الأقباط متحدون | صرخــات مكــتومـــة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٤:٢٩ | الاربعاء ١ سبتمبر ٢٠١٠ | ٢٦ مسري ١٧٢٦ ش | العدد ٢١٣٢ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار

صرخــات مكــتومـــة

الاربعاء ١ سبتمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: محمد بربر
ترنو إليه بنظرة لا يفهمها غيره، حين أقبل الليل، لقاء الزوجين على كلمات الحب، يتدفق حديث الزوج العذب، يفتح بوابات قلبه لتخرج شلالات من قصائد، وتبادله نفس المشاعر، تفيض الأسرار من فتحة فمها..يتصاعد هدير كلماتها ثم ينخفض، ليلة هادئة فى حياة الزوجين،  السيدة فى منتصف العمر..تقبل على الحياة وثروتها فيها الزوج والأولاد..تتمنى لأسرتها السعادة..

فى محافظة "كفر الشيخ" وقعت المصيبة..طلب الزوج من زوجته أن ترعى الأولاد، وتهتم بهم. فهو مسافر خارج المدينة لمدة ثلاثة أيام، يسافر الزوج دون أن يعلم تصريفات القدر، الأطفال يضحكون، والأم المخلصة تجلس لتعلِّم طفلها الأصغر جدول الضرب. 

يتناول الجميع وجبة العشاء، قلبها حزين لسفر زوجها لكن الأطفال يلعبون حولها، تأمرهم بالخلود إلى النوم..تهديهم قبلات ما قبل النوم..ينامون بعد أن غمرتهم الزوجة من فيض حنانها..

ألمٌ غريب لم تعهده من قبل..ما قيمة الحياة وزوجها بعيدًا عن عينيها؟! مر اليوم الأول من سفره بطيئًا مملاً، لم تستطع الحبيبة النوم فى تلك الليلة المؤلمة..عاد الأطفال من مدرستهم، أعدَّت لهم طعام الغذاء..مُكرَهة وهى تأكل..تخشى إذا لم تأكل ربما قلدها الصغار..تذكرت بدايات حياتها معه..أول لقاء، أول ضحكة، حتى أول قبلة، ضحكاتهما..أطفالهما..أخدتها سنة من نوم، سرعان ما استيقظت على طرقات الباب، تنهض، تفكّر: هل سيعود الزوج الآن إلى بيتها؟ وتعود معه الضحكة والفرحة والحياة؟

أسرعت الزوجة إلى لقاء زوجها..تمد يداها لتفتح الباب؛ فحبيبها قد عاد والنشوة تتملكها.. وبسرعة..يخطفها عشرة من الذئاب البشرية الذين علموا أن زوجها غير موجود فى المنزل، فاتخذوها فرصة لتنفيذ جريمتهم الشنعاء، ضربوها، اقتادوها إلى مكان بعيد فى الزراعات..تعالت ضحكاتهم..يتناوبون عليها بلا رحمة..بلا ضمير..سيدة مسكينة تواجه حيوانات مفترسة، كابوس مفزع وصرخات مكتومة: الرحمة،  النجدة..لم تصدِّق سيدة "كفر الشيخ" نفسها وهى تلملم ملابسها الممزقة، ونزيف الدم يسيل..

المصيبة أكبر لو استيقظ الأطفال فلم يجدوا أمهم..يستمر الإعتداء عليها حتى صباح اليوم التالى..فر الجناة المجرمون بعد أن تركوها تصارع الموت..عادت إلى بيتها، حكت لزوجها الذى عاد لتوه من السفر، وقد استقبل الخبر فصمد، وثبت. واصطحبها معه إلى قسم الشرطة، ظل رجال الشرطة يبحثون ليل نهار عن الذئاب البشرية..
ألقوا القبض عليهم..وقف الجناة أمام القاضى، وفى سابقة تاريخية، يُصدر القضاء المصرى حكمه العادل،  الإعدام شنقًا لهؤلاء السفلة..فتحية إلى رجال الشرطة الشرفاء، وتحية إلى القاضى العادل.

مرت على هذه الحادثة ثلاث سنوات، ولكن منذ أيام قليلة، التقيت السيدة وزوجها فى نقابة الصحفيين بـ"القاهرة"، حكت لى الزوجة وهى تتألم "عايزة أروح مكان محدش يعرفنى فيه"، تهرب المسكينة من نظرات المجتمع القاسية، ترفضها..

يخبرنى زوجها الطيب: "بقالها (3) سنين من يوم الحادثة، وهى قاعدة فى بيتها، مش قادرة تخرج، مش بتضحك، ضاعت أحلام الزوجة، الخوف يسيطر عليها "أنا خايفة على أولادى. ممكن يحصلهم كدة فى يوم جاى". 

تبكى، وأنا لا أجد ما يهوِّن على الزوجين حياتهما، خاصة والزوجة تؤكِّد: احنا نقلنا من البيت (3) مرات..كلام الناس قتلنى وأنا مظلومة.

فعلاً هى مظلومة ومسكينة، وُلدت بين مجتمع غريب،  يحكم على سيدة مغتصبة بالخزى مدى الحياة، قتل نفسى مع سبق الإصرار والترصد. وفى نفس الوقت يهلِّل المجتمع لذوى القوة، والجاه، والأموال الحرام!!

يسعى إلى تقبيل الأيادى السوداء، يهتف بالروح والدم لكل من يدفع، ضاع الدين الحنيف الذى أمرنا بإحترام المرأة وحسن معاملتها، غابت النخوة والمروءة، واحتلت المظاهر الكاذبة أمور حياتنا! ما ذنبها الزوجة المكلومة!

غريب أمرنا حقًا، نحتقر ضحية بريئة، نظلمها ونفرح أيما فرحة بمقاطع فاضحة على الهواتف المحمولة، ندَّعى التقوى ونتحرش بفتيات مجتمعنا، أرفض التدين الشكلى يا سادة؛ فليس الدين فى لحية كثيفة، ولا فى نقاب أو خمار؛ ولكن الأهم هو حسن المعاملة، وإفشاء روح المحبة والودة بيننا إلى السيدة الطيبة وزوجها الشهم..
الذنب ذنبكما، لماذا تعيشان فى مجتمع تدَّعى فيه العاهرة الشرف والطهارة؟ لنا الله..




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :