الأقباط متحدون | الفتنة الطائفية بـ"مصر"..لحظة خطر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٩:٣١ | الجمعة ٢٤ سبتمبر ٢٠١٠ | ١٤ توت ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٥٥ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الفتنة الطائفية بـ"مصر"..لحظة خطر

الجمعة ٢٤ سبتمبر ٢٠١٠ - ٥٢: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. أحمد الخميسي
في النصف الثاني من هذا العام، تسارعت وتيرة الأحداث الطائفية المصرية ، بدءًا من قصة "كاميليا شحاتة" التي مضت كإنها مسلسل تلفزيوني امتد  شهورًا حافلة بالمفاجآت والإثارة والمنعطفات الدرامية، ثم ظهرت في أغسطس أزمة مطرانية "مغاغة" في "المنيا" بسبب تراخيص بناء الكنائس. وتتقدم هذه الأيام أزمة التصريحات التي أدلى بها لقناة "الجزيرة" الأمين العام السابق لإتحاد علماء المسلمين د. "محمد سليم العوا" حين إدعى في حديثه أن الكنائس المصرية "مخازن للأسلحة"! ثم تصريحات الأنبا "بيشوى"- سكرتير المجمع المقدس- الذي قال: إن"الأقباط أصل البلد"، وإن "المسلمين مجرد ضيوف عليهم"..

والحقيقة إن تصريحات "العوا" و"بيشوى" على حد سواء هي نموذج للتعامل مع أخطر القضايا من دون أي شعور عميق بالمسئولية القومية والسياسية. فلم يكن لدي "العوا" أي دليل على تخزين الكنائس للسلاح وإلا لتقدّم ببلاغ للنيابة. أما حديث "بيشوي" عن "أصل البلد" فمردود عليه بأن البلد "أصل الكل" ومنشأهم جميعًا مسلمين وأقباط. 

أقول: ليست المشكلة فقط في تسارع وتيرة الأحداث الطائفية، ولكن في استمرارها دون توقف مثل شريط سينمائي متفجر مليء بمشاهد المظاهرات والبيانات والغضب. ثم في طبيعة تلك الأحداث وردود الأفعال التي صارت تشرب لحظة بعد الأخرى من وحل الكراهية والتأهب للعنف.

الأسوأ من كل ذلك إن أبطال الشريط السينمائي المتفجر– على ما يبدو- لا يتجهون بقصتهم إلي "نهاية سعيدة"، وما من شيء يبشر بتطور إيجابي. هناك بالطبع أصوات قليلة عاقلة هنا وهناك، لكنها تبدو مثل متر صغير من الأسفلت في طريق سفر طويل موحل بالكامل، ومليء بالحفر والمطبات. ولا ينتبه أحد إلي أن الأحداث الطائفية التي تبدو في تكرارها متشابهة، إنما تأخذ في الإختلاف من داخلها، وتتشبع في باطنها– مرة بعد الأخرى– بمضون مختلف عدائي، وأشد ميلاً للعزلة والمواجهة، مما يثير مخاوف الكثيرين من انعطاف الطائفية إلي طريق لا يدري أحد بم ينتهي.

وقد كتبت من قبل كتابًا كاملاً في ذلك الموضوع بعنوان "الباب المغلق"، ولا أحب أن أكرر شيئًا مما جاء فيه، فقط أقول: إن علينا- كما عند مواجهة أي مرض- أن نبدأ بتخفيض درجة الحرارة، بوقف الاشتباكات والبيانات وغير ذلك، ثم ننظر بعد ذلك في المرض ذاته، وحينئذ سنرى أن مرض الفتنة الطائفية تعبير عن الفتنة الإقتصادية والفتنة السياسية والإجتماعية والتعليمية والتربوية والثقافية والتنموية.

وفي كل تلك الفتن، لا يستطيع المواطن البسيط أن يصل لحل، وأحيانا لا يمكنه حتى فهم المسألة، لماذا ترتفع أسعار السلع؟ ولماذا استحال الحصول على مسكن؟ لماذا تزداد البطالة؟ وكيف نتجنبها؟ أما في الموضوع الديني، فإن المواطن يصبح عالمًا فجأة بكل شيء، ويستطيع هنا تحديدًا، أن يشتبك، وأن يظهر فاعليته، وقدرته على التغيير الذي يعجز عنه في المجالات الأخرى. وإذا أردنا حقًا للفتنة الطائفية الدينية أن تتوارى، فإن علينا إطلاق أوسع الحريات الديمقراطية ليجد المواطن نفسه "سياسيا" وليس "دينيا".

علينا أن نشرع في تغيير المناخ العام بدءًا من المدرسة والتعليم، وأن نبتدع مادة دينية جديدة تقوم على إظهار التعاليم والروح المشتركة بين الإسلام والمسيحية، وأن نكرر للتلاميذ أن عبارة "الله محبة" هي أخت "الله الرحمن الرحيم". وعلينا أن نبدل التشريعات التي تقيد بناء الكنائس، وأن نفسح للأقباط مساحة مماثلة في وسائل الإعلام خاصة التلفزيون، وغير ذلك.

وربما يُجدي عقد مؤتمر وطني عام، غير رسمي، يتقدم فيه الأقباط بتصورهم عن مشاكلهم، ويتقدم فيه المسلمون بتصورهم، وينتهي لشيء مشترك..شيء يعيدنا إلي قول "أحمد شوقي" وهو يخاطب الوطن: " ولو أني دعيت لكنت ديني..عليه أقابل الحتم المجابا"، ويعيدنا إلي ثوابت الحركة الوطنية التي رسخت أن "الدين لله والوطن للجميع".




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :