجميع مطالبون بالاشتراك فيها كل بحسب امكانياته.  ومقاومة داعش يتطلب عمل خطة متكاملة الاركان تتناول الحراك الدينى والسياسى بالاضافة للعسكرى وقد صرح مؤخرا تشاك هيجل وزير الدفاع الامريكى ان القوة العسكرية وحدها لا تكفى لهزيمة داعش. وفيما يلى بعض ما يلزم عمله:

التوجيه الدينى
 داعش تستخدم الدين لتصل به لعقول وقلوب المسلمين وكسب تعاطفهم.  يجب القيام بحملة دينية مضادة تشرح حقيقة الدين.  على علماء المسلمين ان يقنعوا الناس ان الدين الصحيح هو رحمة ومودة وليس قتل وترويع للآمنين. عليهم ان يعلموهم ان الجهاد روحى ضد أهواء الذات وليس لسفك دماء الأبرياء.  عليهم ان يعلنوا ان الغذو انتهى زمانه والجزية نوع من البلطجة والذمية فى ذمة التاريخ ودولة الخلافة ولت ولن تعود.  وإلا فدواعش كثيرة ستظهر والصدام مع الاسلام سيستمر.

جمع المعلومات
  وهذه وظيفة الغرب الذى يستطيع عن طريق الاقمار الصناعية تحديد اماكنهم ومستودعات اسلحتهم وتشكيلات قواتهم.  وبذلك تصبح العين التى توجه الضربات الفعالة المؤثرة.

التمويل المالى
    من المعروف ان داعش ما كانت لتنتشر الا عن طريق مليارات الدولارات التى تتدفق عليها من اثرياء دول النفط فى الخليج.  يجب ان يتم تتبع الدعم المالى وتجفيف منابعه.  وفى نفس الوقت فان على الدول الغنية ان تتحمل تكاليف الضربات العسكرية لتدمير داعش.  واذا كان هناك دول مثل مصر لا تستطيع المساهمة المالية فانها تستطيع تقديم المساعدات اللجوستية للقوات فى عبور القناة واستخدام ارضها وسمائها وجمع ما تستطيع من المعلومات.

الضربات الجوية
  وهذه غالبا مهمة القوات الغربية التى لها المقدرة ولديها المعدات للضرب من الجو.  وهى عمليات هامة لتحطيم العدو جويا بحيث تشل مقدرته الحربية ويصبح لا تأثير له على الأرض.

الزحف الأرضى
 اذا تمت الخطوات السابقة بنجاح يكون الأمر سهلا على القوات الأرضية لتكملة ما بقى.  هذه القوات يستحسن ان تكون قوات عربية يتم تدريبها بواسطة الخبراء الغربيين.  وجود قوات اجنبية غربية ضمن هؤلاء سيسبب اشكالية عندما يجد المسلم نفسه يشارك غير المسلم فى الحرب ضد المسلم.  وهى امور لها حساسيتها الدينية.

 خلاصة القول اننا امام مشكلةعالمية خطيرة وهى مثل السرطان الذى ينتشر ويهدد كل ما فى طريقه.  لا يستطيع احد ان يشير الى غيره باصبعه ليقول له انها مسئوليتك التى صنعتها وعليك ان تتحملها وحدك.  فالحقيقة انه بغض النظر عن من كان المسئول الأول فان نتائجها ستعم البشرية كلها.  ولذلك على الجميع ان يتعاونوا على التصدى لها والا فالجميع خاسرون.
Mounir.bishay@sbcglobal.net
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :