المواطن المصرى " أقرع ونزهى "
خبراء الإقتصاد والإجتماع ينتقدون النمط الإستهلاكى السائد .. ويدعون لمظاهرة تطالب بزيادة الإنتاج.
د. "حمدى عبد العظيم" : المصريون ينفقون فى أمور غير ضرورية .. ويتظاهرون لزيادة الأجور .. لماذا لايطالبون بزيادة الإنتاج؟ !
د." أحمد أبو النور" : لو الحكومة رفعت الأجور برضه المظاهرات هترجع تانى .. المشكلة فى زيادة الأسعار .
د. "عزة كريم" : الطبقة المتوسطة هى المسئولة .. والتقليد الأعمى ووسائل الإتصال.
د. "عبد الحميد عبد المطلب" : عدم الوعى الإقتصادى أدى لنمط مضطرب فى الإستهلاك .. وعلى الحكومة توعية المصريين.
تحقيق : محمد زيان - خاص الاقباط متحدون
فتحت المظاهرات الكثيرة التى شهدتها الأيام المنقضية الباب أمام المزيد من الآسئلة وعلامات الإستفهام، حول المطالبة بتعديل الأجور فى مصر فى ظل صدور إحصائية من الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء تقول ان : 71% من الشعب المصرى ينفقون ( 110 ) جنيهات على التدخين، فى حين ينفق 82 % منهم ( 150 ) جنيه فاتورة محمول فى الشهرالواحد ، وفى ظل السيارات الكثيرة التى تتراقص فى شوارع القاهرة من آخر الموديلات وإنتشار المحمول والدش والإنترنت بشكل كبير، قال معه البعض إن المواطن المصرى ينطبق عليه المثل البلدى " أقرع ونزهى ".
سألنا الخبراء عن هذه الحالة وما هو تفسيرها ؟ وطبيعة المظاهرات المنادية بتحسين الأجور والإنتاج، وعلاقته بهذه المطالبات ، فأجابنا خبراء الإقتصاد والإجتماع فى السطور التالية :
أشار الدكتور "حمدى عبد العظيم"، الخبير الإقتصادى، والرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية إلى أن النمط السائد فى المجتمع المصرى هو النمط الإستهلاكى القائم على الإنفاق فى التدخين، والمحمول، والأشياء التى تحقق رفاهية، مثل الدش، والسينما، وهى أشياء ليست ضرورية بل عملية إستهلاك مظهرى.
وأضاف "عبد العظيم" أنه لايوجد ترشيد للإستهلاك فى مصربصورة تعانى منها الدولة، وذلك نتيجة عدم الوعى فى الإنفاق والرغبة فى التماشى مع الإتجاه العام فى المجتمع، وهى مسألة مرتبطة بالأساس بالوعى والثقافة السائدة فى المجتمع.
وشرح "عبد العظيم" كيفية إنفاق الدخل عند المواطن فى مصر ورغبته فى الرفاهية الزائدة عن الحد، حيث أن المواطن المصرى يلجأ لشراء أشياء بالتقسيط، ويكتب كمبيالات على نفسه، حتى إذا كان دخله لا يسمح بذلك مما يؤكد سيادة النمط الإستهلاكى فى المجتمع.
أما عن المطالبات المستمرة بتحسين الأجور فيرى "عبد العظيم" أن العامل يطالب بها لمواجهة الزيادة فى الأسعار، وليواكب نمط الإستهلاك العشوائى الذى يتبعه، مشيراً إلى أن هذه المطالبة فى حد ذاتها غير سليمة من وجهة النظر الإقتصادية، وأشار إلى أنه سوف يكون أفضل لو قام العاملون بعمل مظاهرات لزيادة الإنتاج، أما مطالبتهم هذه فذات تأثير سلبى على الإدخار المحلى والناتج القومى الإجمالى.
ومن جانبه اختلف البروفيسور "أحمد أبو النور"، الخبير فى إدارة الأزمات مع "عبد العظيم" فى عدم وجود علاقة بين الإنتاج والإستهلاك، حيث أن العمال الذين يطالبون بزيادة الأجور ليسوا منتجين، لأنهم يعملون عند أصحاب أعمال، وبالتالى فالعامل مستهلك يطالب برفع مستوى دخله ليواكب الإستهلاك ، وذلك فى إشارة منه إلى أن الأجور لا تتناسب مع الاسعار، وبالتالى فإن وجه الإعتراض يكون على التدننى فى العلاقة بين الأجر النقدى، وتزايد هذه الأسعار .
وأوضح "أبو النور" أن العلاقة بين العرض والطلب أيضاً غير مضبوطة هنا، وأن إنخفاض الإنتاجية قد فتح الباب للإستيراد بكميات كبيرة وبأسعار عالية، الأمر الذى أدى إلى تصاعد الأسعار فى ظل ثبات الأجور وانخفاض معدلاتها .
وأكد "أبو النور" أن الحكومة لا يمكن أن تستجيب لهذه المظاهرات من وجهة النظر الإقتصادية؛ لأن الأسعار سترتفع مرة آخرى وستعاود المظاهرات ثانية، مؤكداً أن الحل للخروج من هذا المآزق على المدى المتوسط والبعيد هو ضبط الأسعار.
وحمّل "أبو النور" المواطن المصرى جزء كبير من المشكلة نتيجة نمط استهلاكه غير السليم، حيث يلجأ لشراء أمور ترفيهية فى وقت لا يتناسب هذا مع دخله، فهو يشاهد فى الدش إعلان عن المجوهرات، فى الوقت الذى لا يملك فيه ثمن طعامه،الأمر الذى أحدث له " لوثة " – بحسب وصف أبو النور- فى ظل تحوله إلى مواطن عالمى بفعل العولمة.
وذهبت الدكتورة "عزة كريم"، أستاذ الإجتماع بالمركز القومى للبحوث الجنائية والإجتماعية ، إلى تأثير وسائل الإعلام على توجيه نمط الإستهلاك عند المصريين فى الإتجاه الخاطىء، حيث أن المواطن المصرى أصبح فى ظل هذا التطور فى وسائل الإتصال والتكنولوجيا مدفوعًا بإحتياجات متزايدة لاتتفق مع دخله ولا إمكانياته، وهو ما خلق نوعاً من الصراع الداخلى لديه لسد إحتياجاته فى ظل الدخل المنخفض.
كما أشارت "كريم" إلى ظهور حالات من تمرد الشباب على أهاليهم، جراء محاولات الترفيه المبالغ فيها، والبحث عن الإستخدام المفرط للمحمول والسينما التى ترهق كاهل الأسر ، الأمر الذى خلق صراعًا مادياً بين الآباء والأبناء.
وأرجعت "كريم" لجوء الأسر للترفيه لحالة الكبت التى تعيشها ، فى الوقت الذى لا تستطيع فيه تلبية نفقات الطعام والشراب.
وحمّلت الدكتورة "عزة كريم" الطبقة المتوسطة، المسئولية عن هذا الإختلال، إذ أن معظم أفرادها متعلمون بالمقارنة بالطبقات الآخرى، وكان من المفترض أن تقوم بدورها فى التثقيف والتوعية، فى ظل فقرها الذى تسبب فى سيادة هذا النمط الإستهلاكى غير المتناسق.
وأشارت "كريم" إلى أن هذه الطبقة ( الطبقة المتوسطة ) فقيرة مقارنة بنظيراتها فى الدول الآخرى، الأمر الذى جعلها تحاول التقليد فى الرفاهية المنتشرة فى هذه الدول فى ظل إنخفاض دخولها، مطالبة بتربية الآبناء على نمط إستهلاكى سليم.
ومن جانبه أكد الدكتور "عبد الحميد عبد المطلب" غياب الوعى الإقتصادى من جانب الطبقة المتوسطة، والتى توجه إنفاقها فى غير الصالح، وتحاول قدر الإمكان الإبقاء على مكانتها رغم غلاء الأسعار ، ومحدودية الدخل، الأمر الذى يجعلها تلجأ إلى نظام التقسيط، أو الإقتراض، أو العمل الإضافى لسد إحتياجاتها، وشراء مستلزمات ترفيهية بالأساس، تواجه من خلالها ضغوط الحياة ، مشيرًا إلى أن الدعاية والإعلان تلعب دور كبيرًا فى تغيير النمط الإستهلاكى عند هذه الطبقة ومطالبًا الحكومة بتنمية الوعى الإقتصادى عند المصريين.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :