إللي اختشوا ماتوا!!
بقلم: د. وجيه رؤوف
جملة قديمة يرددها البعض حينما يرون عملاً لا أخلاقيًا خارجًا عن الأعراف وعن الأصول، وحينما بحثت عن أصل هذه الكلمة وسط كبار السن ممن يمتلكون الخبرة الزمنية، أجابني أحدهم بقصة هذه الجملة، والله أعلم مدى صحة هذه الرواية..
فقد قيل إنه كان هناك أحد الحمامات الشعبية التي تذهب إليها النساء للاستحمام للنظافة وأيضًا للتجمل، ويرجع تاريخ هذه الحمامات إلى أصول تاريخية في عصور مصر القديمة، المهم، جاء يوم؛ وكان هذا الحمام مكدسًا، وكانت هناك بعض النساء يستحمن بداخله، وطبعًا بعض هؤلاء النساء من أصول كريمة، والبعض الآخر من أصول أقلأ أو بيئة أقلأ كما يقول العامة في أيامنا هذه، عندما يطلقون على بعض ممن هم ليسوا على أخلاق لفظ (بيئة).
المهم اشتعلت النيران فجأة في ذلك الحمام يومًا، وكانت النساء عاريات بداخله، وحينما حدث ذلك أسرعت النساء دون المستوى (البيئة) بالخروج ناجيات بأنفسهن وهن عاريات، ولم يفرق معهن الخروج عرايا من عدمه، أما النساء ذوات الأصول اللاتي لم يستطعن الوصول إلى ملابسهن، ففضلن الاحتراق بالنيران عن الخروج عرايا، وحينما جاء البعض من الأمراء ليسألوا عن نسائهم، أجاب العاملين بالحمام: "لقد خرج البعض ولكن اللي اختشوا ماتوا للأسف".
وهكذا أصبحنا نطلق تعبير "اللي اختشواا ماتوا" على أولئك اللذين لا يحترمون الأصول والتقاليد والأعراف.
حقيقة تعبر هذه الجملة القصيرة ذات الكلمات الثلاث عن مدلولات خطيرة، بل ويمكننا من خلالها الرد على الكثير من المواضيع، بتلك الكلمات الثلاث المحترمة، فمثلاً:
أولاً: حينما يأتي أحد الكتاب الذين من المفروض أنهم لامعين، ويذكر أن الأقباط ليسو هم أهل البلد الأصليين، بل ويطلق على قوم آخرين بدون حياء أنهم أصحاب البلد، نقول لهذا الأعوج: إللي اختشوا ماتوا!!
ثانيا: حينما يأتى احد الشيوخ الخارجين عن العرف الصالح والخارجين عن نظام البلد والمعتكفين خارج مصر نظرا لأنهم خطرا على البلد ويقول: إن كنائس مصر مدججه بالأسلحة بل ويحلف بأغلظ الأيمان بصدق كلامه مع علمه بأن كلامه محض إفتراء وكذب ، لانملك إلا أن نقول له: إللي اختشوا ماتو!!
ثالثًا: حينما يأتي أحد الساسة، ذو المنصب رفيع المستوى، والذي يملك منصبًا برلمانيًا رفيعًا، ويقول: إن أحداث العمرانية تمت بتدخل الموساد الإسرائيلي، ويحيل فشل بلاده وأنظمته في حفظ حقوق الإنسان، فبدلاً من أن يحاول إيجاد حلول لمشكلات بلاده الطائفية، يضع رأسه في الرمال، ويضع المشكلة كلها على شماعة المؤامرات الخارجية، دون محاولة البحث الجاد في ضرورة مناقشة قانون دور العبادة الموحد، في مجلس الشعب، نجد أنفسنا لا نملك إلا أن نقول له: "إللي اختشوا ماتوا" !!
رابعًا: حينما نجد بعضًا من الحقوقيين يطالب بسحب الجنسية المصرية، من بعضاء نشطاء أقباط المهجر، من الذين يطالبون بحقوق الأقباط، ومنع التمييز ضدهم، في الوقت الذي لم يطالبوا فيه بسحب الجنسية من قادة الإرهاب العالمي، والذين لم تبرأ دولة من جرائمهم، نقول لهؤلاء الذين يظنو أنهم حقوقيون: "اللي اختشوا ماتوا" !!
خامسًا: حينما يغرس بعض رجال الإعلام أو الأمن، أجهزة تصوير داخل غرفة نوم متنصرة، ويلتقطوا صورًا لها، مدعين بعد ذلك أنها قد قامت بتصوير أفلام إباحية، فهذه خسة ونذالة، ما بعدها نذالة، لا نملك أن نقول لمن اقترف تلك الجريمة داخل بلدة العلم والإيمان، إلا أن نقول: "إللي اختشوا ماتوا" !!
سادسًا: حينما يأتي أحد يهوذات هذا الزمان من الأقباط، ممن أغدقت عليهم الدولة المناصب والفضة ليقول: إن الأقباط لا يعانون إضطهادًا في مصر، رغم ما يراه من اعتداءات على الأقباط في طول البلاد وعرضها، لا نملك إلا أن نقول للبعيد: "إللى اختشوا ماتوا"!!
سابعًا: بعد كل معاناة الأقباط في بناء دور عبادتهم، ورغم كل ضحايا الأقباط خلال هذا العصر، والتي من الممكن أن يرتاح منها الأقباط بجرة قلم من الحزب الوطني، وهذه الجرة لم تأت ولن تأت، ويأتي بعد ذلك الحزب الوطني ليشترى تأييد الأقباط في الانتخابات، نظرًا لعدم وجود بديل أفضل على الساحة كما يدعون، نقول لهم: "إللي اختشوا ماتوا" !!
ثامنًا: حينما تتفاقم مشكلات مصر مع دول حوض النيل، بخصوص حصة مصر في المياه، ورغم ما يلاقيه البابا شنودة من تعنت فى إجراءات بناء دور العبادة، وحرية المعتقد، ويطالبوا قداسة البابا بالتدخل لدى دول حوض النيل لحل تلك المشكلة، نقول لهؤلاء: "إللي اختشوا ماتوا" !!
تاسعًا: حينما تطلق قوات الأمن الرصاص الحي، كما روت وكالات الأنباء العالمية على المتظاهرين السلميين الأقباط في العمرانية، لا لشيئ إلا لأنهم يريدون بناء دور عبادة، فتقتل منهم من تقتل وتصيب من تصيب، في الوقت الذي لم تتعرض فيه أي مظاهرة سلمية من المتشددين ضد قداسة البابا، أي أطلاق للرصاص أو للقنابل المسيلة للدموع، نقول لهؤلاء: "إللي اختشوا ماتوا"!!
عاشرًا: حينما يتم رفض إعطاء بطاقة شخصية لمتنصر وابنته، بل وتصل درجة التعسف في الاضطهاد ضده بمنعه من السفر خارج مصر، لكي يعيش هو وابنته في أمان، لا نملك أن نقول لهؤلاء غير: "إللي اختشوا ماتوا"!!
أحد عشر: حينما يقتل أحد الشباب في مظاهرة العمرانية، برصاص طلقة خرطوش، أصابته بنزف في رئتيه واضح المعالم والسبب، ويأتي تقرير رجال الأمن ليقولوا أنه مات متأثرًا بحجر ألقي عليه من أحد الأقباط، في هذه الحالة لا نملك إلا أن نقول: إذا لم تستح فقل ماشئت، لأن "إللي اختشوا ماتوا" !!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :