الأقباط متحدون | إلى البرادعى : لا تغيير بلا قائد، فهل ستقود؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٨:٤٦ | الاثنين ١٦ اغسطس ٢٠١٠ | ١٠ مسري ١٧٢٦ ش | العدد ٢١١٦ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار

إلى البرادعى : لا تغيير بلا قائد، فهل ستقود؟

الاثنين ١٦ اغسطس ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : فرانسوا باسيلي
متى يصعد البرادعى إلى مستوى التحدى التاريخى الذى تفرضه  اللحظة المصيرية الراهنة ويمسك بزمام قيادة المعارضة المصرية المشرزمة التى تبحث عن قائد؟

يقول البرادعى فى كل أحاديثه أنه لايستطيع أن يفعل أى شئ وحده وأنه مجرد فرد وعلى الشعب المصرى – إن كان حقا يريد التغيير- أن يلتف حوله ويوقع على البيان الذى أعلنه، وعندئذ فقط يستطيع البرادعى أن "يحرج" النظام بميلون توقيع تطالب بالتغيير. والواقع أنه لو كانت هذه هى عقيدة كل قائد تاريخى لما كان قد وقع تغيير فى أى مكان فى العالم، فلا تغيير بلا قائد، وفى اللحظات العصيبة والمظلمة فى حياة الشعوب لا تنهض الجماهير المطحونة الراغبة فى التغيير إلا حين يستنهضها قائد يصعد بشجاعة من وسطها ويتقدم الصفوف ويرفع الراية والصوت مطالبا بالتغيير مقدما مبرراته ومعبرا عما تريده الملايين الصامتة الساكنة فترى فيه قدوتها ومثالها وأملها فتتجاوب مع وقفته وصرخته وتلتف حوله وتصبح معه كتلة بشرية هائلة واحدة لا تهدأ إلا وقد حققت حلمها فى الغد الأفضل والعيش الأكرم.
   
لو انتظر غاندى أن ينهض ملايين الهنود مطالبين بالاستقلال لما حقق استقلال ووحدة بلاده- لو انتظر مارتن لوثر كينج ان ينهض السود لكان أحفاده مازالوا ينتظرون ولما كان أوباما رئيسا اليوم. ولكن لوثر كينج لم ينتظر وإنما نزل إلى الشارع وسار على رأس المسيرات الممنوعة التى كان رجال الأمن يطلقون عليها الكلاب المسعورة والغازات الخانقة والهراوات والرصاص، حتى أستشهد هو نفسه فى النهاية ، لكنه حقق حلم السود فى التحرر والمساواة.
ولو  انتظر مانديلا لما انتهى النظام العنصرى فى جنوب افريقيا ولظل بلدا يلفظه العالم كله ولما استطاع إنجاز تنظيم دورة كأس العالم هذا العام مدشنا دخول دولته إلى مصاف الدول الصاعدة الجديرة بالاحترام العالمى (بينما حازت مصر على صفر كامل فى محاولتها تنظيم نفس الدورة!).

إن التاريخ حافل بالشواهد التى تؤكد أن القائد الفرد هو المحرك الأساسى للتغيير فى أى مكان، ولنا فى الشعوب والدول والمؤسسات الضخمة شواهد لا تحصى، إذ نرى عبر التاريخ كيف يظل شعب بعينه خاملا تحت قيادات متتابعة، كما كانت مصر فى عهد المماليك، ثم يأتى قائد فذ مثل محمد على فيشعل نهضة هائلة متعاملا مع نفس الشعب ونفس الارض ونفس الامكانات، ولكن السر كله يكمن فى درجة موهبة القائد وقدرته على فهم الحاضر وصنع المستقبل، مع طاقة إنسانية يوظفها لتجميع المواهب القيادية حوله ولاثارة مخيلة الجماهير بالمشروعات الطموحة التى يخططها وينفذها وباحساس الكرامة والثقة بالذات التى يخلقها حوله.

ودفع كل قائد تاريخى ثمن مبادرته وشجاعته- فتحمل سعد زغلول النفى، وحمل عبد الناصر واخوانه من الضباط الاحرار رؤوسهم على أكفهم ليلة 23 يوليو فقد كان من الممكن أن يعلقوا فى المشانق على أسوار القاهرة إذا ما فشلت حركتهم، وكل من يدخل معترك السياسة فى عصرنا هذا لابد أن يكون مستعدا للتضحية ثمنا لدوره القيادى، وحتى فى أعرق الديمقراطيات يتحمل القادة مسئوليات شخصية باهظة تصل إلى حد الموت كما حدث للوثر كينج وجون كيندى وشقيقه بوب كيندى – أو السجن الطويل كما حدث لمانديلا- أو السجون والتعذيب كما حدث لكثير من المناضلين المصريين عبر التاريخ السياسى المصرى الحديث- سواء فى عهد الانجليز أو ناصر أو السادات أو مبارك. وفي مصرمؤخراً وجدنا كل من يطمح إلي الرئاسة يزج به في السجون كما حدث لسعد الدين إبراهيم وأيمن نور وحمدين صباحي وغيرهم.

القيادة ليست نزهة – وليست عملية آمنة مضمونة العواقب، وعلى من يتصدى لها – خاصة فى بلادنا العربية، أن يكون مستعدا لمخاطرها وتحدياتها ومشاقها التى قد تكون مميتة. فالتاريخ لايمنح أوسمته مجانا، ولا يدخل التاريخ من يريد أن يجلس فى بيته هادئا آمنا، هذا ما يمكن أن يطمح له موظف أوعامل بسيط ، أما قيادة شعب فهى شرف وتكليف يحمل من المجد بقدر ما يحمل من الخطر فإما أن يقود القائد أو يتنحى لكى يقود غيره.   

إن مصر تعيش فترة احتضار نظام. وهى تعيش حالة الاحتضار هذه بكل طقوسها الجنائزية الحزينة البطيئة البليدة منذ عدة سنوات، والآن هى لحظة التغيير التاريخية التى ينتظر فيها المصريون أن يصعد لاقتناصها قائد على مستوى التحدى قادر على قيادة الجماهير وبلورة حلم أجمل للشباب واجتذاب الجميع فى مسيرة سلمية مثيرة نحو مصر الفتية الجديدة.
لقد كتبت من قبل عدة مقالات تحمسا للبرادعى وللأمل الذى يمنحه خاصة لشباب مصر الذين كانوا القدوة والمثال فى اندفاعهم لتأييده ، ولكن البرادعى يبدو مترددا – وقد آن آوان أن يحزم أمره ليقرر إن كان يريد أن يقود مصر نحو مستقبل أجمل أم يعلن أنه ليس الشخص القادر أو الراغب فى هذا. لم يعد الوقت يسمح بمزيد من السفريات خارج مصر أو المناظرات والمشاحنات داخلها ولا عاد يسمح بالتردد والانتظار وجس النبض،   إن مصر مهيئة وفي الانتظاراليوم اليوم وليس غداً.
و سؤالنا للدكتور البرادعى هو: لا تغيير بلا قائد، فهل ستقود؟

 كاتب مصري يقيم في نيويورك




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :