الأقباط متحدون | ذكريات اغتيال السادات في عيون القمص بولس باسيلي: صلوا في المعتقلات فكان حادث المنصة.. كبير الضباط: كملوا صلاة يا تقلبوها زي ما قلبتوها ياتعدلوها
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٨:٠٩ | الثلاثاء ٦ سبتمبر ٢٠١٦ | نسئ ١٧٣٢ش ١ | العدد ٤٠٤٣ السنة التاسعة
الأرشيف
شريط الأخبار
طباعة الصفحة
فهرس تقارير الأقباط متحدون
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : .....
٠ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

ذكريات اغتيال السادات في عيون القمص بولس باسيلي: صلوا في المعتقلات فكان حادث المنصة.. كبير الضباط: كملوا صلاة يا تقلبوها زي ما قلبتوها ياتعدلوها

الثلاثاء ٦ سبتمبر ٢٠١٦ - ٠٠: ٠٤ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 
القمص بولس باسيلي
القمص بولس باسيلي

مأمور السجن: أنا خايف على نفسي أنا كمان والنبي سامحوني

كتبت – أماني موسى
في الثالث من سبتمبر عام 1981م، أمر الرئيس الراحل محمد أنور السادات باعتقال ما يزيد عن 3 آلاف من رموز مصر السياسية والدينية والثقافية، وقد كان القمص "بولس باسيلي" ضمن المتحفظين عليهم، من رموز وقادة الكنيسة القبطية في مصر وأفرج عنه مع بداية عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.. نورد بالسطور المقبلة بعضًا من حياة هذا القمص، وما تعرض له داخل المعتقل.

نشأته:
ولد باسم فؤاد باسيلي في 17 مايو عام 1916 في منفلوط محافظة أسيوط وتوفي في القاهرة في 19 يوليو عام 2010 عن عمر يناهز 94 عامًا. نزحت أسرته من منفلوط إلى القاهرة في فترة شبابه وهناك ظهرت مواهبه في الوعظ والكتابة والصحافة والرعاية الاجتماعية والنشاط السياسي.

البابا كيرلس يرسمه كاهنًا
رسمه البابا كيرلس السادس كاهنًا في 14 أكتوبر عام 1966 فصار يعرف باسم أبونا بولس باسيلي.

تخرجه من الكلية الإكليريكية
كان القمص بولس يتمتع بصوت جهوري وأسلوب يجمع بين الوعظ الديني مع نوادر الأدب والشعر والفكاهة فكان يشد مستمعيه و يستولي على انتباههم، ألتقى فؤاد بالمصلح القبطي حبيب جرجس منذ السنوات الأولى لوصوله إلى القاهرة فصار تلميذًا مقربًا إليه وتوثقت علاقتهما فكان فؤاد يعتبر حبيب أبًا روحيًا له، ولما افتتحت الكلية الإكليريكية التي أسسها حبيب جرجس التحق فؤاد بها و تخرج منها بامتياز عام 1938 حاصلاً على بكالوريوس في اللاهوت.

زواجه:
تزوج في مطلع عام 1943 من السيدة تهاني سعد سليمان السيسي (توفيت مايو 2006) و لهما ثلاثة أولاد: فرانسوا، سمير و فريد و 7 أحفاد: جيمس، توماس، جون، ديفيد، ماري غريس، فادي وساندي.

أول كاهن منتخب تحت قبة البرلمان
كان مشترك بالعديد من الأنشطة السياسية والصحفية وأنضم لحزب مصر الفتاة، كما كان متأثرًا بالقمص سرجيوس الذي ناهض ضد الاحتلال البريطاني.

في عام 1971 انتخب عضوًا بالبرلمان عن دائرة شبرا، وأصبح أول برلماني كاهن، يتكلم عن مطالب المكفوفين والمسنين والأقباط، وكانت أول كلماته أمام البرلمان "إنني أذكر المسؤولين أن هناك قوانين مازلنا نُحكم بها قوانين مستوردة من الدولة العثمانية ومنها القانون الذي يعرف بالخط الهمايوني وهو الذي يضع 100 عقبة وعقبة في سبيل بناء دور العبادة".

كما يشار إلى أنه أثناء حرب الاستنزاف أذاع نداء إلى قواتنا المسلحة على خط النار بتكليف خاص من قيادة الجيش العليا، ونظرًا لإسهاماته الوطنية المتعددة منحه رئيس الجمهورية نوط الامتياز من الطبقة الأولى، وفي عام 1981 كان ضمن حملة المعتقلين في عهد السادات.


يروي في مذكراته عن ليلة اعتقاله:
في الساعة الرابعة بعد منتصف الليل وكنت وقتها في مصيف أبو قير، دقَّ على بابي زائر الفجر، فقمت من نومي وفتحت الباب فإذا بي أمام جيش عرمرم  أي "كثير"، ضباط وعساكر ومخبرين ورجال مباحث، وعلى كل درجة سلم في منزلي جندي شاكي السلاح!

ويضيف: ما أن وصلت السجن حتَّى دخلت غرفة المأمور، وهناك خلعوا جوربى من حذائي، فظننت أنَّهم سيمدوني علقة على رجليّ، ولكنَّهم قصدوا مجرَّد التفتيش لئلا أكون قد أخفيت مطواة!

فرانسوا باسيلي:
يروي ابنه الكاتب فرانسوا باسيلي، أن الجنود لم يرحموا شيبة والده البالغ من العمر آنذاك 65 سنة، ويضيف، "قبل اعتقال والدي بساعتين، تم اعتقال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل وكان هو رقم 9 في عمليات تلك الليلة، وكان ذلك في الثانية والنصف بعد منتصف الليل، وبعد ذلك بحوالي ساعة ونصف أي في الرابعة فجرًا وصلت حملة الاعتقال بضباطها وجنودها المسلحين إلى أبو قير التي تبعد حوالي ساعة عن الإسكندرية لاعتقال القمص بولس باسيلي حيث كان يصطاف بها".

اقتياده إلى المعتقل
ويستطرد القمص بولس باسيلي في مذكراته "في الساعة العاشرة بدأنا مع العسكر رحلتنا فقلت إلى أين يا جماعة؟ ولكن السؤال بلا جواب، ودخلنا مشارف القاهرة تتقدمني سيارة "بوليس النجدة" وورائي سيارة امن مركزي، وكأني الملك فاروق في زمانه لا تنقصني سوى المتوسكلات والهتافات! وكل قليل اسأل رفقائي العسكر "على فين يا جماعة؟! ولا جواب! وأخيرًا قال لي أحدهم بصوت هامس "ياعم ده مش انت بس.. ده ودينا كتير زيك امبارح والنهاردة" وأشار إلى لحيته، ففهمت أن كثيرين من ذوي اللحى الكهنة سبقوني وعندما وصلنا "المرج" لمحت لافتة كبيرة على الباب: سجن المرج.

عند باب السجن
عند الباب لمحني رجل عملاق فابتسم ابتسامة شماتة وقال لي في صوته الاجش: "أهلا.. هو أنت شرفت؟" ووضع ذراعه القوي يتأبط ذراعي الضعيف وتوجه بي نحو غرفة "المأمور"، وهناك فتشني ولأول مرة ادخل السجن وافهم التفتيش.

معاملة طيبة
وبالمناسبة فلا ننسى أن نسجل كلمة شكر وإشادة بمعاملة العميد محمود الجميل مأمور السجن فقد كان لطيفا معنا يحس إحساسنا ويتفهم ظروفنا وموقفنا، وقد اكتشفنا أخيرًا أن السيدة حرمه وهي طبيبة فاضلة كان لها زميلات طبيبات مسيحيات.

أما طبيب السجن الدكتور مجدي فقد كان لطيفا وكان قد اتفق معي سرًا أن يعطيني فرصة أطول من الربع ساعة في طابور الصباح بل أكثر من ذلك سمح لي بطابور آخر في المساء مع بعض المرضى أمثالي ولكنه على سبيل الخطأ غير المقصود بالطبع كان قد أعطاني "علبة اشرطة اختبار" أقيس بها درجة السكري عندي ولكنها غير فعالة، فكنت اطمئن ولا اتعاطى أدوية السكر إلى أن فاجأنى السكر بغيبوبة خطيرة سقطت على اثرها في السجن مغشيا على وقد بلغت درجته في الدم عندي 520 بحسب التقرير الطبي وامتلأ جسدي بالاسيتون حتى أن نيافة الأنبا بيشوي أسقف دمياط قال لي بعد ذلك: "لقد كنت اشتم رائحة الاسيتون تتصاعد من فمك!"، وحملت بسرعة إلى مستشفى القصر العيني "عنبر 14" الخاص بالمقبوض عليهم –عفوا - المتحفظ عليهم! وبعد حملي إلى المستشفى علمت أن الزملاء جميعا وقفوا يصلون في ساحة السجن من اجلي والدموع تطفر من عيونهم ظانين أنهم قد لا يرون وجهي بعد!

دخلت الإنعاش واستمريت فيه نحو العشرة أيام أعالج وأصارع الموت وكانت "مباحث أمن الدولة" تسأل عني تليفونياً يومياً وتتوقع الموت لي بين الساعة والأخرى وتخشى من ذلك لئلا يفسر هذا وخصوصًا بالنسبة لي تفسيرات لا ترضاها لا سيما وانه قد مات في السجن منذ أيام الوزير السابق عبد العظيم أبو العطا.

يروي عن زنزانته:
يقول أن زنزانته كانت محظوظة لأن رفيقي فيها كان القمُّص باسيليوس سدراك كاهن المنيا، وهو طويل القامة فاتفقنا معه على أن يشتم لنا الهواء من الفتحة العالية، أما أنا فيمكنني أن أتنفس من عقب الباب، فكنت أنبطح على الأرض وأتلقّى الهواء العليل من ذلك المكان الجميل!

وفي يوم مرَّ مأمور السجن علينا للتعارف، فعرّفته بنفسي قائلاً: القمص بولس باسيلي، فقال لي: عضو مجلس الشعب؟ فقلت له: نعم! وقدم القمُّص باسيليوس سدراك نفسه وبلدته المنيا، فقال له المأمور: يعنى تبع الأنبا بيمن؟ فقال له: لا مطران تاني وهو الأنبا أرسانيوس، فقال المأمور: وده مجاش ليه معاكم؟ فقال أبونا مازحًا: أصل مطراننا يا أفندم قصير وأنا أطول منه مرِّتين وهم يأخذون بالطول، فضحك المأمور، وكان يروي هذه القصَّة على الضباط للترفيه عنهم!

وإلى جانب الصلوات والألحان والتراتيل الكثيرة التي كنا نصليها، لم ينسَ الأنبا ويصا لعبة الشطرنج المفضّلة عنده، وأما الطاولة فكان أُستاذنا بلا منافس القمص لوقا سيداروس!

يقدمون لنا الطعام على صفيحة قديمة
وكانوا يقدمون لنا الطعام على صفيحة قديمة، أشهد أمام الله أنَّ مصلحة الآثار لو رأتها لتحفّظت عليها!

السجن يتحول إلى كنيسة
يقول "تحول السجن إلى كنيسة فالصلوات السبع اليومية تتم في مواقيتها تمامًا، وكانوا يقيمون طابور الصباح.

كما كان يقوم بالوعظ يوميًا ويقدم المتنيح الأنبا بيمن تفسيراته لرسائل بولس، الرسائل التي كتبها في السجن والأنبا بيشوي يدرس الكتاب المقدس في العهد القديم مع القمص تادرس يعقوب والأنبا فام بتدريس التسبحة والألحان والقمص إبراهيم عبده بتعليم الترانيم.

ومن العجيب إننا قمنا بصلوات قداسات ليلة الميلاد وليلة الغطاس وكانت هذه آخر ليلة أشارك فيها وأفارق بعدها "سجن المرج" إلى "القصر العيني"، وهكذا كانت قداسات تاريخية تحدث لأول مرة في تاريخ الكنيسة ويصلى فيها 8 أساقفة و42 كاهناً والباقي من العلمانيين اشتركوا كشمامسة وأما "الشعب" فكانوا المساجين المسيحيين الذين عليهم أحكام وعقوبات مختلفة فقد استأذنا مأمور السجن في أن نستدعيهم ليعيدوا معنا ليالي الأعياد ويعترفوا ويتناولوا من الأسرار المقدسة.

• كبير الضباط يرحب بالكهنة والأساقفة المعتقلين: كملوا صلاة يا تقلبوها زي ما قلبتوها ياتعدلوها
يضيف القمص بولس، بعد ثلاثة أيام ونحن في الليمان فوجئنا بكبير ضباط مصلحة السجون جاء يزورنا ويطمئن علينا فعندما وصل الى العنبر رآنا نصلي فانتظر في المكتب الى أن انتهينا من الصلاة ثم تقدم ليحينا "اهلا.. اهلا.. شرفتوا المكان.. أي خدمة .. احنا كلنا في خدمتكم.. اي استفسار او أي شكوى!".

وهنا سأل أحد العلمانيين: سيادة اللواء "لو سمحت سعادتك عاوزين نعرف امتى الإفراج؟"

اجاب المدير "والنبى يا سيد انا نفسي ما اعرفش" ولا اي حد يعرف.. ومع ذلك انا جيت لقيتكم بتصلوا.. صلوا.. يا تقلبوها زي ما قلبتوها، يا تعدلوها! وكان هذا الكلام ذا مغزى لأن السادات كان منذ أيام قليلة قد مات (برصاص مغتاليه).

صلاة كيرياليسون يا رب أرحم تهز أرجاء السجن
يضيف أن أرجاء السجن كانت تتزعزع من صلاة أكثر من 400 فرد كيرياليسون أي يا رب أرحم، وجاءهم مأمور السجن بعد حادث المنصة يقول لهم "والنبي أنا خايف على روحي أنا كمان! يا جماعة إن كان حد سمع مني كلمة وحشه يقوللي!




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :