الكاتب
جديد الموقع
الأكثر قراءة
صفر مريم ومصرنا الغاليه
مريم ملاك صاحبة أشهر صفر بالثانوية العامة
حنا حنا المحامى
واقعة أو مأساة صفر مريم ليست موضوع هذا المقال. ذلك أن كل مسئول ذا ضمير وكل الشعب المصرى
متحفز لتلك الجريمه. ولكن الطامه الكبرى تكمن فى الاخلاقيات التى تداعت فى مصر وانهارت. إن تلك الجريمه التى ارتكبت فى حق فتاه, قضت شهورا فى الكفاح والسهر والتعب والجهد, لانتزاع ثمرة كفاحها ونتاج جهدها وتحطيم أحلامها.
لا شك أن هذه الجريمه النكراء لم تكن الاولى فقد سبقها ولا شك الكثير من تلك الجرائم وأقول بملء الفم أن هذا حدث كل عام وبكل بساطه بل وأقول بملء الفم أيضا "وبكل فجور".
لا يعقل أن تكون هذه الجريمه هى الاولى من نوعها. بالقطع لأ. إن من ارتكبوا تلك الجريمه بكل هذا الفجور كانوا بالقطع على علم اليقين أن عملهم سيكلل بالنجاح. وهذا الايجاء لم يأت لهم من فراغ. بل كانوا على يقين أن جريمتهم سوف تكلل بالنجاح (إن صح التعبير) نجاح الخيانه والغدر والخسه.
إن هؤلاء المدرسين الذين سمحوا لانفسهم بأن يزوروا ورقة أجابه لطالب أو طالبه وينسبوها إلى غيرها يعرفون جيدا أن هذا العمل الاجرامى كان له سوابق ناجحه. لماذا؟ الاجابه بكل بساطه لان الفساد استشرى والضمائر ماتت فاصبحت منظومة التزوير مسأله دارجه وعاديه ومتواتره. وعليه أصبح تفوق الطالب مسأله مرهونه بالتزوير والغش.
وهنا يثور التساؤل: كيف يمكن لدوله أو بلد أن تتقدم بمثل هذه المبادئ المنهاره والاخلاق المتداعيه؟ إن من ينجح بالغش سوف يكون موظفا. مثل هذا الموظف لا يمكن أن يؤدى عمله بأى أمانه. سوف يكون أول المرتشين وأول المزورين وأول المتهاونين فى أداء عمله والامانه الموكوله إليه. وإذا كان من قام بتزوير أوراق مريم فضح أمره لانه كان فاجرا وغبيا إلا أن هناك عمليات تزوير أخرى تمر مرور الكرام لانها ترتكب بحرفيه أكثر وتمكن أقوى. فإذا كان مراقب فى الكنترول يقوم بهذا العمل فكم يكون حال المدرس العادى؟
هناك أيضا احتمال واحتمال قوى جدا. هل عملية التزوير الدنيئه قد ارتكبت أيضا لان صاحبة الدرجه العاليه مسيحيه كافره؟
إن الشعب المصرى متدين بطبيعته. وإنى لا أرى أنه متدين من أجل التقرب إلى الله بل هو متدين حتى يبرر لنفسه ما لا يجوز خلقا وعرفا فمن ثم يتستر بالدين حتى يحلل له ما لا يرضى به عرف أو خلق. وهنا مكمن المأساه. إنهم يفسرون الدين كما يرون وكما يريدون. كما أنهم يبررون الاثم كما يرون وكما يريدون. للأسف الشديد لا يوجد مثل عليا وإن وجدت فهى نسبيه بحت. أى تطبق على قوم دون آخرين. وهذا هو مكمن الخطوره والسبب الحقيقى لما آلت إليه مصر من تدهور فأصبحت أدنى من دول العالم وأبناؤها يجدون مجالهم فى دول أخرى فتفتقر مصر وتغتنى الدول الاخرى.
كنا فى شبابنا أى فى الاربعينات نعرف بعضنا البعض ونتصادق بمعيار الاخلاق وليس بمعيار الدين. فمثلا كان لى صديق لم يكن ليسمح لاى صديق آخر أن يتردد على عائلته. كانت الثقه متبادله تعرف الاحترام والثقه والاخلاق ولا شأن لها بالدين. مبدأ الدين لله والوطن للجميع كان عملا لا قولا فحسب. وأكرر القول بأن هذا الانهيار الاخلاقى تحت ستار الدين لم تعرفه مصر إلا بقيام الثوره المباركه. ثورة 1952. قبل هذا التاريخ لم نسمع عن واقعة تزؤير واحده. كما أن الرقابه فى الامتحانات كان شكليه بحت. لان الطالب ... أى طالب لم يكن يفكر فى الغش إطلاقا.
ألم يسمح السادات بتزوير الانتخابات حتى لا ينجح المسيحيون؟ وغير ذلك من الامثله لا تقع تحت حصر.
إن ما حدث فى مأساة مريم مهزله ومأساه أخلاقيه بكل المقاييس. ما معنى هذا: معنى هذا أن الدنيا تقوم ولن تقعد. هناك تحقيقات لا تحقيق, هناك جزاءات, هناك أعتذارات, هناك نتائح. إن الامر ليس هينا. إنه غش. إنه تزوير. إنه انهيار أخلاقى. إنه وصمه فى جبين العلم والاخلاق, إنه وصمه فى جبين الوطن ككل بكل مؤسساته وأجهزته. ما هى النتيجه؟ هل ينتظر الساده المهذبون المؤدبون المتعلمون أن تندثر الواقعه وتقع فى طى النسيان شأنها شأن غيرها من الكوارث الاخلاقيه؟
السيد رئيس الوزراء البادى أنه اقتنع بحق الفتاه. ماذا فعل حتى الآن؟ لا شئ. إن الكارثه الاخلاقيه لا تؤثر من بعيد أو قريب على مركز أى شخص. الاخلاق أصبحت فى خبر كان. لا تهم.
وفى ختام هذه الكلمه أقول: إنما الامم الاخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :