الأقباط متحدون | أن تقوم الدولة بدورها
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٢:٠٠ | الجمعة ٢٩ اكتوبر ٢٠١٠ | ١٩ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٩٠ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

أن تقوم الدولة بدورها

الجمعة ٢٩ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: حمدي الحناوي
حين أطالب الأفراد قبل أن أطالب الدولة أعرف أن الدولة لها دور لا بد أن تقوم به، ولكن الدولة المتخلفة، لا يمكن أن تقوم بأدوارها كما نتوقعها. والدولة متخلفة لأن المجتمع متخلف، وفى قمته نخبة مترددة ومنقسمة بشدة. لا يمكن الانتظار لحين تطوير المجتمع كله، ولكن يتعين الانتظار لحين بناء نخبة جديدة. وهى نخبة لن تنشأ من فراغ وستلملم الأجزاء المبعثرة من النخبة الحالية, وتضيف إليها.
    التخلف فى هذا العصر هو الابتعاد عن العلم، والعجز عن استيعابه واستخدامه فى الحياة. وقد نجح مجتمعنا فى عبور العتبات الأولى، لكنه توقف بعدها. أنشأنا الجامعات ومراكز البحوث، ولدينا آلاف حصلوا على أعلى الدرجات العلمية، من الخارج ومن مصر، لكن هذا لم يكن ضمانا لتقدم العلم. نقص الحرية يفسد كل شئ، وفى بيئة التخلف لا يعبأ الناس بالحرية، ولا تتوافر شروط صناعة العلم. عندنا حديث عن العلم، لا يتجاوز قاعات المحاضرات واللقاءات الرسمية، ويختفى بعد ذلك فلا يستخدم، ويعتمد كثير من رجال العلم على الفتاوى لإدارة شئون حياتهم. وعندما يتناولون مشكلات المجتمع، يبتعدون عن المشكلات الحيوية إيثارا للسلامة.
بهذه الصورة تحول هؤلاء إلى أشباه شيوخ، فما صاروا شيوخا ولا بقوا علماء، وصارت ألقابهم العلمية مجرد عنوان للوجاهة. ومع ذلك فمعظمهم يمكن استرداده فى مناخ الحرية، وفى إطار تحول سياسى، يشمل تغيير الدستور غير أنه لا يمكن أن يبدأ بتغيير الدستور. لا أقصد بذلك المادة 2 فقط بل جميع المواد المتعلقة بالحريات، وتوزيع السلطات. توزيع السلطات غير متوازن، أما مواد الحريات فصياغاتها توحى بأنها ضمان الحرية وهى فى الحقيقة قيد عليها، إذ توضع فى نهاية كل مادة منها كلمات "فى حدود القانون".
يختلف المعنى عندما نقول أن حرية التعبير مضمونة فى حدود القانون، أو أن نقول "يضمن القانون حرية التعبير". فى الصيغة الأولى يصبح القانون قيدا يستخدمه صاحب السلطة لتقييد الحرية، أما فى الصيغة الثانية فالدستور هو الأصل، وعلى السلطان أن يضع القانون فى حدوده ويضيف ما شاء بعد ذلك ليضمن ألا يعتدى أحد على حرية غيره. يمكن صياغة دستور بهذه الدقة، ولكن هذه الصياغة لن تكون نقطة البداية، فى ظل اختلال موازين القوى واختلال التوازن فى المجتمع. البداية تغير فعلى على الأرض، يعالج اختلال التوازن وينقل المجتمع من حالة إلى حالة. وهذا تغير ثورى لن تبدأه الدولة، إذ ليس لها مصلحة فيه.
لم يبدأ تغير ثورى فى التاريخ بوضع الدساتير. فى أمريكا أعلنت الولايات استقلالها عام 1776، ومضى بعد ذلك اثنا عشر عاما وضعت فيها دساتير الولايات والدستور الاتحادى، وتم ذلك عام 1788. وفى فرنسا، كانت الجمعية الوطنية فى حاجة إلى عامين بعد الثورة، من يونيو 1789، إلى صيف عام 1791، لتنتهى من صياغة الدستور الذى تم إقراره بعد ذلك بأشهر. وتكرر نفس المشهد فى أنحاء الأرض. ولم تكن مصر استثناء، فدستور ثورة 1919 لم يوضع إلا عام 1923. وكل تغير دستورى حدث عندنا بعد ذلك كان إقرارا رسميا بوجود تغير على الأرض، ربما كان تغيرا من أعلى لكنه إقرار بأن من بيده السلطة هو الذى يضع الدستور.
حين تكون السلطة للشعب بحق، لن يكون هذا بفضل الدستور، وسيكون الدستور مجرد تعبير عن تلك الحقيقة. وقد انطلق الناس وعرفوا حرية التعبير، وسيستمر التطور، إذا لم ينقلب مسار تلك الحرية إلى حرب دينية، هناك من يقف مستعدا لإشعالها وينتظر إشعال الفتيل.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :