الأقباط متحدون | هل سنتمسك بقوميتنا؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٢:٢١ | الجمعة ١٧ سبتمبر ٢٠١٠ | ٧ توت ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٤٨ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار

هل سنتمسك بقوميتنا؟

الجمعة ١٧ سبتمبر ٢٠١٠ - ١١: ١٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: ماجد سوس

منذ عدة أيام تقابلت مع شخص عراقي مسيحي، وأثناء حوارنا جاء شخص عراقي آخر وبدأ يتحدث مع الرجل بلغة لم أفهمها. وبعد أن تكلما معًا قلت لصديقي: كنت أتصور إنني أفهم بعض العراقي، لكني وجدت نفسي لم أفهم شيئًا من الحوار الذي دار بينكما. فضحك الرجل، وقال: إننا لم نكن نتحدث بالعربية، وإنما كنا نتحدث بالآشورية. فقلت له مستغربًا: كيف تعرف الآشورية؟ قال لي: إن جميع المسيحيين عندنا يعرفون الآشورية ويتحدثون بها بطلاقة. فأثنيت على ذلك. فإذا بالرجل يفاجئني بتعليق يقول فيه: نحن لم نسمح للغة المسيحيين أن تندثر، بل حافظنا عليها منذ نشأة الكنيسة. ونظر إليَّ بحسرة واستطرد قائلاً: نحن لم نتنازل عن لغتنا كما فعل الأقباط في لغتهم، رغم أن خلفاء المسلمين العرب كانوا يتمركزون في "العراق". فقلت له: ونحن أيضًا حافظنا على لغتنا القبطية حتى إننا مازلنا نصلي بها في كنائسنا. فقال: هذا غير صحيح، أنتم ترددون بعض الجمل أو الألحان، ولكن لا تتحدثون بها في بيوتكم أو مع أولادكم. بل أن معظم الشعب القبطي لا يعرف حتى المعاني، ولا حتى أبسط قواعد الحوار.

حاولت أن أكرر المبررات التي نرددها دائمًا في مثل هذه الحوارات من أن الإضطهاد والحكومات العربية والعقوبات كانت قاسية جدًا لكل من يتحدث أو يستعمل القبطية، فرفض هذه المبررات، وقال: كان لابد على الكنيسة والأسرة أن تدرس قواعد اللغة القبطية حتى تبقى اللغة وتحيا..

بعد هذا الحوار، جلست مع نفسي متسائلاً: كيف تركنا نفائس الكتب والبرديات، بل أن النسخة القبطية للكتاب المقدس تعتبر من أقدم وأدق النسخ الموجودة والمحفوظة في متحف لندن دون أن يجد من يستخدمها ويستمتع بها؟

هناك تيار قوي يطالب بإلغاء اللغة القبطية بحجة.. أولاً: إننا نرددها بدون فهم. ثانيًا: من أجل أولادنا وبناتنا. ثالثًا: إن القبطية ليست لغة السماء، فلماذا نتمسك بها؟.

والحقيقة كل هذه الحجج مردود عليها...فترديدها دون فهم له حل. يجب أن يكون في كل كنيسة مدارس أحد مخصصة لتعليم قواعد اللغة القبطية وليس الألحان فقط. ونبدأ بتعليم التحيات وكيفية تعريف كل شخص بنفسه. ثانيًا: أولادنا هم أكثر الناس قدرة على تعلم لغات جديدة. أقول هذا وأنا أقوم بتدريس اللغة العربية للشباب الأمريكي، والعجيب إنهم يتعلمونها بسرعة. بل ويتعلمون ثلاثة وأربع لغات في ذات الوقت. أما إن اللغة القبطية ليست هي لغة السماء فليس هناك لغة على الأرض هل لغة السماء.

لكن أتظن عزيزي إذا أردنا أن ننشر إيمان الكنيسة القبطية وتعاليمها والكرازة بها، فلابد أن نصطدم باللغة القبطية، والتي نضطر أن نطلب من الشخص الذي ندعوه ألا يهتم بها لأننا نقوم الآن بالعمل على إلغائها ووضع اللغة الإنجليزية بدلا منها. وهو ليس بالحل الأمثل؛ لأننا لن نلغ اللغة من القداس حتى ولو حاولنا. فما زلنا نتمسك بألحان لا نستمتع بها إلا بلغتها الأصلية، فالهيتينيات على سبيل المثال، وألحان أسبوع الآلام، وغيرها ستكون مختلفة إذا رددناها بلغتها الأصلية.

وأنا هنا لا أطلب المستحيل، بل أطلب بوضع مناهج على ثلاثة مستويات كتعليم أي لغة حتى نبدأ بالحديث بها بين الناس، وهو أمر شيق وسيكون ركيزة هامة في الكرازة؛ لأننا نكرز بكنيسة قبطية أرثوذكسية وليس أرثوذكسية فحسب. كما إننا ينبغي التمسك بقوميتنا. ولأنه لا توجد قومية بلا لغة فإننا نفقد جزء كبير من إنتمائنا عندما نلغي لغتنا الأم. فإخوتنا السريان يحتفظون بلغتهم ويتحدثون بها في بيوتهم رغم إنهم يعيشون في مجتمع عربي في "سوريا"، ومجتمع أمريكي في "أمريكا".

كما يجب أن تهتم كليات اللاهوت القبطية "الإكليريكيات" بتدريس قواعد اللغة القبطية للدارسين، بل وعلى الأديرة أيضًا الإهتمام ليس فقط بالألحان بل بتدريس قواعد اللغة القبطية.

دعونا يا أخوتي نبدأ نهضة لنشر اللغة القبطية، وستثبت لنا الأيام إننا سنجعل من ليتروجياتنا سماء على الأرض، وسيستمتع كل إنسان بها دون ان ينظر لساعته مطالبين بتقليص وقت الصلوات؛ لأننا لا نعي المعاني العميقة الموجودة في هذه اللغة. ولا تصدق أخي الحبيب إنها ليست لغة حيّة؛ لأن مكتبة الإسكندرية العظيمة - قبل أن يحرقها العرب - كانت كتبها النفيسة مكتوبة باللغة القبطية. بإحيائنا للغتنا سنقفل الباب أمام الطوائف العربية التي تتخذ من اللغة القبطية ذريعة لحث المؤمنين الأقباط على ترك كنيستهم، من أجل إنهم لا يفهمون ما يرددون.

واللغة القبطية يا أحبائي لن تكن غريبة عنا؛ لأن معظم كلمات اللغة المصرية العامية التي نرددها هي كلمات قبطية. فهل تتفق معي على إبقاء كنيستنا على إسمها الحقيقي وهو الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بدلاً من تحويلها إلى الكنيسة العربية الأرثوذكسية يوم الخميس والسبت - على سبيل المثال - والى الكنيسة الأمريكية الأرثوذكسية يوم الأحد؟ فالسيد المسيح عندما عاش في "مصر" عدة سنوات وهو طفل مع أسرته، يُقال إنهم تعلموا الكثير من اللغة القبطية التي كانت هي اللغة الأصلية في "مصر" في ذلك الحين. فهل نفعل كما فعل إلهنا؟ وهل سنتمسك بقوميتنا؟




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :