دليل الغشيم" إلى معاملة الحريم
بقلم : نبيل شرف الدين
لعلَّها سخرية الأقدار، أو ابتلاء نسأل الله فيه العفو والعافية، أن يجد المرء نفسه محاصرًا بحزمة من التُّهَم، تكفي واحدة منها لقفز السور الفاصل بين مكتبي المتواضع وسجن "طره" الشهير، فما بالكم لو صحَّت كلُّها، فهذا ما يكفي لوضع المرء في لائحة "أبي لهب" شخصيًّا، ليصبح ـ والعياذ بالله ـ من المبشَّرين بسوء العاقبة في الدارين، نسأل الله تعالى العفو والعافية.
لن تحتاج لعناء كثير حين تبحث في محرِّك البحث الشهير "سيدنا جوجل" ـ بارك الله فيه ـ لتكتشف أن صاحبك الموقِّع أعلاه باسم نبيل شرف الدين، متهم بأنه "بتاع حاجات كتير"، ربما لا يتسق بعضها مع بعض، فهو أولاً "بتاع الأمن والحكومة"، مع أنه لم ينل منها سوى المضايقات والملاحقات والمكابدات، وفي أفضل الأحوال التجاهل التام، لدرجة أن معظم أقرانه ورفاق البدايات صاروا ممن يشار إليهم بالبنان، فجرى ترفيعهم لرئاسة التحرير في المؤسَّسات القومية، أو الفضائيات الخاصة منها والقومية، ومع هذا لم ينل أحدهم رتبة "بتاع الحكومة" وشربها مجانًا صاحبكم الموعود بالنحس من يومه، والحمد لله على كل حال.
مرة أخرى ستكتشف من خلال "سيدنا جوجل"، أن صاحبكم قال إيه الشر برة وبعيد "بتاع أميركا"، مع أنه لم يدخلها سوى مرة لزيارة مصريين أقحاح، ما زالوا يأكلون الملوخية والبامية والفول المدمس "العظيم"، ولم يجبرهم سوى البحث عن لقمة العيش للهجرة إلى بلاد "أونكل سام"، وحتى تهمة مراسل "راديو سوا" الأميركي، عافانا الله منها بالاستقالة الطوعية من جانبنا، عملاً بالقاعدة الشرعية القائلة بضرورة تقديم درء المفسدة على جلب المصلحة.
هذا ناهيك عن أن صاحبكم المنحوس "بتاع إسرائيل" مع العلم بأن الشقيقة إسرائيل كالحدأة "لا ترمي كتاكيت"، فلم يُعهد عنها أي كرم اللهم إلا بالإفراط في استخدام القوة، بالإضافة إلى تهمة "بتاع النصارى"، وبالتالي يصبح "بتاع ساويرس"، مع أن صاحبكم ممنوع منعًا باتًّا من النشر في الصحيفة التي يساهم فيها المهندس نجيب ساويرس، أو المرور أمام محطاته الفضائية، أو حتى التردُّد على ناديه الفخم الذي يجمع "علية القوم" والأصدقاء القدامى الذين حملتهم أجنحة الشهرة والمال بعيدًا عن طريق المتعثرين أمثالي.
والحاصل أن التهم كثيرة، وربما تأخذنا بعيدًا عن صلب عنوان المقال، وهي "مسألة الحريم".. ويبدو أنها التهمة الأخيرة التي لم يكن لنا حظٌّ فيها، فما المانع أن نتطوَّع بتقديمها للأصدقاء والأعداء و"الأعدقاء"، خاصة وأن السلطة في مصر هذه الأيام بدأت في التكشير عن أنيابها لكل من اشتهر عنه الخوض في الأمور المزعجة، السياسية منها أو حتى الرياضية، لهذا دعونا نتحدَّث فيما لا يغضب أحدًا، بل يشرح قلوب الصبية والمتصابين في الجانبين، الحكومي والمعارض، ألا وهي مسألة "النسوان" أو "الحريم".
دعوني أعترف بأنني في البداية فكَّرت أن يكون عنوان المقال: "دليل الحيران إلى معاملة النسوان"، ولكن بقليل من الحكمة رأيت في الأمر فجاجة، لا تليق بآداب المرحلة، فآثرت السلامة، واستعنت بقاموسي الشعبي واللغوي، للبحث عن عنوان آخر يبدو أكثر "أريحية" ومسخرة، ولا يُغضب مني سوى النذر اليسير، ممن يوصفون بالنطيحة والمتردية.
ولعلي لا أذيع سرًّا بأنني ـ بحكم السنّ والتلطيم والخدمة في البيوت ـ فكَّرت بما يمكن أن أقوله أمام المحقِّق لو حدث ومثلت أمامه، والحمد لله الذي ألهمني فكرة وجيهة مؤداها أنني أقلِّد صديقي د. خالد منتصر في تنوير و"تثقيف" الأجيال الجديدة، لكن ليس من باب الطب والثقافة الجنسية، فهذه تكفي لتوجيه تهمة انتحال صفة الطبيب، وهي جنحة تصل عقوبتها للسجن ثلاثة أعوام، فضلاً عن الغرامة المالية التي لا قِبَل لي بها.
لكن ما أنوي تقديمه من خدمات تسبق قصة "الثقافة الجنسية" هذه بمرحلة أو اثنتين، فينبغي على المرء إذا عزم على "التثاقف" جنسيًّا، أن يجد من يُعينه على الأمر، فلا بد من توفير شريك، فالمثاقفة لا يمكن أن تتم بشكل فردي، اللهم إلا في سنوات المراهقة الأولى، وبالتالي فلا بد للمرء أن يعرف سبل معاملة "الحريم"، لأن بحورهن "غويطة"، ومعاملتهن تحتاج لحنكة خاصة، أحسب أنها تعوز الملايين من العرب والمصريين.
إذن.. "النحنحة" هي كلمة السر في هذه المسألة العويصة، لو قرَّرت أن تخوض البحر عليك بتعلُّم العوم، وهذا هو الدرس الأول، عليك صديقي الرجل ـ مش مهم حكاية الرجولة دي، خلينا نكتفي بالذكورة ـ إذن عزيزي الذكر، أو "الدكر" كما نقولها بالعامية، أن تتعلم كيف تتصرَّف مع "النحناحة"، بل وأن تجيد "النحنحة من جانبك أيضًا، كما تجيد الدّق على أصابع "الكي بورد" والموبايل.
أرجوك لا تستخفّ بالأمر فالموضوع عويص فعلاً، ولا يحدث بالفطرة أو بشكل عفوي كما قد يصور لك خيالك البدائي، وإلا ستكون التكلفة عالية وأكبر مما تحتمل، فالمرأة التي يمكن تصنيفها في تعداد "الحريم"، أو "النسوان"، ماكرة ومخادعة وكيدهن عظيم.
وأول خرافة ستقنعك بها المرأة "النحنوحة" أو "النحناحة" أنك أذكى منها، وبالطبع فإن حضرتك ستبتلع هذا الطُّعم، وتُصدِّق ذلك الوهم، بما في تكوينك الجيني ومخزونك الثقافي من طاووسية ونرجسية وخيلاء، متصورًا نفسك "شهريار زمانه"، بينما أنت في الحقيقة مجرد "طفل غلبان تأكل القطة عشاءك"، أما الخرافات الأخرى التي ستقنعك بها فلا حصر لها.. عدّ واغلط.
ثمة حيلة أخرى شائعة، أن صديقتنا "النحنوحة" أو "النحناحة" من الطراز الثقيل ستحدثك بنبرة تقطع القلوب، حتى تُفهمك كيف أنك "مش فاهمها" لأنك لا تعرف "انت إيه بالنسبة لها"، فأنت عظيم، وسيد الرجال، وربما توقف خط إنتاجك أساسًا، ومع ذلك لا تقدر مشاعرها، رغم أن حضرتك في تلك اللحظة ستكون فاغرًا فاك، "يعني فاتح بُقَّك"، حسب ترجمة "سيدنا جوجل"، ولا تدري كيف ترد، وماذا ينبغي عليك أن تفعل لتقنعها، مش عارف بإيه، المهم أن يقنع أحد منكما الآخر بأي شيء، وغالبًا لا يكون هناك أي شيء سوى أن "تسمع الكلام"، "ولا تجادل يا أخ علي" كما ورد في الفيلم الشهير.
حيل و"نحنحات" أخرى كثيرة سنتطرَّق لها بالتفصيل لو قدر لنا مواصلة "الكورس"، ويعلم الله تعالى أن القصد هنا ليس "تخدير أو إلهاء" هذا الجيل العبقري، بعيدًا عن قصة الدستور وأوربت وإبراهيم عيسى وعمرو أديب وعلاء صادق وغيرهم، لكننا نسعى لوضع الشباب على الطريق الصّح، بطريقة تختلف بالطبع عن الشاب معزّ مسعود، الذي لا أدري لماذا يذكِّرني بمندوبي المبيعات، لكنه للأمانة لا يقنعنا بشراء "تايم شير" في شرم الشيخ أو الغردقة، بل "جنة شير"، على غرار "جنة مول".. حاجة كدة والسلام، وهذه قصة أخرى ربما نتطرق إليها بالتفصيل في ظروف أفضل.
باختصار عليك عزيزي الرجل أن تقتنع معي من البداية قبل أن نبدأ "الكورس" بأنك غبي، ومتخلِّف، وعبيط، وأهطل، ومجرد آلة تستخدم لصرف النقود في الصباح، وأشياء أخرى تحدث عادة في الليل، مع أن "الستايل" الجديد لا يعرف فروق التوقيت، باعتبار أن العالم أصبح قرية واحدة في ظل ثورة الاتصالات وتدفُّق المعلومات.. بهذه القناعة يمكن أن نكمل معًا بقية دروس "الكورس"، وبعدها ستكون مؤهلاً لسوق الرجال، فأنت السلعة وليست المرأة كما يشاع وتزعم المنظمات الحقوقية المُغرضة، وكم أنفق رفاقنا من أعمارهم دفاعًا عما يحسبونه مظلمة للمرأة الشرقية المسكينة المضطهدة، والحاصل هو العكس، فالرجل الشرقي يبدو ـ أكرِّر يبدو ـ كأنه مستبد طاغية، لكنه في واقع الحال ليس أكثر من موظف لدى المرأة، والآن فقط أدركت قيمة نصيحة أمي بطاعتها وطاعة زوجتي، وابنتي، وزميلتي في العمل، وعدم إغضابهن لأي سبب، وبأي شكل من الأشكال، ومهما كلفني ذلك من "حرق دمّ"، وتقديم فروض الولاء والطاعة.
.........
أخيرًا: سيدتي وتاج رأسي المرأة.. الحكومة.. السلطة.. الإنترنت.. حتى الدنيا، وكلهن كما ترى هنا "مؤنثات"، أرجو ألا أكون قد أغضبتكن في كلمة خطَّتها أناملي المنفلتة من أكُفّها، فإنما يغفر لي حسن القصد، ونلتقي في الدرس التالي من كتاب "الحريم" أو "النسوان"، المهم ألا نتكلَّم في السياسة أو الرياضة، ففي الخريف تموت أشياء كثيرة، وكنا نظن في زمن الرومانسية أن هناك أشياء تستعصي على الموت، لكن هذا لم يكن أكثر من لغو فارغ، وبتعبير أدق "عشم إبليس في الجنة"، وسبحان من له الدوام.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.. وهو المستعان
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :