- أيها السادة.. كلنا هذا المختل
- الأنبا "بيشوي": عصر الرئيس "مبارك" أفضل عصر للأقباط في "مصر" وليس طرفًا في المشاكل التى تحدث
- مؤلف "الضرب في الميت": الكتاب يرصد الظواهر السياسية والاجتماعية ومعاناة المواطن المصري عبر أسلوب ساخر
- علاء الأسواني يطرح في كتابه سؤالاً يبحث عن إجابة "هل نستحق الديمقراطية"؟!
- الدور على مين؟!
على كوبرى قصر النيل
بقلم: محمد بربر
أصعب لحظات حياتى هى تلك التى تتعلق بالموت, وعلى كوبرى الُعشّاق كانت الحياة تبدو أكثر أملاً وتفاؤلاً. الشباب يهربون إلى معبد الحب, فى وجه الحبيبة يكون الأمل, والأمل فى هذا الزمن العجيب العتيد أصبح عملة نادرة, ولأننى فشلت فى السيطرة على قلمى الذى حاول كثيرًا الكتابة فى هذه الحادثة, أو قل يا عزيزى, هذه المصيبة، وعلى الرغم من مرور أسابيع قد تمتد لتحفر داخلنا نسيانًا مؤجلًا, إلا أن هذا الشاب ظلت قصته تراودنى ليل نهار, "عمرو" الشاب المصرى الأصيل الذى حاربه الفقر والذل والحاجة، وقتله اليأس؛ فاختار الرحيل فى صمت؛ ليبتعد عن قتلة الأحلام وسماسرة الرشاوى، وتجار الدين الذين كفّروه ووصفوه بالمنتحر الأحمق الذى قتل نفسه من أجل فتاة, على كوبرى قصر النيل كانت لحظات سعادته، واعترافات الحب والغرام, مثله فى ذلك مثل كثير من شباب "القاهرة" الآسرة الساحرة.
يحكى هو عن تصوره لحفل الزواج، ويرتب مع حبيبته أحلامهما, وتختار هى أسماء الأطفال ومدارسهم, الحلم فى حياتهم نور يضىء ما أظلمته الحاجة القاتلة, يفشل "عمرو" فى تدبير نفقات الزواج, يتذكر أنه لن يستطيع بعد اليوم أن يمرح على الكوبرى, اختار أن يعدم فيه شبابه، وأحلامه، وغرامه، وذكرياته بيديه.
دماء "عمرو" لطخت معبد الحب, وقف الأسدان غير قادرين على تحقيق أحلامه, فى غابة الحياة أسود ووحوش أيضًا يكرههم "عمرو"، وأراد أن تصل إليهم الرسالة..كان من الممكن أن يلقى بنفسه فى مياه النيل، أو يشعل النار فى جسده، أو ألف طريقة للانتحار, لكنه اختار كوبرى العشاق؛ حتى يصرخ من عليه صرخة مدوية، تملأ فضاء الدنيا بأسرها.
لم ينتحر "عمرو" أبدًا، بل سرق الفقر حبيبته، ونشل مستقبله، وجرّده من أحلامه.
أراد "عمرو" أن يصل برسالته إلى الحكومة المصرية التى تقسم بالغالى والثمين أن تحوّل حياة المواطن المصرى إلى جحيم, وأن يصبح مصير الشاب فى أرض الكنانة الانتحار على كوبرى كان معروفًا بأنه قد خُلق للحب.
"عمرو" أيضًا أراد أن يحذّر الشباب من واقعهم الأليم..ربما تصور أن العشرات من الشباب ستكون نهايتهم على كوبرى العشاق!!
أراد "عمرو" أيضًا أن يتوجّه بالرسالة الأهم ليقول: "يا من تتاجرون بآهات الوطن وأوجاع البسطاء, وتذبحون كل القصص الجميلة والذكريات الحلوة, ارحمونا"..
أرفض وصف "عمرو" بالمنتحر, لقد قتل نفسه من أجل فضح كل الفاسدين, ومروّجى الكراهية..قتل نفسه من أجل أن نصارح أنفسنا بواقعنا الفاسد؛ وحتى لا يتحول معبد الحب على كوبرى قصر النيل إلى مشنقة تقتل الحب، والهوى، والغرام..
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :