الأقباط متحدون | الأرثوذكسية: الإيمان والمكان!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٣:٣١ | الاثنين ١٨ مايو ٢٠١٥ | ١٠بشنس ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٦٤ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

الأرثوذكسية: الإيمان والمكان!

الاثنين ١٨ مايو ٢٠١٥ - ٣٤: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم منير بشاى- لوس انجلوس
قامت الدنيا ولم تقعد لأن نيافة الانبا يوسف، اسقف جنوب الولايات المتحدة، اسس خدمة فى ايبارشيته ليصل الى الاقباط الذين ولدوا فى امريكا من الجيل الثانى والثالث وكذلك المنضمين للكنيسة من المواطنين الامريكيين.  والخدمة الجديدة ارثوذكسية مائة فى المائة من ناحية العقيدة والطقس ونظام الصوم ومواعيد الاعياد وملابس الكهنة، وكل شىء.  وتستخدم اللغة الانجليزية بدلا من العربية لأنها اللغة التى يفهموها.

هذا المشروع يتضمن اقامة 8 كنائس تم انشاء كنيسة واحدة منها.  وهى، مثل بقية الكنائس بامريكا، مسجلة باسم "الكنيسة القبطية الارثوذكسية" وتتبع ايمان الكنيسة الام، وتخضع لقرارات المجمع المقدس، وتدار كأى كنيسة فى مصر، الا فيما يتعلق بالامور التى تمس القوانين المحلية، لأنها فى النهاية مؤسسات أمريكية قائمة على أرض أمريكية.
 
ولكى يعطى لجمهور هذه الكنائس الاحساس بانهم يعبدون فى كنائسهم تم تعريفها باسم:
 
كنيسة الاسكندرية الأمريكية الارثوذكسية  American Orthodox Church of Alexandria
 
كان هذا الاسم مجرد اسم شهرة لا صفة رسمية او قانونية له ويمكن التوقف عن استعماله فى اى وقت بدون اثار قانونية تترتب عليه.  ولكن الاسم الجديد قد  تسبب فى ثورة عارمة على الفيسبوك تناقلتها الصحافة المصرية تدعى ان نيافة الانبا يوسف قد انفصل عن الكنيسة فى مصر.  ناهيك ان قداسة البابا كان يعلم بهذا المشروع، وبالتاكيد المجمع المقدس، فليس الامر مخفيا عن أحد.  ولو كانت هناك نية انفصال حقيقية لتمت فى السر لتفادى احتمال اى معارضة ولشملت تغيير الاسم فى السجلات الرسمية وليس فى التداول فقط.
 
يبدو ان كلمة "امريكا" صادمة للبعض فى مصر.  وشخصيا لا استبعد ان يكون وراء هذه الضجة مشاعر الكراهية التى تعشش فى اذهان بعض الناس تجاه سياسات امريكا وقد امتدت للدين نتيجة خلط الدين بالسياسة.  وبالتالى هناك رفض ان يضاف الى اسم الكنيسة كلمة "الامريكية" حتى وان كانت تلك الكنائس على ارض امريكية وتخدم بين جمهور من الامريكيين.
 
  وظهرت مقالات تندد بهذا التصرف، منها مقال يقارن بين الكنيسة القبطية وامريكا.  ولا ادرى ما وجه المقارنة بين الاثنين،  فالواحدة كنيسة والاخرى دولة.  ولكن الكاتب يسرد فى مقارنته كيف ان الكنيسة القبطية اعرق من امريكا ويتمادى فى محاولة تصغير قدر أمريكا بقوله انها دولة حديثة قامت منذ 250 سنة فقط بينما الكنيسة الارثوذكسية عمرها 2000 سنة.  هذا مع ان القدم (او العراقة) وحدها ليست معيار الشرعية فهناك اديان اقدم من المسيحية ولها تبعية كبيرة ولا نعتبرها شرعية، بينما نؤمن بشرعية المسيحية منذ ولادتها.  وبالمثل هناك دولا تأخرت الآن مع انها كانت صاحبة حضارة عريقة، بينما اصبحت دول حديثة العمر اكثر تحضرا ونفوذا بين دول العالم.
 
ويثير كاتب المقال ما يعتبره اشكالية عن ماذا سيحدث اذا انهارت امريكا بعد 50 سنة؟  وهل سنضطر وقتها لتغيير اسم الكنائس التى تحمل اسم امريكا؟  وكأن امريكا دولة آيلة للسقوط ويجب التخطيط على انها ستنهار فى اى لحظة.  والغريب ان الكاتب لا يعطى هذا الاحتمال بالنسبة لمصر (حماها الله من السقوط) مع كل ما تعانيه من مشكلات امنية واقتصادية!  ولكن يبدو ان سقوط امريكا كان بالنسبة للكاتب امنية اكثر منه احتمالا وشيك الحدوث.  على اى حال ليطمئن كاتب المقال انه اذا (لا قدر الله) سقطت امريكا فلن تسقط كنائسنا معها فستظل كنائسنا هناك تحمل الاسم المسجل وهو "الكنيسة القبطية الارثوذكسية" ولن تحتاج لتغيير اى شىء.
 
ولكن دعنا نفكر فى الامر بطريقة موضوعية بعيدا عن المواقف السياسية المختلف عليها.  اسم الكنائس يرتبط عادة بعنصرين يحددان هويتها وهما الايمان والمكان.  فالكنيسة الاولى كانت مسيحية الايمان ولكن من حيث المكان فهى قد بدأت فى اورشليم وامتدت الى انطاكية وروما ثم الاسكندرية.  ثم اصبحت هذه مراكز اشعاع لنشر المسيحية فى العالم كله.  وفى وقت كتابة سفر الرؤيا كانت هناك سبعة كنائس فى منطقة آسيا الصغرى عرفت باسماء اماكن تواجدها وهى: كنيسة افسس، وكنيسة سميرنا، وكنيسة برغامس، وكنيسة ثياتيرا، وكنيسة ساردس، وكنيسة فيلادلفيا، وكنيسة لاودكية.
 
وبعد ان جاء القديس مرقس الى الاسكندرية لنشر بشارة الانجيل لم تسمى الكنيسة الجديدة باسم الكنيسة الام بل سميت باسم مكانها الجديد وهو كنيسة الاسكندرية التى اصبحت فيما بعد اسم الكرسى البابوي السكندرى.
 
الكنيسة الأم بدأت فى اورشليم ومن هناك امتدت الى اماكن كثيرة منها مصر ومن مصر امتدت الى امريكا.  هذه مجرد اماكن جغرافية لنفس الايمان.

 ومن امريكا قد تمتد الكنيسة الى دول اخرى فلا تعود تسمى هناك كنيسة امريكية ولكنها ستحمل اسم المكان الجديد مع الاحتفاظ بنفس الايمان.
هذا ما فعله الرسل الذين انطلقوا من اورشليم لنشر رسالة المسيح.  فكل كنيسة سميت بمكان وجودها.  ومن يقرأ الرسائل التى كتبها الرسل

للكنائس الجديدة نجد كنائس باسم رومية (روما) وكورنثوس وغلاطية وافسس وفيليبى وكولوسى وتسالونيكى.  هذه كلها اماكن سميت الكنائس باسمائها حتى قبل ان تكون هناك كنيسة فى الاسكندرية او فى اى مكان بمصر.  وطبعا امريكا لم تكن قد اكتشفت بعد، وكارهى امريكا لم يكونوا قد ولدوا!
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :