البابا شنودة أنشودة حب وسلام (15)
بقلم: القس لوقا راضي
ونستكمل معًا الحديث عن قداسة البابا "شنودة" وصناعة السلام.
أقوال البابا "شنودة" عن "مصر"
الكل يتغنى بقول قداسته "إن مصر ليست وطنًا نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا" .
من مواقفه الوطنية التي لا تُنسى
1- رفضه لقانون الاضطهاد الديني الذي قدَّمته لجنة العلاقات الخارجية للكونجرس الأمريكي، وأكَّد بأن أي قبطي لا يقبل أن تُفرض عقوبات على "مصر".
2- لم يخرج من فمه الطاهر في يوم من الأيام مفردات تدل على الطائفية. ولعل هذا ما حمى "مصر" من مصير مهلك من الحروب الأهلية. وعندما سمع تصريحات "مصطفى مشهور"- المرشد العام للإخوان المسلمين- بضرورة دفع الأقباط الجزية واستبعادهم من الجيش، كان رد فعله هادئـًا تمامـًا كعادته، حيث وصف هذه التصريحات بأنها "رِدة" وإساءة لبلدنا. واعتبر مَن يدعو لذلك بأنه يسيئ إلى "مصر"، ويعمد إلى وصمها بممارسة التفرقة العنصرية.
3- موقف قداسة البابا "شنودة" من رفض الذهاب إلى القدس لئلا يساء إلى مشاعر إخوتنا المسلمين.
3- رفضه لإقامة وحضور موتمر بخصوص الأقليات.
4- تشجيعه ومساندته للجيش المصري إبان حرب 1973.
5- تكريمه لأسرة الجندي المصري الذى سفك حياته في أثناء ليلة عيد الميلاد 2010 مع شهداء "نجع حمادي"..
أقوال البابا عن السلام
* السلام القلبي هو ثمرة من ثمار الروح القدس في القلب . الروح القدس إذا سكن قلب إنسان يعطيه سلامًا قلبيًا "يفوق كل عقل" كما يقول الرسول. وكان السلام هو عطية السيد المسيح للناس، فقال:" سلامي أترك لكم، سلامي أنا أعطيكم".
* الشخص المملوء بالسلام لا يقلق ولا يضطرب ولا ينزعج مهما كانت الأمور ضاغطة من الخارج. إن سلامه لا يعتمد على الظروف الخارجية، وإنما يعتمد على ثقته بحفظ الله ورعايته، وثقته بوعود الله. ما دام الله موجودًا، وما دام يعمل ويحفظ، إذن لا داعي للخوف.
* القديس الأنبا "أنطونيوس" كان مثلاً للسلام القلبي. قال عنه القديس "أثناسيوس الرسولى": من من الناس كان مر النفس ومضطرب الخاطر، ويرى وجه الأنبا "أنطونيوس"، إلا ويمتلىء قلبه بالسلام.
* إن الإنسان المملوء بالسلام، يستطيع أن يفيض بالسلام على الآخرين، ويربح غيره.. عيشوا إذن في سلام حينئذ تستريحون وتعيشون فى طمأنينة وهدوء، في صحة روحية وجسدية.
* المفروض في الإنسان الروحي، أن يكون قلبه مملوءًا بالسلام والهدوء، لا يضطرب من الداخل، ولا من الخارج، بل يعيش في سلام مع نفسه، ومع الناس ومع الله.
* السلام هو من ثمار الروح الرئيسية، فالرسول يقول: "ثمر الروح محبة، وفرح وسلام" (غل 5: 22).
* ما الذي يفقدنا سلامنا؟ وكيف ننتصر؟
أحيانًا نفقد سلامنا ونتضايق، عندما لا تسير الأمور حسب هوانا. نريد أن نفرض إرادتنا على الناس، وعلى الأحداث، وعلى إرادة الله نفسه. وإن لم يحدث ما نريد، نفقد سلامنا. فعلينا أن نعرف أنه ليس كل ما نطلبه يمكن تحقيقه، وربما يكون عدم تحقيقه من خيرنا.
* وربما نفقد سلامنا، بسبب متابعتنا لأخطاء الناس! حتى لو لم تكن هذه الأخطاء موجَّهة إلينا! فنحن نريد أن يسلك الناس حسبما نريد نحن لهم أن يسلكوا وإلا نتضايق! والأفضل لنا ولهم، من أجل حفظ سلامنا وسلامهم، ألا نتدخل في شئون الغير، وألا نقيم أنفسنا رقباء على أعمالهم.
* وقد يفقدنا سلامنا، شعورنا بالظلم وبأننا في موقف المعتدى عليه. بشئ من الاحتمال، يمكن لأى إنسان أن يعبر الظلم، فلا يفقده سلامه (كأن يعتبره إكليلا، معتقدًا أن الله يحكم للمظلومين (مز 145). ومن ناحية أخرى، علينا أن نراجع أنفسنا، فربما نكون نحن المخطئين، وليس هناك ظلم يستدعى فقدان السلام.
* وربما نفقد سلامنا بسبب رغبات لنا لم تتحقق، أو إنها تحقَّقت في غير المستوى الذى نريده. ولكن سعيد هو الإنسان الذى يفرح بما معه، ولا يضطرب بسبب التفكير فيما ينقصه. إن القناعة طريق يوصل إلى السلام.
* وقد نفقد سلامنا بسبب الخطية.. أو بسبب خوفنا من نتائجها، لأنه "لا سلام، قال الرب للأشرار" (إش 48: 22). وعلاج هذا الأمر هو التوبة وانسحاق القلب.
* وأحيانا نفقد سلامنا بسبب ضعف أعصابنا، إن كانت مرهفة. إننا نحتاج أن نحل مشاكلنا بايماننا وبعقولنا وقلوبنا، وليس بأعصابنا. إن اضطراب الأعصاب لا يحل المشاكل، إنما يعقِّدها، ويفقدنا سلامنا. وأحيانا نفكر في حدة المشكلة وعمقها وآلامها، فنفقد سلامنا ونتعب. والأصح أن نفكِّر في حل المشكلة. فإن عرفنا الحل نستريح. وربما نفقد سلامنا بسبب رغبتنا في سرعة الحلول والوصول. فإن تأخر الأمر نضطرب، بينما تحتاج الأمور إلى صبر وطول بال ومدى زمنى لكى نصل إلى الحل بلا قلق.
* وأحيانا الخوف والأعصاب المتعبة وتوقع الشر، تضخم لنا المشاكل فنتعب. وربما يكون الأمر أسهل مما نتخوف بكثير، ولكن الخوف سبب بارز لفقدان السلام. فالخائف قد يتصوّر متاعب ومخاطر لا وجود لها. وقد نفقد سلامنا بسبب الظروف الخارجية إن كنا سهلى التأثر. فلنكن أقوياء في الايمان والاحتمال، كالصخرة التي تلطمها العواصف فلا تؤذيها. ولا يجوز أن تثيرنا أية كلمة وتصرف.
* وقد يفقد الإنسان سلامه بسبب أفكاره وقلة ذكائه.. إن كان كثير الظنون، وسريع الشك، وقليل الحيلة، عاجز عن التصرف السليم، ضعيف الإيمان في معونة الله وحلوله.
صداقات البابا "شنودة" بشيوخ المسلمين
للبابا "شنودة" صدقات وطيدة مع شيوخ المسلمين، وعلى رأسهم شيخ الأزهر السابق الشيخ "محمد سيد طنطاوي". وكان لهما علاقات وطيدة كلها محبة وخير وسلام. ونذكر أيضًا العلاقة التي كانت بين البابا "شنودة" والشيخ "الشعراوي"، والتي تحوِّل الشيخ "الشعراوي" من مهاجم للمسيحية كل يوم جمعة في عظة أسبوعية تُبث على القناة الأولى بالتليفزيون المصري إلى صديق للبابا، ذلك لأن الكنيسة قدَّمت حبًا من خلال زيارة الآباء الأساقفة والكهنة للشيخ "الشعراوي" وهو على فراش المرض في "إنجلترا"، وكانوا يزورونه للاطمئنان على صحته باستمرار. ولا ننسى صداقة البابا "شنودة" لوزير الأوقاف الدكتور "حمدي زقزوق"، وكثيرين غيرهم.
رحـــلات البابا "شنودة الثالث"
كانت وما زالت كل رحلاته هدفها السلام ونشر الحب والسلام للجميع من أي دين أو جنس أو لون.
الرحلة الأولى: إلى "ليبيــا"، وفي تلك الزيارة سمح القذافي ببناء كنسيتين للأقباط بـ"ليبيا".
الرحــة الثانية: إلى "روسيا" و"رومانيا" و"تركيا" و"سوريا" و"لبنان". هنا يجب أن نتوقف، حيث ننوِّه إلى أن العلاقات قد انقطعت منذ قرون مع "القسطنطينية"، وأثناء زيارته، حدث لقاء بين البابا الإسكندري والبطريرك المسكوني "ديمتريوس" في "القسطنطينية" بعد أكثر من (15) قرنًا منذ الخلافات التى نجمت بين الكنيستين.
الرحــلة الثالثة: زيارة إلى "الفاتيكان"، وإحضار جسد الأنبا "أثناسيوس الرسولي" من "روما" إلى "مصر". وفي أول مرة يتم لقاء بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وكنيسة "روما" منذ (15) قرنًا. وقد قام كل من بابا "روما" وبابا "مصر" بالتوقيع على وثيقة تحتوي على النقاط التى تتفق فيها الكنيستان لاهوتيًا، كما شكلا لجنة مشتركة لبحث نقاط الخلاف.
الرحــلة الرابعة: الزيارة إلى "أثيوبيــا". والتقى بالإمبراطور "هيلاسلاسي".
الرحــلة الخامسة: زيارة "أمريكــا" و"كنـــدا". وفي هذه الرحلة، بذل البابا مجهودًا شاقًا في رحلته التى استغرقت (40) يومًا. حيث أن قداسته قطع أكثر من (40000) كيلومتر في هذه القارة الواسعة. زار فيها (25) بلدة، وتقابل فيها مع حوالى (40) شخصًا من الرسميين من حكام المدن والنواب وأعضاء في الحكومات المختلفة، ورؤساء الكنائس الأخرى فى هذه البلاد. وعقد حوالي (80) اجتماعًا مع الشعب القبطي واللجان في الكنائس التى أنشأوها. وتقابل أيضًا مع الحاكم العام لـ"كندا"، والسكرتير العام للأمم المتحدة السابق "كورت فالدهيم"، واستلم جائزة السلام من سكرتير عام الأمم المتحدة "كورت فالداهيم" في أبريل 1977 م.
الرحــلة السادسة: زيارة "السودان". ومن شدة إعجاب قادة "السودان" فى هذا الوقت بقداسته، قام محافظ أرض "الجزيرة" بالتبرع بقطعة أرض في "واد مدني" لإنشاء كنيسة، على أن تكون باسم الأنبا "شنودة". كما تبرَّع محافظ "بور سودان" بقطعة أرض لتبني عليها الكنيسة ما تشاء من مشروعات. وقام محافظ الخرطوم بالتبرُّع بمبلغ (2000) جنيه لتكملة بناء المكتبة التي تحتوى الكثير من الكتب القبطية. وقد قابل البابا "شنودة الثالث" هؤلاء المسئولون وروحهم الطيبة بالشكر العميق، ثم عاد قداسته إلى "مصر" في 27/ 2/ 1978م.
الرحــلة السابعة: زيارة "إنجلترا" و"سويسرا". قام قداسة البابا "شنودة الثالث" بإلقاء محاضرتين في جامعة "أكسفورد" بدعوة من رئيس الجامعة. وفي يوم الثلاثاء 6/ 2/ 1979م، دعته الملكة "إليزابيث" ملكة "إنجلترا" لزيارتها.
الرحــلة الثامنة: زيارته إلى "كينيا" و"زائيير". والتقى بروساء البلاد هناك.
الرحــلة التاسعة: زيارته إلى "روسيا". زار البابا "شنودة الثالث" روسيا لحضور العيد الألفي لتعميد "روسيا".
الرحــلة العاشرة: زيارة "إنجلترا" و"كندا" و"أمريكا" و"إستراليا". كانت هذه الرحلة أطول رحلة رعوية في رحلات البابا كلها، حيث استغرقت (112) يومًا.
الرحــلة الحادية عشرة: زيارته إلى "ألمانيا" و"إنجلترا".
الرحــلة الثانية عشرة: زيارة "أمريكا" و"إستراليا" و"كندا".
الرحــلة الثالثة عشرة: زيارته لـ"أمريكا" و"سويسرا".
الرحــلة الرابعة عشرة: زيارته إلى "هولندا" و"إنجلترا" و"أمريكا".
الرحــلة الخامسة عشرة: الزيارة إلى "سويسرا" و"ألمانيا" و"إنجلترا" و"أمريكا" و"كندا".
الرحــلة الساسة عشرة: الزيارة إلى "سويسرا" و"أمريكا".
الرحــلة الثامنة عشرة: زار "كينيا" و"جنوب أفريقيا" و"زيمبابوي" و"زامبيا".
الرحــلة التاسعة عشرة: زيارته إلى "هولندا" و"رومانيا" و"إنجلترا" و"أيرلندا" و"أمريكا".
الرحــلة العشرون: زيارة "قبرص".
الرحــلة الحادية والعشرون: زيارة "سويسرا" و"فرنسا" و"قبرص".
الرحــلة الثانية والعشرون: زيارته إلى "أرمينيا"، دعته الكنيسة الأرمينية لحضور احتفالات تتويج الكاثوليكوس الجديد لكرسي "أتشمايزين" بـ"أرمينيا".
الرحــلة الثالثة والعشرون: زيارته إلى "لبنان". ومن الألقاب التي أطلقها اللبنانيون على البابا "شنودة الثالث": بابا العـــرب، وبابا المقاومـــــــة.
الرحــلة الرابعة والعشرون: زيارة "جنوب أفريقيا" و"إستراليا" و"هنولولو" و"أمريكا" و"إنجلترا".
الرحــلة الخامسة والعشرون: إلى "لبنان". وفي هذه الفترة شارك قداسته في اللقاء الإسلامي المسيحي حول القدس.. وزار قداسته بلدة "قانا" جنوب لبنان، القرية التى تمت فيها أول معجزة للسيد المسيح في فرح "قانا الجليل".
الرحــلة السابعة والعشرون: زيارته المملكة الأردنية الهاشمية. تقبَّل جلالة الملك المعظم "عبد الله الثاني".
رحلة العلاج لـ"أمريكا": أكتوبر/ نوفمبر سنة 2006 م؛ لعلاج العمود الفقري. وتستمر الرحلات إلى "أمريكا" للافتقاد وللعلاج، وإلى "هولندا" لتكريس الكنائس. كلها كانت من أجل السلام.
وسنكمل في اللقاء القادم مع البابا "شنودة" أحلى أنشودة حب وسلام.
الرب معكم.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :