كفانا بكاء على اللبن المسكوب
بقلم :محمد بربر
ما حدث في محافظة البحيرة قبل أيام قليلة "فضيحة" جديدة بكل المقاييس، تضاف إلى سجل فضائح المجتمع المصري، حينما قرأت الخبر شعرت بحزن شديد على الواقع المكلوم الذي بات يحاصرنا، يقول الخبر الذي نشرته الزميلة "المصرى اليوم" إن رئيس جماعة أنصار السنة بمحافظة البحيرة يدعو الدكتور "محمد البرادعي" -الحائز على جائزة نوبل، ناهيك عن مجموعة من الجوائز الدولية الأخرى– لإعلان توبته، لأنه خرج عن الحاكم ونادى بالعصيان المدنى! وأنه –أي البرادعي– إن لم يعلن توبته، فإنه يحل للحاكم أن يقتله أو يسجنه. انتهى الخبر، وتستمر الفصول الساخرة الصارخة التي يشهدها مجتمعنا "التائب".
هكذا وبكل بساطة، يخرج عم الشيخ وهو فى كامل قواه العقلية، ليعلن "هرتلته" على الملأ، المؤلم فى الحادثة أن العديد من المصريين يصدقون كلام أمثال هذا الشخص، على أساس أنه يرتدي "جلابية"، ويرتاد المساجد، مصداقًا لطيبة قلوب المصريين وتدينهم بالفطرة، هكذا وبكل بساطة، وضع الشيخ مواطنًا مصريًا بين أمرين، وكأننا في عصور ما قبل التاريخ "هتوب يا برادعي، يا هتموت"، في وصلة من الرياء المذموم والموالسة التي تفضح أمراض مصر.
ما حدث ليس جريمة تستر فيها رجل ما وراء الدين أو ارتدى عباءة الفتوى، ليحل دم مواطن مصري له نفس الحقوق فى نفس المجتمع، وليست الجريمة مسألة التجارة بالدين وتقديم فتوى ذهبية قربانًا للحزب الوطني، فالدين لله، والوطن للجميع، بقراءة أخرى أعتقد أن ما حدث يعد استكمالاً لمسيرة هدم المجتمع المصري، بداية من غياب الانتماء الحقيقي لتراب هذا الوطن، وحصاد سنوات طويلة من ثقافة حظر الآخر، ومصادرة الأفكار والأطروحات المختلفة، وغياب العدالة الاجتماعية، مرورًا بمعدلات الفقر، ومشاهد القهر وإختلال منظومة القيم داخل المجتمع، وليس انتهاء بما تعانيه بلادنا من غياب للديمقراطية.
إن المناخ السيء الذي باتت تشهده البلاد على كافة الأصعدة، منح المتهورين الفرصة، فتسيدوا الموقف، وتسيد العنف الشارع المصري، زادت معدلات الجريمة، وأسقطت الرموز الفكرية والثقافية، واخترقت حياتنا مظاهر كاذبة وفنون هابطة، في زمن "مثقفي الحظيرة" الذين أجادوا الرقص على السلالم، فكان من الطبيعى أن يهرب الشباب إلى الآخرة بحثًا عن الأمان، ليجدوا في النهاية أنفسهم بين مطرقة اليأس وسندان التطرف، يهتمون بمظهرهم إرضاء لثقافة المجتمع، الذي أصبح عاشقًا متيمًا بالمظاهر الخادعة، سواء في صور التدين الشكلي، أو الغنى الفاحش، أو غير ذلك من صور التمييز.
مزادات يومية للتربح وإفساد عقول يومية، اليوم تكفير، وبالأمس قتل، ثم ماذا غدا، كفانا بكاء على اللبن المسكوب، تعالوا إلى كلمة سواء، بعيدا عن أصحاب المصالح ومحترفى الإحتكار والتزوير وتجار الدين، حتى نتخلص من الإنقسام والفتنة، الأزمة هنا ليست فيمن يؤمن بمحمد أو عيسى عليهما الصلاة والسلام، وليست فى جماعات احترفت موالسة الحكام، تعالوا إلى دولة مدنية حقيقية ترسخ مبادىء التسامح والمحبة، القانون وحده هو الذى يصدر الأحكام، والقرارات، وليس من يتاجر بالدين أو ينافق من أجل مصالح شخصية, القانون وحده ينظم حياة الناس من أجل المصلحة العامة، تعالوا نمد أيدينا لنقدم علاجا سريعا لمجتمعنا المريض، حتى لا يأتىي اليوم الذي لا ينفع فيه الندم.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :