بقلم : نبيل المقدس
 تذكرت مرض السير أثناء النوم .. مع أنني لم اري هذه الحالة من قبل إلا في الأفلام والحواديت .. واتذكر إحدي هذه الحكايات , أن بعضا من عمال شركة المياه وصلوا إلي مكان عملهم مبكرين قبل بزوغ الشمس  لإصلاح عطلا في إحدي المواسير تحت الأرض , وإذ كانوا يخترقون الشارع المنشود أبصروا شبحا أبيض علي قمة بيت عال. فتسـاءلوا ما عسي أن يكـون هذا ؟؟
    إتضح لهم أنه كانت سيدة في قميص النوم جالسة علي حافة السور تنظــر إلي أسفل بغاية الفرح والسرور وعلي فمها إبتسامة الثقة بنفسها الكامل. كانت من الذين يسيرون وهم نيام. فقد قامت من نومها دون أن يدري احد, وصعدت إلي اعلي المبني حتي جلست في المكان الذي رأي فيه العمال هذه السيدة. وتقول الأبحاث أن كل مريض بالسير وهو نائم يعيش لحظات السعادة والفرح , أو يعيش حياة هو أصلا لا يستطيع ان يحققها وهو مستيقظ . فربما يتصور نفسه يعيش في حياة رغدة لأنه لم يدركها في حياته العادية ... ربما يحلم بشريك حياة لأنه لم يتزوج لضيق اليدين ... ربما يري نفسه يعيش ومتمتع بحرية كاملة , لا سيف علي عنقه , ولا مطرقة علي رأسه , ولا رصاصة مصوبة إلي قلبه ... بل يتصور نفسه أنه يتكلم بكل حرية , يعتنق الديانة التي آمن بها ... يلقي ضوءا علي فكره السياسي وهو عالم تماما أنه سوف يبيت في منزلهِ ... يتصور أنه لايُوجد من يعكنن عليه في  نومه ... يتخيل أنه ليس هناك طفل أو مريض سوف ينزعج من أصوات تخرج فجأة من عدة مصادر عبر الميكروفونات تدعو الناس للتعبد ... ربما يتمني من مبدأ التساوي في المعاملة أن يجد أيضا في الأسواق كتب تحمل عناونين تشير إلي الشبهات في الكتب الدينية للأغلبية , جنبا إلي جنب الكتب التي تشير إلي شبهات الكتب الروحية للأقلية.
    بدأ العمال في نشر معداتهم وأدوات العمل ... وهم ينظرون إلي هذه السيدة  مخترقين الظلام بأشعة مشاعلهم وهم لا يدرون ما سوف يحدث لو إستيقظت فجأة ... وفي لحظات بدأ علي المنطقة علامات الفوضي وعدم النظام ... والتكسير في الأرض ... والأصوات العالية التي تصم الأذان ... ومحابس حديدية لسد أفواه المواسير من تدفق المياه بحريتها , بدأت أوناشهم تزيل الشجر والورود التي كانت مزروعة علي جانبي الطريق ... بدأ الشارع يظهر علي حقيقته ... أصوات الباعة ... أصوات السيارات ... أصوات السياط علي الحيوانات والبني آدمين . إرتفاع أصوات أغاني مبتذلة "  فكهاني بيحب الفن . ياعنب ياعنب ... " , خروج أولاد الشوارع من جحورهم ليبدأوا في عملهم التسولي .. لله يامحسنين !!.
    صحف وجرائد ومجلات متنوعة إنفرشت بجانب الكُشك الموجود علي رصيف الشارع , تحمل أخبار الأحزاب , المملوءة خدع وإدعاءات , وهي كلها تمثيل في تمثيل . أخبار مجموعة المحظورة والتي تحولت بقدرة قادر إلي تجمع رسمي تحت مُسمي " الإخوان المسلمين شعاره هو " الإسلام فيه الحل" . أخبار الإنتخابات وحكايات ونزاعات كلها وهم وتصورات قال يعني الحرية واخذة حقها !. رئيس صحيفة يتْشال وصحف تِنباع , وصحف تتأجر , وصحف تنداس. مظاهرات ضد البابا والكنيسة بأقذر الكلمات أمام عيون الأمن , وكأن الأمر عادي جدا أننا نُهان وننداس بالإرجل وهذا ما عبروا به هؤلاء الأوغاد بحرق صور البابا وهرسها تحت أحذيتهم. شريعة الكيل بالمكياليين والتي تتمثل في البند الثاني من دستور مصر ...  قضايا وإتهامات بين عِلان وفِلان . محاكمات تتأجل جميعها إلي شهر ديسمبر , وانا لا أعرف سببا لتأجيل كل القضايا الهامة إلي شهر ديسمبر . هل ستكون الأحكام هي هدايا من الحكومة لشعبها في آخر السنة الجارية , لإستقبال سنة جديدة بروح جديد . وفي نفس الوقت نجد أحكام تهبط من الأعدام إلي البراءة ... فوضي الكتب المدرسية وفوضي التعليم ... مظاهرات من جميع الملل والأعمال ... حوادث الطرق والسكة الحديد ... حوادث قتل الفكر والرأي ... أخيرا وليس بآخر نستطيع ان نقول زحمة يادنيا زحمة ... من فساد إلي فساد ... من شمال وجنوب البلاد ... ومن بائعي مدينتي  حتي آخر العباد. !
    تشاور العمال في كيفية إنقاذها من مكانها الخطــر. وفيما هم يتباحثون معا في الأمر وكانت الشمس قد أشرقت وإنعكس علي عينيها شعاع لامع فإستيقظت ... لكنها فوجئت بالمكان التي كانت فيه مخيف وموحش , وتطلعت لحظة واحدة فيما حولها فلم تجده المكان والأحلام التي كانت تحياها وهي نائمة  فخافت و لم تستطع حِفظ توازنها فسقطت علي رأسها .. وماتت في الحال ... فقد كانت الصحوة لهذه السيدة هي الصحوة المُميتـــــــــة.!
   لم يُدرك العمال أنه كان عليهم إستيقاظها أو إسترجاعها إلي بيتها قبل شروق الشمس قبل ما تري نفسها علي حافة السور فيختل توازنها وتسقط ... نحن لا نريد من أمنا مصر أن تصحو قبل شروق الشمس , وتنصدم بالواقع المرير , فلا تستطيع أن توازن نفسها فتختل وتسقط السقوط المُميت ... لذلك علينا نحن أبنائها أن نزيل كل أمر يعوق بناء وتقدم مصر ... علينا أولا نشر المحبة بين الأبناء ... وهذا لا يتحقق إلا بدحر المادة الثانية من الدستور ... لأن دحر هذا البند هو التغيير الأصلي والتي تحتاجه أ ُمنا مصر ... التغيير الحقيقي هو بناء دولة مدنية وليس السعي ببناء دولة نصف مدنية ... بلدة شعارها " الإنسانية هي الحل " وليس " الإسلام هو الحل " .
نريد تجنب اُمنا مصـــر من الصحوة المميتــــة ... فهيا بنا ومعا نشابك أيادينا , وننتخب كل من هو لصالح أمتنا مصـــر ... فقد إشتاقت مصـــــــر إلي الفرحـــــــة .....!!!!!!! 

كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها

تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :