قصص معاصرة لصناعة السلام (13)
بقلم: القس لوقا راضي
ونحن فى عرضنا لموضوع "الأقباط صناع سلام" سنتجول بين ضفات التاريخ الضارب في القدم، وأيضًا الحديث، لنتعرف على أن الأقباط في القدم صناع سلام، وأيضًا الآن، كما كان هكذا يكون، من جيل إلى جيل، وإلى دهر الدهور. وفي تلك المرة سنأخذ مثالين..
الأول؛ الأنبا "توماس" أسقف القوصية ومير، الثانى؛ تاسونى "سارة رشدي سليمان" من الاسكندرية.
نيافة الأنبا توماس:
سيم نيافته في عام 1988، أسقفًا على مدينة "القوصية" - محافظة أسيوط، بصعيد مصر، ومنذ تلك السنة لم يكف عن إحداث نهضة واضحة في البلدة، فأسس مدرسة "سان مينا" للغات من سن الروضة إلى الثانوي، وهي الثانية على مستوى أسيوط، والمدرسة للمسلمين والمسيحيين. ومن أهداف المدرسة تثبيت الكفاءات داخل المدينة، لأن أغلب الآباء كانوا يريدون لأبنائهم تعليمًا ذا مستوى عالٍ، وهذا لم يكن متوفرًا، فلما تم إنشاء مدرسة اللغات جعل الكفاءات العلمية والثقافية والاقتصادية تستقر فالمدينة.
أقام مشروعات تنموية تهدف إلى تنمية المجتمع، مثال الجمعيات الخيرية، والتي يذهب للانتفاع بمميزاتها الكل. وتجد هذا ملحوظًا في أغلب الجمعيات التي تتيح الكشف الطبي لكل أبناء الوطن دونما تفرقة، فالقوصية ترى ما لا تراه في ربوع مصر، حيث الأجانب يسيرون في شوارع البلدة بسلام، ولهم علاقات بكل الناس، فالشارع دون أدنى مضايقة من كل الجنسيات. والجميل أن علاقات الأجانب مع سكان المدينة أصبحت وطيدة، وعلاقات اجتماعية متميزة.
في التسعينات قام عدد من الشباب بتحطيم واجهات بعض المحلات المسيحية، وقبض الأمن عليهم، ولما كانوا طلبة جاء الأهالي إلى الأنبا "توماس"، الذي ذهب إلى الأمن وإلى محافظ الإقليم، ولم يمض من هناك إلا وهو مصطحب معه الشياب، وجاء الأهالي والشباب إلى ديار المطرانية شاكرين لنيافته ما قام به، وأخذوا معه الصور التذكارية.
أثناء حصار "أبو عمار" (ياسر عرفات) بفلسطين، قام نيافة الأنبا توماس ومعه الآباء الكهنة بالذهاب لمحافظة أسيوط، ومعهم بيان تضامن مع الرئيس "مبارك" لمساعدة الفلسطنيين، ونُشر ذلك بالأهرام.
يأتي إلى ديار المطرانية كثير من الأحباء المسلمين للكشف أثناء وجود أطباء متخصصين، يكونوا في زيارة للبلدة، وأيضًا كثيرون طالبين صلوات الأنبا "توماس" لهم ولأولادهم، وآخرون طالبون توصية للعمل بأحد الشركات، وكل من يأتي أبدًا لا يخزى، لأنهم أحباء، ويقوم الأنبا "توماس" بنفسه باستقبالهم، وعمل كل خير معهم أثناء حرب غزة الماضية، وكنوع من المشاركة الإنسانية قام الأنبا "توماس" ووفد من الآباء الكهنة والآراخنة، يوم 5 يناير 2009، بزيارة لمبنى محافظة "أسيوط"، وهي الثانية بخصوص المشاركة مع المتألمين والمتضايقين، وجاء ذلك بالجرائد الرسمية، وكان للزيارة وقع طيب على نفوس الجميع. وكتبت الجرائد الرسمية الآتي: "أرسل نيافة الأنبا توماس أسقف القوصية ومير، وكهنة الإيبارشية، والمجلس الملي الفرعي بالقوصية، وثيقة تأييد للرئيس مبارك عبروا فيها عن مواقفه الحكيمة، وسياسته الرشيدة، تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة، وشجب التعدي على الحقوق الإنسانية لأبناء غزة".
تقوم المطرانية بتقديم كورسات لغة إنجليزية، يشترك فيها كل المواطنون دون استثناء، وهي نموذج رائع لصنع السلام، وكانت إيبارشية بني سويف، ونيافة الأنبا "أثناسيوس" المتنيح الرائد في أعمال وبرامج التنمية، لم يكن هذا إلا جزء من أعمال صناعة السلام التي يقوم بها الأب الأسقف، وأيضًا ما هذا إلا مثل لما يقوم به كل آباءنا.
الحدث التالي:
حدث بالإسكندرية في عام 2005 أنه تم الاعتداء على إحدى المكرسات، وتدعى الأخت "سارة" وطعنها شاب بسكين حاد، وأنا أردت أن أوثق الحدث كما هو من الـ"بي بي سي" ومن موقع الأخ "عزت أندراوس" كالآتي: "ذكر مراسل الوكالة العالمية الـ بي بي سي وليد بدران الإسكندرية - الأربعاء 19/10/2005 م: شهدت الاسكندرية خلال الأيام الأخيرة مظاهرتين من نوع جديد، الآلاف من الشباب المسلم تظاهروا أمام كنيسة قبطية ضد عمل فني، تحديدا مسرحية قبطية، اعتبرها المسلمون مسيئة لدينهم. ووسط الأنباء التي أفادت بقيام القيادات القبطية والإسلامية ببذل الجهد لاحتواء هذه الأزمة جاء نبأ تعرض راهبة قبطية لهجوم بسكين، وتعرض رجل ذهب لمساعدتها للطعن، ليصبح هذا الحادث هو آخر فصول النزاع الذي فجرته مسرحية "كنت أعمى ولكني الآن أبصر". وكانت الكنيسة تقيم قداسًا وحضره ألف مسيحيًا وتأخر قليلاً، وكانت الراهبة تحضر أطفالاً من الملجأ لتعليمهم الصلاة، وبينما هي واقفة بجوار الحاجز الذي وضعه البوليس، طعنها مسلم من الجماعات الإرهابية وقال مسؤول أمني "حاول رجل طعن راهبة كانت تقف عند مدخل كنيسة مار جرجس والأنبا أنطونيوس بمحرم بك مدينة الإسكندية، وقد جاءت إصابة الراهبة خفيفة (كذب) وعندما تقدم رجل مسن لإنقاذها ودفع المهاجم تعرض للطعن في ظهره". وقال شاهد عيان أن مجموعة من العصابات الإرهابية مكونة من أربعة اشخاص، اثنين منهم للتغطية بينما أشهر اثنين سكاكينًا وضرب أحدهما الراهبة سارة خمس طعنات ضربة قطعت اصبعها وأخرى نافذة في الرئة، أحدثت تجمعًا دمويًا، والباقيين طعنات في الظهر ولكنها غير نافذة، وقد طُعن أحد المحامين الكبار في السن، واسمه "كمال ميشيل" قريب أحد القساوسة، بطعنة نافذه في الظهر استدعت جراحة في وقتها، وشاهد مراسل وكالة الأنباء الفرنسية رجلاً يجري نحو الكنيسة وهو يصيح "الله أكبر", وحاول المارة مطاردة الرجل، ولكنه لاذ بالفرار، غير أن الشرطة ألقت القبض عليه في وقت لاحق، وكانت الجماعات الإسلامية قد نظمت مظاهرتين خارج الكنيسة في الأسبوع الماضي في أعقاب ظهور قرص مدمج (دي في دي) الذي أنتجته الكنيسة قبل عامين. وصرحت مصادر طبية أن حالة الأم سارة قد تعدت مرحلة الخطر وأنها في طريقها للشفاء"
راجع الخبر في وكالة الأنباء "بي بي سي": "أصيبت الراهبة بأربع طعنات، وطعنة خامسة قطعت اصبعها" (منقول من الـ"بي بي سي").
صناع السلام أبناء الله
الراهبه تغفر لمن أراد قتلها: الراهبة تنازلت عن حقها المدني، لكن المحكمة شددت العقوبة على المتهم. شهدت محكمة جنايات الإسكندرية موقفًا إنسانيًا أثناء نظر دعوي تعدي عاطل من حي محرم بك على راهبة ومحام قبطي، مما تسبب في وقوع أحداثًا مؤسفة شهدتها الإسكندرية في شهر رمضان الماضي. طالبت الراهبة "سارة رشدي سليمان" والمحامي "كمال إلياس" أثناء محاكمة المتهم "محمد السيد حسونة عاطف" بمراعاة الرأفة مع المتهم، وتنازلا عن حقهما المدني، وطالبا له بالمغفرة، أصدر المستشار "محمود سمير" رئيس المحكمة قرارًا بحبس المتهم 3 سنوات مشددة. كان المتهم قد هاجم في شهر رمضان الماضي الراهبة أثناء خروجها من كنيسة الشهيدين مار جرجس والأنبا أنطونيوس وطعنها في ظهرها.. وعندما حاول المحامي كمال إلياس الذي تصادف مروره أمام الكنيسة الدفاع عنها، طعنه المتهم في يده وفر هاربًا حتى تمكنت المباحث من القبض عليه.
الأحباء؛ أكرر الدعوة إليكم جميعًا، كل من لديه قصص حول صناعة السلام ليرسلها إليّ لنوثق تلك القصص. الرب معكم.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :