الأقباط متحدون | الاضطهاد والخطر الأكبر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:٣٣ | السبت ٢٠ نوفمبر ٢٠١٠ | ١١هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢١٢ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الاضطهاد والخطر الأكبر

السبت ٢٠ نوفمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: القمص أثناسيوس ﭼورﭺ
شهداؤنا انتقلوا إلى المجد السماوي وهم يضموننا إلى وجه الآب ويشددون الكنيسة٬ لأننا منضمون لهم وفي شركة معهم. سكتت أصواتهم لحظة طعنهم٬ وضمهم المخلص إلى صدره الإلهي.. دماؤهم قدَّست الأرض٬ والرب منتقم لهم؛ لأن الذين يأخذون بالسيف بالسيف يُؤخذون (مت ٥۲:۲٦).

الخطر الأكبر علينا ليس من الاضطهاد؛ لأنه بركة. وليس من الموت؛ لأنه ربح. وليس من الاستشهاد؛ لأنه إكليل.. إنما الخطر الأكبر من الاسترخاء الروحي، والضلال، والانقسامات، والصيت الرديء الذي ينخر في الأساسات. الخطر الأكبر أننا نجتاز كل هذه المحن دون أن نمكث في جثسيماني للصلاة حتى نؤمِّن شهادتنا؛ لأن خبرة جثسيماني هي وحدها القادرة أن تغيِّر المقادير والمجازاة.

إن الرب وعدنا أنه معنا إلى منتهى الدهر؛ لأنه هو– لا نحن– الدهر كله٬ الألفا والأوميجا٬ البداية والنهاية٬ الكائن والذي كان والدائم إلى الأبد.. إننا به وفيه باقون حتى مجيئه٬ إننا أحياء عند إله الأحياء٬ سواء في هذا الجسد أو خارج الجسد. إلى أن يأتي على السحاب وتنظره كل عين والذين طعنوه أيضًا.

الخطر الأكبر علينا في الاكتفاء بالاستنكار والتنديد، بينما يبقى الدم المُهراق دمًا٬ والجروح والترمُّل والخسائر النفسية والمادية من دون أن نجتهد في تكميل القديسين ونقائص الإيمان.. الخطر الأكبر في التكلُّس وفقدان الحس (أف ۱٩:٤)٬ فمن الضروري أن نعي موهبة الشهادة الصحيحة– التي هي ليست الإيمان الشكلي والمسيحية الإسمية٬ لكنها الإيمان الحي والغيرة والإفتخار بصليب المسيح– تلك الشهادة التي تعلن المسيح والإنجيل بملئه٬ وتواجه التحديات وأمور القيادة والتربية والتدبير بعيون روحية من دون هُزالة أو هرجلة أو ذاتية فردية.

الخطر الأكبر ليس في السفاحين ومصاصي الدماء. ولا في الوحوش الظلامية الغادرة التي تغرس أنيابها في عبيد الله الأبرياء.. الخطر الأكبر ليس في إبادة المصلين الودعاء العُزّل؛ لأنهم اتحدوا بالذبيحة، وصاروا هم مذابح وذبائح.. إنهم حملان في وسط ذئاب ضارية٬ تسجلَّت أسماؤهم ضمن رسائل الزمان وأبجديات التاريخ، وفوق ذلك في سفر الحياة والخلود..

الخطر الأكبر في غير المستعدين، وفي غير السالكين بحسب الدعوة التي دُعوا إليها.. الخطر الأكبر ليس في التهجير والفتوحات والسلب والنهب والمغانم والتكبير وإقتحام الكنائس.. ولا في الزغاريد والتكبير الذي يحدث عند إحراق ممتلكات المسيحيين، إنما الخطر الأكبر فيمن حُجب عن عيونهم رؤية المستقبل، وفيمن لم يدركوا حتى الآن زيف وبطلان ما يعتقدون به٬ ظانين أنهم يقدِّمون خدمة لله!! أما الشهداء إن ماتوا فإلى قيامة أفضل؛ لأن خوفهم ليس ممن يقتلون الجسد، بل ممن له سلطان على الروح. والمنكوبون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؛ لأنهم بثباتهم يكسبون أنفسهم٬ ورحمة فادينا أطيب عندهم من الحياة الزائلة.

إن الصليب هو واقعنا اليومي٬ ونحن مدعوون إلى قبوله، لا إلى البحث عنه بإستسلام. لذلك ينبغي أن نخدم احتياجات إخوتنا الذين يُساقون كل يوم إلى الذبح. ومقصدي أن تكون خدمتهم بطريقة مؤسسية وليست فقط بالمبادرات الفردية؛ لأن الخطر الأكبر أن ننقل أخبار المذابح والحرائق والخطف والإزدراء، من دون أن نقدِّم خدمة عملية للمنكوبين وللمحروقين وأهالي المذبوحين. إننا نحتاج أن نعمل الكثير لإدارة هذه الأزمات٬ ونحتاج أن نعمل الكثير أيضًا لمداواة الآثار الناجمة عنها على قدر طاقتنا. وحسنًا قيل "صلِّ وأنت تعمل واعمل وأنت تصلي".

فلنسارع إلى تقديم المساعدات، والتثبيت، والمشورات، والمساندات الطبية والمادية والقانونية٬ والدعم المعنوي والمالي٬ وتوصيل أصوات المحروقين والمنهوبين والمضطهدين والمهمشين والمُذَلين إلى العالم كله؛  لكي يعرف العالم وبكل اللغات أي إله هذا الذي يأمر بقتل الرُضع والمسنين؟! وأي إله هذا الذي يسعى لسفك الدماء وإحراق الناس؟ وأي إله هذا الذي ينحر الرقاب ويفجر الكنائس؟! إنه ليس إلهنا الذي قال: "أنتم من أب هو إبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا٬ ذاك كان قتّالاً للناس منذ البدء٬ ولم يثبت في الحق؛ لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له٬ لأنه كذاب وأبو الكذاب" (يو٤٨:٤). أما نحن فلنكن في الرب غير مسحوقين٬ غير يائسين٬ غير متروكين٬ غير هالكين٬ كي تظهر حياة يسوع فينا.     




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :