الأقباط متحدون | الداخل مفقوووود
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٥٤ | السبت ٣٠ اكتوبر ٢٠١٠ | ٢٠ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٩١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الداخل مفقوووود

السبت ٣٠ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: سحر غريب
هل اضطرتك الظروف يومًا لأن تدخل مجمع محاكم للأسرة في "مصر".. إذا كانت الإجابة بلا فيابختك ياسعدك ياهناك، أما إذا كانت إجابتك بنعم، فيا عيني علي اللي صابك ياولداه.. فقد دخلتها، وياليتني ما كنت دخلتها، ولا عتَّبت بابها..  دخلت المحكمة لكي يتم تقسيم الميراث بالعدل بين أفراد الأسرة عن طريق المجلس الحاسبي.
 
ولكم أن تتخيلوا مدي الانزعاج الذي ساورني من رؤية ما يحدث في تلك المحاكم، فلا وجود لكراسي آدمية، اللهم إلا من بعض الدكك الخشبية التي لا تصلح إلا لتكون تابوتًا مفتوحًا يذكِّرك بعذاب القبر، وبأن الموت علينا حق، وبأنك اليوم وارث وغدًا مُورث. أما المراوح والتي هي عُملة نادرة شحيحة الوجود- وإذا وُجدت لا قدَّر الله- فإنها لا تعمل، والمبني متهالك بصورة غريبة، ومزدحم بشكل يعطيك انطباعًا بأن له ساكنين دائمين لا يتتعتعون منه، وبأن الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود. أما حجرة الموظفين المُتكدِّسة عن آخرها بعدد كبير من أصحاب البطالة المُقنَّعه، والتي تشعر معها بأنك داخل معلف بلدي لا ينقطع منه الفول والطعمية، وألف هَنَا.
 
رأيت هناك مُحامين يسمعون خبر تأجيل القضايا في هذا المكان شديد اللزوجة بفعل العرق الغزير، دون أن يهتز لهم رمش؛ فالبهدلة والمرمطة أصبحتا لصيقة بعملهم، فأنت تستطيع أن تعرف من منظر البشر المتراصين داخل حجرات الانتظار، أو الجالسين علي السلالم، أو الجالسين علي الشبابيك العالية القديمة، أن حياتهم قد توقفت عندما قرَّروا أن يلجأوا لقضاء البلد لحل نزاعاتهم، وموت يا حمار، وفوت علينا الأسبوع الجاي يا محترم!!
 
أما لو قرَّرت أن تتكلم وتعترض وتشكوا من تأخر الجلسات وتأجيلها، فأنت ساعتها شخصٌ غير مرغوب فيك، تنوي أن توقف حالك بيديك، والصمت خير دواء.
 
وبعد الزيارة الميمونة للمحكمة، كدت أتنازل عن حقي في الميراث للدولة لعلها ترتاح وتريحنا، ولكني تراجعت لأن الدولة ليست فقيرة كما تدَّعي بمبانيها المتهالكة.. ما دولتنا إلا متسوِّل يلبس أسوأ ملابسه المُهلهلة لكي يستجدي عطفك لتُخرج ما في جيوبك بنفس راضية، قانعًا بأن دولتك هي الأوْلي بصدقتك، رغم أنك من دافعي الضرائب والذي منه! وعلي ما يبدو إن الدولة قد قرَّرت أن تجعل مواطنيها لا يتمنون الحصول علي أي ميراث؛ فالنقود أصبح يتبعها أذي زيارتك لتلك الأماكن العبقرية التي خرجت من مطحنة الزمن لتنكِّد علي عيشة سيادتك.
 
اعذروني، فعندي حالة شد شعر، وقضم أظافر لاإرادية؛ بسبب تأجيل قضيتي للأسبوع القادم وعليكم خير، وماتقطعوش الجوابات..




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :