المصري في البورصة
بقلم: مدحت قلادة
تعود كلمة "بورصة" إلى عائلة فان در بورصن (Van der Bürsen) البلجيكية التي كانت تعمل في مجال البنوك، وكانت تمتلك فندق بمدينة بروج بإنجلترا في فترة القرن الخامس عشر، ويعد الفندق مكاناً لإلتقاء التجار المحليين، فأصبح بمرور الزمن رمزاً لسوق رؤوس الأموال وبورصة للسلع، تعرف البورصة أنها سوق للأوراق المالية "Stock Exchange"، لكنها تختلف عن غيرها من الأسواق، فهي لا تعرض ولا تملك البضائع والسلع، البضاعة التي يتم تداولها فيها
ليست أصول حقيقية بل أوراق مالية فى صورة أسهم وسندات.
ويصدر يومياً مؤشر البورصة "بعدد من النقاط" الذي يحدد مدى تأثرها صعوداً أو انخفاضاً بعد المقارنة بين أسعار الفتح والإغلاق، فمؤشر البورصة هو قيمة عددية يقاس بها التغيير في الأسواق المالية لمعرفة تقلبات أسعار الأسهم أو السندات أو الصناديق… إلخ، ارتفاعاً وانخفاضاً.
ويتم إحصاء النقاط للخسارة والارتفاع بما يسمى سعر الإغلاق للسوق في اليوم،ويعتمد المتداولون في البورصة على أسلوبين في اختيار الأسهم:
أولاً: التحليل الفني وهو يعتمد على فحص الأوراق المالية وفقاً لتطور سعرها وتحركات السعر. التاريخية باستخدام الرسوم البيانية لتحديد توقيت التصرف "شراء السهم أو بيعه أو الاحتفاظ به".
ثانياً: التحليل الأساسي هو فحص للقوائم المالية وصولاَ إلى القيمة الحقيقية للسهم، ويتغير سعر السهم في سوق الأسهم كنتيجة مباشرة لتغير نسب العرض والطلب على السهم، ففي حالة الإقبال الشديد على الشراء فإن طلبات البيع رخيصة الثمن سوف تنفذ، وتبدأ الطلبات الأكثر سعراً بالظهور ويبدأ معها السعر بالارتفاع، وهذا على عكس ما يجري في حال الإقبال على البيع.
بعد المقدمة البسيطة عن البورصة وآدائها وطرق التعامل فيها وتحديد قيمة السهم ارتفاعاً أو انخفاضاً تخيل معى بورصة للإنسان فتحدد قيمته حسب العرض والطلب فما هي العوامل المؤثرة في قيمة السهم في بورصة البشر؟ سنجد تحديد قيمته بناء على عدة عوامل مختلفة أهمها قيمته لدى النظام الوطني وانتاجيته مع الأخذ في الاعتبار أهم قاعدة اقتصادية متحكمة في السعر "العرض والطلب"، ماذا ستكون قيمة الإنسان المصري؟!! بالطبع ستكون كارثة بكل المقاييس، فالمصري ليس له قيمة في وطنه مُهان ليس فقط على أرض وطنه بل وفى دول الجوار أيضاً... فنظرة واحدة للأشقاء العرب تجد الكفيل يتقمص شخصية دراكولا لمص دماء الشقيق الأكبر (إذا جاز تعبير الشقيق) أضف إلى ذلك قدرته على العطاء في بلده معدومة إن لم يكن بفعل الفساد فنتيجة لتفشي الأمراض والأوبئة في الجسد المصري فمصر تحتل مكانة عالمية في إلتهاب الكبد الوبائي والفشل الكلوي، ومصر أصبحت مستودع للأمراض والأوبئة والتلوث أما عن الإنتاج فحدث ولا حرج بلغت إنتاجية المصري عالمياً بـ 27 دقيقة في اليوم، لتصبح الصورة أكثر قتامة.. أضف العرض والطلب!! بالطبع على المواطن المصري
النتيجة تؤكد أن المصري في البورصة ليس له قيمة حقيقية فمصرع 1500 فرد في عبارة ومصرع 21 و14 و7 في أعمال قتل طائفي، ومصرع الآلاف شهرياً في حوادث الطرق، ومئات أخرى في إنهيارات للمباني المخالفة، وموت مئات يومياً نتيجة سوء سكك حديد المحروسة علاوة على الإهمال الطبي وانتشار السرطانات المختلفة، يؤكد لك أن المصري ليس له قيمة، فبعد كل حادث مروع مثل غرق عبارة أو إنهيار مبنى أو ضحايا طرق وسكة حديد ترتفع الأبواق الإعلامية ويطالب الجميع بثورة تصحيح وتهدأ الأمور ولا ينفذ شيء على أرض الواقع لتفادي الخلل بل نستعطي المسكنات عند وقوع الحادث فقط وبمجرد هدوء الألم يتلاشى كل أمل في الإصلاح بدليل لم نسمع عن إستقالة وزير مسؤول أو رئيس مؤسسة أو حتى رئيس مصلحة بعد كل كارثة.. ربما يكون هذا دهاء من النظام للتخلص من العدد الكبير للمصريين فبدلاً من العمل على تأهيلهم كقوة منتجة أصبحوا قوة احتياط فقط.
ففي البورصة تحدد قيمة المصري حسب الطلب تتخيل وزيرة القوى العاملة وتوقيعها مع الأمير سلطان لتوريد 10000 مؤهلة مصرية للعمل كخادمات لدى المملكة؟! بالرجوع للتحليل الفنى لتحديد قيمة الأسهم كان المصري سابقاً دكتور مؤهل مهندس مبتكر مدرس ناجح فني مخترع والآن أصبح خدام بشهادة جامعية يؤكد على إنهيار التقييم الفني وانعدام قيمة المصرى...
فالنتيجة الطبيعية تؤكد تدني قيمة المصري الذي أصبح ليس مرتعاً للأخوة الصغار من أبناء الخليج العربي بل أصبح لكلابهم أيضاً، حتى الصفوة من أبناء مصر لم ينجوا من إنخفاض أسعارهم واقترابهم من الصفر، فقد تم ذبح سفير مصر بالعراق وهو السفير إيهاب الشريف ونُحره رغم ادعاء وزارة الخارجية أنها لاعب أساسي في المنطقة عامة والعراق خاصة وضرب وزير خارجيتنا الراحل بالحذاء من الأخوة الفلسطينيين...
قارن بين المواطن المصري والشيلي.. شيلي دفعت 20 مليون دولار لإنقاذ 33 عامل حاولوا بكل الطرق الحفاظ على حياتهم مدة تقترب من السبعين يوماً ليخرجوا سالمين في رسالة واضحة للعالم أجمع قيمة الإنسان لدى حكومته، ولقد استفادت شيلي من تعاون وثيق مع الأمريكان ووكالة ناسا للفضاء التي أمدتهم بأفضل النصائح لبقائهم أحياء ليخرجوا للعالم محتضنين إعلام بلادهم فاتحد الشعب الشيلى جميعه بما فيهم رئيس الدولة بقلب رجل واحد للصلاة لإنقاذ الـ 33 من باطن الأرض ليخرجوا حاملين رسالة للعالم تحدد قيمة كل فرد منهم لدى النظام السياسي، بينما في مصر يُقتَل فيها العشرات يومياً في حوادث طرق ويفتك المرض بكل شباب مصر ويتصارع المصريين ليموت منهم صريع وشهيد طوابير العيش في حين أن نظامنا مطمئن البال لقد أهلك المصريين وشارك في إمتهان كرامتهم تحت بند عروبة أشقاء أخوة والنتيجة قيمة الإنسان المصري صفر، قارن بين أمريكي ومصري إذا تم أسر مواطن من كلا الدولتين.. ماذا ستفعل الدولة تجاه مواطنها الأسير لتعرف قيمة المصري في البورصة؟
أخيراً من المسؤول عن إنخفاض قيمة المصري محلياً وإقليمياً وعالمياً؟! متى يعود للمصري كرامته المهدرة لإنسانيته؟! متى ترتفع قيمة المصري؟! كل هذه لأولوا الأمر.
"من هانت عليه نفسه تراها على الناس أهون"
مدحت قلادة
Medhat00_klada@hotmail.com
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :