الإسلام في ألمانيا "من الخوف إلى النقمة"
تصاعد الجدل بشكل غير مسبوق حول مكانة الإسلام في المجتمع الألماني.
تعيش ألمانيا أطوار جدل متجدد حول اندماج المهاجرين من أصول عربية وإسلامية، تغذيه مشاعر الخوف من الإسلام. الباحث رالف غضبان يرصد تحولا في نظرة الألمان "من الخوف إلى النقمة" بينما يرى آخرون أن المسلمين يبلون من أجل الاندماج
موضوع العلاقة بالمسلمين وقدرتهم على الاندماج في ألمانيا ليس موضوعا جديدا، إلا أنه اتخذ أبعادا غير مسبوقة إثر نشر الكتاب المثير للجدل "ألمانيا تلغي نفسها" لتيلو زاراتسين، العضو السابق في مجلس إدارة البنك المركزي الألماني، والذي اتهم المسلمين بامتصاص برامج المساعدات الاجتماعية، وعدم بذل أي مجهود للاندماج في المجتمع وبخلق غيتوهات موازية، كما انتقد زاراتسين المستويات الدراسية المتدنية لأبناء المهاجرين من أصول عربية وإسلامية، إضافة إلى امتلاكهم ل"خصائص وراثية تميزهم عن غيرهم":
وقد أثارت تصريحات زاراتسين في حينها زوبعة إعلامية وسياسية لم تتضح بعد كل تداعياتها. وما كادت تلك الزوبعة تهدأ حتى أحدثت تصريحات الرئيس الألماني كريستيان فولف التي اعتبر فيها أن الإسلام بات جزءا من المجتمع الألماني، موجة من ردود الفعل بين مؤيد ورافض.
وجاءت زيارة غيرت فيلدرز، الهولندي المعادي للإسلام إلى برلين لتكب الزيت على النار، وتزيد من حدة التوتر السائد، والذي كانت آخر فصوله تصريحات رئيس حكومة ولاية بافاريا، هورست زيهوفر، حليف المستشارة أنغيلا ميركل، والتي طالب فيها بوقف استقدام المزيد من المهاجرين الأتراك والعرب، بسبب صعوبة اندماجهم في المجتمع الألماني على حد قوله.
تحول جذري في نظرة المجتمع الألماني
ألمان يزورون مسجدا في برلين بداية الشهر الحالي ضمن فعاليات"أيام المسجد المفتوحة".تبدو مظاهر التغيير في نظرة المجتمع الألماني للإسلام واضحة من خلال الاهتمام الشعبي والسياسي والإعلامي غير المسبوق بهذا الموضوع، وكذلك ظهور اتجاه في الرأي العام يميل إلى تسمية الأشياء بمسمياتها وينتقد بصراحة وصرامة مكامن الفشل في عملية الاندماج.
وفي حوار مع دويتشه فيله وصف رالف الغضبان الباحث في الشؤون السياسية والأستاذ في الكلية الإنجيلية في برلين، وصف هذا التحول بقوله إن الأمر لا يتعلق بالخوف وإنما بشيء آخر مختلف تماما "الوقائع تشير إلى أنه ليس هناك خوف من المسلمين في أوروبا وإنما نقمة عليهم" موضحا أن هناك غضبا عارما من فشل الجيل الثالث من أبناء المهاجرين من أصول إسلامية، وهذه مشاعر "تختلف عن الخوف" على حد تعبير الغضبان.
إلا أن نديم إلياس رئيس مجلس الأمناء في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا ذهب في حوار مع دويتشه فيله في اتجاه آخر، معتبرا أن "معظم المسلمين المقيمين في ألمانيا مندمجون فعلا، والقلة الرافضة منبوذة من المسلمين ومن غير المسلمين". وذكر إلياس بمجموعة من الأنشطة التي ينظمها المسلمون في ألمانيا تعبيرا عن رغبتهم في الانفتاح على المجتمع الألماني من بينها "أيام المسجد المفتوحة". إلا أن مراقبين يعتبرون أن الهيئات الإسلامية اختزلت قضية الاندماج في قضايا رمزية كبناء المساجد، وارتداء الحجاب وما إلى ذلك دون أن تنفتح بما يكفي على منظومة القيم ورؤية العالم التي يقوم عليها المجتمع الألماني.
"الجمعيات الدينية المتطرفة تعرقل الاندماج"
ويرى بعض المراقبين أن هذا الوضع نجم عنه تنامي مشاعر العداء نحو الإسلام والأحكام المسبقة والنمطية، وباتت قضايا المسلمين في المجتمعات الأوروبية، موضوعا يوظفه الفاعلون السياسيون والاجتماعيون، كل على هواه بما في ذلك أطياف اليمين المتطرف. وإذا كان الدكتور رالف الغضبان يقر هذا الأمر إلا أنه يستطرد قائلا "سيكون من الخطأ إذا امتنع المرء عن انتقاد نواقص الاندماج خوفا من تغذية اليمين المتطرف".
ووجه الغضبان أصابع الاتهام إلى من وصفها ب"الجمعيات المتطرفة التي تدير الشؤون الدينية للمسلمين في ألمانيا كميللي غوريش التركية والإخوان المسلمين وحزب التحرير، وهي جمعيات تعتبر متطرفة حتى في الدول الإسلامية"، فيما انتقد نديم إلياس النخبة السياسية في ألمانيا واتهمها ب"ركوب موجة التطرف اليميني والخوف من كل ما هو أجنبي"، موضحا أنهم بذلك يضعفون ترابط مكونات المجتمع الألماني الذي يعتبر المسلمون جزءا منه.
من جهته يرد الغضبان على ذلك بقوله إن سياسات الاندماج مسؤولة إلى حد كبير عن عزل المهاجرين، ملاحظا أن الوضع تغير في السنوات العشرين الماضية والتي حدث فيها انفتاح واسع للمجتمع الألماني "استفادت منه فئات كثيرة من المهاجرين باستثناء المسلمين بسبب تأثير الجمعيات المتطرفة".
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :