الأقباط متحدون | الرومانسية السياسية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١١:٥٣ | السبت ٧ فبراير ٢٠١٥ | ٣٠ طوبه ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٦٨ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

الرومانسية السياسية

السبت ٧ فبراير ٢٠١٥ - ٠٢: ٠٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. وجدى ثابت غبريال
مشكلة الأفكار السياسية " اليوتوبيه " انها لا تبدا من واقع و انما تنطلق من حلم يجافى الواقع و يتعذر تنفيذه منطقا. فاقامة مشروع سياسي ابتدأ منها لا يتحقق فى اغلب الاحوال . و اذا تبنتها جماعة بدات برفض الواقع و استخدمت كافة الوسائل بما فى ذلك وسائل القهر و القوة الجبرية لتنفذ الحلم.

حلم الخلافة الاسلاميه الذى نادى به رجال الاخوان و حلم داعش ، و حلم المساواة المطلقه السوڤيتى، و حلم النازيه فى السيادة على العالم ، و الحلم الامريكى المغرى فى الهيمنة و القيادة - دون ان تتميز بفضائل القائد، وغيرها من الاحلام التى شهدتها النظم السياسية تعبر عن ذات الفكر الرومانسي السياسي اى غير الواقعى.

و هنا تكمن اخطاء القرارات السياسة و النتائج الكارثية لمواقف رجال السياسة : انها مسبوقه اولا بخطأ فى الفكر. لا يمكن ان نناقش اخطاء و جرائم رجال السياسة فى حق الامم ما لم نناقش اخطاءهم الفكرية اولا. كل تصرفاتهم يسبقها فكر منحرف يجب ضبطه، و من لا يهتم بهذا الفكر اولا يصرخ فى واد مظلم وحده.

نعرف جميعا الى اين قادت العالم الحرب الباردة . و نعرف ايضا الى اين تقود العالم اليوم الهيمنة الامريكية المنفردة على العالم العربى ، و راينا كذلك حلم الدولة الاسلامية و الخلافة الاسلامية يخور و يتبدد مع الدخان الصاعد من الحرائق و التفجيرات .

و السؤال الان و ماذا بعد تصفية نصف العالم و اعلان الخلافة الاسلامية؟ هل سيكتفون ؟
سيعيشون بينهم و بين بعض ، صور طبق الاصل يرددون ذات العته ... و بعد ذلك ؟
ماذا بعد القتل و الدم و صيحات الانتصار ؟ مع من تتعامل الدولة الاسلامية المنشودة و الحلم الاسلامى بعيد المنال ؟ كيف يكون شكل الحياة ؟ و الايدى التى تتساقط منها دماء الضحايا ، اليس مفترض فيها ان تبتهل لله و تبنى قبل ان يجف دم الابرياء . هل الله يحتاج منهم لهذه الجرائم ليهنأ بتطبيق شرعه بعدها ؟
و ماذا لو نجح الحلم الامريكى ؟ فعلى من تهيمن روما الجديده فى امبراطوريتها الحالمة ؟ و اين هى اليوم من مسوغات القائد الحقيقى : ان "يكون خادما للكل" و يغسل اقدام تلاميذه " و يضع نفسه من اجلهم " و ليس من اجل انتخابات حزبه القادمة ! اليس هذا هو الانجيل الذى يتوهم مصريون امريكا ان امريكا تتمسك به ؟ هل سيكون ماكين هذا القائد ؟ و هل ميكافيللى الحالى له صورة هذا القائد ؟ اشك علميا و منهجيا فى هذا كله . عن اى مسيحية يتكلمون فى امريكا ؟ و كيف تنجح امريكا اصلا فى ان تعيش فى سلام تشتريه على حساب امن شعوب اخرى ؟ كيف ...و هى تعيش فى زعر مستمر ممن يهدد سيادة بلا منازع ؟ كيف تتسق راحة البال مع الزعر المستمر او الاحساس بالامن مع الشعور بالتهديد الدائم و رفع حالة التاهب القصوى.

من التاريخ نتعلم المثل . الامبراطورية الرومانية سقطت و كان سقوطها عظيما لانها تنكرت لابسط مبادئ العدالة و تجبرت و انحرفت اخلاقيا و معنويا و سياسيا. و هكذا ستخبو الامبراطوريات القائمة و لذات السبب ، اذ لا يوجد ما يبرر ان نفس الاسباب لاتفضى الى ذات النتائج.

اولئك و هؤلاء لم يفهموا بعد عبارة الاديب الفرنسي پول ڤاليرى :" كلما حاول الانسان خلق الجنة على الارض تحولت الارض الى جحيم منمق" !!!
المسالة و ما فيها ثقافة تقيك ارتكاب الحماقة بشكل مستمر و مضطرد، و فكر يمنعك من ان تكون مجرما يدعى البطولة يوميا و انت تقتل و تحرق و تحول العالم الى جحيم من اجل حلم زائف.

د. وجدى ثابت غبريال
استاذ القانون الدستورى و الحريات العامة
بكلية الحقوق و العلوم السياسية
جامعة لاروشيل- فرنسا




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :