الأقباط متحدون | أنا أفكر إذًا أنا مخنوق
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٥:٤٧ | السبت ١٦ اكتوبر ٢٠١٠ | ٦ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٧٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

أنا أفكر إذًا أنا مخنوق

السبت ١٦ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: سحر غريب
أتحدَّث كثيرًا وأحاور كثيرًا وأجادل أكثر، فماذا أكسب؟ لا شيء إلا اكتساب العداوات والغباوات والدعوات بالهداية؛ لأن عقلي عقل شقي لا يكل ولا يهنأ.

أتكلم عن ارتفاع الأسعار فأجدها تلكزني بقوي قائلة: لكي رجل ينفق فلماذا القلق؟! لو استيقظتي يومًا ما، ولم تجدي طعامك حاضرًا فساعتها من حقك الشكوي، خليكي في نفسك!

وعندما أقول لها: إنني أدعي الله صبحة وعشية بألا أمرض في "مصر"؛ لأن المريض المصري هو ميت حتمي، أجدها تتحدث عن العلاج الذي يتوافر في "مصر" وبأرخص الأسعار داخل مستشفي "الفؤاد"، فعملية قلب مفتوح تتكلف أربعين ألفًا فقط، وعملية زرع كبد تتكلف نصف مليون جنيه فقط.. يابلاش!! وعلىّ أن أنظر لنصف الكوب الممتليء، وأن أكف عن إدعاء الفكر والفهم في معيتها.
 
أتحدث عن التزوير في الانتخابات والأمل الذي مات قبل فطامه في وجود انتخابات نزيهة، فتنظر لي في قرف وقنوط، وتتوسلني أن أخرس الكلمات من فوق لساني.. فكلماتي قد تدخلنا سجون الدولة دون رحمة، وكأن الدولة تقف لكلماتي علي بوابة فمي بالمرصاد.

أتكلم عن التوريث وأن بلدنا ليست تكية أو عزبة تُورَّث وتُترك للأنجال والأحفاد، فأجد من تضع يدها علي فمي؛ لأنه ليس في الإمكان أبدع مما سيكون، دعي الحياة تسير والمكتوب علي الجبين حتمًا ستراه العين.

أتكلم عن الفساد وعن الحالة التي وصلت إليها البلد، فتزيح صديقتي الطبيبة- أسمًا فقط- وجهها، فهي لا تقرأ ولا تريد أن تقرأ، بل إنها تحثني علي أن أهجر القراءة فيما لا يفيد، وتضع في يدي بعضًا من كتب الطبيخ: اقري في حاجة تنفعك وبلاش الحاجات اللي تسجنك.. عندك عيال ربيهم أحسن!! وعندما عرضت عليها أن أصحب طفلها مع أطفالي لأحد المكتبات، فوجئت بها تنفعل بشدة وتقول لي: ابعدي عن ابني، لا تفسدي عقله بكتبك الملعونة!!
 
المصيبة أن صديقتي تلك طبيبة بشرية تستعد للعودة للعمل- بعد أجازة طويلة- في أحد المستشفيات الحكومية، فتخيلوا معي كيف ستصبح تلك المرأة التي لا تنكر عن نفسها تهمة الجهل الشديد- بل إنها تفتخر بجهلها علي الملأ-  طبيبة مفروض فيها العلم والثقافة، ولكم أن تتنبأوا بالكارثة التي وصل إليها التعليم في "مصر" لدرجة أن تشغيل المخ أصبح جريمة يُعاقب عليها قانون الجهل، مع افتراض أن للجهل قانون  بحكم إنه السائد في مجتمعنا المُغيَّب.

وهكذا أجدني أحيانًا في وادي والآخرين في واد آخر، فأنطوي أكثر حتي تجمعني الحياة بمن يتفهم حاجة عقلي إلي أن يعمل ويشجب ويعترض، حتي لا يأتي اليوم الذي ينفجر وهو ناقص فضفضة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :