نوبة صحيان.. لمصر المحروسة
بقلم: د. ميشيل فهمي
بعد صمت طال مداه، وغياب فاق زمنه... وسُبات طال أمده، وصل إلي عدة عقود، انطلق بروجي الدولة لمصر المحروسة بنوبة صحيـان .. تلك النوبة التي أيقظت – إلي حد ما - واستنفرت أجهزة الدولة المعنية وقواتها المتخصصة وترسانتها القانونية النائمة، والغائبة عن وعيها نتيجة لجرعات مكثَّفة من المخدرات الدينية قوية المفعول وطويلة المدي، والتي سَوَقهــا تُجارها بمهارة وحرفية بالغة بين أرجاء "مصــر" المحروسة حكومة وشــعبًا؛ فطوال مدة سُبّات أهل الكهف الحكومي هذا، لم تدرك أو تعي الدولة خطـــورة النيران النابالمية المُحَمَّلة بكل قاذفات لهب إشعال الفتن الطائفية، وإحراق الهوية، وتدمير الشخصية المصرية بكل ما تحمله من سِمات عريقة وصفات حميدة، تم اكتسابها علي مدي آلاف السنين التي سُكب وبُذِل فيها بــحور وأنــــهار من عًرّق ودماء المصريين الأصليين لبناء حضارات متعاقبة، شهد لها وبهـا العالــــم أجمع، إلي أن- خلال السنوات الماضية- أحاطت بـ"مصر" جدران من الخطط التدميرية والإطـارات التآمرية الدوليــة، مثل المحاولات العثمانلية التركية المستميتة لزعزعة مكانة "مصر" بالإقلــيم ومحاولة القيام بدورها بالمنطقة.
ثم جاءت في نفس التوقيتات المحاولات الدؤوبة من الإمبراطورية المجوسية أو من تُدعي الجمهورية الإسلامبة الإيرانية، التي لم تقدر علي ستر عداؤها السافر لـ"مصر" الحضارة، "مصر" الفرعونية ، "مصر" المحروسة... وأحاطت "مصر" بجــدار من المؤامرات والتآمرات والتربيطــات مع كل الدول المحيطة بـ"مصــر" في الخارج. أما في الداخل، فقد وجدت ضالتها المنشودة لتنفيذ هذه المخططات الدمويــة، واستندت لتنفيذ مؤامراتها ضد "مصــر" علي طابــور خامس منظَّم من الخونة الذين يكنون العـــداء الكامن والحب الظاهر لكل ما هو مصري، أرضـــًا وشــعبًا وحكومــة، وهم ((جماعـة الإخوان المسلمين))؛ فأغدقوا علي قيادات الجماعة (المحظورة) الأموال بلا حســاب؛ لأنهم وجدوا فيهم العنصر الأمثل للتنفيذ التآمري (المجوسي) الإيراني ضد "مصــر"، حيث أنهم مصريين يتحركون داخل البلاد بحرية، ولهم طنطنــات حنجوريــة شائعة تغطي طول البلاد وعرضها، وزودوهم بملايين الملايين من الدولارات والدينارات لإنشاء قواعد إعلامية من فضائيات وشراء ذمم صحافيين وإعلاميين، إما مباشرة أو بطريق غير مباشر ... كل هذا تحت سـتار الدين الإســلامي الحنيف... هذا الستار الذي أرعب وأرهب حكومــة "مصــر" السنية، فلم تقترب منهم لمقاومتهم ودرء شرورهــم علي الوطن إلا علي استحياء، وفي الحالات الظاهرة السافرة التي لا يمكن مداراتها.... رغم كثرة حالات التحدي الذي تقوم به الجماعــة للحكومــة... ورغم ... ورغم... ورغم أنهم لا ولاء لهم للوطن (كما أعلنوا هم بأنفسهم علي لسان قادتهم)، مما يدرجهــم تحت بند الخونــة، وتقنين كل أعمالهم السافرة والخفية تحت بند الخيانـــــة للوطن! إلا أن الجهات الأمنية والحكومية لا تجرؤ من الإقتراب منهــم.
وكان الإطار العام الذي انطلقت منه الخطط الاحتراقية والاختراقية للدولــة هو ما جاء نصـًا ((بوثيقة التمكين)) بمعني ((وثيقة فتح مصر)) للإخوان المتأســلمين. وقد تعرضنا لها فحصًا وفضحًا وتحليلاً في عدة مقالات، وانطلقت علي محورين؛ الأول- تأجيج الفتن الطائفية لتمزيق نسيج "مصر" إربًا. والثاني- تمزيق "مصر" نفسها عن طريق شيوع الفوضي غير الخلاقة وغير الأخلاقية، باختلاق الأزمات، وافتعال الاحتقانات والاضطرابات والاضرابات، وبذر العداوة المطلقة، وعدم الثقة بين الشعب والحكومة عن طريق جهــاز حبك وصياغة الشائعات، ثم نشرها بين كافة صفوف وفئات وطبقات الشعب المصري، هذا الجهاز المملوك لجماعة الإخوان المتأسلمين .
ومن المبكيات التي ليست بمضحكات بـ"مصر" المحروسة– ولن تكون– إصابة الحكومة السنية لـ"مصر" المحروسة بالاضطرابات النفسحكومية
psychogovernmatic disorders إن صح التعبير، بحيث انعكس ذلك علي أغلب تصرفاتها وردود أفعالها إزاء تلك الخطط التدميرية الواضحة بجــلاء لفاقدي البصر قبل المبصرين، والمفهوم أهدافها لفاقدي العقل والإدراك قبل العقلاء المدركين. وكان أبرز تلك الاضطرابات النفسحكومية هي: أنه رغم صدور قانــــــــــــــون يحـــــظر أعمال وأنشطة ((جماعة الإخوان المسلمين))، وتأثيم وتجريم حتي مجرد اكتساب عضوية الجماعة والانتماء إليها، نجد أن تلك الجماعة تمارس جميع أنشطتها المؤثمة والمُجَرَّمة نهــارًا جِهَــارًا، وتملأ الدنيا ضجًا وضجيجًا، وتتصدر صور وأحاديث وتصريحات مرشدها (أو مضللها) السابق والحالي وبقية أعضاء مكتب إرشادها جميع وسائل الإعلام، وتمتلك مئات الشركات وتركيزًا شركات الصرافة!!! وشركات بيع كل شيىء؛ مدركين أهمية الإعلان في الترويج والتسويق لسلعهم، فساهموا وامتلكوا قنوات فضائية تجذب المواطن لمشاهدة سلعهم في وسط بثهم لكل ما هو مسلسلات وتمثيليات.. الخ، اخترقوا دريم والمحور وسيطروا تمامًا علي قنوات بانوراما دراما- سينما وكايرو سينما.. الخ، وأيضًا امتلكوا وشاركوا في عشرات القنوات الدينية المباشرة وغير المباشرة، وبعض الصحف الورقية وعشرات المئات من المواقع الإليكترونية، لبث المسموم من أفــكارها والمضلل من عقائدها، مع ممارسة الهجوم الشرس لكل من يتجرأ لفضح جزء من مؤامرتهم وأفعالهم المعادية للوطن وللمواطنة، مستغلين اسم الدين فقط، بحيث أوعزوا صدور العامة علي أن كل من يُهَاجِـمْ جماعة الإخوان المسلمين فهو مهاجم للإســلام؛ فانتشرت وشاعت شعبيتهم بين العامة وجزء كبير من الخاصة، تحت سمع وبصر الحكومة السنية المصرية المرتعشة يدها في تنفيذ القانون، وتقوي يدها وتبطش بكل من امتلك منبرًا حرًا علي النت.. وتعود وترتعش أكثر لتنفيذ الإجراءات القاتونية عنما يٌقتل خمسة من الأقباط ليلة عيدهــم ...الخ.
وقد انكشفوا- إلي حد ما- عندما قامت الدولة علي نوبة الصحيــان الأخيرة، وأغلقت بعض القنوات الدينية الإســلامية، والتي في حقيقتها ضد كل الأديان بما في ذلك الدين الإسلامي نفسه، فجيشوا الجيوش، وجنَّدوا الجنود من أتباعهم بقيــادة الجــنرال المناضل الشيخ "صفوت حجازي " للدفاع عن تلك القنوات الحارقة والخارقة لأمن الوطن وسلامته، وكيف أن التصدي لها من قبل الدولة هو تصــدي وإعتداء علي الدين الإســلامي الحنيف! وكأن الجماعة الإخوانية المتأسلمة هي الوحيدة التي تمتلك حقيقة الدين الإسلامي. وقد استغلوا في سبيل ذلك كل وسائل ووسائط ما يُسمي بـ ((الإعلام الجديد New Media)) أو الإعلام البديل؛ حيث اعتادوا علي الكينونات البديلة في كل شىء– هذا الإعلام الجديد فتح بابـــًا واســعًا غير مُراقب للإتصــال بالشعب بكافة فئاته، واللعب علي أوتــار وجدانه لتشكيل رأي عــام طبقــًا لإرادة ورغبات الجماعة المحظورة، التي بكامل هيئاتها وأفرادها، وضجها وضجيجها، تعمل ضد الــوطن بأعمال لا تكون في تصور وحسبان أعتي أعداؤه؛ لأن ضمن أصولية المعتقدات في فكر الجماعة ((عدم الإعتراف بالأوطان))، حيث أن الخلافة الإســلامية التي تضم جميع بلدان المسلمين– وما تيسر من باقي بلدان العالم– هي الوطن الأم المنشود بالنسبة لمعتقد الجماعة.. وبالتالي فهم يتساوون مع الإسرائليين في كُرههم وبُغضهم لـ"مصر" الحبيبة، بل إنهم أشد خطرًا من العدو الإسرائيلي ذاته؛ حيث أن هذا عداوته ظاهــرة ســافرة وَمُتَحَكــــمْ في دخوله للوطن وتحركاته بالداخل والخارج، لكن تكمُن الخطورة العظمي للإخوان في أنهم يعيشون ويحيون ويتصلون ويتواصلون مع كل "مصــر" أرضًا وشعبًا وحكومة... بالإضافة إلي أنهم مصريــــــون، لكن يعملون ضد "مصــر" والأمن القومي غافل، بل متغافل ..
وللمقــال بقية حتميـــة
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :