الانتخابات بمصر نساء بالظل ورجال يحطمون منافسيهم بالعنف
* د. "جورجيت قليني": المرأة تستخدم جميع الأساليب التي يستخدمها الرجل أثناء المعركة الانتخابية.
* "أيمن عقيل": إن ظاهرة الهتيفة فى الانتخابات هى ظاهرة مجتمعية لن تتغير إلا بتغير ثقافة المجتمع.
* د. "ميشيل حلمي": إن الهتافات والشعارات غالبًا ما تصاغ في صيغة شعرية لجذب المواطنين.
* مدير دعاية انتخابية: الانتخابات منافسة شرسة تُستغل فيها جميع الوسائل والطرق لتحطيم الخصم.
تحقيق: ميرفت عياد
يتوالى على "مصر" موسم الانتخابات الواحدة تلو الأخرى؛ ففى شهر يونيو الماضي كانت انتخابات مجلس الشورى، وهذه الأيام يبدأ العد التنازلي لانتخابات مجلس الشعب. وبوجه عام يجب أن تتسم العملية الانتخابية بالنزاهة والعدالة لتكتسب ثقة الناخبين.
وتمر العملية الانتخابية بالعديد من المراحل، ولعل من أهمها إعداد المرشحين للحملة الانتخابية التى تكلِّفهم الكثير، عن طريق المؤتمرات واللقاءات الإعلامية، والجلوس مع الناخبين فى السرادقات العامة، وتوضيح البرنامج الانتخابي لهم، وحشد تأييد الناخبين للمرشح، وما إلى ذلك من إجراءات تسعى جميعها لحصد أكبر عدد ممكن من أصوات الناخبين.
لهذا ارتأت صحيفة "الأقباط متحدون" أن تفتح هذا الملف لتناقش العالم السري للدعاية الانتخابية.
فى البداية، يقول "خالد"– مهندس معماري: إن الشارع المصري لا يشعر تمامًا بأعضاء البرلمان المصري طوال العام، فنحن لا نسمع عنهم أو نراهم فى دوائرهم إلا أثناء فترة الدعاية الانتخابية؛ لحشد أكبر عدد ممكن من أصوات الناخبين، وهم يقومون بالكثير من أجل هذا، مثل مشاركتهم فى المناسبات الإجتماعية للناخبين- سواء كانت أحزان أو أفراح- غير عالمين أن تصرفاتهم بالنسبة لأبناء الدائرة مكشوفة وواضحة؛ فالناس يستطيعون التفرقة تمامًا بين الناخب الذى يهتم بصالح المواطنين، والناخب الذى يسعى إلى الحصول على كرسي فى البرلمان من أجل مصالحه فقط.
الناس لا تنخدع بالشعارات المزيَّفة
ولاحظ "فؤاد"- موظف- أن المرشحين عادة ما يصاحبهم مجموعة من العاطلين والبلطجية الذين يهتفون بهم وبحياتهم، والذين قد يتحولون إلى المرشَّح المنافس إذا أجزل لهم العطاء. مشيرًا إلى أنهم يقومون بترديد شعارات قوية فى محاولة لجذب عقول وقلوب ناخبي تلك الدائرة، إلا أن هؤلاء المرشحين عادة ما ينسون أن الناس لا تنخدع بالشعارات المزيَّفة، وأن ما يهمها هو الفعل الذى يقوم به النائب فى البرلمان من أجل أبناء دائرته.
المرشَّح.. وكسب ثقة الناخبين
ووافقه الرأي "محمود"- موظف- والذى يرى أن معظم الدعاية الانتخابية التى تُقام للمرشحين منذ سنوات، تعتمد على البلطجة والعنف لإجبار الناخبين على انتخاب أحد بعينه، أو استمالة الناخبين بالهدايا والعطايا، وسد احتياجات الفقراء منهم. مؤكدًا أنه سواء كان المرشَّح يعتمد على أسلوب الترهيب أو الترغيب فهو لا يتفق مع التقدم والتحضر الذى يشهده العالم من حولنا. وتساءل "محمود": لماذا لا يقوم المرشَّح بكسب ثقة الناخبين واحترامهم والحصول على أصوتهم عن طريق الاقتناع بجدوى هذا المرشَّح فى دائرته، وليس عن أى طريق آخر؟
التكنولوجيا الحديثة.. والوصول للناخبين
ومن جانبها، قالت د. "جورجيت قليني"- عضو مجلس الشعب: إن المجلس القومي للمرأة يساند المرشحات فى معركتهن الانتخابية بصفة عامة، عن طريق عقد دورات تدريبية عن كيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة والانترنت فى الوصول للناخبين، مثل عمل حملات دعاية على الـ"فيس بوك"، أو إرسال رسائل على البريد الإلكتروني، إلى آخره من وسائل دعاية متطورة. كما تعتمد المرأة فى حملتها الانتخابية على الوسائل التقليدية للدعاية من "يفط قماش" وملصقات ورقية، ولقاءات مع الناخبين فى دوائرهم وخاصة فى الريف والقرى؛ حيث أن التواصل مع الناخبين يُعد هو المعيار الأول لنجاح السيدات المرشَّحات فى تلك الدوائر. مؤكِّدة أن المرأة من حقها أن تستخدم جميع الأساليب والوسائل التى يستخدمها الرجل أثناء المعركة الانتخابية، ومن هذه الأساليب "الهتِّيفة" الذين قالت أن لهم دور مهم فى ترديد الشعارات المؤيِّدة للمرشَّح، إلا أنها فى ذات الوقت تتمنى عدم استخدام المرشحين لأساليب التجريح أو التشهير بالآخرين فى حملات الدعاية الانتخابية.
ظاهرة الهتِّيفة.. ظاهرة مجتمعية
وأشار "أيمن عقيل"- رئيس مؤسسة ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية- إلى أن استخدام البلطجة والعنف هو السمة المميزة لأى انتخابات تجري فى "مصر"، بغض النظر عن نوعية الانتخابات أو طبيعة المرشحين الذين يختلفون من دائرة إلى أخرى، إلا أن طبيعة المعركة الانتخابية واحدة. وقال: عادة ما يُمارس العنف والبلطجة ضد الخصم أثناء فترة الدعاية الانتخابية، ولكن الأشد خطورة هو ممارسة تلك البلطجة فى يوم الانتخابات؛ حيث يتم منع ناخبي الخصم من الإدلاء بأصواتهم، أو إثارة الشغب لغلق اللجان. مؤكدًا أن ظاهرة الهتِّيفة فى الانتخابات هى ظاهرة مجتمعية لن تتغير إلا بتغير ثقافة المجتمع.
المُصفق المأجور.. وعدوى التصفيق
وأوضح العالم الإجتماعي د. "ميشيل حلمي" أن ظاهرة الهتِّيفة موجودة منذ زمن بعيد فى "مصر" بصورة كبيرة، إلا أنها زادت الآن فى ظل ارتفاع نسبة البطالة، إلى جانب إقامة المصريين للعديد من المظاهرات فى شتَّى المجالات، مما استلزم وجود مجموعة من الشباب التى تهتف بشعارات تلقَّن إياها. مشيرًا إلى أن الأمر يزداد رواجًا فى موسم الانتخابات؛ حيث يتم تأجير هؤلاء الشباب لكى يستغلوا حناجرهم فى ترديد هتافات لا يفهمونها ولا يؤمنون بها، وهذه الهتافات والشعارات غالبًا ما تُصاغ بصيغة شعرية لجذب المواطنين واستمالتهم لإعطاء أصواتهم إلى المرشَّح الذين يهتفون له. كما أن ظاهرة الهتيِّفة يصاحبها وجود المصفِّق المأجور- أى الشخص الذى يأخذ نظير مادي لقيامه بالتصفيق بحماس عندما يحسن المرشح القول- وهكذا تنتقل عدوى التصفيق والاستحسان إلى الناخبين.
منافسة شرسة من قبل المرشحين
وختامًا، أكّد مدير الدعاية الانتخابية لأحد الناخبين- رفض ذكر اسمه- أن الدعاية الانتخابية تُعد موهبة يتمتع بها بعض الأشخاص الذين يستطيعون الوصول بالمرشَّح إلى الجلوس تحت قبة البرلمان. موضحًا أن هذا المقعد يسبقه منافسة شرسة من قبل المرشحين، تُستغل فيها جميع الوسائل والطرق لتحطيم الخصم، حتى لو أدى الأمر إلى شن حرب شخصية عليه. مضيفًا أنه فى نفس الوقت يتم عمل العديد من المؤتمرات واللقاءات الانتخابية للمرشَّح، وتوزيع هدايا عينية للناخبين، والاستعانة بمجموعة من الهتِّيفة لترديد الشعارات الرنانة التى يتم تأليفها خصيصًا للمرشح. هذا إلى جانب تأجير عدد من الشباب الذين يقومون بالتصفيق الحاد عند نهاية كل فقرة يلقيها المرشح؛ لإثارة حماس الناخبين تجاه المرشَّح. كما يتم الاستعانة بطرق الدعاية التقليدية عن طريق الدعاية الورقية مثل "المطبوعات" و"الأجندات أو اليفط القماش".. إلى غير ذلك من وسائل يتم استغلالها من أجل نجاح المرشَّح فى الانتخابات.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :