الأقباط متحدون | تجربتنا الشخصية ودرايتنا بأنفسنا
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٥٦ | الثلاثاء ١٢ اكتوبر ٢٠١٠ | ٢ بابه ش ١٧٢٧ | العدد ٢١٧٣ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

تجربتنا الشخصية ودرايتنا بأنفسنا

الثلاثاء ١٢ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم:راندا الحمامصي
إن النظريات التي تتناول الطبيعة البشرية لا بد لها أن تتّفق ومجريات حياتنا اليومية؛
كيف نرى طبيعتنا ونفهمها؟
ماذا تخبرنا تجاربنا وخبراتنا في الحياة عن جسمنا وعقلنا؟
ما هي مجهوداتنا الرئيسة في إظهار قدراتنا الكامنة؟
لماذا لدينا مشاعر؟
    إنها أسئلة تحتاج إلى إجابات.

الخبرة الإنسانية والطبيعة البشرية
    إحدى طرق إدراكنا لحقيقتنا تكمن في تأملنا فيما نمرّ به من تجارب ونكتسبه من خبرات في حياتنا اليومية، وفي تفكيرنا وتأمّلنا بالخيارات المطروحة أمامنا. فلنأخذ مثلاً خبرة الكتابة؛ فبينما أنا أكتب هذه الكلمات تراني أستعمل مختلف الأعضاء في جسمي: يدي وعينيّ وعقلي، وهنا تكون الكتابة تجربة وخبرة جسمانية وفكرية معاً لأنني أستعمل عقلي أيضاً. فبينما أنا أمارس الكتابة أكون على وعي تام بمحاولتي في التواصل مع الذين سيقرأون هذه الكلمات مما يبعث فيّ مشاعر مزيجاً من: الغبطة إذا ما أثارت إهتمام القارئ، والخوف من عدم استحسانه، والأمل أن يجد القارئ ما أكتبه ذا معنى. ولذلك فإن الكتابة خبرة زاخرة بالمشاعر والعواطف، وفي النهاية فإن لي مطلق الحرية في اختيار ما أكتب. باستطاعتي أن أُركّز على نفسيتي ونفسية قرّائي في مواضيع تجمعنا معاً وتمنحنا المجال لتفهُّمٍ أفضلَ لبعضنا البعض. فبإمكاني أن أخاطب فيها الغرائز الدنيا عند القُرّاء وأوجّهها نحو المواقع المحظورة والمشتهيات النفسية أو أن أضعها في حالة من الشك والريبة. ويمكنني أن أكتب سطوراً يقرأها القارئ فنسمو معاً فوق حدودات الزمان والمكان والشخصية ونتواصل بالروح. هذه هي أبعادٌ روحانية لعملية بسيطة في كتابة هذه السطور. في قيامي بذلك تطلّب الأمر مني بكل وضوح استعمال قوى العقل والوعي والشعور، وهذا ما يسمو فوق غرائزي. هذا هو البُعد الروحاني الذي يلزمنا لأجل المزيد من الفهم والتفهّم لأنه يمنح حياتنا معنى وهدفاً، ويشكّل لنا فهماً لأنفسنا ولعلاقاتنا مع بعضنا البعض وعلاقتنا بالكون ثم مع الله في النهاية.

    والآن دعونا نتأمل تجربة إنسانية. فلنأخذ مثلاً حالة الألم الناتج عن كسر في ذراعنا. فعادة ما يدفعنا وضعٌ كهذا إلى البحث عن علاج فوري، ويكون اهتمامنا الأول (والأنسب) محصوراً في تخفيف الألم وتفادي كل حركة قد تسبب لنا المزيد من ضرر الإصابة والشعور بالألم. أما لو كان الكسر نتيجة زلزال ورأينا حولنا مَن سقط تحت الأنقاض حيًّا ويتألمون نتيجة إصابات أكثر خطورة، عندها نجد أنفسنا أمام خيارات غرائزية عدة: قد نتغاضى عن احتياجات الآخرين وننشغل بأنفسنا فقط، أو أن نستغل الموقف ونتعدّى على حقوق الآخرين في ممتلكاتهم، وقد نضع اهتمامنا بأنفسنا جانباً ونركّز على إنقاذ حياة الآخرين ولو كان على حساب سلامتنا. من الواضح أن كل أشكال هذا السلوك ليس ناتجاً عن الغرائز البشرية التي تدفعنا إلى الحفاظ على أنفسنا وتفادي الألم، والتي بها نشترك مع الحيوانات، بل هي ردات فعلٍ إنسانية بحتة.

    فأَلَمُنا الناتج عن كسر في الذراع، عادة ما يكون مصحوباً بأحاسيس وانفعالات مختلفة ؛ فلو كان نتيجة انزلاقنا على الجليد، قد تتوجّه مشاعرنا نحو حزننا على الإصابة وفي عدم قدرتنا على مزاولة التزلج لفترة ما، أو نثور غضباً بسبب إهمالٍ من جهتنا أو خطأ ارتكبه غيرنا، أو خوفٍ من حادث مماثل يحدث ثانية، أو نشعر بسرور لأن إصابةً أكثرَ خطورةً كان يمكن أن تحدث، أو بالإرتياح لأننا وجدنا من يهتمّ بنا وقت الحاجة، أو ينتابنا مزيج من هذه المشاعر وغيرها.
   
    وبالمثل، فلو كانت إصابتنا نتيجة الزلزال فستنتابنا مشاعر مختلفة مثل: الإشفاق على أنفسنا، الرعب والإضطراب، الغضب، الإنزواء في مكان بعيداً عن الآخرين، إبداء العواطف والإقتراب من الآخرين، إشاعة جو المرح والأُخُوة والراحة النفسية إذا كنا قادرين على دعم الآخرين ومواساتهم بالمحبة. فردود أفعالنا في مداها الواسع هذا وإبداء مشاعرنا إنما تشير بكل وضوح إلى أن سلوك الإنسان لا يمكن فهمه تماماً في ضوء التعليلات البيولوجية والنفسية لوحدها، بل إن أي تجربة إنسانية، إذا أُريد لها أن تكتمل، لا بدّ أن نضيف إلى أبعادها البيولوجية والنفسية عوامل روحانية مصاحبة ومؤثرة، ونضع كل هذا في وحدة متكاملة في اعتبارنا.

    فالبُعد الروحاني هو الذي يمنح تجاربنا وخبراتنا ذلك المعنى والقيمة ويصهرها في قالب متكامل يضم الحاضر والماضي والمستقبل. فالطاقة الإنسانية هذه هي القادرة أن تسمو بنا عن غرائزنا الجسمانية، وأن تستجيب لتقلبات الحياة بما لدينا من معرفة وخيارات متاحة وخلاّقية وإبداع.


من الثنائية (الإزدواجية) إلى الإتّساق والتكامل
    إن لُغز العلاقة بين الجسم والعقل هو أحد أكبر أوجه التحديات في فهم الطبيعة البشرية. فنحن ننظر إلى أنفسنا والآخرين نظرة إزدواجية وتكاملية في آن معاً، ونرى عالمنا بعين المفارقات وأخرى بالتكامل. فمثلاً؛ ندرك تماماً أن لدينا جسم وعقل، ولدينا القدرة على الحركة والإبصار والسمع والشمّ ونحن في حالة النوم، ولدينا المقدرة على اكتشاف الكواكب البعيدة دون أن نراها أو نلمسها وذلك بالحسابات الرياضية. إنها أمثلة بسيطة تدلل على تجاربنا العملية التي تظهر بمظهر الإزدواجية، وهي تجارب تأخذ شكلها الأقوى عندما نراقب حالة أناس ميتين.

    فالذين رافقوا أُناساً ساعة موتهم يدركون تماماً ذلك التغيير الواضح الذي يطرأ. فبينما كنا نخاطب إنساناً حيّاً أمامنا نجد أنفسنا في لحظة أمام جثة هامدة، فندرك عندها أن الشخص أصبح غير موجود، وأنه قد فارقنا وغاب، وأن الجسد الآن كالبيت الذي خلا من ساكنه، أو كالقفص الذي فقد عصفوره.
    فما الذي حدث في تلك اللحظة حتى يحدث هذا التغيير؟
    هل هي تجربة تدل على أن الجسم والروح شيئان منفصلان ومستقلان؟
    وهل هي برهان على صحة نظرية الإزدواجية؟
    إن جزءاً من الإجابة عن هذا التساؤل يخص الطريقة التي ننظر فيها إلى عالمنا.

    دَرَجْنا على النظر إلى العالم من منظور الثنائية (الإزدواجية)، فنتكلم عن النور والظلمة، ونذكر الخير والشرّ، ثم المحبة والكراهية، وكأن هناك حقيقتان في واقع الأمر: حقيقة وجود النور وحقيقة وجود الظلمة، وجود الخير ووجود الشر... وهكذا. بينما العلم يشير بكل وضوح إلى أن الحقيقة تخصّ النور وحده وأن الظلمة هي إنعدام النور، وكذلك الأمر بالنسبة للخير والشرّ. فما نراه من شرٍّ إنما هو إنعدام وجود الخير، وحيثما يغيب الصدق يكون البهتان، وإذا ما غارت الرحمة طغت القسوة والوحشية.

    ففي عالم القِيَم والمبادئ ليس هناك من فراغ ليس فيه خير ولا شر، ومن هذا المنظور ليس في القيم الإنسانية إلا حقيقة واحدة هي الخير. وعندما يغيب الخير بكلّه أو بجزئه نرى الشر يعيث فساداً بدرجاته المتفاوتة من الخراب، وكذلك الأمر في المحبة والكراهية. فالمحبة حقيقة موجودة وهي سبب الحياة والخلاّقية والإبداع، وفي غيابها تكون الكراهية والدمار. إنها أمثلة سقناها لندلّل بأن تجاربنا وملاحظاتنا لإزدواجية الأشياء ليست دليلاً على حقيقة وجودها، فلا وجود إلا لحقيقة واحدة، وفي غيابها نرى عكسها.

    بهذا المفهوم دعونا ندخل موضوع إزدواجية الجسم والروح وهو موضوع يضعنا في حيرة. لقد برزت للوجود نظريات حديثة تناولت أداء المخّ وعمله وطبيعة الوعي الإنساني وطبيعة الحقيقة الجسمانية. فإذا ما جمعنا هذا كله ودمجناه في منظور جديد لطبيعة الروح وتعريفنا للروحانية، عندها – من ذلك المنظور الوحدوي – يمكننا فهم الطبيعة الإنسانية. وبتلك المفاهيم الجديدة يُحلّ أمامنا لغز ازدواجية الجسم والروح.

    يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن الحقيقة واحدة رغم التعبير عنها بأشكال متعددة، وتلك هي حقيقة علمية وروحانية. فمثلاً يمكننا التعبير عن الطاقة بأشكال شتى مع أنها حقيقة مادية مثل: القوة، الضوء، التجمّد والحرارة... الخ. وبالمثل فإن الشعور والوعي حقيقة روحانية تظهر في أشكال متعددة مثل: الأفكار والأحاسيس والآمال والرغبات.

    هناك الآن دلائل في الفكر العلمي والفلسفي والديني لا يُستَهان بها تشير إلى أن: "الحقيقة الإنسانية" إنما هي "الروح الإنساني" وهي التي تمكّننا من الشعور والوعي. وطبقاً لنظرية العالِم الطبيعي جون ويلر "John Wheeler" فإنه يرى أن "العالم لا يمكن أن يكون عبارة عن آلة ضخمة خاضعة لقانون في الطبيعة تأسس واستمرّ"، بل يرى بالأحرى أن المعلومة هي أساس كل شيء واضعاً أمامه مقولة "الشيء من قليله" ليعبّر عن رأيه بأن الشيء يتكوّن من معلومة، وفي جميع أغراضنا وأهدافنا هو ما يمكن أن نعرّفه بالوعي.

    وفي كتاب لهما يشير كل من بول ديفس "Paul Davies" وجون غريبين "John Gribbin" إلى ما مرّ ذكره بأنه من منظور "الكون المشارك" "Participator Universe" وطبقاً لفلسفة وِلر فإن "المراقبين الدارسين هم محور طبيعة الحياة المادية، والمادة مآلها للعقل في النهاية."
    وفي نهاية كتابهما بعنوان "أسطورة المادة" "The Matter Myth" يخلُص المؤلّفان إلى أن:
’ديكارت "Descartes" قد وجد أن العقل البشري يظهر على شكل مادة ضبابية مستقلة عن الجسم. إلا أنه بعد مدة، في الثلاثينيات من القرن العشرين، ندّد غلبرت رايل "Gilbert Ryle" بهذه الإزدواجية في إشارة قوية منه إلى أن العقل عبارة عن "شبح داخل آلة". ونجد أن رايل قد أسهب في نقده خلال فترة شيوع نظريات المادة والآلة وتفوّقها على غيرها من النظريات مشيراً إلى أن "الآلة" هي جسم الإنسان وعقله معاً وهما جزء من الآلة الكونية العظمى. إلا أن ذلك الوقت شهِد تقدّماً في علم الطبيعة أفرز عوامل قوّضت النظرة العالمية التي بُنِيت عليها فلسفة رايل. واليوم، ونحن في نهاية القرن العشرين، نرى أن رايل كان محقاً في رفضه فكرة الشبح داخل الآلة – ليس لعدم وجود الشبح بل لعدم وجود آلة.

    وبالروح نفسها يقول غريغوري بيتسون "Gregory Bateson" إن "العقل جوهر وجود الإنسان حياً." وهذا ما ينطبق حقاً على العقل البشري الذي هو قوة الروح الإنساني. فالروح الإنساني هو قدرة الإنسان على الفهم واكتساب المعرفة، وكلمة المعرفة بكل دلالاتها ومعناها تشير إلى الشعور والوعي الذاتي والأحاسيس والرغبات وقدرتنا على التفكير واستخدام الرموز وابتكار اللغة والإبداع في الخيال أيضاً، وتلك هي بعض ميزات الروح ومواهبها. وهناك أسماء أخرى تطلق على الروح مثل: النفس الناطقة، الروح الإنساني، الروح العاقلة، وكلها تعني شيئاً واحداً مفاده: أن نعلم، أن نعي الأشياء، نختبرها وندركها.

    فالناس هم مخلوقات بشرية لأنهم يدركون، ويعرفون أنهم يدركون، ويعلمون أنهم يتطلعون إلى مزيد من المعرفة. فهذا التَّوْق الإنساني وحب المعرفة لا يعرفان حدود الزمان والمكان، ذلك لأن الروح الإنساني تستخدم كل الموارد المتاحة لتبلغ غايتها في الحصول على المزيد من المعرفة والإدراك والتبصُّر في الأمور في مسيرتها المستمرة في الكشف والخلاقية.

    وفي رحلتها تلك تستمد الروح في حياتها العون من تلك الأداة الرائعة العظيمة وهي جسم الإنسان، فتصبح مختلف أعضائه وأجزائه أدوات ترتقي بها إلى ذُرىً عليا من المعرفة والمحبة والإبداع. فالروح مثلاً تستخدم العينين لمشاهدة جمال المحبوب ومعاينة صفات وأحوال الحياة الطبيعية، وتبتكر أنماط جديدة من الفنون والتكنولوجيا. وكذلك الأمر في الأذن البشرية، فهي أداة للروح تساعدها في تأليف الموسيقى والإستماع إلى الألحان العاطفية وتستقبل كلمات الآخرين في إتصالاتهم بنا. إنهما مجرد مثاليْن لكيفية استخدام الروح هذا الجسم للوصول إلى غايتها والحصول على قدْر أكبر من المعرفة والفهم والإدراك والمحبة.
    ولا يقتصر استخدام الروح لأعضاء الجسم في حالته الطبيعية، إنما يتعدّاه إلى ابتكار أدوات جديدة تعزز بها الروح طاقات الجسم بأفضل ما يمكن في الحصول على مزيد من المعرفة والإدراك. فمثلاً: نصنع الميكروسكوب والتلسكوب لمساعدة عيوننا، وبها نسمح لعقولنا أن تَغوص إلى الأعماق أكثر وأكثر حتى نتمكن من فهم أسرار الطبيعة إلى أبعد مدى ممكن. وبالمثل، فإن الطائرة ترفع قدرة أَقدامِنا لقطع أبعد المسافات في السفر والإستزادة من المعرفة في مختلف الأقطار وبين الأجناس والثقافات الأخرى. وإلى جانب الكمِّ الهائل من الأدوات الأخرى التي ابتكرتها الروح الإنساني جهاز الحاسوب (الكمبيوتر)، ويعتبر امتداداً للعقل البشري وله نتائجه المؤثرة في المدى البعيد. إن المخ هو موقع العقل الإنساني، ومن خلاله تعمل الروح. ولا شك أن الإستعمال الأمثل للحاسوب يسهّل عملية تعلُّم الإنسان ويسرّعها ويمنحنا قدرات أعلى في مختلف أوجه أدائنا الذهني. يتضح من ذلك أن التفاعل بين الروح الإنساني والجسم إنما هو تفاعل قائم ومستمر يتناول كل ما يعرفه الإنسان ويشعر به ويفعله.

    وقبل أن نسترسل في مناقشتنا للإزدواجية وطبيعة الروح الإنساني والوعي والإدراك، لا بدّ من توضيح نقطة هامة. في متن هذا الكتاب سأستخدم تعبير: النفس والروح والعقل بشكل تبادلي (يمكن لأحدهم أن يحل محل الآخر)، لأنها كلها تشير إلى حقيقة واحدة – الحقيقة الإنسانية – إلا أن لكل منها مدلوله الخاص.
    وكما يتفضل حضرة عبدالبهاء (1844–1921م)، وهو من أشهر القادة الروحانيين عبر العصور، موضحاً تلك الطبيعة الحساسة لكل منها مشيراً إلى الحقيقة الإنسانية بقوله:
’إنها (أي الحقيقة الإنسانية) هي الحقيقة التي أُطلِقت عليها أسماء مختلفة تبعاً لظروف ظهورها. وبسبب علاقتها بالمادة وبهذا الكون المحسوس فإنها إذا ما تحكّمت بأداء الجسم في جميع أعضائه يقال لها "النفس البشرية"، وعندما تظهر على شكل تفكير وإدراك تسمى "العقل"، وإذا ما حلّقت في سماء العرفان الإلهي وتابعت رحلتها في عوالم الروح عُرفت حينئذٍ "بالروح".
    وإلى جانب تعبيرات النفس والعقل والروح هناك تعبيرات أخرى ثلاثة لا بد من ذكرها: الذات "Psyche"، القلب، الشعور والوعي. وهي تشير أيضاً إلى الحقيقة الإنسانية وكل واحد منها يؤكّد على شيء خاص. فكلمة "Psyche" عند الإغريق تعني أميرة فاتنة الجمال وهي تجسيد للروح، وقد أحبّها إيروس "Eros" إله الحب الإغريقي، بينما الإستعمال المعاصر لهذه الكلمة هو "النفس" وتعني في علم الفلسفة "العقل" في حالتي الوعي واللاوعي.
    أما القلب فإنها كلمة غنية في معانيها، فتعني: عرش الحياة أي الجزء الحيوي في الحياة ومبدأها، موضع الإحساس والفهم والتفكير، العقل في أوسع مداه، بواطن الإنسان، النفس، الروح، النيّة، الإرادة، العزم والتصميم، الغاية، الرغبة، عرش المحبة أو العاطفة، منطلق الشجاعة، مكمن القدرات الذهنية والفهم والذكاء والسِّمات العقلية، الوعي الأخلاقي، الضمير والوجدان. (عن قاموس أكسفورد)
    إن استعراضنا هذا لمعاني كلمة "القلب" سيساعدنا في رؤية مهزلة الإزدواجية التي يخلقها الناس في ثنايا تفكيرهم وأحاسيسهم ورغباتهم. فكل هذه المزايا والصفات إنما هي تعبير عن الحقيقة الإنسانية، وفي جوهرها واحدة.
    خلاصة القول، فإن الوعي هو حالة للوجود (الفرد) يعمل فيها العقل في غاية صفائه وسلامته وقوة حب استطلاعه، وعندها يكون الوعي تعبيراً عن الروح في أقصى جاهزيتها وانفتاحها، ولذلك فإنها تستحق منا اهتماماً يدفعنا إلى الإقتراب منها.

وكونوا معي ونلتقي في مقال آخر لهذه الرائعة.سيكولوجية الروحانية................ محبتي




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :