ما أحلى الرجوع إليه!
صورة ارشيفية
علي سالم
في عيد ميلاده، أمد الله في عمره وعمري، دخل الأستاذ هيكل إلى مكتبه في جريدة «الأهرام» وجلس عليه لأول مرة بعد مرور أربعين عاما، ثم تكلم كلاما جميلا وحلوا يصب كله في حب مصر. الغريب في الأمر، أمري أنا، أنني أشعر بالخوف من كل الكلمات الجميلة العظيمة خاصة تلك التي يقولها المفكرون في حب مصر.
ويبدو أنني لست وحدي الذي يعاني من هذا المرض، فيبدو أن المزاج العام في مصر يشعر بالحذر عند سماع الكلمات الجميلة ويميل إلى انتظار آخر الكلمات، ليفهم منها حقيقة وطبيعة الفكرة المطروحة عليه، بدليل هذا المصطلح الشائع الذي يقول «هات من الآخر»
وكانت آخر الكلمات طبقا لما نشرته جريدة «الأهرام» المصرية (1 أكتوبر 2014) هي أن «أداء الإعلام المصري في هذه المرحلة يحتاج إلى كثير من الإصلاح، وأن مصر في حاجة إلى رؤية إعلامية أفضل من أجل الخروج من أزماتها ولقيادة الإقليم في المرحلة المقبلة».
آه.. يا للكارثة.. يا للمصيبة.. استمع جيدا «ولقيادة الإقليم في المرحلة المقبلة» قيادة من..؟ وإقليم ماذا..؟ إن أفضل ما في الرئيس السيسي أنه لا يحلم بقيادة إحدى الدول المجاورة، هو فقط شريك وحليف لأقوى الدول العربية. وأنا أعتقد أن مصر كدولة لم تكن
كما هي عليه الآن من قوة سياسية منذ عهد محمد علي باشا.. نعم يا أعزائي عشاق قيادة التقدم في الإقليم، ذلك التقدم الذي قدناه من قبل بكيل شتائم الحواري على الهواء للملوك ورؤساء الدول العربية وغيرها، وذلك لهدف نبيل هو قيادة التقدم عندهم.. آه.. يبدو أننا لم ننس شيئا ولم نتعلم شيئا، بل إننا أسوأ من ذلك، بعد أن اتضح لي أننا عاجزون عن رؤية ما حققه الآخرون من تقدم وما أحرزناه نحن من تخلف، وهو ما يثبت أننا أسوأ من ذلك الرجل الذي فشل في حمل عنزة فقال متبجحا «أصل أنا ماليش إلا في شيل الجمال».
نعم.. نحن وبكل المقاييس عاجزون عن التقدم بنفس المقاييس والإيقاعات التي حققها عدد كبير من دول الإقليم.. علينا أن نهتم فقط بتقدم الشعب المصري. إن هذه الفكرة إذا تمكنت من التسرب خارج جدران الأهرام ستنتج عنها متاعب كثيرة لمصر وتضعفها سياسيا. علينا ألا نغرق داخل أنفسنا، فلا نرى حولنا إلا صورا أخرى لأنفسنا. مرة أخرى، مصر الآن بالمفاهيم السياسية أقوى من أي وقت مضى، على الأقل هي تحظى باحترام الجميع.
حتى هؤلاء الذين يشاكسون الدولة المصرية فهم يفعلون ذلك بسبب عنصر النجومية السياسية. يستطيع المشتغلون بالسياسة في الشرق والغرب توقع ردود الفعل المصرية بسهولة، وهذا أمر مهم للغاية في عالم السياسة.
أرجوكم.. نحن لا نقود التقدم عند أحد، ولا نقود أحدا، ولا نحلم بقيادة أحد، فلا داعي لهذه الأفكار التي تثير الحساسية بيننا وبين الآخرين. من يدري ربما نفكر في ذلك عندما نتعلم الوقوف عند إشارة المرور الحمراء.
نقلا عن الشرق الأوسط
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :