الإسلام هو الحل
مين يضحك على مين؟!
بقلم: د. نجيب جبرائيل
بمناسبة اقتراب فتح باب الترشيح لانتخابات مجلس الشعب، وبدء الدعاية الانتخابية للمرشحين، في ظل قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي تم تعديله في عام 2005، والذي ينص على حظر استخدام المرشحين أو الناخبين لأية شعارات دينية، أو القيام بأية أنشطة ذات مرجعية دينية، وكذا حظر استخدام دور العبادة في الدعاية للترشيح.
وهذا أيضـًا ما أكده المستشار "السيد عبد العزيز عمر"؛ رئيس محكمة استئناف القاهرة، ورئيس اللجنة العليا للانتخابات في "صحيفة الدستور" أمس الإثنين، وأيضـًا ما تناوله الصحفي الكبير الأستاذ "حمدي رزق؛ رئيس تحرير "جريدة المصور"، في عموده بالصفحة الأخيرة بـ"جريدة المصري اليوم"، في ذات اليوم، وكان هذا بصدد ما اتخذته الجماعة الإسلامية الإخوانية المُسماة بـ"المحظورة"، من موقع لها على شبكة الإنترنت؛ "إخوان أون لاين"، وعلى صدر هذا الموقع تجد عنوانـًا: "وقال الأخيار كلمتهم.. الإسلام هو الحل"، والشعار الإخواني مزود بالمصحف والسيفين المتقاطعين.
وحيث طالب "حمدي رزق" في مقاله بتطبيق القانون، وذلك بمنع ترشيحهم وليس اعتقالهم، لأنهم بهذه الاعتقالات يكسبون، بل يدعون أن يزيد اعتقالاتهم في موسم الانتخابات.
وقد أكد رئيس اللجنة العليا للانتخابات، أنه في حالة استخدام أي مرشح لشعارات دينية أو أن يكون ترشيحه مستندًا إلى أية مرجعية دينية؛ فسوف يتم شطبه.
ولعل ما أعلنه رئيس اللجنة العليا للانتخابات، وما تناوله رئيس تحرير "جريدة المصور"، بشأن ما يخالف القانون من قِبل تلك الجماعات المحظورة، يعطي لنا الحق في أن نخالفهما الرأي محتميـًا بسياج القانون والدستور، وذلك للأسباب التالية:-
أولاً: كيف نسمي تلك الجماعات الإخوانية بالمحظورة، وأنها تعلن عن نفسها دومـًا، وبصفة يومية، بل تتناول أخبارها كافة الصحف، ومن ضمنها الصحف القومية، وتجري مع قياداتها أحديثـًا شبه يومية، مهتمة بمرشدها، بل تسابقت القنوات الفضائية والميديا الإعلامية بالتكهن عن اسم مرشدها قبل إعلان اسمه، وكان ذلك بنهم وشغف شديدين.
ثانيـًا: إن إنشاء تلك الجماعة المسماة بـ"المحظورة" لموقع لها على الإنترنت؛ "إسلام أون لاين"، والإعلان علنـًا بأن شعار مرشحيها هو "الإسلام هو الحل"، وسط المصحف والسيفين المتقاطعين جهارًا نهارًا، يؤكد لأبسط الناس أنها ليست بالمحظورة.
ثالثـًا: إن تعليق لافتات الجماعة وعليها شعار "الإسلام هو الحل"، في كل مكان إبان الانتخابات الماضية بأعلامها الخضراء، إنما يؤكد قناعتها بأنها تسير في النور، وإحساسها بشرعيتها دون أن يتجرأ أحد على المساس بها.
رابعـًا: إننا -وبحق- إذا افترضنا أن الحكومة أو اللجنة العليا للانتخابات، قامت بمنع مَن يستخدموا هذا الشعار، وقدمتهم للمحاكمة طبقـًا لقانون مباشرة الحقوق السياسية، والذي يحظر استخدم أية شعارات دينية، وعلى الفرض الجدلي قامت اللجنة المذكورة؛ كما أعلن رئيسها أنه سوف يشطب أي مرشح يستخدم هذا الشعار، أو أي شعار ديني آخر، ثم لجأ هذا المرشح إلى المحكمة، فلو أنني كنت أجلس -وأنا مسيحي الديانة- على منصة القضاء، لأصدرت حكمـًا وبصفة مستعجلة، بوقف قرار رئيس اللجنة العليا، وأعطيت هذا المرشح الحق في الاستمرار في الترشيح، وإذا كنت وكيلاً للنيابة؛ فسوف أطلق سراحه فورًا من سراي النيابة، وذلك للأسباب الأتية:-
1- إن تلك الجماعات حين تطلق شعارها بأن "الإسلام هو الحل"، أي أن تفسيره أن المرجعية الأساسية لحل مشاكل "مصر" سياسيـًا، واجتماعيـًا، واقتصاديـًا، هو الإسلام.
2- إن هذا الشعار يستند إلى المرجعية الدينية التي نص عليها دستور "جمهورية مصر العربية"، وذلك في المادة الثانية منه، بأن "مصر" دولة إسلامية، وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
3- إن رئيس مجلس الشعب نفسه؛ الدكتور "أحمد فتحي سرور"، ورئيس مجلس الشورى السيد "صفوت الشريف"، والدكتور "مفيد شهاب" وزير الشئون القانونية والبرلمانية؛ يؤكدون المرة تلو الأخرى أن المادة الثانية من الدستور هي "خط أحمر" لا يجوز المساس به.
4- إن قضاة محكمة القضاء الإداري أنفسهم، لم يحكموا بالقانون الوضعي في قضايا العائدين إلى المسيحية، واستندوا إلى مرجعية دينية، وهي الشريعة الإسلامية.
5- إن المحكمة الدستورية العليا نفسها، لم تصدر حكمـًا باتـًا حتى الآن، عما إذا كان مَن يعود إلى ديانته؛ وهي المسيحية، هو حقٌ دستوري له؟ أم أنه مخالف للدستور؟؟ وبالأخص لنص المادة الثانية منه؟!
6- إذن.. من جماع ما تقدم؛ فهل تجرؤ الدولة أو اللجنة العليا للانتخابات، على مخالفة الدستور حينما يتم منع أي مرشح؟ أو القبض عليه حينما يستخدم شعار "الإسلام هو الحل"؟ وهل يخالف قانون مباشرة الحقوق السياسية القانون الأساسي، وهو الذي يـُسمى بـ"أبو القوانين"؛ وهو الدستور؟؟
7- والدليل على ذلك أننا نسمع في كل يوم تقريبـًا، عن القبض على العشرات من جماعة "الإخوان المسلمون"، ثم يتم الإفراج عنهم بعد أيام، ولم يـُقدم أحدًا إلى المحاكمة حتى الآن، ولن يحدث ذلك إلا إذا كان مرتكبـًا لجريمة جنائية أو جريمة تضر بأمن الدولة.
إذن؛ هل تريد الدولة فقط أن تجمل وجهها أمام العالم، وتظهر بمظهر الدولة المدنية والديمقراطية؟؟ أم أننا جميعـًا نضحك على بعضنا البعض؟؟ ولكن الحقيقة المُرة أن الدولة تضحك على الشعب وعلى مواطنيها، بل هي تكذب؛ لأنها لا تستطيع إلا أن تنفذ القانون تنفيذًا صحيحـًا، وهو "الإسلام هو الحل" -مع اعتراضنا الشديد على ذلك- فيظل الحال كذلك إلى أن يتغير دستور الدولة، ليصبح دستورًا مدنيـًا وليس دستورًا دينيـًا.
وعذرًا صديقي العزيز "حمدي رزق"، أنتم تنفخون في قربة مقطوعة"!!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :