حوار ألماني – مصري.. هل يمد الإعلام جسور التواصل أم ينسفها؟!
كتب: عوض بسيط- خاص الأقباط متحدون
"هل الإعلام مثيرٌ للخلافات أم وسيطٌ لحلها؟".. كان ذلك هو السؤال المحوري الذي دارت حوله مناقشات الندوة التي استضافتها مؤسسة "فريدريش ناومان من أجل الحرية" بالتعاون مع تليفزيون وراديو "دويتشه فيلا" في فندق "ماريوت" بـ"الزمالك" (القاهرة)، مساء الاثنين 20 سبتمبر الجاري. والتى افتتحها د. "رونالد ميناردوس"- المدير الإقليمي لمؤسسة فريدريش ناومان- و"إديلهايد فيلكا"- مدير العلاقات الدولية لـ"الدويتشه فيلا". وأدارتها "أميرة حسين"- المنسق الإقليمي لفريدريش ناومان.
الاختلافات فرصة للحوار
بنظرة إيجابية تحدث "إريك بيترمان"- المدير العام للدويتشه فيلا- عن الإعلام، مؤكدًا أن التطور التقني في وسائل الإعلام وطرق البث، جعله ينقل المعلومات بشكل أسرع وآني، مشيرًا إلى أن الإعلام الآن يتصف بالعولمة التى يمكن أن تُستثمر إيجابيًا في مساعدة الناس– مثلما حدث في كارثة تسونامي- أو بشكل سلبي، الامر الذى يتوقف على مدى موضوعية الإعلامي.
وقال "بيترمان": إن بين العرب وأوربا الكثير من الإرث التاريخي المشترك، وحتى الاختلافات الموجودة هي فرصة للإعلام، عليه أن يستغلها لتقريب وجهات النظر، والتعلم من بعضنا البعض، وهو ما يجب أن يتم من كلا الطرفين، ومثال ذلك التعاون المشترك بين "الدويتشه فيلا" والتليفزيون المصري في إنتاج برنامج شبابي مشترك يحمل اسم "شباب بلا حدود".
سخرية الحضارات!
وعلى النقيض من "بيترمان"، جاءت آراء الأديب المصري "يوسف القعيد"، الذي قال: إنه يشعر بالسخرية كلما سمع مصطلح "حوار الحضارات"، مبررًا ذلك بأن الحوار يحتاج قدرًا من الندية والأرضية المشتركة، بينما الغرب يريدنا مستقبلين لما يريد أن نستقبله، ومستهلكين لما يريدنا أن نستهلكه. مؤكدًا أن العولمة تعني مواجهة خصوصية الشعوب ذات الحضارات.
وأضاف "القعيد": "نحن ندخل حوار الحضارات من أرضية المهزومين، لا يمكن أن يحدث التعادل بيننا وبينهم، عشنا الحلم الأوربي أيام "إسماعيل باشا"، وتغيَّر ليصبح الحلم الأمريكي، ثم الحلم الياباني، والآن الحلم الصيني"!
مفهوم الحرية والسلام
"هناك فجوة بين الغرب والشرق فيما يتعلق بمفهوم الحرية"..هذا ما رأته د. "هالة مصطفى"- رئيس تحرير مجلة الديمقراطية- مؤكدةً أن المفهوم قى الغرب واضح، وأن حرية التعبير المطلقة التي يعيشها الغرب تنعكس على الإعلام. مدللةً على ذلك بالرسوم الكاريكاتيرية المسيئة التى تُترجم في هذا الإطار. مشيرةً إلى أن نقد الأديان متاح في الغرب، أما التعريف العربي لذاته فمقتصر على الدين، وأن النظرة إلى الغرب تاريخيًا تحمل الكثير من التشكك والعداء، فالغرب في الذهنية العربية العامة هو مستعمر.
وفي مثال صارخ، تحدَّثت رئيس تحرير مجلة الديمقراطية عن ثقافة السلام، موضحةً أن أحدًا لم يتحدث عن التسوية والسلام مع "إسرائيل" إلا ويهاجم بشدة، وأن الإعلام العربي مازال في حالة حرب، ولم يقم بأي دور لنشر هذه الثقافة. وهو ما اشتبك معه الروائي "يوسف القعيد" مؤكدًا إنه معني بالسلام لكنه ضد الممارسات الصهيونية والتبجح الإسرائيلي الذي يريد إعلان "إسرائيل" كدولة يهودية، وقال: إن العالم يدور حول الصراع بين المسيحية واليهودية والإسلام، حتى أصبحنا في الفترة الأخيرة لا تنتفس إلا الدين، ولا يحكمنا إلا المسجد أو الكنيسة.
التحريض الإعلامي!
وبمزيد من التشاؤم، يرى الخبير الإعلامي "حسين عبد الغني" أن الإعلام لا يلعب فقط دورًا سلبيًا في تشكيل صورة ذهنية سلبية عن العرب أو الغرب، بل يقوم بدور تدميري يصل لحد التحريض على العنف والقتل، مشيرًا إلى التغطية الإعلامية لأحداث الرسوم المسيئة والتى دفعت لأعمال تدمير وعنف، وإلى التغطية الأمريكية لبناء مسجد في "نيويورك" مكان اعتداءات 11 سبتمبر، والتى أدت إلى أن يطعن شاب أمريكي سائق تاكسي لمجرد إنه مسلم!.
سوء فهم تاريخي
ورأي "عبد الغني" أن هناك سوء فهم تاريخي بين الشرق والغرب يرجع لقرون، نتيجة محاولات غزو العرب أوربا، والحروب الصليبية على العالم الإسلامي، والاستعمار الأوربي الذي احتل معظم العالم العربي، ثم إحكام قبضة "أمريكا" على المنطقة بوسائل أخرى. بالاضافة إلى قيام دولة "إسرائيل"، ومساعدة الغرب لـ"إسرائيل" على التسلح، وأن تكون الدولة النووية الوحيدة.. موضحًا أن كل هذا أفرز أجيال من المصريين والعرب يعتقدون أن الحكومات المستبدة استمرت في حكمها بدعم غربي لأنها تؤمن مصالح الغرب، في مقابل الصورة النمطية عن العرب المنتشرة في الغرب؛ أنهم متوحشون همج لا يفكرون إلا في الجنس.
السلطة والمال تصنع الرسالة الإعلامية
وعن صناعة الأجندة الإعلامية، قال "القعيد": إنه من المفترض أن يقوم بها ثلاثة أطراف، أولها المتلقي، ثم العاملون بالمؤسسات الإعلامية، وأخيرًا المُلاك، ولكن الواقع أن أصحاب رؤوس الأموال هم من يصنعون القرار وحدهم.
ورأت د. "هالة مصطفى" أن الحكومات هي التي تصنع الأجندة الإعلامية. فعلى الرغم من التحول فى "مصر" من فترة التنظيم السياسي الواحد ذو الإعلام الشعبوي الواحد الموجَّه، إلى إعلام متعدد مع تنوع الوسائل، إلا أن مضمون الرسالة الإعلامية لم يختلف كثيرًا على حد قولها.
ووافقها الرأى "حسين عبد الغني"، والذى أكّد أن سيطرة الحكومات ورأس المال على الإعلام يفقده موضوعيته الواجبة. موضحًا أن التحليلات الموضوعية فى الغرب عن المسلمين لا تلقى رواجًا، أما في الشرق فهناك حكومات لديها مصالح، ولا مانع أن تترك الإعلام يكتب عن الغرب ويهاجمه طالما يتغاضى عن جوانب الفساد في دولته.
إعلام مستقل ومحايد
إن "استقلالية الإعلام" في رأي مدير عام الـ"دويتشه فيلا" هي هدف يجب المحاربة من أجله؛ لأنه الحل الأمثل للمشكلات التي طرحت، وهو ما يساعد الإعلاميين على الموضوعية التي شدد عليها "بيترمان"، مع أهمية التدريب لخلق جيل من الإعلاميين المهنيين.
وهذا الرأي أيَّده "حسين عبد الغني"، وأضاف: علينا التوقف عن المعايير المزدوجة مثال الرعب مما يسمَّى الوجود الإسلامي في أوربا، مقابل غضب المسلمين من عدم سهولة بناء المساجد هناك، بينما لا يستطيعون مواجهة بعض الحكومات الإسلامية التي تضع قيودًا على بناء الكنائسَ!!
أما د. "هالة مصطفى" فترى أن المزيد من الديمقراطية في العالم العربي يعني وجود إعلام حُر، وهنا يمكن الفصل بين الإعلام والحكومات.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :