بطريرك الأقباط
بقلم: نسيم عبيد عوض
منذ فترة طويلة وأنا متردد فى الكتابة عن قداسة البابا شنودة , للظروف المتشابكة التى تمر بها الكنيسة وكذلك الشعب القبطى , ولكن بعد تصاعد الهجوم المتواصل على قداسته , وخصوصا وأنا أقرأ وأشاهد هجوما قويا وعنيفا وكلها أكاذيب وإفتراءات , و إتهامات مظهرها حق ولكن حقيقتها باطل , وبدأت وسائل الإعلام المصرية تفتح صفحاتها وشاشاتها لكل مهاجم , وأيضا سمحوا بالمظاهرات بإتهام قداسة البابا بأكاذيب وإهانات وإدعاءات غير حقيقية . وأتهم قداستة بانه دولة داخل الدولة لمجرد مطالبته بحقوق شعبة أو الدفاع عن الإيمان المسيحى أو الدفاع عن النص الإنجيلى الخارج من فم الرب يسوع , وعندما طالب بدم المقتولين فى كنيسة العمرانية , وعندما طالب بحقوق الذين حرقت بيوتهم فى أبو تشت , والدفاع عن أولاده مثل وفاء قسطنطين أو كاميليا شحاته ,ومن قبل المطالبة بمحاكمة عادلة لقتلة شباب نجع حمادى , اتهم بانه فوق القانون أو يتحدى الدستور والقانون وسلطة الدولة, وللأسف كل من هاجموا البابا ومنهم مسيحيون أيضا نسوا شيئا مهما أن كل مايقوم بة البطريرك أو رئيس الكهنة فى الدفاع عن حق الإنجيل والإيمان المسيحى ورعاية كل أفراد شعبه , هو مسئولية تسلمها من الله شخصيا ولو لم يقم بهذه الواجبات فالمحاسبة مع رب المجد نفسه. ولذلك يجب أن نكتب فى ردودنا على المهاجمين بحقيقة وظيفة البطريرك أو رئيس الكهنة , وأن أعماله تحت رقابة إلاهية يحاسب عنها لو قصر فى رعايته. وهاأنا أطرح حقائق بسيطة عن بطريرك الأقباط أو رئيس الكهنة لعلها تنير عقول الغير عارفين بالحقيقة.
الله هو الذى إختار هذه الوظيفة عندما عين هرون أخو موسى الأكبر رئيسا للكهنة , "(( وقرب اليك هرون اخاك وبنيه معه من بين اسرائيل ليكهن لى.. وأصنع ثيابا مقدسة لهرون أخيك للمجد والبهاء. وتكلم جميع القلوب الذين ملأتهم روح حكمة ان يصنعوا ثياب هرون لتقديسه ليكهن لى.)) " خر28: 1-3" وهو مكرسا من الرب وقدسا للرب , وهذا أمر إلهى قاله الرب لموسى
(( وتصنع صفيحة من ذهب نقى. وتنقش عليها نقش خاتم قدس للرب. فتكون على جبهة هرون . فيحمل هرون اثم الاقداس التى يقدسها بنو اسرائيل جميع عطايا اقداسهم وتكون على جبهته دائما للرضى عنهم امام الرب.)) خر28: 36-38"
والله يكلم رئيس الكهنة هرون مباشرة فى كل شئ , وطلب الرب ان يوضع على ثياب رئيس الكهنة – فى صدرة القضاء ( الأوريم والتميم ) لتكون على قلب هرون عند دخوله امام الرب ) وكانت هذين الحجرين الكريمين مخصصة لإعطاء رد الرب على طلبات هرون , وكان ذلك له المعنى أن رئيس الكهنة ملزم بسؤال الله قبل أى عمل يقوم به , و يستشيره قبل أى عمل.
وأعطى الرب مثلا على الذين يعتدون على الكهنوت والممثل فى رئيس الكهنة عندما قامت فتنة قورح وداثان وأبيرام يقاومون تخصيص هرون للكهنوت دونهم , وكلنا نعرف عقاب الله بان شق الأرض وإبتلعت داثان وأبيرام وكل ماله وأحرق قورح ومعه مائتين وخمسين رؤساء الجماعة الذين أشتركوا فى هذه الثورة , ثم إختار الرب عصا هرون وأثمرها ليقول للشعب أن هرون هو المعين من الله , وقد أكد على هذا القديس معلمنا بولس الرسول فى سفر العبرانيين بقوله (( ولا يأخذ احد هذه الوظيفة بنفسه بل المدعو من الله كما هرون ايضا)).99 عب 5:4
وهو ماكررة رب المجد يسوع(( الذى يسمع منكم يسمع منى . والذى يرزلكم يرزلنى . والذى يرزلنى يرزل الذى ارسلنى.)) لو10: 16
وفى العهد الجديد عين الرب رسله الأطهارللكهنوت(( ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس . من غفرتم لهم خطاياه تغفر له. ومن امسكتم خطاياه أمسكت)) . يو20: 22-23 , وفى يوم الخمسين إمتلئوا بالروح القدس , وهؤلاء الرسل الأطهار أقاموا الكنائس فى أنحاء المعمورة , فقدم القديس مار مرقس الرسول وأسس كنيسة الأسكندرية وكان هو أول رئيس كهنة وبطريرك وبابا للأقباط , ولذلك نحن كنيسة رسولية , ,اقام فيها الأساقفة من بعده وبدأها برسم أنيانوس عام 62 م وتسلسلت رسوم البطاركة حتى أبينا البطريرك 117 . فأختيار البطريرك هو تعيين إلهى للمدعو منه , ووظبفته قدسا للرب .
مسئولية البطريرك وقد عينها وحددها الرب له كل المجد , أولا الوكيل الأمين والحكيم الذى يقيمه سيده على خدمه ليعطيهم طعامهم فى حينه. لو12: 42 , وهو الراعى الصالح متمثلا بسيده الذى قال(( أنا الراعى الصالح . والراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف))يو10: 11 , وهو نفس رسالة معلمنا بولس الرسول للأساقفة فى أفسس (( احترزوا اذا لانفسكم ولجميع الرعية التى اقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التى إقتناها بدمه.)) أع20: 28. مسئول عن شعبه الجوعان , والعطشان , والغريب , والعريان , والمريض , والمحبوس , وقال لهم رب المجد هؤلاء هم اخوته الأصاغر (( بما أنكم فعلتموه باحد اخوتى هؤلاء الاصاغر فبى فعلتم. )) مت25: 35و40.
وللبطريرك المصرى مكانة مهوبة فى تاريخ الكنيسة الجامعة منذ القرون الأولى وفى ذلك يقول دين ستانلى(( لم يكن الكسندروس – بطريرك الأقباط فى مجمع نيقيه عام 325م – هذا أسقف أول كراسى العالم المسيحى من حيث سمو المنزلة والأهمية فحسب , بل وأعلى هذه الكراسى وكان هو المنفرد بلقب" بابا" لا يعرف به رسميا فى المجمع سواه, وبابا الأسكندرية كان علما فى رأسه نار , ( وكان لقب بابا روما لم يتمخض به التاريخ بعد)- ولقب ‘إعزاز وحب ومهابة وإجلال , عرف به رأس الكنيسة الأسكندرية فكان هو الذى يخاطب به بصفة خاصة , وكان قداسة البابا الكسندروس مكانه عن يمين الملك قسطنطين , وهو وسكرتيره أثناسيوس العظيم وضعا قانون الإيمان المسيحى. وفى المجمع المسكونى الثانى ( القسطنطينية سنة 381م ) فى عهد الأمبراطور تيودوسيوس الكبير وحضره 150 أسقفا يتقدمهم الأنبا تيموثاوس البابا الأسكندرى مع بعض أساقفته, وفى هذا المجمع أقروا ( بان جميع الأساقفة الذين يعينون فى أقاصى المسكونة هم وكلاء المسيح ورأيهم رأى المسيح) وفى المجمع المسكونى الثالث – أفسس سنة 431م – الذى أجمع فيه كل الحاضرين على إنتخاب القديس كيرلس الكبير بابا الأسكندرية رئيسا لهذا المجمع , وفى المجمع المسكونى الرابع –مجمع أفسس الثانى سنة 449م – وراس هذا المجمع الأنبا ديسقورس بابا الأسكندرية , وإذا بحثنا فيما أقرته هذه المجامع لعرفنا دور أسقف الأسكندرية فى قيادة المسيحيين فى العالم وكنائسها بقانون موحد للإيمان المسيحى القويم وبما قضت فيه على كل البدع والهرطقات فى العالم كله, وهذا كله مسجل فى صفحات التاريخ العالمى, ومكانة بابا وبطريرك الأقباط له المكانة والمهابة فى كل كنائس العالم .
فياأعزائى الذين تهاجمون قداسة البابا انه عندما يطالب بحق الأنجيل , او بحق مقتول أو محبوس أو مختطف إبنته أو زوجته فليس هو دولة داخل الدولة ولا هو فوق القانون بل هو يعمل بقانون و بمسئولية ألقاها سيده المسيح على عاتقه عندما قال له ان يترك التسعة وتسعين فى البرية ويذهب فى طلب الضال حتى يجدة . وإذا وجده يضعه على منكبيه فرحا"" لو15 " وأيضا قوله للراعى وراعى الرعاة
(( فلذلك ايها الرعاة اسمعوا كلام الرب. حى انا يقول السيد الرب من حيث ان غنمى صارت غنيمة وصارت غنمى مأكلا لكل وحش الحقل اذ لم يكن راع ولا سأل رعاتى عن غنمى ورعى الرعاة انفسهم ولم يرعوا غنمى . .. هانذا على الرعاة واطلب غنمى من يدهم .. انا أرعى غنمى واربضها يقول السيد الرب. واطلب الضال واسترد المطرود واجبر الكسير واعصب الجريح وابيد السمين والقوى وأرعاها بعدل.)) حز34: 7-16. فلنصلى جميعا من بطريرك الأقباط لأن الحمل ثقيل والعبء فوق الطاقة , ولكنه يستطيع كل شئ بالمسيح الذى يقويه.
وأعذرونى فى الإختصار لأن الموضوع يحتاج الى كتب ومجلدات.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :