الأقباط متحدون | لماذا "فشل" المالكي في إطلاق ابنه وأمواله المحتجزة في لبنان؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٢:٠٣ | الثلاثاء ١٦ ديسمبر ٢٠١٤ | ٧كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤١٧ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

لماذا "فشل" المالكي في إطلاق ابنه وأمواله المحتجزة في لبنان؟

الثلاثاء ١٦ ديسمبر ٢٠١٤ - ١٧: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

د.عبدالخالق حسين

" قول الصدق في زمن الخديعة عمل ثوري" – جورج أرويل
رغم أني أمر في فترة ينتابني فيها النفور من الكتابة، ومع اعتذاري الشديد للقراء والأصدقاء الذين افتقدوني، صرت أشعر بنوع من الاغتراب عن العراق، لأن ما يجري فيه من فوضى في إدارة الحكم والاستسلام لمطالب ممثلي داعش في السلطة الآن، يشعرك وكأن أمر العرق ليس بأيدي أبنائه، بل يملى عليهم من الخارج، وصار من المؤكد أن وراء داعش دول كبرى(1).

ذكرت مراراً أنه لم يتعرض أي زعيم عراقي لموجة الأكاذيب والافتراءات في تاريخ العراق الحديث كالتي تعرض لها الزعيم عبدالكريم قاسم بعد ثورة 14 تموز 1958، ورئيس الوزراء السابق السيد نوري المالكي، منذ تسلمه منصب رئاسة مجلس الوزراء عام 2006، ومن قبل نفس الجهات الحاقدة على العراق.
يلومنا البعض عندما نتصدى لهذه الأكاذيب بأننا ندافع عن المالكي، وبمقابل أجر!! في الحقيقة نحن لا ندافع عن المالكي، ناهيك للأجر، بل ندافع عن الحقيقة واحتراماً لعقولنا، ولأننا نرفض التصديق بالأكاذيب أو السكوت عنها، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.

أستلمتُ مراراً في هذه الأيام  رابط لمقال أو تقرير بعنوان: (المالكي فشل في إطلاق ابنه وأمواله المحتجزة في لبنان)، لكاتب لم نسمع به من قبل، على الأغلب اختفى وراء اسم مستعار، وآخر رسالة استلمتها عن هذا المقال التقريري، هي من صديق عزيز قال فيها: "ارسل اليك مقال منشور في موقع ايلاف والذي يبين الى اي مدى وصل مستوى الانحطاط الاخلاقي والفكري، حتى على مستوى اغلب المعلقين على المقال مع الاسف الشديد."

يبدأ المقال بالتالي: "أتى نوري المالكي إلى لبنان ليخلي سبيل ابنه أحمد، الذي يُحتجز بعد العثور على 1,5 مليار دولار في حوزته. لكنه غادر سريعاً إذ تبيّن أنه مطلوب بتهمة تفجير سفارة العراق في بيروت في العام 1981".

علماً أن زيارة المالكي كانت رسمية وليست خاصة، إذ حتى الكاتب نفسه اعترف بقوله أن المالكي: "... إلتقى خلالها مسؤولين لبنانيين وأمين عام حزب الله حسن نصرالله". فإذا كان مطلوباً فلماذا لم يتم إلقاء القبض عليه وهو في لبنان ؟؟؟؟؟؟؟

أما مصدر الخبر الذي اعتمد عليه الكاتب، فيقول: "كشف نائب رئيس الجمهورية العراقية السابق، طارق الهاشمي، الثلاثاء، أن نجل المالكي محتجز في لبنان، بتهمة تهريب 1,5 مليار دولار، وقد أتى ساعيًا لتخلية سبيله".

ونحن إذ نسأل: متى كان المجرم الهارب من وجه العدالة، والمحكوم بالإعدام بجوره في الإرهاب، طارق الهاشمي مصدراً يوثق به لمثل هذه الأخبار؟

طبعاً هذه ليست المرة الأولى، ولا الأخيرة التي يتعرض لها السيد نوري المالكي إلى مثل هذه الأكاذيب، إذ تم استهدافه منذ تسلمه رئاسة مجلس الوزراء عام 2006، وإلى الآن دون توقف، وإلى أجل غير منظور. أدرج في هامش هذا المقال رابط لقائمة تضم عدداً من هذه الافتراءات التسقيطية ضد المالكي(2)، وقد أثبت الزمن بطلانها، ورُدَّت سهام مؤلفيها إلى نحورهم.

وجوابي للصديق وغيره من الأصدقاء الذين استلموا مثل هذه الكذبة هو كالتالي:
لا شك أن التهمة خطيرة ولكنها في نفس الوقت غبية، فلو كانت صحيحة، ونظراً لخطورتها (فيما لو كانت صحيحة)، لصرحت بها الحكومة اللبنانية، ولتناولتها وكالات الأنباء العالمية المشهورة و المحترمة مثل البي بي سي، و رويتر،  وغيرهما، ولم نقرأها فقط في مقال بائس منشور في أحد المواقع صفراء لا شغل لها سوى فبركة الأكاذيب ضد المالكي. وهذا التقرير المفبرك والمئات غيره دليل على نزاهة نوري المالكي وشعبيته، ودناءة ولآمة خصومه فلم يعثروا على ما يشوه صورته لذلك لجأوا إلى الأكاذيب، وهو أسلوب يستهين ويستخف بعقول العراقيين، ودليل على الإفلاس السياسي والفكري والأخلاقي لمفبركي هذه الأخبار الكاذبة.

وحملة التشويه ضد المالكي سوف تستمر من قبل أعدائه ومنافسيه على السلطة، وخاصة من البعثيين الدواعش، لأنه تجرأ ووقع على أخطر قرار حكم في تاريخ العراق وبمنتهى الشجاعة والعدالة، وهو قرار المحكمة الجنائية بإعدام مجرم العصر ورمز الطائفيين والدواعش وجميع الإرهابيين، صدام حسين.
وبالمناسبة، أنا لا أعتبر الإعدام أشد عقوبة بحق المجرم، لأن فيه نهاية عقابه وراحة له، ففي حالة موته لا يشعر المجرم بأي شيء إذ يعود كما لم يكن مولوداً أبداً، بينما العقاب الشديد هو السجن مدى الحياة، أي مصادرة حرية المجرم. ولكن بالنسبة لصدام حسين، وبقية الإرهابيين من أتباعه، للإعدام معناه الرمزي، ومبرراته الخاصة، وهي أن صدام كان يمثل رمزاً للإرهابيين البعثيين (الدواعش)، ويمنحهم الأمل في تهريبه من السجن والعودة إلى السلطة لأنه وضع في روع أتباعه أنه "القائد الضرورة الذي لا يقهر)

. فلو بقي حياً لاستمات البعثيون الإرهابيون في إخراجه عنوة وبشتى الوسائل الإجرامية، حيث هربوّا المئات منهم في عمليات الهجوم على السجون، كما حصل في سجن أبو غريب والتاجي، و سجن الموصل...الخ. لذلك فإعدام المحكوم عليهم من الإرهابيين هو للردع أولاً، وللقضاء على آخر أمل لهم في استرجاع حكمهم المنهار ثانياً. 

وبالعودة إلى السؤال الذي في العنوان: لماذا "فشل" المالكي في إطلاق ابنه وأمواله المحتجزة في لبنان؟
الجواب: لأن الخبر كله مفبرك ولا أساس له من الصحة، وابن المالكي لم يحتجز، لا في لبنان ولا في غيره لكي يطلق سراحه.

والسؤال الآخر: لماذا كل هذه الافتراءات الشرسة ضد المالكي أكثر من غيره؟

الجواب كالتالي:
1- كما أشرنا أعلاه، أن المالكي وقع على تنفيذ حكم الإعدام بحق مجرم العصر صدام حسين، الذي صار رمزاً للطائفيين السنة بقيادة مفتي الإرهاب الطائفي يوسف القرضاوي، ليس في العراق فحسب، بل وحتى في خارجه. وقد جنى هؤلاء على أهل السنة حين ربطوا اسم صدام وأمثاله من الإرهابيين بالسنة، فهذا الربط لا يشرف أهل السنة ولا المسلمين، والمؤسف أنه حتى في الإعلام العالمي يسمون الإرهابيين الإسلاميين الآن بـ(المتطرفين السنة)، وهذا ظلم بحق أهل السنة.

2- تصلب المالكي في الالتزام بالدستور، وتوزيع ثروة البلاد على العراقيين بالتساوي والعدالة، وهذا ما أغضب السيد مسعود بارزاني الذي أراد الاحتفاظ بنفط كردستان له، مع حصته 17% من الموازنة العراقية والتي صارت الآن 24%، علماً بأن الكرد يشكلون 12% فقط من الشعب العراقي، أي أنهم يحصلون الآن على ضعف استحقاقهم على حساب بقية العراقيين، إضافة إلى صرف ميزانية بيشمركة الذي لا يأتمر بأمر الحكومة الإتحادية، ويجب أن تكون مصروفاته ضمن الـ 17% من حصة الإقليم.

3- فشل المالكي في كسب أمريكا إلى جانبه، لأنه رفض الموافقة على إبقاء قوات أمريكية في العراق مع الحصانة من القانون العراقي، وكذلك رفض صرف أموال الشعب العراقي على تأجير شركات العلاقات العامة (PR) في أمريكا لتشكيل لوبيات في واشنطن تدافع عنه وتفند تهمة التهميش والعزل التي رفعها السياسيون السنة والكرد (جناح بارزاني) ضده، كما رفعوا قميص عثمان من قبل.

ولهذه الأسباب وغيرها، فستستمر الحملة ضد المالكي من قبل أعدائه، ولو شاء لهم لتمت تصفيته جسدياً كما يسعون الآن لتصفيته سياسياً واجتماعياً، والنيل من شعبيته المتزايدة. ولكن كما قال ابراهام لنكولن: "يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت".

abdulkhaliq.hussein@btinternet.com 
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :