الأقباط متحدون | الغوغائية في البرامج الحوارية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٥٨ | الجمعة ٢ يوليو ٢٠١٠ | ٢٥ بؤونة ١٧٢٦ ش | العدد ٢٠٧١ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الغوغائية في البرامج الحوارية

الجمعة ٢ يوليو ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: ميرفت عياد
ظللت أعمل لساعات طويلة دون أن أدري، وفجأة رفعت عيني فإذا بعقارب الساعة تتجه إلى منتصف الليل، فقررت أن أنهي ما اقوم به، وأن أذهب لأشاهد التلفاز؛ الذي أصبح في زماننا هذا خلاً وفيًا، والصديق الصدوق، والملاذ الآمن المريح بعد يوم طويل من الشقاء والتعب، حيث أن الاستلقاء أمامه لا يتكلف مننا أي مجهود بدني أو ذهني، فالريموت في اليد يعبث بالمحطات كيفما يشاء دون أي عناء.

وبالفعل ظلت أناملي تقلب وتغير المحطات الواحدة تلو الأخرى، إلى أن توقفت عند سماع صوت شجار كالذي يحدث في الشارع بين الغوغاء والدهماء والسفهاء؛ الذين أصبحوا منتشرين في بلادنا العزيزة اللذيذة، المهم؛ لفت نظري أن هذا البرنامج الحواري يناقش قضية هامة من قضايا الرأي العام، ويستضيف العديد من الشخصيات الهامة والعامة ذات الثقل السياسي والثقافي، والذين يعدون من صفوة المجتمع.
فقررت أن اشاهد هذا البرنامج، ولا أخفيك سرًا أنه كان قرار خاطئ، لأن البرنامج أصبح حلبة مصارعة، وشجار دائر بين وجهات النظر المختلفة، الكل يقاطع غيره في الكلام غير محترم آداب الحديث، والمذيع -ياحرا "محتاس في النُص" يحاول تهدئة الضيوف، وكل واحد فيهم أفعاله تتناقض بشكل صارخ مع كلامه، فهم يتشدقون بحرية الرأي والتعبير، وفي نفس الوقت لا يحترمون رأي الأخر، هم يتشدقون بالحق في الاختلاف، وفي نفس الوقت يعلنون الخصومة لمَنْ يخالفهم مجرد الرأي، هم يعلنون دائمًا أنهم حماة الأخلاق والفضيلة والآداب العامة، وفي نفس الوقت لا يراعون أبسط الآداب في أفعالهم وهي آداب الحديث.

وتأسفت في نفسي لأن البرامج الحوارية التي تهتم بمناقشة قضايانا الهامة، أصبحت غابة لوحوش تريد أن تفترس بعضها البعض، والكل فيها يسعى لصالحه، حتى لو بنى ملكه على أنقاض شعب بأكمله، كما أنني تأسفت على أن تلك الغوغائية أصابت حتى قادة الفكر والسياسة في بلادنا، الذين من المفترض أنهم يحترمون ويتقبلون الرأي والرأي الأخر، ولكنهم -للأسف- يظنون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة.
وبعد هذه التجربة الفاشلة مع هذا البرنامج، قررت أن أغير المحطة، فوجدت فيلمًا عربيًا تافهًا -كعادة أفلامنا العربية التي تستخف بعقلية المشاهد، وتصوره على أنه ثور يسرع وراء غرائزة، فتعد إليه من أجل إرضائه- وجبة دسمة من الإثارة التي تجعلك تريد أن تتقيأ.
 والحقيقة أنني أُصبت باكتئاب؛ فقررت أن أوجه التلفاز على محطة النوم؛ لأنها كانت أفضل المحطات بالنسبة لهذا اليوم الشاق، وتصبحوا على خير.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :