- رئيس مجلس النواب يخطئ في تهنئة الأقباط بالعيد ويعتذر: "آسف"
- بالصور.. في أسبوع الآلام افتتاح أول مسجد باسم السيدة العذراء بالمنيا
- "التموين تكشف مفاجأة "السيسي" للمصريين في أعياد سيناء.. (فيديو)
- بالصور..بائع الزعف في احد الشعانين " مهنة اليوم الواحد " بالمنيا العود بجنية والمرسوم ب10 جنيه
- 13 مليار دولار فى الطريق إلى مصر
لتتحول انتفاضة البرلمانيين إلى حركة عابرة للطائفية
د.عبدالخالق حسين
لا شك أن نجح أعداء العراق الجديد من فلول البعث وحلفائهم في الداخل والخارج، في إغراق البلاد في فوضى عارمة بحيث أوصلوه إلى مرحلة غير قابل للحكم (Ungovernable)، وذلك بإشاعة الإرهاب والفساد والسلب والنهب والاختطاف، ليجعلوا الناس تترحم على عهد صدام. فقد استثمر البعثيون مزاجية الشعب العراقي المعروف بعصيانه الدائم ضد الحكومات و أياً كانت، فعصيان الشعب العراقي على الحكام له سوابق تاريخية، وهناك مقولات وقصص كثيرة في هذا الخصوص، وعلى سبيل المثال، يقال أن معاوية أوصى ابنه يزيد: (إذا طالبك أهل العراق أن تنصب لهم في كل يوم والياً جديداً، فاستجب لهم، لأن تغيير الوالي أسهل عليك من أن تُشهَر في وجهك مائة ألف سيف).
وقبل أسابيع نشرت صحيفة نيويورك تاميز تقريراً لمراسلها في بغداد، استطلع فيه آراء عدد من السياسيين العراقيين فيما إذا كان السيد حيدر العبادي مهدداً في منصبه؟ فأجاب أحدهم وهو السيد هادي العامري بالنفي، مؤكداً، لا لأن حيدر العبادي قوي، بل لأن لا أحد يريد يتورط في هذا المنصب وفي هذا الوقت العصيب، حيث صار العراق من الصعب إدارته و حكمه.
الأسباب المعلنة و البارز للتظاهرات والاعتصامات هي المحاصصة وتفشي الفساد في جميع مفاصل الدولة. ولكن المشكلة أن الغالبية العظمى من الكتل السياسية، متمسكة بهذه المحاصصة. أما الفساد، فما أن يتم تقديم أحد المتهمين به إلى القضاء حتى وينبري جيش من المدافعين عنه، ويطعنون بالقضاء في حكمه.
ثم حصلت الاعتصامات في ساحة التحرير، وانتقلت إلى بوابة المنطقة الخضراء بقيادة زعيم التيار الصدري، وهو التيار الذي يتمتع بحصة الأسد في الحكومة "الفاسدة"(1). وأخيراً انتقلت شرارة الاعتصامات إلى مجلس النواب، لتشمل نحو 174 نائباً داخل البرلمان مطالبين بالإصلاح والقضاء على الفساد، بينهم النواب الصدريون ومن أغلب الكتل الأخرى.
فما المقصود بالإصلاح؟
بعد 13 عاماً من الفشل الذي أوعزوه إلى مبدأ المحاصصة، برزت فكرة تشكيل حكومة التكنوقراط المستقلين، على أن يتم اختيارهم من بين المعروفين بالكفاءة والنزاهة والتاريخ النظيف، بعيداً عن هيمنة قادة الكتل السياسية. ولكن عندما قدم رئيس الوزراء القائمة الأولى من المرشحين تم الطعن بأغلبهم، مما دفعه إلى تقديم قائمة ثانية وربما ثالثة، وهكذا...
ولكن هناك عدة شروط أمام تشكيل هكذا حكومة. أولها يجب أن تضم ممثلين من جميع مكونات الشعب العراقي، وأن تقوم كل كتلة بتقديم مرشحيها من التكنوقراط المستقلين! (وهذا يعني العودة إلى المحاصصة الطائفية والعرقية)، و ثانيا، أن تكون وفق الدستور، وثالثاً أن يصوت عليها البرلمان. هذه الشروط ليس من السهل تطبيقها في برلمان منقسم على نفسه وفق الانتماءات الطائفية والعرقية.
ولما اندلع العصيان البرلماني استبشرنا به خيراً وقلنا أنه صحوة ولو متأخرة من قبل البرلمانيين الشرفاء من أجل الإصلاح وتحرير الحكومة والبرلمان من هيمنة قادة الكتل السياسية، وعلامة خير تدل على أن الساسة العراقيين اجتازوا مرحلة المراهقة السياسية، وهاهم قرروا تجاوز الطائفية والعرقية، والالتزام بالوحدة الوطنية العراقية عابرة الطوائف. ولكن ما أن توجس قادة الكتل السياسية خطر الإصلاح والاعتصامات على مصالحهم حتى تنصلوا عن مواقفهم السابقة المؤيدة للإصلاح في الظاهر. فبعد أيام من بدء هذا العصيان، "أعلن التيار الصدري انسحاب الأحرار من الاعتصام النيابي وعلق عمل الكتلة"، ولقي هذا الموقف ترحيباً من السيد عمار الحكيم، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، الذي قال في تصريح له: "الدولة بشرعية البرلمان ولن نسمح لمُدعي الاصلاح بالتجاوز والفوضى". أما الكردستاني فقال: لن نحضر جلسة الخميس ولا نعترف باجراءات النواب المعتصمين. كما قوبل العصيان البرلماني باستهجان من قبل المرجعيات الدينية الشيعية، فالمرجع الأعلى السيد علي السيستاني رفض استقبال وفد من النواب المعتصمين، أما آية الله الفياض الذي استقبلهم فقد وبخهم قائلاً لهم: "أنتم فاسدون وغير قادرين ولا سواكم للاصلاح".
لا شك أن هناك عدداً من النواب المخلصين في مطالباتهم للإصلاح، ولكن هناك أيضاً من ركب الموجة، ومن دخلها لتخريبها من الداخل وتثبيط عزيمة الجادين. فالمعروف أن أغلب هؤلاء النواب لا يريدون أن يتمردوا على قادتهم السياسيين، خاصة وأن ترشيحهم وفوزهم مرتبط بمدى طاعتهم لقادة كتلهم وكياناتهم السياسية. والذي يخالف سيعاقب بالطرد كما حصل للنائبة الكردية الشجاعة تافكة أحمد التي صرحت لصحيفة (العالم الجديد): "(التغيير) طردتني لمواقفي الوطنية.. والأحزاب الكردية تحاصرني لايماني بوحدة العراق".
نعم، هناك تحرك قوي للإصلاح السياسي والرغبة في التخلص من المحاصصة، ولكنه مازال في مرحلة الولادة العسيرة. فالنواب المعتصمون، و بطبيعة مخلفات الماضي وتعقيداته، وما حصل بعد 2003 من تداعيات واصطفافات طائفية وعرقية، مازالوا أسرى هذا الماضي، غير منسجمين ومن غير المتوقع أن يتوحدوا في كتلة متجانسة، خاصة إذا بقوا متمسكين بكتلهم وكياناتهم السياسية ويتلقون الأوامر من قادتهم.
ولكن رغم هذه المعوِّقات، من ممكن استثمار هذه الانتفاضة وتحويلها إلى حركة إصلاحية قوية تضم نواب من كافة المكونات، تقود إلى إخراج العراق من مأزق المحاصصة الطائفية والعرقية فيما لو توفرت لها قيادة حكيمة ومخلصة للوطنية العراقية وتشكيل حكومة عابرة للطوائف والأعراق.
لذلك نقترح على السادة النواب المعتصمين أن ينفصلوا عن كتلهم، ويشكلوا تنظيماً سياسياً جديداً فوق الطائفية والعنصرية، ويختاروا لتنظيمهم اسماً يتضمن معنى الديمقراطية والوحدة الوطنية العراقية مثل (حزب الشعب العراقي) أو (حزب العراق أولاً)، أو (الحزب الديمقراطي العراقي)، أو أي اسم آخر بهذا المعنى، ليضم هذا الحزب نواباً من مختلف مكونات الشعب العراقي بدون استثناء، وفي نفس الوقت يتحرك هؤلاء النواب على أكبر عدد ممكن من زملائهم الآخرين لكسبهم، وبذلك يبلغ عددهم غالبية مريحة. ويحرك هؤلاء الشارع العراقي ومعهم نخب المثقفين من المستقلين لدعم حركتهم والترويج لها. وبذلك يمكن أن تحقق النجاح في تشكيل حكومة من التكنوقراط المستقلين. وفي هذه المرحلة يمكن الإبقاء على الدكتور حيدر العبادي ليترأس حكومة التكنوقراط المقترحة، بعد أن يعلن استقالته من حزبه (حزب الدعوة)، لأنه هو الذي بادر بهذا المشروع الإصلاحي ومواكباً تطوراته.
وليس لدى هؤلاء النواب "المتمردون" ما يخسرونه، لأن في حالة نجاحهم يكونوا قد حققوا سابقة ثورية عظيمة يقدمونها ليس للعراق فحسب، بل وللعالم، لتستفيد منها كل الشعوب التي تتحرر من الدكتاتورية وتواجه مشاكل ما بعد السقوط. وإذا فشلوا، وتم طردهم من كتلهم السياسية بعد هذه الدورة البرلمانية، فبإمكانهم الترشح عن حزبهم الجديد، وعلى الأغلب سيكسبون الناخب العراقي. ومن يفشل منهم في الانتخابات القادمة فقد أرضى ضميره، وضمن لنفسه معاشاً تقاعدياً مريحاً. أما الأخوة من نواب الكورد، فيبدو أنهم ليس بإمكانهم التمرد على قادتهم، لذلك فالحل الوحيد الذي أراه هو تحقيق حلم الكورد في تأسيس دولتهم الكردستانية بحدود ما قبل 2003، أما المناطق المتنازع عليها، فيمكن حلها بإجراء استفتاء سكانها تحت مراقبة دولية. وألف مبروك.
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــ
رابط ذو صلة
* سليم الحسني: مقتدى الصدر رجل الفوضى
http://www.qanon302.net/in-focus/2016/04/20/84013
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :