حتى لا تختلط الامور : نحن والمتنصرون
بقلم : القس ايمن لويس
أقصد نحن المسيحيون بالمولد والمؤمنون الجدد من خلفية غير مسيحية الذين أقروا الشهادتين الداخليه والخارجيه " لآنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع ، وأمنت بقلبك أن الله أقامهُ من اللأموات خلصت "( رو9:10 ) ونالوا المعموديه " من آمن وأعتمد خلص "( مر16:16 ) . بادئ ذى بدء كلمة متنصرين غير صحيحه لأن الذين قبلوا السيد المسيح مخلصاَ وفادياَ معترفين "أن يسوع المسيح هو ابن الله " ( أع 37:8 ) صاروا مسيحيين وليس نصارى بحسب التسميه الكتابيه ( أع 26:11 ، 28:26 ، 1بط 16:4 ) وهذه الصفة لازمة أتباع المسيح منذ نشأة المسيحيه حتى يومنا هذا فى كل أرجاء المسكونه ، وهى مرتبطة بأساس عقائدى أكثر من كونها مجرد لقب أو تسميه ، كما أن النصرانيه شئ والمسيحيه أخر . فاللفظ الصحيح المسيحيون الامم ، بمعنى القادمون من الاديان الاخرى أو العائدون من السبى أو العابرون كما هو شائع بين الاوساط المسيحيه بحسب رأى الاب الموقر القمص ذكريا بطرس .
منذ فترة وأنا أشعر بتثقل للكتابه فى هذا الموضوع مشاركاَ القراء الاعزاء بعدما أصبح الامر واقع ملموس نتيجه للأنفتاح الفكرى الذى حدث بسبب التطور الهائل فى فى عصر التكنولوجا والعولمه وما تلاها من عصر الحداثه ، فاصبحنا نسمع من يوم لأخر عن المتحولين الراغبين فى اعلان قناعتهم الدينيه الجديده بل تخطى الامر حدود المواقع الالكترونيه والفضائيات حتى تجراء البعض بالمجاهرة بايمانهم الجديد عبر الصحف المحليه مثل نجلاء الامام وماهر الجوهرى ويحيى السعيد محمد حجازى وأحمد أباظه وغيرهم ، ورغم أن هذا الامر احدث صدمه شديده فى مجتمعنا عند بداية ظهوره منذ عدة سنوات قليله إلا أنه ذو مردود إيجابى على المدى البعيد القريب بأعتباره فرضاَ من مقتضيات الدخول فى عصر الحداثه ، ليخرج المعتقد الدينى من كونه من القضايا الاجتماعيه العامه لحيز قبوله بانه من الامور الشخصيه الخاصه التى تتعلق بعلاقة الانسان بربه وليس لأى أحد التدخل فيها ، وعلى ما أعتقد أن هذا الامر سوف يفقد التعامل معه بهذه الحسسيه المفرطه على هذا النحو المتبع الان بمرور الوقت ، ومن هنا وجب تذكير أنفسنا بمسؤليتنا تجاه المؤمنين الجدد وأدراك حجم ما يواجهون من مشكلات وتحديات ومقدار ما يحتاجون من دعم بالصلاه والتشجيع . وأقول هذا ليس فقط لمن صاروا خليقه جديده فى المسيح يسوع من خلفيه غير مسيحيه بل أيضاَ للمسيحيين الاسميين الذين أستجابوا لتبكيت الروح القدس وفتحوا قلوبهم لنور الايمان الاختبارى بنعمة الرب يسوع ، ولكن يبقى الذين أمنوا من خلفيه غير مسيحيه الاحوج للدعم .
ومنذ بداءت أفكر فى موضوع المقال تبادر لذهنى العديد من الاسئله مثل ، هل يضاعف المسيحيون الضغوط التى يواجهها المتنصرون أم يعملون على تخفيفها ؟ لماذا سقف توقعات المسيحيين وأنتظاراتهم منهم من حيث ألتزامهم بالوصايا والمثاليه فى السلوك الايمانى ومطالبتهم بالاحتشام والتدثر بروح المسيحيه وثقافتها أعلى من سلوك المسيحيين أنفسهم ؟ ! لماذا يتجنب بعض المسيحيون مخالطتهم والتعامل معهم أو مساعتهم ؟ مما يذكى حالة العزله التى هم فيها ، وكيف ينقاد بعض من جمهورالمسيحيين وراء نفر مما يستخدمهم الاعلام من المسيحيين بالاسم الذين أعتادوا مداهنت الاغلبيه واحترفوا النفاق الاجتماعى فيقدمون الطعن والتشكيك فى صدق دوافعهم بتغيير معتقدهم الدينى مصحوباَ بالتطاول وتوجيه الاتهامات والادعاءات لهؤلاء المؤمنون الجدد بالعماله والخيانه والمتاجره والتربح وتهديد السلام الاجتماعى وهم من يفعلون ذلك ؟ ! أو كيف يخضع بعض رجال الدين للضغوط أو الابتزاز فيُستخدموا كوسيله لتفشيلهم فى الايمان ولتذويد معاناتهم الاجتماعيه والضغوط النفسيه والحرب الروحيه وتشفى أعدائهم فيهم ؟ ! .. الخ . إن الايمان الوليد كالنبته الصغيره التى تحتاج إلى رعايه وأحتضان وتعليم وتوجيه ، ولكن مسؤلية من فعل هذا الامر ؟ أنها مسؤلية كل مسيحى مؤمن ، لذا وجب على كل مسيحى أن يكون لديه الثقافة التى تساعده على القيام بأحدى واجبات الايمان ، وفهم الظروف المحيطه بالامر والمشكلات والتحديات والاحتياجات ، ويمكن أختزال هذه الامور فى ثلاث نقاط .
أولاَ .. أجتماعيه فهؤلاء المتحولين يواجهون عزله شديده باعتبارهم فئه منبوذه اجتماعياَ من اقرانهم المنتمين لمعتقدهم القديم بل يتعرضون لمشاعر العداء حتى من ذويهم وربما التهديد حيث ان الثقافه العامه المنتشره اليوم تزكى هذا الفعل ، فالطريق مازال طويلا وغير ممهد لتغيير هذه الثقافه ويحتاج لتضافر كثير من الجهود ولاسيما من المثقفين والمسؤلين ، وحتى المسيحيون انفسهم بثقافتهم السلبيه الانعزاليه يتجنبون مخالتطهم أما جُبناَ أو أتقاَ للمشاكل التى سوف يتعرضون لها ، وهنا يجد المتحولون أنفسهم فى بحر من المشاكل والضغوط التى عليهم مواجهتها بمفردهم وهم عزل لا يملكون أدوات المقاومه ، فيعانون البطاله والازامات الماليه واحتياجات الحياة اللازمه من عوز ومتطلبات الجسد الضروريه وهو ضغط رهيب لايجب تجاهله أو التهوين فيه . نهيك عن مشكلة الاوراق الثبوتيه الغير ممكنه لتسجيل ديانتهم الجديده وهو أمر هام لآسباب كثيره منها الخروج من الازدواجيه والرغبه فى تحديد الهويه وتجنب الشعور بالنفاق وهذا من متطلبات الايمان المسيحى لآنه من تعاليم الايمان أن لا يظهر المؤمن بخلاف ما يُبطن فلا بد أن تكون خفايا القلب ظاهره وعملاَ بقول المسيح الرب " من انكرنى قدام الناس يُنكر قدام ملائكة الله " ( لوقا 9:12 ) أضف إلى ذلك رغبتهم فى تعليم أبنائهم أسس الايمان الجديد الذى استراحة له ضمائرهم وعدم أجبار أولادهم على تعلم الديانه السابقه ، ثم تأتى مشكلة احتياج الشريك لمن هو غير متزوج أو أضطرته الظروف للأنفصال فأين يجد من يوافقه المعتقد الجديد ، كما أن الاسر المسيحيه تمتنع عن قبول مثل هذا الزواج لأسباب يطول شرحها ، ونكتفى بهذا القدر فى هذا الجانب .
ثانياَ .. الضغوط النفسيه . إن تغيير الجذور والتحرر من الماضى وبالأخص عقيدة الانسان وما يرافقها من احاسيس أقلها الشعور بالمتناقضات أو أنعدام الوزن نتيجه لعدم وضوح الرؤية فى الحاضر ومخاوف المستقبل وقد يكون هناك شعور بالندم على ما فقد من العمر . أو الاحساس بالوحده أو بالذنب أوالالم لما سببه لعائلتة من حرج كل هذه الصراعات الداخليه تمثل ظغوط لا يستهان بها لولا سلام الله الداخلى وفرح الخلاص الذى هو أول عطايا النعمه المخلصه ما كان الاحتمال ممكنا .
ثالثا .. روحيا . من المؤكد أن الايمان المسيحى له طبيعتة وخصوصيتة ، فاليس الشريعه هى التى تحكم الانسان بل الضمير الروحى وتبكيت الروح القدس ولم تعد طقوس التطهير خارجيه مثل الاغتسال وعمل الخير وغيرها ، بل الطهاره الداخليه من محبه وغفران وتسامح وتواضع ووداعه وعلى سبيل المثال فالوصيه التى تقول من ينظر إلى أمرآه ليشتهيها فقد زنى (مت 28:5) وليس هكذا فى الشريعه والشريعه تعاقب ولاتعالج وفى موضع آخر من نفس الانجيل يُسئل المسيح عن الاغتسال والمحرمات فى المأكل فيجيبهم قائلاَ " يا مراؤون ! " ( مت 7:15) إن الطهاره الداخليه أهم من طقوس الطهاره الظاهريه . وهكذا نرى أن هؤلاء المؤمنون المتحولين يحتاجون إلى وقت وتعليم وتلمذه انها أشبه بعملية أعادة البرمجه للتطبُع بالثقافه والاخلاق المسيحيه . ثم لا يخلوا الامر من الاحتياج لشركة جسد المسيح الكنيسه لممارسة العباده الجماعيه والفرائض الروحيه ، كما يوجد لديهم العديد من الاسئله المنطقيه والاستفسارات العقائديه مثل التناقض بين سلوك المسيحيين وطهارة ونقاء تعاليم كتابهم المقدس ، الاختلافات بين الطوائف المسيحيه ، والمقارنه بين القديم والجديد وكل هذا غير متاح بيسر . نعم إن طريق الايمان وعر وشائك والتكلفه باهظة والتضحيات كثيره ولكن الحصول على الحياة الابديه والاكاليل السماويه والتمتع بالمسيح يستحق . فليس صحيحا ما يشاع فى مجتمعنا عن هؤلاء الذين اجتهدوا فى البحث عن الحق للوصول لليقين وليس صحيحاَ أنه تفتح لهم خزائن الداخل والخارج وليس صحيحاَ أنهم يقبلون للايمان من أجل الهجره وبنات الاصفر وليس من نجا من هذا وذاك صار مختل العقل فهذه كلها أكاذيب نفوس مريضه بظن السوء لم تعد ترى أنه لايزال هناك قلوب بيضاء وضمائر مستيقظه تخاف الله ، لا نقول أن كل المتنصرين ملائكه أو انهم بلا أخطاء أو أن جميعهم كان لديهم نقاء الدافع ، بل نعترف أن بعض من العابرين خابت توقعاتهم بسبب أعتقادهم أنها صفقات ومساومات وأخرون ساقوا الاستعباط ومنهم من غالوا فى الدلع لكن يبقى أن معظمهم صادقاَ وأمينأَ . وهؤلاء هم أبطال إيمان يستحقون التقدير والخدمه وإن أخطأ أحدهم نحتمله بطول أناة ساعين للاصلاح بروح الوداعه بحكمة الروح والصلاة والغفران وعلينا رعايتهم فى أحتياجات الجسد الضروريه وأعباء الحياة حسب الطاقه وإن فعلنا لا نفعل هذا لنؤلف قلوبهم ، فالايمان المسيحى لايمكن أن يشترى الذمم ولا يهمنا عدد الاتباع بل نوع المختارين لذا لدى هؤلاء القدره على مجاوبة من يسئلهم عن سبب الرجاء الذى فيهم ، أننا نفعل لهم الخير طاعه للوصيه " فإذا حسبما لنا فرصه فلنعمل الخير للجميع، ولا سيما لأهل الايمان " (غل10:6) . ويبقى أننا إن كنا نهتم فنحن نهتم بمن دخلوا الايمان وليس رشوه لكى يدخلوا الايمان.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :