الأقباط فى حرب أكتوبر.. وإنجازات لا يمكن إنكارها
* اللواء "نصرى جرجس": نحتاج لإبراز دور الأقباط؛ لأننا نعيش فى ظروف غير عادية.
* "ملاك لوقا": لقد حان الوقت لتكريم هؤلاء الأشخاص، وكفانا تجاهل لدورهم.
* د. "كمال مغيث": الأقباط لهم دور ليس فقط فى حرب أكتوبر 73، بل وفى الحركات الوطنية المصرية، وفى التنمية بكافة مستوياتها.
* د. "مكاري أرمانيوس": رصاص العدو لم يفرق بين مصري ومصري.
تحقيق : مادلين نادر- خاص الأقباط متحدون
نحتفل هذه الأيام بانتصارات أكتوبر.. وبالرغم من أن الأقباط كان لهم دور كبير فى الحياة السياسية والحركات الوطنية بـ"مصر" على مر الأزمنة بشكل عام، وبشكل خاص فى انتصارات أكتوبر 1973، إلا أننا كثيرًا ما نجد تعتيمًا أو تجاهلاً لدورهم- سواء بقصد أو بغير قصد- ولكننا فى وقتنا الحالي، ووسط اتهامات من بعض الأصوليين المتشددين دينيًا بعدم وطنية الأقباط والتشكيك فى انتماء القبطي لوطنه، وجب علينا أن نبرز بشكل واضح دور الأقباط فى "مصر"، وخاصةً فى حرب أكتوبر التى نحتفل بانتصاراتها هذه الأيام رغم التعتيم الذى تمت ممارسته على مر السنوات الماضية، ووسط أجواء الاحتقان الطائفي الذى نعيش فيه، من خلال التحقيق التالى:
بدايةً تحدث اللواء مهندس "نصرى جرجس" - أحد المشاركين فى حرب أكتوبر- فقال: "كنت قائدًا لوحده الرادار التى كانت مسئوليتها اكتشاف الطائرات المعادية والإبلاغ عنها. وأعتقد أن دور الأقباط فى حرب أكتوبر كان معلومًا لدى الجميع، وفى الأحوال العادية نحن لسنا بصدد الكلام عنه أو إبرازه، لكننا الآن بحاجة إلى ذلك، خاصة وإننا نحيا فى حالة من الاحتقان الطائفي، حتى أن هناك بعض الأصوليين يشككون فى انتماء الأقباط لوطنهم ويشككون فى وطنيتهم. وهذا الأمر يقع على عاتق الأقباط أنفسهم بشكل أساسي. ففى حرب 1973 على سبيل المثال، لم يكن واردًا على ذهن أحد ممن شاركوا فيها بشكل أو بآخر أن يهتم بمعرفة ديانة الآخر، سواء من المسيحيين أو المسلمين."
واتفق معه فى الرأي د. "كمال مغيث"- الخبير التربوى وأستاذ بمركزالبحوث التربوية- وأضاف: "إن الدولة الحديثة هى دولة المواطنة والمواطنين، وليست دولة الطوائف أو الطائفيين، وليست دولة الأديان. لذلك حينما قام "محمد على" بتأسيس الدولة الحديثة بـ"مصر" لم يهتم من أى طائفة أو ديانة يختار أعوان،ه فكان منهم اليوناني والشركسي والفرنسي والقبطي والمسلم. واستمر تعزيز هذه الفكرة مع الدولة الحديثة أيام الخديوى "إسماعيل"، حتى أن أول رئيس وزراء
فى "مصر" كان "نوبار باشا" وهو مسيحي."
وأشار "مغيث" إلى أن المواطنة استمرت مع وجود شيئين مهمين وأساسيين: الأول هو وجود قانون لا يميِّز على أساس الدين والعقيدة، والثانى وجود تحدى وطني حيث كان المجتمع كله يعمل على مقاومة الإحتلال البريطاني، وتأسيس الجمعيات الخيرية للنهوض بالشعب؛ حتى جاءت ثورة 1919 ولم يميِّز فيها المصريون بين مسيحيين أو مسلمين. مضيفًا أن المجلس التشريعي بعد ذلك كان يرأسه "ويصا واصف" القبطي، حتى جاءت ثورة يوليو.
وأوضح "مغيث" إنه نتيجة لاضمحلال الدستور؛ بدأ الأقباط يشعرون بالتمييز ضدهم، ولكن بمجئ حرب أكتوبر، والتى لم يكن من الوارد مطلقًا بها أن
يتساءل أى شخص عن الهوية الدينية للأخر، كان "فؤاد عزيز غالى" قائدًا للجيش الثانى فى هذه الحرب.
واستطرد "مغيث" قائلاً: "أعتقد إنه من المهم فى وقتنا الحالى وسط الأجواء المشحونة، إبراز دور الأقباط فى "مصر"، ليس فقط فى حرب أكتوبر 73 بل وفى الحركات الوطنية المصرية، وصياغة الثقافة المصرية والفنون، وفى مجال التنمية بكافة مستوياتها."
وبالنسبة للجهات المنوط بها إبراز دور الأقباط فى "مصر"، أكَّد "مغيث" أن هناك عدة جهات معنية بهذا الدور منها مؤسسات صناعة الثقافة بشكل أساسي سواء إعلام أو تعليم.
وطالب "مغيث" الأقباط بألا تستفزهم هذه الأحداث أو تحملهم إلى العزلة، مشيرًا إلى أن عملهم وتفانيهم وإخلاصهم من أجل الوطن دون تمييز هو الأكثر تأثيرًا لإبراز دورهم فى "مصر" على مر الأزمنة.
وأوضح "مغيث" أن ما يحدث فى "مصر" الآن هو سحابة صيف ثقيلة نسبيًا وأخذت وقتًا طويلًا. مؤكدًا أن الروح المصرية قادرة على التغلب عليها.
ولكن كيف يمكننا أن نشارك فى إبراز دور الأقباط فى حرب أكتوبر؟ هذا ما أجاب عنه "ملاك لوقا"- الكاتب الصحفي وعضو المنظمة المصرية لحقوق الإنسان- قائلاً: "نحن بالفعل نعاني من عدم الإشارة إلى دور الأقباط فى حرب أكتوبر 1973، بالرغم من أن هناك الكثير من الأقباط الذين قدَّموا بالفعل إنجازات كبيرة وانتصارات فى هذه الحرب، منهم الفريق "عزيز غالى" الذى كان قائد الفرقة (18) التى حرَّرت مدينة "القنطرة شرق"، ودمَّرت أقوى حصون خط بارليف المدرَّع الإسرائيلى (190)، والذى كان وقتها برتبه عميد وقام بتأمين منطقة شرق القناة من "القنطرة" إلى "بورسعيد" فى مواجهة الهجمات المضادة الإسرائيلية، وفى 12 ديسمبر 1973 تم تعيينه قائدًا للجيش الثانى للميدان ومُنح رتبة "لواء"، كما ساهم فى تدمير قوات العدو فى ثغرة "الدفرسوار".
كذلك اللواء طيار أركان حرب "مدحت لبيب صادق"، صاحب لقب أفضل قائد قاعدة جوية على مستوى القوات المسلحة، والذى كان يوم السادس من أكتوبر ضمن تشكيل مكوَّن من أربع طائرات ميج 21 التى كانت فى ذلك الوقت هى العمود الفقري للقوات الجوية المصرية، وكانت هذه الطائرة مقاتلة اعتراضية،
مهمتها اعتراض وتدمير طائرات العدو فى الجو.
واللواء "صليب منير بشارة"، وهو أحد المخططين لحرب أكتوبر، والذى عُيِّن رئيسًا لهيئة البحوث العسكرية فى مايو 1971، وخلال الفترة من مايو 1971 إلى 73 قامت الهيئة بنشر العديد من البحوث العسكرية التى كانت مرجعًا مهمًا للذين خططوا لعبور 6 أكتوبر، اشتملت تللك النشرات على جميع التفصيلات للعملية الهجومية لاقتحام "قناة السويس"، وعلى قمة تلك النشرات تأتى النشرة رقم (41) عن عبور واقتحام الموانع المائية التى صاغتها لجنة شكلتها هيئة البحوث العسكرية بقيادة اللواء أركان حرب "صليب" مع خيرة الضباط.
كذلك العميد "ميخائيل سند ميخائيل"، والذى كان ضمن قوات الردع الصاروخي، وأثناء اقتحام خط بارليف أثناء الثغرة فى 16 أكتوبر، كان مسئولاً عن سحب الصواريخ الموجودة على الناقلات إلى المنطقة الخلفية بـ"القصاصين" حيث تم تدمير العديد من صواريخ العدو.
واللواء "فكرى بباوى"، الذى اشترك فى حرب 1973 واُصيب إصابة بالغة، فجاءه إخوته المسلمون منهم "محمد مصيلحي" و"زكريا عامر"، حيث خرجوا من الخندق ورفضوا أن يتركوه فريسة للموت، وأصروا على أن يحملوه ويسيروا به وسط ضرب الطائرات مضحين بأنفسهم من أجله، وحملوه لمسافة ثلاثة كيلو مترات حتى وجدوا ساترًا احتموا به، ثم جاءوا به إلى موقع الإسعاف.
وأضاف "لوقا": "إن هناك كثيرين آخرين من الأقباط شاركوا فى حرب أكتوبر، ولكن- للأسف الشديد- حتى الآن إبراز دور الأقباط فى حرب أكتوبر جاء فقط بجهودٍ فردية". مشيرًا إلى أن فى هذا تعتيم إعلامى غير مبرر، وإنه قد حان الوقت أن يتم تكريم هؤلاء الأشخاص، وإعداد كتاب يرصد ويؤرِّخ لدورهم فى الحرب.
وأوضح الدكتور "مكارى أرمانيوس"- الكاتب القبطى - أن رصاص العدو لم يفرِّق بين مصري ومصري، أو بمعنى آخر بين مسيحى ومسلم. مشيرًا إلى أن أرض "مصر" اختلطت بدمائهم جميعًا.
وأكد "أرمانيوس" وجود العديد من الأبطال الأقباط فى حرب أكتوبر، موضحًا أنه قام بالكتابة عن (40) شخصية منهم تولوا مناصب حساسه جدًا ودقيقة فى الجيش المصرى آنذاك، منهم على سبيل المثال وليس الحصر: الفريق "فؤاد عزيز غالى"، الذى كان قائدًا للجيش الثانى، وقد تم محاصرته ولم يستسلم محتملًا بكل شجاعة إلى أن تم التحرير، وقد كرَّمته الدولة وتم تعيينه فيما بعد محافظًا لـ"جنوب سيناء" فى عام 1981، واللواء أركان حرب طيار "جورج ماضى عبده" الذى وصل إلى منصب رئيس أركان الدفاع الجوى، والشهيد اللواء أركان حرب "شفيق مترى سيدراك" الذى استشهد فى الدفاع عن "الدفرسوار"، وكان أول من استشهد فيها، واللواء طيار مقاتل أركان حرب "مدحت لبيب صادق"، واللواء طيار مقاتل أركان حرب "نبيل عزت كامل".
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :