الأقباط متحدون | في ذكرى السادس من أكتوبر عام 1973 يوم النصر الحزيـــن
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٧:٠٦ | الأحد ٣ اكتوبر ٢٠١٠ | ٢٣توت ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٦٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

في ذكرى السادس من أكتوبر عام 1973 يوم النصر الحزيـــن

الأحد ٣ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلـــم : أنطــونــي ولســن
مصر منذ أن حكمها آخر فرعون قبل الميلاد بحوالي ثلاثمائة عام ، وهي تتقلب بين أحضان حكام بعيدين كل البعد عنها وعن حضارتهاوعظمتها، ولا يمتون لها بصلة الدم . لم يحكم مصر منذ ذلك الوقت مصري . فقد حكمها الأغريقي ، ثم الروماني ، ثم العربي  بد خول عمرو بن العاص ، وأصبحت بعد ذلك تتقلب مع الحكام العرب من الخلفاء الراشدين إلى الدولة الأموية ، بعدها العباسية ، ثم الفاطمية وبناء مدينة القاهرة ، التي أصبحت عاصمة الدولة الجديدة . بعدها تقلب مع إختلاف الدول والحكام من يحكم مصر من الغرباء عنها ولا همْ لهم سوى نهب خيرات مصر وإذلال شعبها حتى العصر الحديث ، وآخر الغرباء كان الملك فاروق .
قامت الثورة ، واعتلى حكم مصر نفر من أبنائها . فماذا حدث لمصر ؟! هل تغير الوضع وعادت مصر إلى عظمتها وواكبت التقدم والإزدهار ؟  وهل عاد الشعب المصري يستمتع بالحياة كما كان يأمل ويتمنى ؟؟!! .. لا أظن !. فقد سار الحكام الجدد على نفس نهج الحكام السابقين مع إختلاف واحد أنهم من أبناء مصر ، وإن كنت أشك في جذ ورهم أنها ليست مصرية أصيلة ، ولكنهم لم يكونوا ولاة يتبعون خليفة أو سلطانا . هذا الوضع مخزي ومحزن في تاريخ مصر . لأننا كنا نأمل أن يتغير وجه مصر التابع الذليل ، إلى وجه مصر الحضاري القوي والمعبر عن عظمة مصر والشعب المصري .
في كل تلك العهود والعصور بعد العصر الفرعوني ، لم يكن في مصر جيش وطني . بل كان الجندي المصري إما جنديا مرتزقا يتخذ من مهنة الجند ية طريقة عيش يعتاش منها ، على الرغم من إعتماد محمد على ( باشا ) على المصري في تكوين جيش مصري حقق به الكثير من فتوحاته وأحلامه بعد أن أطاح بالمماليك . ومع ذلك لم يصل المصري إلى الحكم . لأن الولاة والحكام لم يسمحوا له أن يحلم به . فما بالنا بتحقيقه !.
قامت الثورة ورجالها رجال حرب مصريون وجيشها وطني مصري تخلص من كل من يشك في عدم وطنيته وإخلاصه لمصر .
دخلنا أول حرب عام 1956 ولم ننتصر . خدعونا وقالوا أننا إنتصرنا على ثلاثة أعداء ، إنجلترا وفرنسا وإسرائيل . والحقيقة تدخل روسيا وأميركا هو الذي دفع بتلك الجيوش بوقف الحرب والإنسحاب . وكان المستفيد الوحيد في تلك الحرب .. إسرائيل . إسرائيل التي قالوا عنها أنهم سيلقون بها في البحر . كانت سفنها بعد الحرب تعبر من ميناء إيلات وعبر خليج العقية رافعة العلم الأسرائيلي .
ظننا أن دخولنا في حرب نساد فيها اليمن ضد السعودية هو من أجل إحتياج الجيش المصري لخبرة حربية أكثر . لكن كلفنا ذلك الكثير من المال والأرواح لأن الحرب في اليمن تحتاج لتكنيك حربي خاص للجبال المعوقة لحرب غير معدة لذلك .
إرتمينا في أحضان روسيا وأخذنا أسلحة وأعد د نا العدة لمواجهة العدو الإسرائيلي الذي سنلقي به في البحر . لكن الواقع المرير أن مغنطيسية كرسي الحكم أقوى من أحلام أمة . فكانت الحرب التي كان يعد لها موشى ديان منذ عام 1956 ، وكنا جميعا في مصر بما فيها الحكومة والزعيم مجندون لخدمته ( موشى ديان ) وخدمة دولته إسرائيل  لتحقيق إنتصاره في يونيو 1967 والنتيجة يعرفها القاصي والداني ، الصديق والعدو .
جاء حاكم آخر وصحح الأوضاع وكوًن جيشا دفاعيا هجوميا هو حلم مصر وأبناء مصر .
دخلت مصر حرب السادس من أكتوبرمن عام 1973 وإنتصرنا . إنتصرنا لأن تلك الحرب كانت المحك الحقيقي لصلابة وقوة عزيمة الجندي المصري المقاتل الشجاع . ومهما قيل عن تلك الحرب .. فإن قوة مصر في تلك الحرب كان مصدرها التصميم المصري على الأخذ بالثأر من هزيمة 1967 ، وتلاحم قوى الشعب المصري ، مسلمين ومسيحيين . بل أن الذي قضى على أسطورة خط بارليف الخرافية ، ضابط مصري مسيحي اللواء باقي زكي صاحب فكرة تدمير وتحطيم الساتر الترابي بمدافع المياه . وأذكر أيضا كل من اللواء فؤاد عزيز قائد الفرقة 18 التي حققت معجزة عبور قناة السويس والعميد نعيم وهبه الذي أسقطت كتيبته أكبر عدد من الطائرات الأسرائيلية ، واللواء ثابت إقلاديوس رئيس عمليات مدفعية الجيش الثاني الذي أصر على الأخذ بثأر الشهيد عبد المنعم رياض ، واللواء أركان حرب شفيق سدراك الذي نال شهادة الأستشهاد لحماية تراب مصر يوم 9 أكتوبر عندما أصيبت سيارته بنيران إسرائيلية .. وغيرهم من ضباط وجنود مصريين مسيحيين الذين إختلطت دمائهم بدماء إخوة لهم مسلمين دفاعا عن مصر الوطن الذي يضمهم جميعا يتظللون بظله وحمايته واجب مقدس والأستشهاد من أجله فخر وعزة وشرف عظيم .
توقفت الحرب وبدأت مشاورات السلام والصلح مع إسرائيل . فوجيء العالم بركوب السادات الطائرة متوجها إلى إسرائيل في التاسع عشر من شهر نوفمبر عام 1977 حيث إلتقى جميع زعماء إسرائيل والشعب الأسرائيلي . وكان لتلك الزيارة أثر كبير على المفاوضات التي بدأت من أجل توقيع معاهدة صلح بين مصر وإسرائيل والتي تمت في منتجع كامب ديفيد في أميركا عام 1979 .
أدرك السادات أن الشارع الأسلامي الذي بدأت صحوته على يد آية الله الخميني في إيران لن يغفر له فعلته . حاول التحصن بإطلاق يد الجماعات الأسلامية المتشددة من السجون والمعتقلات وأعطاها الضوء الأخضر لإرتكاب الجرائم من قتل ونهب وتكفير وكل ما يمكنهم فعله ، فعلوه ظانا أنه بهذا الفعل يأمن شرهم ويظهر للعرب أنه مازال مسلما مؤمنا ، وبدأ يتكلم بأسم محمد أنور السادات وليس كما كان يكتفي فقط بأسم أنور السادات ، بل وأعطى لنفسه صفة الرئيس المؤمن لدولة مسلمة . وغيرفي المادة الثانية من الدستور بدلا من أن الشريعة الأسلامية إحدى مصادر التشريع إلى الشريعة الأسلامية هي  مصدر كل ا لتشريعات في مصر .
وهنا إنقلب يوم النصر العظيم إلى يوم النصر الحزين . فقد بدأت تلك الجماعات بتنفيذ ماكان ينادى به في مصر قبل حرب 1967 ، وكنا نسمعه نحن المسيحيين من يقوله بشماتة وتشفي بأنهم سيقضون على السبت ثم يقضون على الأحد . ومعنى هذا واضح جلي وإن كانوا في الحقيقة لم يقضوا على السبت بل عقد السادات معه صلحا إسترد بمقتضاه معظم الأراضي التي إحتلتها إسرائيل عام 1967 .
بعد حرب عام  1973 وإطلاق أيدي تلك الجماعات المتشددة . أصبح أقباط مصر الهدف الأساسي لتنفيس تلك الجماعات عما يجيش في صدورهم من رغبة جامحة لتحويل مصر إلى دولة إسلامية تحكم بالشريعة الأسلامية التي هي مصدر كل التشريعات وإعتبار أقباط مصر ذميون يخضعون لهم ويجبروهم على دفع الجزية وهم صاغرون . هجموا على محلات الأقباط وقتلوهم ونهبوا وسلبوا أموالهم . وبدأ مسلسل خطف البنات المسيحيات والشباب المسيحي والإجبار أو الترغيب لترك دينهم وإيمانهم المسيحي . وإزداد تضيق الخناق على المسيحيين سواء في الوظيفة أو التعليم ، ومضايقات في الشارع المصري لكل مسيحي ولكل مسيحية في مصر .
إنتشرت المدارس الأسلامية الممولة من الخارج والتي بدأت في إعداد أجيال جديدة من أبناء وبنات مصر لا يدينون بالولاء لمصر . بل الولاء كل الولاء يجب أن يكون للأمة الأسلامية . وتحولت مصر إلى بلد غريب لم يتعود شعبها على أن يراها بهذا الثوب الملطخ بدماء أبرياء قتلهم إسلاميون متشددون .
في يوم السادس من أكتوبرعام 1981، وساعة الأحتفال بعيد النصر العظيم الذي مر عليه سبع سنوات . أغتيل الرئيس المؤمن محمد أنور السادات أخر فراعنة مصر كما كان يحلو له التحدث هكذا أمام أصدقائه الأمريكان . أغتيل السادات بأيدي من أطلق صراحهم وأطلق أيديهم يعيثون في الأرض فسادا ما أبشعه محتمين بعباية الدين . أغتيل السادات في واضحة النهار وأمام جنوده وقواته العسكرية ووسط نائبه محمد حسني مبارك بطل قيادة سلاح الطيران إبان حرب أكتوبر عام 1973 الذي كان يجلس عن يمينه ووزير الحربية الذي كان يجلس عن يساره وبقية الوزراء ورجال الحكم وعلية القوم ورجال الدين الذي كان من بينهم الأنبا صموئيل الوحيد الذي أصابه رصاص المعتد ين في مقتل بعد القضاء على السادات . أغتيل السادات في تمثيلية هزلية لا يمكن لعاقل أن يستوعبها لبساطة الفعل وسهولته . وكان إغتيال الأنبا صموئيل مع السادات إشارة واضحة غلى التخلص من الأقباط كما تخلصوا من الخائن .
هذا العام 2010 ونحن على أبواب ذكرى يوم الأنتصار الحزين ، هل زال الحزن عنه ؟ أم إزداد الحزن على ما آلت إليه أحوال  مصرمن سوء وفساد وأصبحت على فوهة بركان بغلي قد ينفجر على شكل حرب أهلية ؟؟!! .
من يعتلي حكم أي بلد بعد إغتيال خاكمها يكون واحد من إثنين . إما أن يكون قويا مهابا يقضي على من قام بالإغتيال إن كان فردا أو جماعة . إن كان الأغتيال إغتيالا سياسيا أو دينيا فيعمل على مطاردة من هم وراءه حتى يقضي على كل إحتمالات التدخل في شئون حكمه . أو يكون مسالما يريد الحكم دون مواجهة قوية للفكر الذي حض على الأغتيال لأنه فكر ديني ولا يريد تكفيره منهم أو من غيرهم كما فعلوا مع سلفه .
من يتطلع على أحوال مصر الأن ونحن على أعتاب ذكرى يوم النصر الحزين السابع والثلاثين يمكنه أن يتفهم لماذا وصل بنا الحال إلى ما نحن عليه .
الجماعات الأسلامية المتشددة إزدادت قبضتها وتغلغلها في الشارع المصري متضامنة مع كل من الفكر الوهابي والسلفي ، فقامت بأعمال عنف وإغتيالات طالت رجال الفكرالمنفتح الرافض للسيطرة من قبل مجموعات تتخذ من الدين وسيلة للوصول إلى الحكم الذي كان غايتهم منذ ظهور جماعة الأخوان المسلمين في أوائل القرن الماضي على يد الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة ومرشدها العام . وعلى الرغم من قضاء عبد الناصر عليهم ، أو كما خيل إليه أنه قضى عليهم  حتى لايكونوا شوكة في ظهره مصممين على المشاركة في الحكم فتخلص منهم بحكاية الثامن عشر من أكتوبر عام 1954 وحادثة المنشية المفتعلة. إلا أنهم من عاش منهم سواء داخل سجون ومعتقلات مصر أو من إستطاع الخروج خارج مصرتكاثروا وأصبحوا أشد قوة وبأسا عما كانوا عليه وخططوا ليس تخطيطا محليا بل أصبح تخطيطهم تخطيطا عالميا ، وبدأوبتصعيد قوتهم وفرض وجودهم بالمظهر الخارجي سواء للمرأة أو الرجل ، ولا يتوالون عن سفك الدماء إذا إقتضى الأمر .
القضية الفلسطينية أخذت من الحاكم في مصر حيزا كبيرا من وقته شغله عن حقيقة ما يدور على أرض وطنه مقتنعا بما قدمه للشعب من حريات إعلامية وحياتية للتعبير والتظاهر إن إقتضى الأمر. وترك لحزبه الذي يترأسه إدارة شئون البلاد دون مراجعة منه حتى أصبح رجال الحزب هم الذئاب الناهشة لخيرات البلاد وإنتشار الفساد على جميع المستويات إن كانت أخلاقية أو قانونية أو إقتصادية . ولا مكان لأحزاب المعارضة فهي على الرغم من كثرتها ، إلا أنها أصفار على اليسار .
ونحن على أعتاب الأحتفال بيوم النصر الحزين تمر مصر بأصعب مراحل التهديد بقيام فتنة طائفية لن ينجو منها أحد .. لا مسلم ولا قبطي . على الرغم من أعداد الأقباط لا يتساوى مع أعداد المسلمين ، وقوة الأقباط لا تتساوى مع قوة المسلمين . لكنه الشر المبين .
السجال الدائر الأن بين المسلمين والمسيحيين في مصر لا مكان له من الأعراب ولن يؤدي إلا للخراب . فمن يتعقل !!
ماذا يفيد المسلم لو أن الكنيسة أخفت سيدة أو أكثر قيل أنها أسلمت ثم أجبرت على ترك الأسلام وعادت إلى مسيحيتها ؟؟!!
 وماذا يضير الكنيسة لو أفصحت وأوضحت ما يدور حول تلك الأمور بشفافية دون ما حساسية إن كانت تلك المرأة أو غيرها زوجة كاهن أو رجل علماني مسيحي ؟؟!!
لماذا لا يتدخل أمن الدولة في إعلان الحقائق بالمواثيق والإثباتات عن كل ما يحدث من الطرفين المسلم والمسيحي تجاه الأخر ؟؟!!
لماذا يتدخل رجال الدين من الطرفين في أمور غير دينية أو أمور دينية تخص دين غيره ، أو أمور سياسية تتنافى مع ما ينادي به المعتد لون بفصل الد ين عن الدولة ؟؟!!
  لماذا لاتتحرك الأحزاب بعقد ندوات شعبية على مستوى الجمهورية لبث روح المحبة والتآخي بين أبناء وطن واحد جمعهم على الحلوة والمرة طوال وجودهم على أرضه ، لتثبيت وجودهم الفعلي على أرض الوطن ، وأنهم فاعلين متفاعلين مع كل ما يحدث لمصر وأبناء مصر ؟؟!!
على الرغم من كل هذه التساؤلات وغيرها .. إلا أن هناك تساءل واحد يحيرني .. لماذا سيادة الرئيس تركت الأمور تصل إلى هذا الحد من التوتربين أبناء مصر التي توليتم مسئولية إدارة شئونها وحكمها ؟؟؟؟




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :