أهالي سوهاج يرفعون شعار: عض قلبي ولا تعض رغيفي
كتب: أبوالعز توفيق- خاص الأقباط متحدون
تشهد مدن وقرى محافظة سوهاج أزمة كبيرة في الحصول على رغيف الخبز، أو جوال الدقيق المدعم، وهذه الأزمة لم يعرف الأهالي مثيلاً لها من قبل.
حيث فرضت الأزمة نفسها بقوة على السطح؛ مسببة حالة من السخط والغضب بين الأهالي الذين يجلسون بالساعات أمام المخابز والجمعيات الاستهلاكية ومحلات السلع التموينية؛ في محاولات فاشلة للحصول على احتياجاتهم، خاصة في ظل قيام بعض أصحاب المخابز ببيع الدقيق المدعم في السوق السوداء بأسعار خرافية.
حيث يصل سعر الجوال الـ 50 كيلو إلى 100 جنيهًا، وأيضًا تجار الدقيق المدعم الخاص بالتموين الزين يقومون ببيعه في السوق السوداء بأسعار خرافية، وقد بلغ سعر جوال الدقيق 25 كيلو إلى 50 جنيهًا -إن وُجد- في حين أن سعره للمستهلك 14 جنيهًا في ظل عجز مسؤولي التموين عن اتخاذ إجراءات رادعة ضدهم.
كلام الناس
في البداية يقول "عماد أبو الفتوح" موظف: إن مشكلة الخبز تزداد في القرى، وأصبحت المخابز في الآونة الأخيرة مثل "القلاع الحصينة"، فقد وضع أصحابها أبوابًا حديدية، وتركوا فتحة صغيرة لخروج الخبز منه؛ حتى لا يتمكن المواطن من رؤية ما يحدث بداخل المخبز، والخبز الذي نشتريه لا يصلح للاستعمال الآدمي، وعندما نعترض نجد زجرًا من صاحب الخبز، متحديًا بقوله: "لو مش عاجبك العيش سيبه".
فكيف نرضى بمثل هذا الخبز الذي يميل لونه للسواد، إضافة إلى قلة وزنه، فأغلب المخابز تنتج أرغفة بالمسامير والحشرات الميتة، وأعقاب السجائر، ومخلفات الفئران، غير الطوابير التي لا تنتهي أمام المخابز؛ بكل ما فيها من مشاجرات، وإهدار لكرامة الإنسان، وبلطجة واضحة من قبل أصحاب المخابز على المواطنين، والملفت للنظر أن صاحب المخبز يفضل بيع الخبز لأصحاب المطاعم والباعة الجائلين؛ بحجة أنه يساعدهم في حالة ركود العيش، والباعة الجائلين الذين يستغلون المواطن ويبيعون له عدد ثلاثة أرغفة بسعر 25 قرشًا بدلاً من خمسة أرغفة، وهذا كله يؤكد غياب الرقابة التموينية.
أشار صاحب مخبز -رفض ذكر اسمه خوفًا من بطش مسؤولي التموين- أنه يوجد بعض أصحاب المخابز الذين يقومون ببيع الخبز أقل من وزنه المطلوب، حتى يتمكنون من بيع الجوالات المتبقية من الدقيق الذي من حصة الوزارة في السوق السوداء؛ فهي تعود عليهم بمكاسب هائلة، وكل هذا يعمل على زيادة معاناة المواطن في عدم الحصول على رغيف الخبز بوزنه كما حددته الوزارة 130 جرامًا، ولكن الأغلبية العظمى لا تعمل بما تحدده الوزارة.
كل هذا يحدث في ظل تواجد مفتشي التموين، إضافة إلى المجاملات والمحسوبية والرشوة من قبل أصحاب المخابز لهم.
ويؤكد "صفوت صدقي" -عضو مجلس قروي- أن المجاملات تلعب دورًا كبيرًا في هذه الأزمة، فتجار الدقيق يقومون بشراء كميات كبيرة من المستودعات والمطاحن من الدقيق المدعم، على مرأى ومسمع من المسؤولين؛ لأن لهم أقارب ومعارف داخل هذه المستودعات، وأحيانًا تكون هناك عمليات البيزنس متبادلة فيما بينهم، ولكن الغريب في الأمر أن التجار يقومون ببيع الدقيق المدعم بأسعار خرافية في السوق السوداء، والرقابة التموينية تكتفي بالفرجة.
جشع التجار
ويضيف "صدقي دواد" –موظف- أن جشع التجار وغياب دور الرقابة التموينية، ومفتش التموين ومباحث التموين، وراء ارتفاع أسعار الدقيق؛ لأننا نشاهد السيارات مُحملة بجوالات الدقيق المدعم في كل مكان، ويباع الجوال بأكثر من 50 جنيهًا، وإذا اعترضنا على السعر، يكون رد التجار: "اضرب راسك في الحيط، واشتكى لمَنْ تريد".
ويقول "عادل رأفت" –موظف- إننا نقف في طوابير من أربع إلى خمس ساعات، وقد لا نحصل على رغيف الخبز، فالكل يزاحم ويضرب من أجل الحصول على الخبز.
إن أصحاب المخابز لا تجد منهم سوى الشتائم التي تهدر آداميتنا؛ لدرجة أننا نسينا أننا بشر، وكل ذلك يحدث على مسمع ومرأى مفتشي التموين.
ويقول "عاطف عبد المعنم" -عضو مجلس محلي- أن جوال الدقيق المدعم -والتي ثمنها الفعلي هو 14 جنيهًا، تباع في السوق السوداء بسعر 50 جنيهًا، فماذا نفعل؟ ومن أين يأتي الإنسان البسيط المكونة أسرته من 8 أفراد، والذي يستخدم خمسة جوالات في الشهر بهذه المبالغ، في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها؟؟ ويتساءل: كيف يخرج الدقيق المدعم من المطاحن والمخابز إلى تجار السوق السوداء، وغير المعتمدين من وزارة التضامن الاجتماعي؟؟ وأين الرقابة التموينية ومباحث التموين؟؟
ويستطرد "سعد عبد الرحيم" –موظف- أن أصحاب المخابز يقومون ببيع الدقيق المدعم بسعر 100 جنيهًا وزن 50 كيلو جرام، عيني عينك، ولا يخشون أحدًا، ومعظم هذه المخابز تصرف كميات ما بين 9 إلى 15 جوال، ولا تقوم بإنتاج سوى ثلاثة أجولة، وتقوم ببيع باقي الدقيق في السوق السوداء؛ فالرقابة التموينية على يقين بذلك.
ويذكر "ممدوح عطية" -أمين شرطة- أن رغيف الخبز يمثل المشكلة الأولى في سوهاج، حيث أن المخابز لا تعمل إلا ساعتين في اليوم الواحد، وذلك يؤدي إلى عودة طوابير الخبز، والتي تؤدي إلى نشوب منازعات ومشاجرات بين المواطنين، وذلك بسبب التسابق للحصول على الخبز قبل نفاذ الكمية.
والعجيب أنه من شدة الزحام إلا أن المحسوبية تتحكم في عملية توزيع الخبز، بقيام أصحاب المخابز بتوزيع المنتج على المقربين أصحاب المطاعم.
وأخيرًا.. نحن نواجه كارثة كبيرة، وهي اختفاء السلع الأساسية التي هي أقل شيئ من حق المواطن، والذي لا يستطيع أن يحصل عليها، فمَنْ يريد رغيف العيش يجب أن تكون لديه واسطة كبيرة، والذي لا يستطيع.. فليس من حقه الحياة، ولكن لا أعرف أين الحكومة في كل هذا، وهي ترى غول الأسعار يلتهم كل شيئ، ولا يستطيع أحد إيقافه، والذي يدفع ثمنه هم البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة.
دائمًا يقول لنا المسؤولون: "أنظرو إلى نصف الكوب المليان، ولا تنظروا إلى النصف الفارغ، ولكن الآن لم يجعلوا لنا اختيارًا، فالكوب قد انكسر ولا يستطيعون إعادته، أو الإتيان بأخر، فالفجوة أصبحت تزداد ولا أحد يعرف متى سوف تنتهي؟؟
كلام المسؤول
وبعرض مشاكل الناس على "محمد ديابط -وكيل وزارة التضامن بسوهاج- أوضح لنا أنه تم وضع أكشاكًا لتوزيع الخبز، وأيضًا تم تعيين مفتش تموين بكل مخبز، حتى لا يتم بيع الدقيق المدعم من قبل أصحاب المخابز في السوق السوداء، وأيضًا حتى يتم بيع الخبز للمواطنين طبقًا لمواصفات الوزارة.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :