جديد الموقع
نصف الحقيقة
بقلم: مينا ملاك عازر
الحقيقة قد تُرى من زوايا متعددة، وقد نختلف في توصيفنا لها، فقد يرى البعض أن سائق السيارة الذي عمل حادثة هو المخطئ، وآخر يرى أن الذي يعبر الشارع هو المخطئ، وآخر يرى أن العيب في الطريق..لكن الكل يُجمع أن هناك حادثة، وهي حقيقة، أما وأن تَروي نصف الحقيقة التي رأيتها فهذا تزوير وفبركة.
وأشهر الفبركات، فبركة صورة الرئيس "مبارك" وهو يتقدم الرؤساء المشاركين في المفاوضات الرباعية المباشرة. ولا عيب أن يرسم أحد رسمة تعبر عن ذلك، لكن العيب في أن تأخذ الصورة الأصلية وتغير فيها لكي تُوجد حقيقة جديدة، وواقع غير موجود، وبذلك تكون أظهرت نصف الحقيقة، إنهم صُوروا مع بعض، لكن النصف الثاني محوته أو داريته..وهو أمر مؤسف.
ثاني الفبركات، ما يقوم به الدكتور "زكي بدر" بقوله: إن المدارس في أحسن حال وتتقدم. وأخذ يشرح في الإلكترونيات التي تتبعها المدارس، والأجهزة الحديثة، وقال عن كيفية أن المدرسين الآن في القرى يحضِّرون موادهم بطريقة إلكترونية، وهو أمر خيالي.
الحقيقة، فقد يكون هذا حدث في بعض المدارس أو في مدرسة أو مدرستين على الأكثر، لكن أن نعممه فهذا محو لنصف الحقيقة، بل أكثر، حيث إنني على ثقة بأن هناك مدارس غير صالحة للاستخدام الآدمي.
ومن الفبركات أيضًا مسألة الكتب الخارجية التي يمنع صدورها الوزير الهمام الذي يريد أخذ حق الدولة، ولا عيب في ذلك. لكن النصف الثاني من الحقيقة إنه وهو يأخذ حق الدولة نسى حق التلاميذ وأولياء أمورهم، في أن يطمحوا في أن يأخذوا جزءًا من حقهم في نيل قسط من التعليم ولو بسيط، مهدر بسبب موازنة ضعيفة مخصصة لتعليمنا في "مصر".
وطبعًا اهتمام الدكتور "بدر" بمنع الكتب الخارجية من النشر أمر يُعد من الأمور المُركزة على نصف الحقيقة، فالنصف الثاني ضائع؛ للتغطية على حقوق كتاب الكتب الخارجية والمنتفعين منها.
ومن الفبركات أيضًا، ما قاله الوزير من أن المدارس مستعدة لتقبل الطلاب في بداية العام الدراسي، وهو أمر غير حقيقي بشكل كامل. فهناك مدارس فعلاً مستعدة، لكن هناك مدرسة هبطت في "سوهاج"، وهناك مدرسة طرد ناظرها تلاميذها؛ لأن مدرسته غير مؤهَّلة لاستقبالهم، حيث لا توجد بها كراسي. ومدارس "السويس" التي ظهرت صورتها في برنامج "من قلب مصر" محاطة بالزبالة والمستنقعات، تُعد مدارس غير مؤهَّلة للاستخدام الآدمي..ولا تنسوا أن ما خفي كان أعظم. مما يعني أن الوزير قال نصف الحقيقة فقط، وهو أمر غير مقبول.
وفي الختام، أنا لا أناقش هذه الفبركات بعينها، وإنما أعطيها مثالًا لسلوك شاع في الآونة الأخيرة، وهو تسليط الضوء على جزء من الحقيقة، مما يعطي الإيحاء بأنها الحقيقة كلها، وبالتالي يغفل الناس النصف الثاني الذي من شأنه أن يعطيك القدرة على أن تحكم على الأمر من كل الجوانب. ولك أن تعلم أنك لو قرأت خبرًا في جريدة قومية، وعدت وقرأته في جريدة مستقلة، وأخرى معارضة، ستجد أن الحقيقة في "مصر" ثلاث أثلاث، وليس فقط نصفين للأسف.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :