الأقباط متحدون | د. "ذكي سالم" وذكريات عن "أديب نوبل" ابن ثورة 19 التي آمنت بالوحدة الوطنية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٧:٥٠ | الأحد ١٢ ديسمبر ٢٠١٠ | ٣ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٣٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار
طباعة الصفحة
فهرس حوارات وتحقيقات
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : *****
٥ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

د. "ذكي سالم" وذكريات عن "أديب نوبل" ابن ثورة 19 التي آمنت بالوحدة الوطنية

الأحد ١٢ ديسمبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

إنسان شديد التواضع متسامح يقبل الاختلاف إلى أقصى درجة.
يؤمن بالنظام الديمقراطي والدولة المدنية لأنه ابن ثورة 1919
لم ينضم لأي حزب سياسي لأن الكاتب والمفكر يجب أن يكون حرًا
محاولة الاغتيال لم تؤثر على صفاء نفسيته وتوقد ذهنه

حوار: ميرفت عياد

"هذه هي الحياة أنك تتنازل عن متعك.. الواحدة بعد الأخرى حتى لا يبقي منها شيء.. وعندئذ تعلم أنه قد حان وقت الرحيل" هكذا قال الأديب الكبير "نجيب محفوظ" الذى ولد عام 1911 بالقاهرة، وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتى حصل على ليسانس الفلسفة، ثم انضم إلى السلك الوظيفي، وانتقل عبر العديد من الوظائف حتى تقاعد عام 1971، وقد استمرت رحلة عطاءه الأدبي منذ منتصف الثلاثينات وحتى رحيله عن عالمنا عام 2006 عن عمر يناهز 95 عامًا، وخلال تلك الرحلة الطويلة أبدع العديد من الروايات التي تحول الكثير منها إلى افلام سينمائية مثل " الثلاثية"، "القاهرة الجديدة"، "خان الخليلي"، "زقاق المدق"، "بداية ونهاية "، وغيرها الكثير.
وتعد مؤلفاته بمثابة مرآة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، لذلك استحق أن يحصد العديد من الجوائز لعل أهمها "نوبل"، جائزة "قوت القلوب الدمرداشية"، جائزة وزارة المعارف، جائزة مجمع اللغة العربية، جائزة الدولة فى الأدب، وغيرهم.
وللدخول إلى أعماق الأديب الكبير "نجيب محفوظ" الذى عشق أعماله الادبية  الملايين، كان لـ"الأقباط متحدون" هذا الحوار مع الدكتور "ذكي سالم" الذي رافقه منذ نهاية سبعينيات القرن الماضى وحتى رحيله عن علمنا.

في البداية.. كيف تعرفت على الأديب الكبير "نجيب محفوظ"؟
أنا كنت طالبًا في كلية التجارة، وعاشقًا لأدب "نجيب محفوظ"، ومن خلال متابعتى لأحاديثه الإذاعية والتلفزيونية عرفت خط سيره، لذلك قررت أن أقابله وهو يتمشى على الكورنيش، وبالفعل تم هذا وعرفته بنفسى، فقام بالترحيب بي، ومنذ اللحظة الأولى خلقت بيننا مودة ودعاني إلى ندوته في قصر النيل، ومع السنوات تطورت علاقتنا حتى أصبحت أقابله ثلاث مرات في الأسبوع بخلاف ندوته الأسبوعية، ولكن بعد محاولة اغتياله أصبحت لقاءاتنا يومية، وهذا عمق معرفتي به.

احكي لنا عن "نجيب محفوظ" الإنسان..
شديد التواضع، متسامح، يقبل الاختلاف إلى أقصى درجة، عنده القدرة على فهم البشر بجميع مستوياتهم، كما أنه كان قادرًا على التعامل مع جميع فئات المجتمع، والدليل على هذا أنه كان لديه أصدقاء من جميع طبقات المجتمع؛ البسطاء والمثقفين والأدباء، هذا إلى جانب أنه إنسان هادئ الطباع يمتاز بخفة الدم، أو كما يقولون "ابن نكتة" ولكن بدون أي استهزاء أو سخرية من أحد، فإن "نجيب محفوظ" هو أجمل إنسان يمكن أن تصادقه.

ماهى أهم القناعات التي آمن بها؟

كان يؤمن إيمانًا شديدًا بالنظام الديمقراطي، باعتباره النظام الوحيد للحكم الصالح في عصرنا الحالى، لأنه يتيح الحرية الفردية لأقصى مدى، كما يسمح بمحاسبة المسئولين والحكام فى جميع مستويات الإدارة السياسية، كما كان يؤمن بالدولة المدنية لأنه ابن ثورة 1919، والزعيم "سعد زغلول"، و"مصطفى النحاس" زعيمي الوفد، ذلك الحزب الذي دافع عن حقوق الطبقات الفقيرة المحرومة من ثمرات إنتاج الوطن.

هل كان ينتمي إلى أي حزب سياسي؟

لا؛ لأنه كان يؤمن أن الكاتب والمفكر يجب أن يكون حرًا، وغير ملتزم بأي التزامات حزبية، إنما التزامه الوحيد تجاه فكره وعقيدته الشخصية.

ما هي أصعب الشائعات التى قيلت عنه؟

اصعب شائعة قيلت عنه هي اتهامه بالتطاول على الذات الإلهية والأنبياء في رواية "أولاد حارتنا"، وهذا منافٍ تمامًا للواقع، ولكن المشكلة هي عدم وجود ثقافة أدبية في المجتمع المصري، كما أن  الرواية رمزية، وتعرضت لظلم كبير، لأن لم يستطع فهمها بالمعنى الصحيح غير المهتمين بالأدب، اما القارئ العادى فإنه ينظر إليها على أنها تأريخ، ومن هنا يأتي حسابهم لها من المنطق التاريخي وليس الفني.

تعرض محفوظ لمحاولة اغتيال بسبب "أولاد حارتنا"، فهل أثر هذا الحادث عليه؟

حادث محاولة الاغتيال لم يؤثر على نفسيته، على الرغم من أنه أصاب يده اليمنى، وأدى إلى ضعف عام بصحته، ولكن نفسيته وصفاء ذهنه وعقله المتقد بقوا كما هم، بدون أية مرارة أو خوف، ولعل هذا يرجع إلى نوع من الإيمان الصوفي بالقضاء والقدر.

هل يوجد عمل من أعماله الأدبية يمثل قصة حياته؟

هو قال بنفسه أن "كمال أحمد عبد الجواد" في "الثلاثية" يمثل جانب من جوانب طفولته.

ولكن لماذا لم يكتب سيرته الذاتية؟

كتب "أصداء السيرة الذاتية" وهو فى هذا الكتاب يرصد حكمة الحياة، ويقدم خلاصة تجربته الانسانية، دون أن يتطرق بشكل شخصي إلى نفسه أو أحد افراد أسرته، احترامًا لمبدأ الخصوصية في حياته.

ما هي أكثر الروايات التي تحب قراءتها له؟ ولماذا؟
كل روايات "نجيب محفوظ" -من وجهة نظري- جديرة بالقراءة أكثر من مرة، وهذا لا يمنع من وجود بعض الأعمال التي لا تنسى، والتي يتمنى الإنسان قراءتها من حين لآخر، مثل "ملحمة الحرافيش"، "ليالي الف ليلة وليلة"، "الثلاثية"، و"أصداء السيرة الذاتية" هذا إلى جانب عمله الأخير الذي لم يلق ما يستحق من نقد ودراسة، وهو "أحلام فترة النقاهة".

ما هي الأشياء التي أثرت موهبة أديب نوبل؟

أنه استطاع أن يتعامل بحكمة مع موهبته التي منحها الله إياها، فقد اهتم منذ شبابه المبكر بتنمية ثقافته الأدبية والفلسفية والإنسانية، من خلال هذه الثقافة العميقة استطاع أن يُثقل موهبته الأدبية، ويقدم لنا إبداعًا خالدًا على مر الزمان.

* ماذا عن الجائزة؟

قبل حصوله عليها كنا كثيرًا ما نتحدث عن أحقيته بهذه الجائزة العالمية، فكان يرفض هذا تمامًا ويكرر أن الاسم العربي الوحيد الذي يستحق "نوبل"، هو توفيق الحكيم.

صف لنا مشاعره عند معرفته لخبر فوزه بالجائزة عام 1988؟

عبر عن مفاجاته بالجائزة التي لم يكن يتوقعها، لأنه كان يرى أن إنتاجه الادبي لا يرقى لمستوى نوبل، وأن هناك فى الأدب العالمي أسماء كبيرة جدًا كانت جديرة بالجائزة ولم تحصل عليها، كما أنه عندما سمع بالجائزة قال فورًا "أساتذتي طه حسين، وعباس العقاد، وتوفيق الحكيم كانوا أولى مني بالجائزة"، وهذا انما يدل على مقدار تواضع هذا الرجل الذي قدم إبداعًا من وجهة نظري يعلو على هؤلاء الأساتذة العظماء، ولكنه تواضع التلميذ وامتنانه لأستاذه.

ما هي أحب الجوائز  إلى قلبه؟

كان محفوظ يجيب على هذا السؤال بأن أكبر جائزة لأي كاتب هي جائزته الأولى، لأنها هي التي تقدم له الاعتراف بأنه كاتب وأديب، أما الجوائز التالية فهي جوائز تعبر عن تقدير أدبه، ومن هنا تبقى الجائزة الأولى في حياته هي الأهم، وكانت عند "محفوظ" هي جائزة "قوت القلوب الدمرداشية".

اذكر لنا بعض ذكرياتك المرحة معه..

في يوم ذهبت إلى الأستاذ في الموعد المحدد، وعرفت منه أنه على موعد مع أحد الناشرين الذي سيدفع له مليون جنيهًا، وعلى الرغم من أن هذا هو أكبر مبلغ يحصل عليه في حياته، إلا إنني فوجئت أنه غير مهتم، فوجدته يقول لي: "أنا دلوقتى ها عمل إيه بالفلوس لا شئ يمكن للفلوس أن تغيره في حياتى على الإطلاق" وبعد أن انتهى لقاءه مع الناشر وضع "نجيب محفوظ" الشيك في جيبه، فقلت له ماذا تفكر الآن بعد ان حصلت على مليون جنيهًا؟، فاذا به يجيب فورًا: "بفكر أسيب البلد وأهرب"!.

أين يتم الاحتفاظ بجميع مقتنياته؟

الحقيقة أن بعد وفاة "محفوظ" اقيم اجتماعًا في وزارة الثقافة، وتم التفكير فى كيفية تخليد اسم "نجيب محفوظ"، ولهذا تقرر إنشاء مركزًا ثقافيًا باسمه في وكالة أبو الدهب الأثرية، حيث رأوا أن هذا الأثر يصلح أن يكون كمتحف لمقتنيات "نجيب محفوظ"، إضافة إلى قاعة ندوات وسينما، وبعد مرور أربع سنوات على وفاته لم يُفتح هذا المتحف الذي يقال أنه سيُفتح هذا العام في الذكرى المئوية لميلاده.

هل كان  يشعر بالحزن عندما يسمع عن بعض الأحداث الطائفية؟!

بالطبع؛ فالأديب "نجيب محفوظ" ابن ثورة 1919، التي آمنت بالوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحين، وقد ظل هذا الإيمان راسخًا بداخل قلب "نجيب محفوظ" طيلة حياته، وكان يحزن حزنًا شديدًا بحدوث أي حادث من حوادث الفتن الطائفية، حيث كان يرى أن المسلمين والمسيحين شعب مصري واحد، ولا يجب إطلاقًا أن يحدث بينه ما كان يحدث أيام الاحتلال البريطاني الذي كان يحاول أن يشعل الفتنة الطائفية، وهنا أحب أن أشير إلى بعض ما كان يقول الأستاذ عن هذا الموضوع، حيث كان يرى أهمية دور العملية التعليمية في إشعار المسلمين والمسيحين بأنهم شعب واحد.

كيف جسد فكرة الوحدة الوطنية في رواياته؟

في الثلاثية هناك شخصية "رياض قلدس" وهو صديق "كمال عبد الجواد"، وقد ظهر بآراءه وافكاره ومعتقداته، كما أنه يعد أحد أفراد مجموعة من الأصدقاء لم تظهر بينهم أي مشاعر تدل على أن أحدهم مختلف عنهم في الدين، وهذا نموذج لحياة أديبنا نفسه الذي حكى لي أنه كان له أصدقاء من المسلمين والمسيحين واليهود، دون أي تفرقة بينهم، وهذه هي روح ثورة 1919 التي ظلت تعيش في فكره وقلبه. 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :