بعد أن يتحقق الحلم
بقلم: أنور عصمت السادات
إن مصداقية الإرادة الوطنية هى طريقنا إلى بناء مجتمع قانونى ومؤسسى منظم، تسود فيه الممارسات الديمقراطية السليمة التى تحترم كل التوجهات الفكرية والعقائد دون تمييز. ولا شك أن الديمقراطية تتطلب وجود أحزاب سياسية، تمثِّل حجر الزاوية للقاعدة الإجتماعية، وتُعتبر الوجه الحقيقى لحرية الفكر والرأى والتعبير، التى تقدِّم فى النهاية نظام سياسى يحقق لنا جميعًا مناخًا من الحرية، وتغليب لمصالحنا وأهدافنا الوطنية.
ولا ينكر أحد صعوبة تحقيق ذلك، طالما أن هناك سطوة للزعامات السياسية على الحياة الحزبية داخل منظومة الحزب الواحد، من منطلق أن ضعف وغياب الديمقراطية داخل صفوف الأحزاب، يجعلها أشبه بأنظمة ديكتاتورية، وبذلك تفقد جوهرها وقيمتها وتفاعلها مع الجمهور.
كما أن تنافر الأحزاب، وإنشقاقاتها وإختلافاتها فى البرلمان، وفى المحافل السياسية، يؤدى إلى فشل التجربة السياسية الحزبية التى يعتبرها الكثير أملاً كبيرًا فى التغيير.
وفى الحقيقة، لا يمكن لـ"مصر" أن تتقدَّم فى ظل دستور ملئ بالتشوهات، وغياب لدولة سيادة القانون، وإعلان حالة الطوارئ، وقضاء لا يمكنه الرقابة على الإنتخابات، ومنظمات مجتمع مدنى لن تتمكن من الإشراف على أحداث العملية الإنتخابية؛ مما يجعل الأمر أشبه بديكور ديمقراطى لنظام قائم على حزب واحد.
ولما كانت الأحزاب هى العمود الفقرى للحياة السياسية فى أى مجتمع، بإعتبارها إما منافس للحزب الحاكم أو مجتهد يسعى لتداول السلطة، أو أن تلعب فى المقابل دور المراقب والمحاسب لحزب الحكومة، لكونها مُلزَمة بتفعيل قواعد النظام الديمقراطى، واحترام الرأى الآخر، والعمل على دعم قيام دولة سيادة القانون، وتحقيق العدالة- كان لابد للأحزاب من موقف واضح وصريح، وبالفعل أعلن تحالف الأحزاب الصغيرة من قبل عن عزمه التقدم لمقر رئاسة الجمهورية؛ لتقديم مطالب وضمانات تخص نزاهة العملية الإنتخابية، وتسليم نسخة منها إلى أمانة الحزب الوطنى الديمقراطى.
وقام إئتلاف الأحزاب أيضًا، بتقديم مقترحات فى نفس الإطار، ووعد أمين عام الحزب الوطنى بعرضها على قيادات الحزب لدراستها، وإبداء الرأى فيها..واعتبر رئيس مجلس الشعب مطالب حزب الوفد التى أعلنها د. "السيد البدوى" حول هذا الشأن، صالحة لأن تكون اقتراحات بمشروعات وقوانين يتم تقديمها دستوريًا لمناقشتها فى البرلمان.
صحيح أن فى "مصر" تقييد شديد للحريات بصفة عامة، وللحرية الفكرية بصفة خاصة، وإستبداد سياسى وأمنى كبيرين، حيث لا فكر سوى الفكر الذى ينادى به الحزب الوطنى، ولا مشاركة إلا ضمن الإطار الذى يسمح به...لكن...ماذا لوحدثت المفاجآة، واستجاب الحزب الوطنى لمطالب الأحزاب ؟!!
هل ستتقدم الأحزاب بمرشحين جادين قادرين على خوض الإنتخابات بصورة تبيِّض الوجوه؟ وهل هناك برامج تم التخطيط لها سوف تخرج بعد استجابة الوطنى؟ وهل سوف نتمكن من كسب ثقة الجماهير بعد إن افتقدت الأحزاب معظمها؟ وهل سوف تتغلب المصلحة القومية والوطنية على المصالح الشخصية والحزبية؟ أم أن الكلام حبر على ورق، ولن نجد فكرًا ولا منهجًا، ولا تنظيمًا من الأساس؟ وتبقى الواجهات والشعارات التى لا تحوى هدف ولا مضمون، ولا نفس طويل، والموضوع وما فيه هو تسالى رمضان، وفرحة عيد، وكلام يُقال وكل عام وأنتم بخير، ولا إيه ياترى؟!!!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :